سوريا: «هدنة الزبداني» تسقط مجددًا.. والطرفان المفاوضان يتبادلان تهم إفشالها

معلومات تتحدث عن مقتل مسؤول «داعش» اللبناني.. وانفجار يهز مدينة حمص

مقاتلون من المعارضة السورية يتهيأون لإطلاق قذائف صاروخية باتجاه بلدة الفوعة في محافظة إدلب (وكالة أنباء الأناضول)
مقاتلون من المعارضة السورية يتهيأون لإطلاق قذائف صاروخية باتجاه بلدة الفوعة في محافظة إدلب (وكالة أنباء الأناضول)
TT

سوريا: «هدنة الزبداني» تسقط مجددًا.. والطرفان المفاوضان يتبادلان تهم إفشالها

مقاتلون من المعارضة السورية يتهيأون لإطلاق قذائف صاروخية باتجاه بلدة الفوعة في محافظة إدلب (وكالة أنباء الأناضول)
مقاتلون من المعارضة السورية يتهيأون لإطلاق قذائف صاروخية باتجاه بلدة الفوعة في محافظة إدلب (وكالة أنباء الأناضول)

سقطت مرة جديدة الهدنة التي فرضت وقفا لإطلاق النار في مدينة الزبداني بالريف الغربي للعاصمة السورية دمشق كما في بلدتي الفوعة وكفريا في ريف محافظة إدلب بشمال سوريا، وذلك بعد أقل من 48 ساعة على انطلاقها. وهكذا تكرر «سيناريو» الهدنة الأولى التي امتدت من 12 إلى 15 أغسطس (آب). وفي حين ضاربت المعلومات حول الأسباب الحقيقية الكامنة وراء انهيار هذه الهدنة، آثر الطرفان المفاوضان، أي «حركة أحرار الشام» من جهة والجانب الإيراني من جهة أخرى، تبادل الاتهامات بشأن المتسبب بإفشال هذه الهدنة. ويذكر أن أيا من الجانبين لم يجزم بوقف المفاوضات.
رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أوضح من جهته أن موضوع بلدة مضايا «هو الذي أدى إلى فشل الاتفاق»، بينما أشارت «شبكة الدرر الشامية» إلى الخلافات الحادة بين الوفد الإيراني ونظام الرئيس السوري بشار الأسد هي التي أطاحت بالهدنة. أما المواقع المحسوبة على النظام فقالت إن «فشل التقدّم في تحقيق بنود الهدنة مردّه إلى خلافات بين المسلحين من حركة أحرار الشام».
عبد الرحمن أبلغ «الشرق الأوسط» أنّه على الرغم من انهيار الهدنة لا تزال المفاوضات مستمرة، وشرح أن السبب الرئيس وراء انهيار الهدنة هو «رفض إيران أن يشمل الاتفاق منطقة مضايا حاليًا مقابل إصرار مقاتلي المعارضة على أن يكون الحل حزمة واحدة».
وبدورها، نقلت «شبكة الدرر الشامية» عن مصادر، قالت إنّها مطلعة على مجريات المفاوضات بين «حركة أحرار الشام» والوفد الإيراني، أن «خلافات حادة حصلت بين نظام الأسد والوفد الإيراني وكذلك بين الميليشيات الشيعية في بلدة الفوعة أدّت أدى إلى فشل المفاوضات»، وأوضحت أن الوفد الإيراني «وافق على طلب إطلاق سراح آلاف المعتقلين بينهم نساء وأطفال محتجزين لدى نظام الأسد، لكن النظام رفض ذلك ولم يستجب لطلبات إيران». وقالت الشبكة إن «حركة أحرار الشام اشترطت السماح بخروج مَن هم دون سن 15 سنة فقط، والنساء من أهالي الميليشيات، الأمر الذي وافقت عليه إيران ورفضته الميليشيات الشيعية المتمركزة في الفوعة، والتي كانت تطمح للخروج من الحصار».
ومع ساعات الصباح الأولى ليوم السبت، تجدّد القصف العنيف على مدينة الزبداني من قبل قوات النظام السوري وحزب الله بمقابل هجمة شرسة شنتها فصائل المعارضة على بلدتي الفوعة وكفريا، إذ أفيد عن إطلاق أكثر من 200 قذيفة على البلدتين الشيعيتين، وفي الساعات بعد الظهر انتقلت المواجهات العنيفة بين حزب الله و«أحرار الشام» إلى سهل مضايا القريب من الزبداني. ولقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) عن محمد أبو القاسم، أمين عام حزب التضامن، الذي فوضته الفصائل المقاتلة في الزبداني التفاوض باسمها، تأكيده انتهاء الهدنة وفشل المفاوضات وعودة العمليات العسكرية إلى البلدات الثلاث. وأشار أحد أعضاء المجلس المحلي لمدينة الزبداني إلى تعرّض بلدة مضايا لقصف عنيف صباح السبت بعد فشل المفاوضات. وبالنسبة إلى البلدتين الشيعيتين المحاصرتين في ريف إدلب قال أحد سكان بلدة كفريا في اتصال هاتفي للوكالة معه: «إن عشرات القذائف تتساقط على البلدة منذ ساعات الصباح الأولى»، كذلك أفادت مواقع مقربة من النظام السوري بتعرّض بلدتي كفريا والفوعة لـ«سقوط عشرات القذائف مصدرها الجماعات المسلحة»، مشيرة إلى أن «القصف يأتي بالتزامن مع انتهاء الهدنة الموقعة بين الجماعات المسلحة من جهة، والجيش السوري وحزب الله من جهة ثانية»، قبل أن تحمل مسؤولية فشل التقدّم في تحقيق بنود الهدنة لـ«خلافات بين المسلحين من حركة أحرار الشام».
وبالتزامن، تحدثت مصادر ميدانية لبنانية أمس عن مقتل ما وصف بأنه مسؤول «داعش» في مدينة الزبداني، وهو شاب لبناني من بلدة مجدل عنجر الحدودية في وسط البقاع (بشرق لبنان). وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن المسؤول، الذي يدعى حسين ياسين ويلقب بـ«السومو»، فجّر حزامًا ناسفًا كان يتمنطق به بعدما حاصره عناصر من جيش النظام السوري في إحدى الغرف داخل مبنى في الزبداني. وما يستحق الإشارة هنا أن المفاوضات كانت تناولت خلال الجولة الأولى في منتصف الشهر الحالي انسحاب مقاتلي المعارضة من الزبداني مقابل إجلاء المدنيين من الفوعة وكفريا بعد إدخال مساعدات إلى البلدتين. ونوقشت، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، النقاط ذاتها خلال مفاوضات الهدنة الثاني، لكنّ طرفي النزاع لم يتمكنا من التوصل إلى تفاهم.
في هذه الأثناء، في مناطق أخرى من سوريا، قتل في مدينة حمص أربعة أشخاص على الأقل وجُرح العشرات بانفجار سيارة مفخخة بالقرب من دوار المواصلات في حي الزهراء الذي تقطنه غالبية من المواطنين من الطائفة العلوية. وبينما تحدث «المرصد» عن مقتل وجرح 20 شخصا على الأقل في التفجير، قالت وكالة «سانا» الرسمية إن 4 مواطنين قتلوا وأصيب 19 شخصا بجروح. وفي شمال البلاد، تجددت المعارك في أطراف مدينة مارع في ريف محافظة حلب الشمالي بين مقاتلي المعارضة، الذين يسيطرون على المدينة الصغيرة، وعناصر تنظيم داعش الذين يحاولون السيطرة عليها. وأودت المعارك بين الطرفين حتى الآن بحياة 6 مدنيين و32 مقاتلا معارضا و20 عنصرا من «داعش»، بينهم ثلاثة انتحاريين فجروا أنفسهم بأحزمة ناسفة، بحسب المرصد. ومن جهته قال «مكتب أخبار سوريا» إن مدنيين لقوا حتفهم وأصيب آخرون، منتصف ليل الجمعة إثر تفجير «داعش» سيارة مفخخة غرب مارع التي يحاول التنظيم اقتحامها منذ أسابيع. ونقل المكتب عن ناشط إعلامي موجود في مارع أنّ أربعة عناصر تابعين لـ«داعش» يرتدون أحزمة ناسفة، حاولوا التسلل إلى داخل المدينة، كان بعضهم متنكرًا بزي امرأة، جرى اعتقال أحدهم وقتل اثنان، وفجّر الرابع نفسه داخل بلدة الشيخ عيسى غرب مارع بنحو 3 كلم، من دون وقوع أضرار تذكر.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.