محلل أميركي: السياسة الخارجية الأميركية تشهد تعديلاً بعد زيارة مودي

أنتوني بلينكن (يمين) ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في «الخارجية» الأميركية (أ.ف.ب)
أنتوني بلينكن (يمين) ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في «الخارجية» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

محلل أميركي: السياسة الخارجية الأميركية تشهد تعديلاً بعد زيارة مودي

أنتوني بلينكن (يمين) ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في «الخارجية» الأميركية (أ.ف.ب)
أنتوني بلينكن (يمين) ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في «الخارجية» الأميركية (أ.ف.ب)

في الوقت الذي كان يكمل فيه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي زيارته الرسمية للولايات المتحدة، وبعد الاجتماع التاريخي لمستشاري الأمن القومي من الولايات المتحدة واليابان والفلبين في مانيلا، تُواصل الولايات المتحدة تطوير شبكتها من الشراكات المرنة والمؤسسات والتحالفات ومجموعات دول في جميع أنحاء العالم، لتحقيق توازن مع الصين.

ويرى المحلل الأميركي نيكولاس جفوسديف، أستاذ دراسات الأمن القومي في «الكلية الحربية البحرية» الأميركية، ومدير برنامج الأمن القومي في «معهد أبحاث السياسة الخارجية»، أن التحدي الذي يواجه المؤسسة السياسية الأميركية هو كيفية منع هذه الشراكات من الانحراف عن مسارها.

ولذلك لا تعني حقيقة أنه ربما يجد تحالفٌ من الدول توافقاً وثيقاً جداً بشأن قضية بعينها (أو مجموعة من القضايا)، ويبحث عن وسائل لتسهيل العمل المشترك، أن هناك انسجاماً كاملاً للمصالح أو اتفاقاً كاملاً على كل القضايا.

وقال جفوسديف، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأميركية، إنه عندما يوفر، اليوم، صعود الصين وتنسيق أكبر بين دول الجنوب العالمي فرص تحوط أكبر، فإن دولاً أخرى لديها خيارات، بينما تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ ضئيل.

ويعني نهج الشبكة للتعامل مع الشؤون الدولية أن خليط الالتزامات والواجبات تجاه شركاء آخرين سوف يختلف على أساس كل حالة على حدة.

فعلى سبيل المثال، يقول جوش روجين، وهو كاتب عمود بصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، إن المشاورات الأمنية بين اليابان وجمهورية الفلبين والولايات المتحدة، ربما تبشر بظهور «تحالف جاروبوس الثلاثي» (جاروبوس هي الحروف الأولى من أسماء اليابان والفلبين والولايات المتحدة)، وهي مترسخة بشكل قوى في تقييم تهديد مشترك نابع من جهود الصين لمدّ مجال نفوذها البحري.

ولا يعني هذا بشكل تلقائي أن «تحالف جاروبوس» سوف يتحرك على غرار الشراكة بين أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة «أوكوس»، حتى على الرغم من أن «تحالف أوكوس» موجود أيضاً للرد على تحسين الصين قدراتها البحرية في حوض المحيطين الهندي والهادئ.

وينطوي تحالف «أوكوس»، على سبيل المثال، على مستوى للاندماج التكنولوجي والصناعي الدفاعي، وهذه ليست خطوة تبدي اليابان أو الفلبين، الشريكتان في «تحالف جاروبوس الثلاثي» استعداداً للإقدام عليها.

ولا يفترض هذان التحالفان «جاروبوس»، و«أوكوس» ظهور تحالف أمني مشترك مع الهند من خلال «تحالف كواد» (الذي يضم اليابان وأستراليا والهند والولايات المتحدة).

وتابع جفوسديف، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، أنه يمكن أن يبدو مُغرياً وضع كل هذه التطورات في الاعتبار، واستنتاج أن النتيجة النهائية هى تأسيس تحالف شامل شبيه بـ«حلف شمال الأطلسي (ناتو)».

لكن حتى «الناتو» قائم على أساس سلسلة من القيود؛ حيث إنه قاصر جغرافياً على منطقة شمال الأطلسي، وبين دول تشارك في شبكة كبيرة ومتداخلة من المصالح الاقتصادية، واتفاق عام على قضايا القيم والحَوكمة.

وأوضح جفوسديف أنه حتى حلفاء «الناتو» يقاومون بشدة غالباً توسيع نطاق التزاماتهم، لمساعدة الولايات المتحدة في مناطق أخرى من العالم.

وتُظهر العلاقات الهندية الأميركية تحديات التحرك في إطار علاقة شبكية. وعندما يتعلق الأمر بصعود الصين بوصفها دولة تمثل تحدياً إقليمياً وعالمياً، تتشارك الولايات المتحدة والهند في تقييمات استراتيجية ومخاوف مشتركة.

وبالنسبة لأميركا، التي تسعى لتغيير مسارات سلاسل الإمداد المهمة حول الصين المنافِسة، تعدُّ الهند جزءاً لا يتجزأ في سلسلة إمداد آسيوية قوية، لكن مصالح الهند الاستراتيجية تختلف عن مصالح واشنطن عندما يتعلق الأمر بروسيا وإيران.

وفيما يتعلق بمجموعة كاملة من القضايا المرتبطة بالتفاهمات الخاصة بحقوق الإنسان، وما يشكل حوكمة ديمقراطية، لدى الهند استعداد للتصدي لجهود الولايات المتحدة التي تقضي بأن المعايير الأميركية (أو الغربية) تشكل المعيار العالمي الذي يجري على أساسه قياس كل الدول الأخرى.

الرئيس الأميركي جو بايدن (يمين) ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في البيت الأبيض (رويترز)

وأضاف جفوسديف أن التحدي بالنسبة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، في الفترة السابقة على زيارة مودي، كان يتمثل فيما إذا كان من الممكن تحصين التعاون الأميركي الهندي في المجالين الأولين (سلاسل الإمداد، وروسيا وإيران) ضد الانتقاد، وبصفة خاصة من أعضاء «الكونغرس»، فيما يتعلق بانحراف الهند عن تفضيلات الولايات المتحدة في المجالين الأخيرين (حقوق الإنسان، والحوكمة الديمقراطية).

ويركز النهج متعدد الأطراف المصغَّر على إقامة تحالفات يجري تحديدها بمجموعة صغيرة من القضايا. ويعني هذا أيضاً أنه يتعين أن تصبح الولايات المتحدة أكثر ارتياحاً مع الترتيبات متعددة المستويات، بحيث تعترف الولايات المتحدة، بجانب مجموعة أساسية صغيرة من الحلفاء (مثل المملكة المتحدة أو ألمانيا أو اليابان)، تشارك في رؤية مشتركة متداخلة، عبر طيف كامل من القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية، بمجموعة أكبر من الشركاء الذين يلتزمون ببعض الالتزمات، وليس كلها.

لكن نهج شراكة متعدد الأطراف والمستويات يحوِّل أساس الانخراط بعيداً عن الأُطر العريضة لتحالف صوب التفاوض على اتفاقيات معينة ومركزة مع دول أخرى، لا تطرح واجبات معينة فحسب، بل أيضاً الفوائد التي يتوقع كلا الطرفين الحصول عليها، مع التفهم الذي مفاده أن أية قضايا أخرى لا تشملها هذه الاتفاقيات لن تغير الاتفاق.

ولا يحب «الكونغرس»، بصفة خاصة مطلقاً، نهج الشراكة متعددة الأطراف المصغرة، حيث يمقت الأعضاء التخلي عن سلطة الإصرار على ضرورة الامتثال لكل طلب أو التماس محتمَل.

وقاومت إدارة بايدن تلك الاتجاهات مع زيارة مودي بسبب الأهمية الاستراتيجية للهند لاستراتيجية الولايات المتحدة بالنسبة لضرورة أن يكون هناك «حوض للمحيطين الهندي والهادئ حر ومفتوح».

ولكن في سياق المنافسة الاستراتيجية مع الصين، يمكن أن يؤدي نهج أسود أو أبيض تجاه الشركاء إلى نتائج عكسية، وبصفة خاصة عندما تكون بكين مستعدّة للتعامل في ظلال رمادية.



الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن
TT

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

حذّرت الأمم المتحدة من أن الجفاف القياسي الذي أتلف المحاصيل في الجنوب الأفريقي وتسبب بتجويع ملايين الأشخاص ودفع 5 دول لإعلان كارثة وطنية، دخل الآن أسوأ مراحله.

وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه يتوقع زيادة عدد الأشخاص الذين يكافحون لتأمين الطعام.

وصرحت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي بالوكالة في أفريقيا الجنوبية لولا كاسترو لوكالة الصحافة الفرنسية في جوهانسبرغ، الجمعة، أن «الفترة الأسوأ مقبلة الآن. لم يتمكن المزارعون من حصاد أي شيء والمشكلة هي أن الحصاد المقبل في أبريل (نيسان) 2025».

بعد مالاوي وناميبيا وزامبيا وزيمبابوي أصبحت ليسوتو قبل أسبوعين آخر دولة تعلن حال الكارثة الوطنية في أعقاب الجفاف المرتبط بظاهرة النينيو.

وأضافت كاسترو أن دولاً أخرى مثل أنغولا وموزمبيق قد تحذو قريباً حذوها أو تبلغ عن وجود فجوة بين الغذاء المتوفر وما يحتاجون إليه.

وأشارت إلى أن بعض التقديرات تفيد بأن الجفاف هو الأسوأ في المنطقة منذ قرن.

وقالت كاسترو، الجمعة، من مكتب برنامج الأغذية العالمي في جوهانسبرغ، إن ما لا يقل عن 27 مليون شخص تضرروا في منطقة يعتمد الكثيرون فيها على الزراعة.

وأضافت أن الجفاف أتلف 70 في المائة من المحاصيل في زامبيا و80 في المائة في زيمبابوي، ما أدى إلى تراجع كبير في الطلب وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقالت كاسترو: «الذرة جافة تماماً ورقيقة ونموها ضعيف ويسأل المزارعون عما عليهم فعله ليتمكنوا من إطعام أسرهم».

حتى لو تراجعت ظاهرة النينيو، فإن آثارها لا تزال قائمة.

أطفال من قبيلة الماساي يركضون أمام حمار وحشي قال السكان المحليون إنه نفق بسبب الجفاف (أ.ب)

وأضافت: «لا يمكننا التحدث عن مجاعة لكنّ الأشخاص عاجزون عن شراء وجبات كافية أو استهلاك عدد كافٍ من السعرات الحرارية يومياً. بدأ الأطفال يخسرون الوزن والسكان يعانون».

يشجع برنامج الأغذية العالمي المزارعين على زراعة محاصيل أكثر مقاومة للجفاف مثل الذرة الرفيعة والدخن والكسافا لمواجهة فترات الجفاف مستقبلاً.

وقالت كاسترو إن برنامج الأغذية العالمي، الذي وجه نداء للحصول على 409 ملايين دولار لتوفير الغذاء وغير ذلك من مساعدات لنحو ستة ملايين شخص في المنطقة، لم يتلقَّ حتى الآن سوى 200 مليون دولار.