عقاريون يؤكدون ارتفاع الطلب في المحافظات السعودية القريبة من المدن الرئيسية

بسبب التمدد العمراني الذي تشهده البلاد

عقاريون يؤكدون ارتفاع الطلب في المحافظات السعودية القريبة من المدن الرئيسية
TT

عقاريون يؤكدون ارتفاع الطلب في المحافظات السعودية القريبة من المدن الرئيسية

عقاريون يؤكدون ارتفاع الطلب في المحافظات السعودية القريبة من المدن الرئيسية

لا توجد دولة في الشرق الأوسط تعيش تمددًا عمرانيًا مثل السعودية وبالتحديد المدن الكبرى فيها وأهمها الرياض، حيث إن الحديث عن دخول بعض المحافظات لتصبح داخل النطاق العمراني للعاصمة مثل محافظة الدرعية التي أصبحت تتداخل إلى حد كبير مع العاصمة السعودية، الأمر الذي حفز ارتفاع الطلب على المحافظات القريبة من الرياض، خصوصًا تلك المحافظات التي لا تبتعد أكثر من 100 كيلومتر.
ورغم الهدوء الكبير في الحركة العقارية المحلية في السوق السعودية فإن قطاع العقار في المحافظات القريبة من المدن الكبرى لا يزال نشطًا، بحسب تأكيدات متعاملين أكدوا أن التمدد العمراني سيشملهم، خصوصا أن المدن الكبرى تتوسع بضعة كيلومترات في كل عام، الأمر الذي ألقى بظلاله إيجابًا على التعاملات العقارية هناك.
وفي هذا الشأن، قال سعود الصرامي الذي يدير مكتب روافد النماء للاستشارات العقارية، بأن القطاع العقاري بالنسبة إلى الاتجاه الاستثماري يسير نحو الاستثمار في المستقبل وهو الخيار الأنسب خصوصًا لغير المضاربين الذين يمتلكون سيولة نقدية يريدون الحفاظ عليها واستثمارها بشكل شبه آمن، ولا يوجد في الوقت الراهن أفضل من الاتجاه نحو المحافظات القريبة من العاصمة خصوصا باتجاه الشمال والتي لا تبتعد كثيرًا عنها بما لا يتجاوز الـ100 كيلومتر، حيث إن الطلب عليها أصبح مرتفعًا والحركة على نطاق واسع بعكس أحياء المدن الكبرى التي تعيش حركة بطيئة نظرًا إلى وصولها إلى تخمة كبيرة من ناحية قيمتها وهو ما يعرفه العقاريون جيدًا.
وكشف الصرامي بأن هذا التوجه أفرز عن ارتفاع في أسعار بعض المحافظات القريبة، ضاربا المثل بأسعار الأراضي في الخرج والدلم (65 كيلومترا جنوب الرياض) التي ارتفعت قيمتها في أقل من 5 سنوات إلى ما يزيد على 150 في المائة على ما كانت عليه، بسبب اتجاه المشترين إليها خصوصا المناطق القريبة من الشارع الرئيسي المؤدي إلى الرياض، لافتا إلى أن شريحة كبيرة من المشترين قدموا من خارج المحافظة وأسهموا بشكل كبير في ارتفاع الأسعار بعضهم بقصد التملك، خصوصا أن ما يفصلهم عن العاصمة لا يتجاوز مسافة سير نصف ساعة، وأن الذهاب من الخرج إلى الرياض أقرب من الذهاب من بعض أحياء جنوب الرياض إلى شمالها، وهو أمر إضافي ساهم في ارتفاع الطلب عليها.
تجدر الإشارة بأن الكثير من المحافظات القريبة من الرياض ظلت منذ فترة في مرمى التمدد العمراني للمدن، إلا أن النمو السكاني والتوسع المطرد في منح المخططات الواقعة على أطراف الرياض سرعت نمو العاصمة لتبتلع المحافظات القريبة منها تماما مثل ما حدث مع محافظة الدرعية التي قفزت قيمتها فور دخولها نطاق الرياض إلى أضعاف مضاعفة، وهو السيناريو الذي يستعد له الكثير من المستثمرين ويطلقون عليه مسمى «ضربة العمر».
وفي صلب الموضوع قال عبد العزيز الباتلي، الذي يمتلك عدة عقارات في محافظة حريملاء: «إن قرب المحافظة من الرياض والتمدد الحاصل إليها أثر في انتعاش الحركة التجارية والعمرانية، إذ أصبحوا الوجهة الجديدة للمستثمرين العقاريين الذي يتنافسون للظفر بأكبر مساحات ممكنة من المحافظة، خصوصا أن الزحف العمراني يسير بوتيرة متسارعة نحو حريملاء، ما جعلها فرصة ذهبية لمن يرغب في الاستثمار العقاري المستقبلي»، متوقعا أن تكون حريملاء أحد أحياء الرياض في مدة لا تتجاوز 15 سنة في حال استمرار الزحف العمراني نحوهم.
وبالحديث عن أهم الأفرع العقارية التي تشهد انتعاشا كبيرًا أوضح الباتلي بأن الأراضي الخام ذات المساحات الشاسعة هي الأوفر حظًا خصوصًا الواقعة في أطراف المحافظة باتجاه الرياض وهي الأكثر تأثرًا من ناحية الأسعار نحو الارتفاع، تليها المزارع الكبرى والاستراحات والتي تستحوذ على مساحة جيدة من الإقبال والحركة إلا أن وتيرتها تنخفض عن الأراضي السكنية خصوصًا التي لا تتمتع بالخدمات، وبالنسبة إلى قطاع الفلل والعمائر التجارية فهي الأقل طلبًا نظرًا إلى العائد الاستثماري الذي يقل بشكل كبير عن الأفرع السابقة ويعتبر الطلب عليها مقتصرا إلى حد ما على سكان المحافظة وشريحة غير مؤثرة من المستثمرين.
يشار إلى أن الإقبال على الأراضي المنفردة القريبة من الطرق الرئيسية المؤدية إلى الرياض على رأس العقارات تزعمت العقارات الأكثر طلبا وبفارق كبير، حيث قدر متعاملون عقاريون ارتفاع أسعارها في أقل من نصف عقد جاء قياسيا بما يزيد على 150 في المائة، تليها الأراضي الواقعة وسط المحافظات، خصوصا الخرج (60 كيلومترا جنوب الرياض)، وحريملاء (80 كيلومترا شمال الرياض)، والمزاحمية (40 كيلومترا جنوب غربي الرياض)؛ إذ غردت أسعارها خارج السرب، وشهدت حركة تجارية نشطة على عكس أداء القطاع العقاري، وهو انعكاس طبيعي لحالة الانتعاش الذي تشهده المحافظات في أعين المستثمرين.
وفي الصلة ذاتها، أوضح فهد الدوسري، وهو مستثمر عقاري بمحافظة المزاحمية (30 كيلومترا جنوب الرياض)، أن المحافظة أصبحت ملاصقة للرياض إن لم تكن جزءا منها، لافتا إلى أن الذهاب إلى العاصمة بشكل يومي أصبح عادة لدى معظم السكان المحليين، لافتًا أن الطريق الجديد الذي لا يبتعد أكثر من السير مدة 20 دقيقة ليوصلك إلى عمق العاصمة لعب دورًا كبيرًا في حركة المحافظة الأشهر لدى سكان العاصمة، ما فتح شهية الراغبين في تملك المساكن والمزارع التي تشتهر بها، موضحا أن هذا الأمر أثر على هجرة سكان المحافظة نحو الرياض، إذ يعتبرون أنفسهم حيا من أحياء العاصمة ولو شكلاً.
وأضاف: «كان سعر المتر المربع في أرقى أحياء المزاحمية المدينة قبل 5 سنوات لا يتجاوز 400 ريال في أفضل الأحوال، إلا أن نسبة الطلب على الأراضي دفعت الأسعار إلى الجنون، وقيمة الأراضي هناك قريبة من مثيلاتها في الرياض، وتصل في بعض الأحيان إلى 800 ريال للمتر المربع الواحد خصوصًا المناطق القريبة من الخدمات»، لافتا أن دخول أعداد كبيرة من الملاك من خارج المحافظة ساهم في بلورة الأسعار الجديدة التي لم تشهدها المحافظة من قبل.
يذكر أن المدن الرئيسية السعودية وعلى رأسها الرياض تعيش زحفًا عمرانيًا مطردًا رغم تباطؤ الحركة العقارية بشكل عام، حيث يفضل الكثير من المستثمرين وخصوصًا الراغبين في السكن التوجه نحو أطراف العاصمة لعدة أسباب أهمها فرق القيمة بين وسط المدينة وأطرافها إضافة إلى انسياب الحركة المرورية وتجنب الازدحامات التي تعج بها خاصرة العاصمة السعودية، فمهما اختلفت الأسباب إلا أن النتيجة واحدة وهي التمدد العمراني الكبير الذي ظلت المدن الكبرى تحافظ عليه بغض النظر عن مدى قوة الحركة العقارية.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».