احتدام التنافس بين دمشق و«قسد» على تسويق قمح الجزيرة

سوريا: إنتاج القمح قد يصل إلى مليون ونصف المليون طن هذا الموسم

 مزارع يحصد القمح في حقل بدير خبية بريف دمشق يونيو 2021. (رويترز)
مزارع يحصد القمح في حقل بدير خبية بريف دمشق يونيو 2021. (رويترز)
TT

احتدام التنافس بين دمشق و«قسد» على تسويق قمح الجزيرة

 مزارع يحصد القمح في حقل بدير خبية بريف دمشق يونيو 2021. (رويترز)
مزارع يحصد القمح في حقل بدير خبية بريف دمشق يونيو 2021. (رويترز)

اشتد التنافس بين الحكومة في دمشق والإدارة الذاتية في مناطق شمال شرق سوريا، مؤخراً، على شراء القمح من الفلاحين، حيث أعلنت الإدارة الذاتية (الكردية) عن خطة لشراء إنتاج القمح في مناطق سيطرتها كاملاً، في حين عقد محافظ الحسكة اجتماعاً للجنة الفرعية لتسويق الحبوب في الحسكة؛ بهدف تسريع عمليات تسويق الحبوب والعمل على تسلم كامل إنتاج الفلاحين من القمح، عبر طرح أسعار تشجيعية.

وكشفت مصادر رسمية، عن أن موسم القمح للموسم الحالي، أفضل بكثير من موسم العام الماضي، مع الإشارة إلى أن الكميات المسوقة من المناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة لا تزال متواضعة.

وتتفاءل دمشق بأن تصل كمية القمح هذا العام، إلى مليون ونصف المليون طن، حيث تم تسويق ثلث الكمية لغاية الآن والمقدرة بـ600 ألف طن، بينما بلغت الكمية العام الماضي 400 ألف طن.

مزارعون في أحد حقول القمح شمال شرق سوريا (الشرق الأوسط)

وفي تصريحات لصحيفة «الوطن» المحلية، اتهم رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين محمد الخليف، قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بمضايقة الفلاحين ومنعهم من تسويق إنتاجهم للمراكز التابعة لدمشق.

وأرجع الخليف سبب ضعف التسويق من المناطق الواقعة خارج السيطرة، إلى عدم إعطاء مؤسسة الحبوب الفلاحين في هذه المناطق «أكياس الخيش الفارغة»؛ لعدم وجود ضمانات بحتمية توريدهم إلى مراكز الاستلام التابعة لمؤسسة الحبوب؛ وخوفاً من قيام «قسد» بمنعهم من تسليم إنتاجهم لمراكز الاستلام.

وتشترط مؤسسة الحبوب على الفلاحين في المناطق الواقعة خارج السيطرة، دفع ثمن كيس الخيش «الشوال» ثلاثة أضعاف؛ لضمانة توريد إنتاجهم إلى مراكز الاستلام. علماً أن ثمن الكيس 10 آلاف ليرة، في الوقت الذي يعاني فيه المزارعون ظروفاً اقتصادية صعبة جداً.

عمال يفرِغون الحبوب المحصودة حديثاً من شاحنة في صومعة في مدينة إدلب شمال غرب سوريا (أ.ف.ب)

ورغم تأكيدات مصادر إعلامية متقاطعة، إيداع الحكومة قيمة المحاصيل في المصرف الزراعي، والتسديد للمزارع خلال أسبوع، اشتكت مصادر فلاحية عدة، من البيروقراطية في آلية التسديد والتأخر مدة شهر أو أكثر. علماً أن الاتحاد العام للفلاحين، طالب الحكومة بصرف ثمن الأقماح، وفقاً للتعليمات المحددة من الحكومة خلال مدة لا تتجاوز 48 ساعة.

وحددت دمشق 47 مركزاً موزعاً في كل المحافظات لتسلم الحبوب. وتوقع مدير الزراعة في حلب، رضوان حرصوني، أن تتجاوز كميات الأقماح المسوقة لهذا الموسم من مناطق سيطرة الحكومة في حلب، 225 ألف طن، وهذا رقم جيد قياساً إلى نسب الإنتاج في المحافظة. حيث تبلغ مساحة القمح المروي في حلب أكثر من 93 ألف هكتار. أما في محافظة الرقة، فبلغت الكميات المسلًمة 40 ألف طن، وسط صعوبات كثيرة في النقل.

حصاد القمح في درعا (فيسبوك)

وفي محافظة درعا تم حصاد 35 ألف من إجمالي 81 ألف هكتار، مزروعة بالقمح، كما تم تسليم 44 ألف طن من الأقماح للمؤسسة السورية للحبوب، وفي محافظة السويداء بلغت كميات القمح المسلمة (1234) طناً. وفي حمص تم تسليم 21761 طناً من القمح للمؤسسة السورية للحبوب.

وكانت اللجنة الاقتصادية في الحكومة قد حددت سعر كيلو القمح الواحد للموسم الحالي بـ2500 ل.س، يضاف إليها مبلغ قدره 300 ل.س لكل كيلو، كحوافز تشجيعية لزراعة وتسليم القمح، بحيث يصبح السعر النهائي 2800 ل.س لكل واحد كيلو غرام. إلا أن مصادر فلاحية واقتصادية عدة، قدرت تكلفة إنتاج الكيلو الواحد من القمح بأكثر من 3000 ليرة، وأن السعر الذي حددته الحكومة «مجحف بحق المزارع»؛ حيث لا يوجد هامش للربح.

حصاد القمح الأربعاء الماضي في شمال شرق سوريا (غيتي)

كما اتخذت الحكومة والإدارات المحلية، مجموعة إجراءات صارمة لمنع حصاد القمح والشعير وبيعهما ونقلهما دون موافقات مسبقة، لضمان عدم تسلل الإنتاج إلى السوق الموازية. كما اشترطت الحكومة، تسليم كامل الكمية والسماح لكل عائلة من المزارعين، بالاحتفاظ بكيسين فقط من القمح، على قدر حاجتها من مادة البرغل. في حين لم يسمح بالاحتفاظ بأي كمية البذار التي تذهب كاملة إلى المؤسسة العامة لإكثار البذار.

وكانت سوريا لغاية عام 2011 تنتج نحو 3.5 مليون طن، وأدت الحرب إلى تراجع الإنتاج لتتحول سوريا من دولة مصدرة للقمح إلى دولة مستوردة له من روسيا، حيث تحتاج إلى مليوني طن من القمح سنوياً. ومع أن إنتاج القمح تحسن منذ عام 2018، فإنه ما زال لا يغطي الاحتياج؛ فقد تراجعت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح للموسم الحالي، بنسبة 20 في المائة عن العام الماضي. بسبب تأثير الجفاف على أكثر من 70 في المائة من المساحات المزروعة، في مناطق الفرات.

المدير العام لمنظمة «الفاو» شو دونيو يلقي كلمة في المؤتمر بدورته الـ43 في روما (موقع رسمي)

في سياق متصل، لم تمنع العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على المسؤولين السوريين، مشاركة وزير الزراعة السوري محمد حسان قطنا مع وفد رسمي، في المؤتمر العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، بدورته الـ43 في روما، حيث ألقى كلمة دعا فيها إلى «مواجهة أثر التغيرات المناخية والسعي لتحقيق الأمن الغذائي والمائي» و«التعاون للوصول إلى إنتاج وبيئة وتغذية وحياة أفضل للسكان، ورفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وخفض التأثيرات السلبية على التنوع البيولوجي، ودعم دخل صغار المنتجين».

وتبحث أعمال المؤتمر في العاصمة الإيطالية روما، المتواصلة حتى السابع من الشهر الحالي، استعراض تقارير المنظمة المتعلقة بإدارة المياه وحالة الأغذية الزراعية والخطة المتوسطة الأجل للفترة 2022-2025 وبرنامج العمل والميزانية للفترة 2024-2025، والتقارير الإقليمية وغيرها.


مقالات ذات صلة

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية للقصف التركي على مواقع «قسد» في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

تركيا تصعد هجماتها على «قسد» شمال وشرق سوريا

واصلت القوات التركية تصعيد ضرباتها لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا، وسط حديث متصاعد في أنقرة عن احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ضربات إسرائيلية تستهدف عدة جسور بحمص السورية

صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

ضربات إسرائيلية تستهدف عدة جسور بحمص السورية

صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

أفادت وسائل إعلام رسمية سورية، اليوم الاثنين، بأن هجوماً إسرائيلياً ألحق أضرارا بعدة جسور في القصير بريف حمص.
وسُمع دوي انفجارات في وقت سابق في بلدة القصير وحولها في محافظة حمص بسوريا، وقالت السلطات إنها تجري تحقيقات.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن توجيه ضربات استهدفت ما وصفه «محور نقل الوسائل القتالية» الذي يمر عبر الأراضي السورية إلى «حزب الله» اللبناني، مضيفاً أن العمليات عطلت إمدادات الأسلحة عبر الأراضي السورية.