«كريستيز» تحوّل قاعاتها لمعرض ضخم للفن العربي الحديث

تضم معرضاً للفنان الإماراتي حسن شريف وأعمالاً من مجموعة «بارجيل»

عمل للفنانة سامية جنبلاط (مؤسسة بارجيل للفنون)
عمل للفنانة سامية جنبلاط (مؤسسة بارجيل للفنون)
TT

«كريستيز» تحوّل قاعاتها لمعرض ضخم للفن العربي الحديث

عمل للفنانة سامية جنبلاط (مؤسسة بارجيل للفنون)
عمل للفنانة سامية جنبلاط (مؤسسة بارجيل للفنون)

تستعد مدينة لندن لاستضافة أكبر معرض للفن العربي الحديث والمعاصر تقيمه دار «كريستيز» للمزادات بمقرها في حي سانت جيمس وسط العاصمة البريطانية وتصفه بـ«لحظة استثنائية لفنون وثقافة العالم العربي في لندن هذا الصيف».

يعرب د.رضا المومني، نائب رئيس مكتب «كريستيز» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن حماسة كبيرة مغلّفة بابتسامة في أن يجذب العرض أكبر عدد ممكن من زوار العاصمة والمقيمين فيها، قائلاً في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إنها أول مرة يقام فيها معرض بهذا الحجم وهذه الأهمية في لندن لا سيما أنه مفتوح للجمهور مجاناً لمدة 6 أسابيع انطلاقاً من 20 يوليو (تموز) الحالي». سيضم العرض نخبة من الأعمال الفنية الحديثة والمعاصرة التي تعكس إبداع وتنوع وتاريخ الفن العربي. ويتكون المعرض من قسمين رئيسين: «كوكبة: مختارات من مؤسسة بارجيل للفنون»، و«تصور جديد للفن الإماراتي: حسن شريف والأصوات المعاصرة».

عمل لزهور الصايغ (وزارة الثقافة - الإمارات)

بالنسبة للمومني، الأمر بدأ بفكرة طرحها على إدارة الدار باستضافة معرض شامل للفن العربي الحديث والمعاصر في لندن للاستفادة من الزخم العربي من السياح والزوار في فترة الصيف، وكانت الموافقة فورية، وهكذا بدأت محادثاته مع نورة الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في دولة الإمارات العربية، لإقامة عرض لأعمال فنانين من الإمارات مستعارة من الدولة. يؤكد أن المعرض ليس مخصصاً للبيع، وإنما للعرض فقط، وهو أمر لافت خصوصاً أن الدار تقدم معارضها المجانية قبيل بيع القطع في المزاد العلني، فهل هذا أمر جديد على الدار؟ ليس كذلك، فالدار قدمت في الصيف الماضي معرضاً مماثلاً. ليخلّصني من حيرتي يشرح المومني أن عرض القطع الإماراتية هو جزء من الحدث الضخم، وأن الفعالية ستضم أيضاً معرضاً لأعمال الفنان الإماراتي حسن شريف وهو من مجموعة خاصة والأعمال فيه ستُعرض للبيع على نحو خاص، ولن تكون عبر المزاد العلني. الجزء الثاني من الفعالية هو عرض أكثر من 100 عمل فني مستعارة من مؤسسة «بارجيل» الفنية، «الإطار العام للفعالية هو الفن العربي الحديث والمعاصر، ويتفرع من ذلك معرض حسن شريف ومعرض مجموعة بارجيل التي ستضم مقتنيات حديثة من المؤسسة تمثل نخبة من الفنانين العرب».

«الصوت الأخير» إبراهيم الصلحي (مؤسسة بارجيل للفنون)

تحت عنوان «كوكبة: مختارات من مؤسسة بارجيل للفنون» يقدم المعرض 100 عمل فني استعيرت من مؤسسة «بارجيل للفنون» التي أنشأها سلطان سعود القاسمي في عام 2010. يزخر هذا المعرض بأعمالٍ فنية جُمعت من أنحاء المنطقة كافة، ليحتفي بالتنوع الفنيّ الغنيّ الذي يعكس ثراء الوطن العربي ومرونته وإبداعه اللامحدود عبر بلاد الشام وشمال أفريقيا ودول الخليج. ويضيف أن المعرض يحقق التوازن بين الجنسين، ويجسد في مضمونه النسيج النابض للفنّ العربي الحديث مع أعمال نخبة من الفنانين المتمرسين والواعدين على حد سواء.

من أعمال حسن شريف (كريستيز)

إذن نحن أمام أكثر من معرض تختلف في محتوياتها وتتفق في عرض الفن الإماراتي والعربي للجمهور في لندن عبر قاعات الدار المختلفة. بالنسبة إلى مجموعة الفنان حسن شريف يقول: «ما نقوم به هنا هو عرض لمراحل عمل الفنان الإماراتي الراحل والمعرف في الإمارات والخليج إلى حد بعيد». العرض يحمل عنوان «تأملات في الفن الإماراتي: حسن شريف والأصوات المعاصرة».

ويعد شريف شخصية محورية في فضاءات الفن المعاصر والمفاهيمي في المنطقة. وتعرض المجموعة أبعاد ممارسته العميقة التي تظهر جلياً في أعماله المختلفة من لوحات ومجسمات ومنسوجات أنجزها من ثمانينات القرن الماضي إلى عام 2015، أي قبل عامٍ واحد من وفاته.

عمل للفنان حسن شريف (كريستيز)

عاش شريف معظم حياته في دبي فناناً ومعلّماً ومستشاراً لكثير من الفنانين المعاصرين في الإمارات العربية المتحدة، وكان مصدر إلهامٍ للكثير من المواهب الحديثة والناشئة في جميع أنحاء الخليج، ولا يزال تأثيره ملموساً ومستمراً على المشهد الفني الإماراتي. سيتم عرض هذه الأعمال إلى جانب مجموعة أخرى من الأعمال لفنانين إماراتيين معاصرين أمثال محمد كاظم ومحمد إبراهيم تضاف إليهم أصوات حديثة من الفنانين الشباب الذين تأثروا بفن حسن شريف، وهي أعمال ليست للبيع. لماذا لندن؟ يبدو السؤال بدهياً، وإن كانت إجابته منطقية. يقول: «لأن لندن تستضيف خلال موسم الصيف زواراً من الشرق الأوسط، فهي فرصة لهم لمعاينة أعمال من المنطقة ربما لم تكن معروفة لهم».

عمل للفنانة كامالا إبراهيم إسحاق (مؤسسة بارجيل للفنون)

يقول: «بداية الأمر محادثة مع نورة الكعبي لتمثيل الفن الإماراتي في معرض ضخم في لندن، في ذلك الوقت تواصل معي مقتنٍ لأعمال حسن شريف، وهو يملك أكبر مجموعة من أعمال الفنان، قرر أن يبيع مجموعته». بدأت الصورة في التشكل أمام المومني؛ من معرض عن الفن الإماراتي المعاصر، توسعت الرؤية للعرض بعد محادثة مع مؤسسة «بارجيل للفنون» لاستعارة بعض الأعمال الإماراتية... وجد نفسه أمام عرض أكثر شمولية؛ توسع من الإمارات ليضم الخليج ثم العالم العربي وصولاً إلى تركيا: «يقام المعرض بغرض التواصل مع جمهور مهتم بالفن العربي ولمد الجسور إلى غير العرب أيضاً». وعند معرفة بعض الأسماء المعروضة أعمالها يتضح لنا مدى رحابة مفهوم العرض وتنوعه، إذ سيتمكن الزائر من رؤية أعمال لفنانين كبار أمثال إبراهيم الصلحي من السودان، وإنجي أفلاطون من مصر، ومروان ومحمد مليحي، وغيرهم.

عمل للفنانة إنجي أفلاطون (مؤسسة بارجيل للفنون)

من جهته، قال سلطان سعود القاسمي، مؤسس مؤسسة «بارجيل للفنون»: «يعدّ هذا المعرض فرصة نادرة لمشاهدة أعمال فنية مختارة لعدد من أبرز فناني غرب آسيا وشمال أفريقيا التي جُمعت على مدار 20 عاماً. وفي الحقيقة إنّ الغالبية العظمى من الأعمال الفنية في هذا المعرض لم يشاهدها أحدٌ في المملكة المتحدة من قبل. وتشمل الأعمال اختياراتٍ متكافئة بين الجنسين، مما يتيح للزوار تقدير الدور الذي لعبته الفنانات المعاصرات في إنشاء حركة فنية حديثة مزدهرة في المنطقة».

عمل لفرح القاسمي (وزارة الثقافة - الإمارات)

على هامش العرض ستقيم الدار أيضاً عدداً من الفعاليات تشمل جلسات حوارية ودورات لتقديم الفن العربي وغيرها، مما سيجعل «كريستيز» محطة مهمة لمتابعي الفن العربي في لندن يضاف إلى مجموعة ضخمة من الفعاليات التي تستضيفها العاصمة البريطانية هذا الصيف التي تهتم بالفنون العربية المختلفة.


مقالات ذات صلة

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

يوميات الشرق رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

المعرض يهدف إلى تعزيز الوعي بالهوية المصرية وبقيمة المتاحف، ويقدّم أعمالاً متنوعة تمزج بين السخرية والطرح الإنساني لإيصال رسائل ثقافية وفنية قريبة من الجمهور.

حمدي عابدين (القاهرة)
يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (المتحف المصري بالتحرير)

المتحف المصري يحتضن لوحات «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»

تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.