عندما تعلق شوكة سمك في الحلق... ماذا عليك أن تفعل؟

نسبتها تفوق 80 % من حالات ابتلاع الأجسام الصلبة الغريبة

عندما تعلق شوكة سمك في الحلق... ماذا عليك أن تفعل؟
TT

عندما تعلق شوكة سمك في الحلق... ماذا عليك أن تفعل؟

عندما تعلق شوكة سمك في الحلق... ماذا عليك أن تفعل؟

تفيد الإحصائيات الطبية بأن بلع شوك السمك Fish Bone، أو أجزاء أخرى من الهيكل العظمي للأسماك، أمرٌ شائعٌ جداً في مجتمعات تناول الأسماك، وأنه أحد الشكاوى المتكررة في أقسام الإسعاف بالمستشفيات، وعيادات طب الأنف والأذن والحنجرة، في تلك المناطق.

والخوف من حصول ذلك قد يمنع البعض، وخصوصاً كبار السن والأطفال، من الإقبال على تناول الأسماك، أو أنواع منها. وفي الوقت نفسه، يُعتبر الحذر من تكرار حصول ذلك، لدى منْ عانى منه سابقاً، أحد الأسباب الرئيسية لتحاشي تناول الأسماك. رغم أن لحومها تعتبر من الأطعمة ذات الفائدة الصحية العالية.

ابتلاع شوكة السمك

وغالباً يعرف المرء أنه ابتلع شوكة أو قطعة من عظم السمك، وخصوصاً عند تناول أنواع معينة من الأسماك، أو يدرك أنه غفل لبرهة عن تنظيف قطعة لحم السمك -التي تناولها للتو- من احتمال وجود عظم أو شوكة فيها.

ولأن عظام السمك صغيرة، يمكن بسهولة تفويتها أثناء تحضير تناول قطعة لحم السمك أو عند المضغ. ولأن لديها حواف حادة وأشكالاً غريبة، فإنها أكثر عرضة من الأطعمة الأخرى للالتصاق في الحلق، حتى من قبل المتعودين بكثرة على تناول السمك.

ولذا إذا علقت شوكة أو عظمة سمك في الحلق، فمن المحتمل أن يشعر المرء بها فوراً. وقد يُعاني أيضاً أياً من الأعراض التالية:

- وخز مفاجئ في الحلق.

- ألم حاد في الحلق أو الرقبة.

- سعال متكرر وجاف.

- صعوبة في البلع أو ألم في البلع.

- بصق الدم.

وتؤكد دراسات طبية كثيرة حقيقة أن: «الجسم الغريب الأكثر شيوعاً في الوجود بالجهاز الهضمي العلوي، هو عظم السمك». وتوضح تلك الإحصائيات أن شوك وعظم السمك يمثل نسبة تفوق 80 في المائة من حالات ابتلاع الأجسام الحادة والصلبة الغريبة Foreign Bodies، في الدول الآسيوية والدول المُطلة على البحر المتوسط، والدول الساحلية الأخرى.

وبخلاف تسبب شوك أو عظم السمك في جروح أو تسلخات أو قروح سطحية في منطقة الفم أو «منطقة البلعوم الفمّي»، تفيد تلك الإحصائيات الطبية بأن في أكثر من 75 في المائة من حالات الابتلاع، يعلق شوك أو عظم السمك في منطقة العضلة العاصرة الحلقية البلعومية Cricopharyngeal Sphincter، ضمن «منطقة البلعوم الحُنْجري». وللتوضيح، فإن البلعوم مكون من 3 أجزاء، هي من أعلى إلى أسفل: البلعوم الأنْفي، وتحته البلعوم الفمّي، وتحته البلعوم الحُنْجري الذي يتصل ببدايات المريء.

عظم عالق

وبالنسبة لسبب تعلّق شوك أو عظم السمك في منطقة العضلة العاصرة الحلقية البلعومية، علينا ملاحظة أن ثمة 4 «مناطق تضيّق» في أنبوب المريء. وتمثل هذه النقاط الأربع المناطق أكثر ترجيحاً أن تعلق بها الأشياء الصلبة المبتلعة، سواء كانت ذات أطراف حادة، مثل شوك أو عظم السمك، أو ذات أسطح غير حادة، مثل قطع العملات المعدنية، أو قطع الطعام الصلبة (اللحوم المشوية على سبيل المثال). وهذه التضيقات بالتسلسل من أعلى إلى أسفل، هي:

أولاً- في بداية المريء، عند منطقة اتصال البلعوم الحنجري بالمريء (خلف الغضروف الحلقي). وهي منطقة العضلة العاصرة الحلقية البلعومية.

ثانياً- في منطقة تضيق المريء بفعل العبور الأمامي لقوس الشريان الأبهر، أكبر شرايين الجسم، والخارج مباشرة من القلب.

ثالثاً- في منطقة تضيق المريء بفعل المرور الخلفي للفرع الأيسر من القصبة الهوائية (الذي يدخل إلى الرئة اليسرى).

رابعاً- في منطقة تضيق المريء بفعل عبور المريء للحجاب الحاجز (الذي يفصل تجويف الصدر عن تجويف البطن).

ولأن المريء يحتوي على هذه الأربع نقاط للتضيق، فإنه عندما يتم ابتلاع جسم صلب، فمن المرجح أن يعلق ويتسبب في إتلاف سطحي (أو عميق) بإحدى هذه النقاط الأربع، وخصوصاً أعلاها، وهي منطقة العضلة العاصرة الحلقية البلعومية.

وعندما يحضر المرضى إلى قسم الإسعاف وهم يشكون من ألم حاد (بشعور كشقّ الجرح) في الحلق، أو صعوبة في البلع Dysphagia، بعد تناول لحم السمك، فإنهم عادة ما يكونون مقتنعين بأن هناك عظمة أو شوكة عالقة في حلقهم، أو في مكان ما أسفل ذلك. وفي بعض الأحيان قد يكونون على صواب، وغالباً ما تكون آنذاك عظام السمك عالقة في الحلق أو تخترق الغشاء المخاطي للبلعوم. وفي كثير من الأحيان، لا توجد عظام أو شوك، وتختفي الأعراض في غضون 24- 48 ساعة؛ لأن الشوك أو العظم المبتلع في الغالب يكون صغيراً، ويمر أحياناً عبر القناة الهضمية دون عواقب.

ولكن، ووفق ما تفيد به بعض الدراسات الطبية: «من الواضح أن استمرار وجود جسم غريب في البلعوم أو الحنجرة أو المريء، وعدم خروجه، يمثل مشكلة صحية لا يمكن تجاهلها، وتمتلئ المجلات الطبية بتقارير حالة Case Reports عن عواقب وخيمة، مثل ثقب الأبهر، أو الجهاز الهضمي، أو المضاعفات الميكروبية. ولحسن الحظ، مثل هذه الحالات نادرة جداً».

ولذا تظل هذه الشكوى مُحيّرة للطبيب في قسم الإسعاف، من ناحية الوصول إلى التشخيص. ومحيرة للمريض، من ناحية إزالة القلق والألم وصعوبات البلع لديه.

وتوضح تلك الإحصائيات الطبية، أنها (أي شوك أو عظم السمك) إذا وصلت إلى المعدة، فإن معظمها يمر عبر الأمعاء دون أي مشكلات، ولكن نسبة 1 في المائة منها قد تسبب مضاعفات تتطلب معالجة جراحية. وتحديداً، ما بين 80 إلى 90 في المائة من أولئك الأشخاص الذين يحضرون إلى أقسام الإسعاف نتيجة المعاناة من ابتلاع شوك أو عظم السمك، لا يحتاجون إلى أي تدخلات علاجية متقدمة. وما بين 10 إلى 20 في المائة يحتاجون إلى إزالة تلك العظام أو الشوك باستخدام المنظار Endoscopic Removal. ونحو 1 في المائة سيحتاجون إلى تدخل جراحي نتيجة حصول ثقب في أحد أجزاء الأمعاء Bowel Perforation أو غيره.

معالجات منزلية للتعامل مع شوكة السمكة في الحلق

لا توجد نصائح طبية محددة مبنية على براهين علمية، حول كيفية إزالة عظم السمك من الحلق مباشرة في المنزل. ولكن المصادر الطبية تقترح بعض العلاجات المنزلية قبل التوجه إلى عيادة الطبيب. ومنها:

- تناول إحدى قطع حلوى «المارشميلو»، ومضغها بما يكفي لتليينها (لا إذابتها)، ثم ابتلاعها في جرعة واحدة كبيرة. ومن المحتمل أن تلتصق المادة اللزجة والسكرية لهذه الحلوى الإسفنجية بالشوكة أو بالعظام، وتحملها إلى المعدة.

- بلع زيت الزيتون بمقدار ما يملأ ملعقة طعام. وزيت الزيتون مادة تشحيم طبيعية. وإذا كان ثمة عظام سمكة عالقة في الحلق، فإن زيت الزيتون بتلك الكمية يمكن أن يغطي بطانة الحلق والعظام نفسها، مما يسهل ابتلاعها أو طردها للخارج مع السعال.

- السعال قد يفيد؛ لأن معظم عظام السمك تلتصق في مؤخرة الحلق مباشرة حول اللوزتين. وقد يكون السعال القوي قليلاً كافياً للتخلص منها.

- يجد بعض الناس أن تناول قضمات من الموز والاحتفاظ بها في الفم لمدة دقيقة واحدة على الأقل، سيعطيها فرصة لامتصاص بعض اللعاب. ثم عند بلعها في جرعة واحدة كبيرة، قد تمسك بعظام السمك وتسحبها إلى المعدة.

- الخبز والماء، هي طريقة قديمة وتقليدية لإزالة أي شيء قد يعلق أو يبقى في الحلق. وتكون بنقع قطعة من الخبز في الماء لمدة أقل من دقيقة تقريباً، ثم تناول قضمة كبيرة منها، وابتلاعها كاملة. وقد تضع هذه الطريقة وزناً على عظم السمكة وتدفعها إلى المعدة. والبعض قد يقترح الخبز المغطى بزبدة الفول السوداني، للمساعدة في انتزاع عظم السمك ودفعه إلى المعدة.

- المشروبات الغازية، شيء آخر محتمل الفائدة؛ لأنه ربما يفتت العظام ويكون ضغطاً من الغازات الذي قد يزيل شوكة أو عظمة السمك. ولكن يجدر تحاشي اللجوء إلى تناول الخل ابتغاء قدرته الحامضية على تفتيت العظم؛ لأن ذلك قد يضر بالمعدة أو المريء أو الحلق.

متى عليك زيارة قسم الإسعاف عند بلع شوكة سمك؟

إذا فشلت العلاجات المنزلية، أو شعرت بالقلق، أو رافق حالتك الأعراض التالية، فيجب عليك طلب المساعدة الفورية من الطبيب:

- ألم عند البلع.

- ألم في الحلق مع تقيؤ دم.

- صعوبة التنفس.

- التنفس المصحوب بالسعال أو الاختناق أو التقيؤ.

- ألم في الصدر والبطن.

- حمى.

وتجدر ملاحظة أنه حتى عندما تساعدك العلاجات المنزلية على إزالة عظم السمك العالق في الحلق، فمن الأفضل أن تنتبه جيداً للأعراض المذكورة أعلاه، وأن ترى طبيبك إذا كان لديك أي منها.

وفي قسم الإسعاف، يعمل العلاج الطبي لإزالة عظم السمك العالق في الحلق، من خلال سلسلة من الخطوات، من أهمها:

- أولاً، لتحديد الموقع الدقيق لعظم السمكة العالقة في حلقك، قد يقوم الطبيب بإجراء أشعة سينية X-Ray عادية، تتضمن تناول سائل أساسه الباريوم Barium-Based Liquid. وتشمل الطرق الأخرى منظار الحنجرة Laryngoscopy، لإلقاء نظرة على الجزء الخلفي من الحلق. وللتوضيح، إذا تطلبت الحالة الحضور إلى قسم الإسعاف، فتبدأ المعالجة لاحتمال وجود شوك أو عظم السمك في الحلق أو الجزء العلوي من الجهاز الهضمي، بالفحص المباشر للحلق بمساعدة الضوء. وإذا تبين وجود العظم، فإنه تتم إزالته بالملقط إن أمكن. وفي بعض الأحيان، عندما يصل شوك أو عظم السمك إلى منطقة أعمق ووراء مستوى الرؤية المباشرة لداخل الحلق، قد يتطلب الأمر استخدام منظار البلعوم Laryngopharyngoscope. ومن ثمّ إزالة ما علق من عظم أو شوك.

- قد يلجأ الطبيب إلى التصوير المقطعي المحوسب CT Scan في الحالات القصوى، أو ربما المنظار للمريء والمعدة Endoscopy، لتحديد مستوى الضرر الذي تسبب فيه عظم السمكة في الجهاز الهضمي.

- بعدما يتم تحديد الموقع، سيكون استخدام الملقط Forceps عادة هي الطريقة الأولى لإزالة عظم السمكة. ويمكن أيضاً استخدام المنظار الداخلي لإزالة العظام في الحالات التي يفشل فيها الملقط في استرداد العظم. وفي حالات نادرة جداً، قد تكون الجراحة مطلوبة.

- بمجرد إخراج الشوكة أو العظمة، قد يتم وصف بعض الأدوية، اعتماداً على مكان وشدة تعلق عظم السمكة بمكان وجودها، ومدى عمق اختراقها للأنسجة المحيطة.


مقالات ذات صلة

منها مبيدات الحشرات... 168 مادة كيميائية نتعرض لها يومياً تهدد صحة الأمعاء

صحتك 168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء (رويترز)

منها مبيدات الحشرات... 168 مادة كيميائية نتعرض لها يومياً تهدد صحة الأمعاء

حدد باحثون 168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء، وهي مواد يمكن أن يتعرض لها الناس في مجموعة واسعة من البيئات اليومية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً لخسارة الوزن (بيكسلز)

من الأسود إلى الأبيض... 8 أنواع شاي تساعد على خسارة الوزن وحرق الدهون

يبحث كثيرون عن طرق طبيعية وآمنة لدعم خسارة الوزن وتحسين عملية الأيض، ويعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك زيت الخروع يُستخدم مليّناً وفي منتجات العناية بالبشرة والشعر (بكسلز)

استخدمته كليوباترا لتفتيح بياض عينيها... ما الفوائد الصحية لزيت الخروع؟

زيت الخروع عبارة عن زيت كثيف عديم الرائحة، يُستخرج من بذور نبات الخروع. يعود استخدامه إلى مصر القديمة، حيث يُرجح أنه استُخدم وقوداً للمصابيح.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك توت البلسان يحتوي على كمية جيدة من فيتامين «سي» (بيكسلز)

نوع من التوت يساعد في التقليل من نزلات البرد الشتوية

استخدم السكان الأصليون في أميركا ثمار البلسان في الطب التقليدي لآلاف السنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

منها مبيدات الحشرات... 168 مادة كيميائية نتعرض لها يومياً تهدد صحة الأمعاء

168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء (رويترز)
168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء (رويترز)
TT

منها مبيدات الحشرات... 168 مادة كيميائية نتعرض لها يومياً تهدد صحة الأمعاء

168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء (رويترز)
168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء (رويترز)

حدد باحثون 168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء، وهي مواد يمكن أن يتعرض لها الناس في مجموعة واسعة من البيئات اليومية.

ونشر خبراء من جامعة كمبردج دراسة يوم الثلاثاء في مجلة «نيتشر مايكروبيولوجي»، أوضحت أن كثيراً من المواد الشائعة يمكن أن تعيق نمو البكتيريا المفيدة في الأمعاء، وأن الأمر لا يقتصر على المبيدات.

دراسة واسعة على أكثر من ألف ملوّث

وفق ما نقلت شبكة «فوكس نيوز»، درس العلماء كيف أثّرت 1076 مادة ملوِّثة في 22 نوعاً من البكتيريا، وصمّموا نموذجاً يعتمد على التعلم الآلي للتنبؤ بمدى احتمال أن تلحق المواد الكيميائية ضرراً بصحة الأمعاء.

وشملت المواد الكيميائية «بيسفينول إيه إف (BPAF)» و«بيرفلورونونانويك أسيد (PFNA)» و«الغليفوسات» و«الكلوردكون» و«الإيمزاليل»، وعشرات غيرها.

وتغطي هذه المواد نطاقاً واسعاً من الاستخدامات؛ بدءاً من مثبّطات اللهب ومبيدات الفطريات، وصولاً إلى المبيدات الحشرية والمضافات البلاستيكية.

ووفقاً للدراسة، يمكن أن يحدث التعرض المحتمل لهذه المواد من خلال الطعام ومياه الشرب والاتصال البيئي، رغم أن مستوياتها في العالم الواقعي وتداعياتها الصحية لا تزال غير مؤكدة.

تأثير خلل الميكروبيوم على الصحة

وجاء في بيان صحافي عن الدراسة: «عندما يختل هذا النظام (الميكروبيوم)، يمكن أن يسهم في مجموعة واسعة من المشكلات الصحية المرتبطة بالهضم وتنظيم الوزن والجهاز المناعي والصحة العقلية».

وقالت مؤلفة الدراسة، إندرا رو، إن فريقها كان «مفاجَأ» عندما اكتشف الآثار الضارة لهذه المواد.

وأضافت: «وجدنا أن كثيراً من المواد الكيميائية المصمَّمة لاستهداف نوع واحد من الكائنات؛ مثل الحشرات أو الفطريات، تؤثر أيضاً في بكتيريا الأمعاء».

وتابعت: «الأمعاء ليست آلة هضم فحسب؛ بل مركز تحكّم أساسي للمناعة والتمثيل الغذائي والالتهاب».

وأوضحت أنه «على سبيل المثال، كثير من المواد الكيميائية الصناعية؛ مثل مثبّطات اللهب والمواد البلاستيكية التي نتعرض لها بانتظام، لم يكن يُعتقَد أنها تؤثر في الكائنات الحية على الإطلاق، لكنها تفعل ذلك».

دعوة إلى تصميم مواد كيميائية أكثر أماناً

من جهته، قال كيرن باتيل، وهو أحد مؤلفي الدراسة، إن الهدف هو «الانتقال إلى مستقبل تكون فيه المواد الكيميائية آمنة منذ مرحلة التصميم».

وأضاف: «الآن وبعد أن بدأنا في اكتشاف هذه التفاعلات بالمختبر، من المهم البدء في جمع مزيد من بيانات التعرض الكيميائي في العالم الواقعي، لمعرفة ما إذا كانت هناك تأثيرات مماثلة في أجسامنا».

«ناقوس إنذار»

وفي هذا المجال، قال الدكتور ويل بولسيفيتش لـ«فوكس نيوز»، إن الدراسة، في رأيه، «ناقوس إنذار».

وأضاف اختصاصي الجهاز الهضمي المقيم في ساوث كارولاينا، الذي لم يشارك في الدراسة: «الأمعاء ليست مجرد آلة هضم؛ إنها مركز قيادة للمناعة والتمثيل الغذائي والالتهاب، وإذا أخللنا بها فإننا ندعو المتاعب».

وتابع: «إذا ضَعُفت هذه الميكروبات، يصبح حاجز الأمعاء هشّاً، ويصبح الجهاز المناعي مفرط النشاط، ويبدأ الالتهاب المزمن - وهو أصل كثير من المشكلات الصحية الحديثة - في الارتفاع».

وقال: «لا نحتاج إلى الذعر، لكننا بحاجة إلى التقدّم».

وأشار بولسيفيتش إلى أن التركيز لا ينبغي أن يكون على المواد الكيميائية وحدها؛ بل على الحاجة الأوسع إلى اختبار الميكروبيوم في السلع الاستهلاكية.

وقال: «لا نحتاج إلى الذعر، لكننا نحتاج إلى التقدّم. العلم واضح: حماية صحة الإنسان تعني الآن حماية الميكروبات التي تدافع عنا. لقد حان الوقت لإعادة التفكير في كيفية تصميم وتقييم المواد الكيميائية المستخدمة في منازلنا ومزارعنا ونظامنا الغذائي».

وفي حديث إلى «فوكس نيوز»، قال مومو فويسيتش، الكيميائي الحيوي وكبير مسؤولي العلوم في شركة الاختبارات الصحية «فايووم»، إنه يوصي المستهلكين بالتركيز على تناول الأغذية العضوية في ضوء هذه النتائج.

وقال الخبير المقيم في واشنطن، والذي لم يشارك في الدراسة أيضاً، إن على المستهلكين «خفض استهلاك المضادات الحيوية والمبيدات الحشرية والمضافات الغذائية؛ مثل المستحلبات والمواد الحافظة بشكل كبير».

وأضاف: «فيما يتعلق بالأغذية المعبّأة، اقرأ قائمة المكونات ولا تشترِ أي شيء لا تتعرّف عليه جدتك؛ مثل البنزوات والبولي سوربات والأسبارتام. أسمّي هذه المواد (مضافات)، والأطعمة في المتاجر التقليدية مليئة بها، وهذا يجعل التسوّق محبطاً».

تأثير الميكروبيوم في مختلف جوانب الصحة

وأشار فويسيتش إلى أهمية العناية بصحة الأمعاء، لأن اضطراب الميكروبيوم «يمكن أن يؤثر سلباً في كل جزء من أجزاء جسم الإنسان»، موضحاً أنه «يسهم بشكل كبير في صحتنا البدنية والعقلية والمعرفية والمناعية».

وقال إن التغيرات المبكرة في الميكروبيوم قد تكون قابلة للرصد عبر اختبارات متخصصة، بما في ذلك الأدوات التي تطورها شركته، رغم أن هذه الفحوص ليس موصى بها عالمياً من جانب الأطباء.

ويشير خبراء غير مشاركين في الدراسة، إلى أن نتائجها تقدّم دلائل قيّمة، لكن هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كانت النتائج المختبرية تعكس مخاطر حقيقية على صحة الإنسان.


لقاح الهربس النطاقي يخفض خطر الوفاة نتيجة الخرف

تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)
تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)
TT

لقاح الهربس النطاقي يخفض خطر الوفاة نتيجة الخرف

تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)
تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)

أظهرت نتائج دراسة كبيرة أن المصابين بالخرف الذين تلقوا لقاح الهربس النطاقي كانوا أقل عرضة للوفاة جراء ذلك المرض ممن لم يحصلوا عليه، ما يشير إلى أن اللقاح يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ تطور المرض المرتبط بالتقدم في السن.

وبشكل عام، توفي ما يقرب من نصف الـ14 ألفاً من كبار السن في ويلز الذين أصيبوا بالخرف في بداية برنامج التطعيم خلال متابعة استمرت 9 سنوات.

لكن الباحثين قالوا في دورية «سيل» العلمية إن تلقي لقاح «زوستافاكس» الذي تنتجه شركة «ميرك» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 في المائة تقريباً.

ووجد الباحثون في ويلز، في وقت سابق من العام أن كبار السن الذين تلقوا لقاح «زوستافاكس» كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف 20 في المائة عن نظرائهم الذين لم يتلقوا اللقاح.

وقال معدّ الدراسة الدكتور باسكال غيلدسيتزر من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، في بيان، إن «الجزء الأكثر إثارة (من أحدث النتائج) هو أن هذا يشير حقّاً إلى أن لقاح الهربس النطاقي ليست له فوائد وقائية فقط في تأخير الخرف، بل له أيضاً إمكانات علاجية لمن يعانون بالفعل من ذلك المرض».

وذكر الباحثون أنه لا يزال من غير المعروف ما إذا كان اللقاح يحمي من الخرف عن طريق تنشيط الجهاز المناعي بشكل عام، أو عن طريق الحدّ من إعادة تنشيط الفيروس المسبب للهربس النطاقي على وجه التحديد، أو عن طريق آلية أخرى لا تزال غير معروفة.

ومن غير المعروف أيضاً ما إذا كان أحدث لقاحات الهربس النطاقي، وهو «شينغريكس» من إنتاج «غلاكسو سميث كلاين»، قد يكون فعالاً بالمثل أو أكثر فاعلية في الحدّ من آثار الخرف من اللقاح الأقدم الذي تلقاه المشاركون في دراسات ويلز.

وتبين أن الحماية من الهربس النطاقي بلقاح ميرك تتضاءل بمرور الوقت، ولم يعد معظم الدول يستخدم اللقاح بعدما ثبت أن لقاح «شينغريكس» أفضل.

ويقول الباحثون إنهم وجدوا في العامين الماضيين نتائج مشابهة لنتائج ويلز في السجلات الصحية من دول أخرى، من بينها إنجلترا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا.

وأضاف غيلدسيتزر: «لا نزال نرى هذه الإشارة الوقائية القوية من الخرف في مجموعة بيانات تلو الأخرى».


فحص جديد يكشف سرطان المثانة بدقة عالية

الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)
الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)
TT

فحص جديد يكشف سرطان المثانة بدقة عالية

الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)
الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)

كشفت دراسة إسبانية عن فحص بسيط لعينة بول يمكن أن يشخِّص ويحدد مرحلة سرطان المثانة بشكل فعال وبدقة عالية.

وأوضح الباحثون في مؤسسة أبحاث الصحة بمستشفى «لا في» في فالنسيا، أن هذا الفحص يوفر بديلاً غير جراحي للإجراءات التقليدية مثل تنظير المثانة، ويخفِّض التكاليف الصحية، ويُعزِّز راحة المرضى، ويحسِّن نتائج العلاج. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Journal of Molecular Diagnostics».

يُعدّ سرطان المثانة أحد أكثر السرطانات شيوعاً وخطورة في الجهاز البولي، ويتميَّز بمعدل انتكاس مرتفع بعد العلاج. وينشأ عادة في بطانة المثانة، ويظهر بأعراض مثل دم في البول، والحاجة المتكررة للتبول، أو ألم عند التبول.

ويعتمد تشخيصه حالياً على فحوص غازية مثل تنظير المثانة أو فحوص الخلايا البولية، لكنها محدودة الحساسية وقد تكون مؤلمة أحياناً.

وتشير أحدث الأبحاث إلى أن تحليل الحمض النووي الحر في البول (cfDNA) قد يقدِّم بديلاً غير جراحي لتشخيص المرض وتحديد مرحلته، مما يُحسِّن راحة المرضى ويقلل الحاجة إلى الإجراءات الغازية المكلِّفة.

ويعتمد الفحص الجديد على تحليل الحمض النووي الحرّ في عيّنة البول، وهو أسلوب غير جراحي يمكنه تشخيص سرطان المثانة ومتابعة تقدمه. ويرِّكز الفحص على قياس شظايا الحمض النووي الصغيرة والمتوسطة من 5 جينات محددة مرتبطة بسرطان المثانة، منها (MYC وACTB و AR).

وفي الدراسة، حلَّل الباحثون عينات بول من 156 مريضاً بسرطان المثانة، و79 فرداً سليماً من المجموعة الضابطة، باستخدام تقنية «تفاعل البوليميراز المتسلسل في الوقت الحقيقي (Real-Time PCR)» لقياس تركيز وتكامل شظايا الحمض النووي الحر في البول.

وأظهرت النتائج أن الفحص الجديد يُحقق دقة تصل إلى 97 في المائة وقيمة تنبؤية تصل إلى 88 في المائة لتحديد سرطان المثانة.

كما وجد الباحثون أن نسبة الشظايا الكبيرة إلى الصغيرة من الجين (ACTB) والشظية الصغيرة من الجين (AR) زادت مع شدة المرض، مما يشير إلى أنها مؤشرات موثوقة لتحديد مرحلة المرض، وقد يساعد تكامل هذه الجينات في اكتشاف عودة سرطان المثانة بعد العلاج.

وأشار الفريق إلى أن الفحص الجديد قادر على متابعة تطوُّر المرض واكتشاف الانتكاس، مما يتيح تدخلاً مبكراً وعلاجاً أكثر فعالية، مع تقليل التكاليف وتحسين تجربة المرضى بشكل كبير.

ونوّه الباحثون بأن هذه الدراسة تُعَدّ من أوائل الدراسات التي تقيِّم بشكل شامل تفتُّت الحمض النووي الحر في البول عبر مختلف مراحل سرطان المثانة، مما يقرِّب العلماء من مستقبل يمكن فيه تشخيص المرض ومراقبته بصورة أسهل وأقل إيلاماً.