«أحرار الشام»: هدنة الزبداني مستمرة.. والخلاف مع الإيرانيين حول سلاح المقاتلين

تأمين ممر آمن لمقاتلي الزبداني باتجاه إدلب

«أحرار الشام»: هدنة الزبداني مستمرة.. والخلاف مع الإيرانيين حول سلاح المقاتلين
TT

«أحرار الشام»: هدنة الزبداني مستمرة.. والخلاف مع الإيرانيين حول سلاح المقاتلين

«أحرار الشام»: هدنة الزبداني مستمرة.. والخلاف مع الإيرانيين حول سلاح المقاتلين

دخلت الهدنة الجديدة في كل من مدينة الزبداني في ريف دمشق الغربي، وبلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في ريف إدلب، حيّز التنفيذ بدءًا من الساعة السادسة من صباح أمس الخميس، من دون تسجيل أي خرق من قبل الطرفين طوال أمس، في وقت نقلت فيه «رويترز» عن مصادر في المعارضة أن «الهدنة المحددة بـ48 ساعة، مددت ليوم إضافي لتصبح ثلاثة أيام بدلاً من يومين».
وكشف أحمد قرّة علي، المتحدث الرسمي باسم حركة «أحرار الشام» المعارضة التي تتولى التفاوض مع الجانب الإيراني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مهلة وقف النار غير محددة بزمن معيّن، وهي مستمرة ما دامت المفاوضات قائمة». أما المجلس المحلي لمدينة الزبداني، فأعلن في بيان له «المدينة منطقة منكوبة». وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بـ«تحمل مسؤولياتها القانونية في حماية المدنيين ووقف الحملة العسكرية الشرسة».
وتأتي الهدنة ثمرة اتفاق تم التوصل إليه مساء الأربعاء في تركيا، بين حركة «أحرار الشام» المعارضة، والوفد الإيراني المفاوض. وقضى الاتفاق بوقف العمليات القتالية بشكل كامل في مدينة الزبداني التي تحاول القوات السورية النظامية و«حزب الله» اللبناني اقتحامها على أن يشمل أيضًا مضايا وبقين في ريف دمشق، وبلدتي والفوعة وكفريا الشيعيتين في ريف إدلب، اللتين تحاصرهما قوات المعارضة وتحاول اقتحامهما، في مسعى من الطرفين لإكمال جولات المفاوضات، والتوصل إلى هدنة دائمة تتضمن إخراج المصابين ومن ثم المقاتلين.
وأكد المتحدث الرسمي باسم حركة أحرار الشام أحمد قرّة علي لـ«الشرق الأوسط»، أن «جولة جديدة من المفاوضات بدأت في تركيا، أمس، بين ممثلين عن الحركة والوفد الإيراني المفاوض». رافضًا إعطاء أي إيضاحات عما يدور في هذه المفاوضات والبنود التي تتركز حولها المحادثات، بغية ألا تؤثر التسريبات على سير المحادثات. وإذ أقرّ بأن «الأجواء الآن مختلفة عما كانت عليه في جولات الحوار السابقة»، أعلن أنه «لا يمكن تقدير قياس نسبة النجاح أو الفشل، لكن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة». وكشف قرّة علي أن «هدنة وقف إطلاق النار ليست محددة بأيام، إنما ستبقى سارية المفعول ما دامت المفاوضات مستمرة».
وفي غياب المعلومات عن تفاصيل الاتفاق المؤقت، والنقاط التي يسعى المفاوضون إلى حسمها، أكد الناشط الميداني في الزبداني معن القلموني، أن «وقف إطلاق النار لا يزال ثابتًا من السادسة صباح أمس من دون تسجيل أي خروق». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الاتفاق يتضمن ثلاث مراحل، الأولى تبدأ بوقف النار وتثبيته، والثانية تقضي بإجلاء الجرحى والمصابين من الزبداني والفوعة وكفريا في وقت واحد، والمرحلة الثالثة بإخلاء هذه المناطق من المقاتلين وعوائلهم». ولفت القلموني إلى أن «الاتفاق المبدئي الذي لم يعتمد بشكل نهائي بعد والذي تبلّغت الفصائل المقاتلة في الزبداني خطوطه العريضة، يقضي بتأمين ممر آمن لمقاتلي الزبداني للانتقال إلى مدينة إدلب، بينما ينقل مقاتلو الفوعة وكفريا إلى دمشق وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام»، موضحًا أن «المرحلة الثالثة من الاتفاق لم تكتمل عناصرها، خصوصًا إذا كان المقاتلون سيخرجون بسلاحهم أم لا، وما إذا اقتصر ذلك على السلاح الخفيف أو كل الأسلحة التي بحوزة المقاتلين المحاصرين في الجهتين». وعمّا إذا كان هذا الاتفاق هو إقرار ضمني بتهجير السكان على خلفية طائفية أو مذهبية، لفت القلموني إلى أن «ما اتفق عليه لا يشمل المدنيين الذين لم يشتركوا في القتال سواء في الزبداني أو في الفوعة وكفريا». الناشط الميداني أشار أيضا إلى أن «القبول بقرار وقف إطلاق النار ليس إلا رأفة بالمدنيين المحاصرين في الزبداني ومضايا، خصوصًا أن الأخيرة بات فيها نحو 200 ألف مدني يقبعون تحت الحصار والجوع، وممنوع إدخال المواد الغذائية والطبية وحليب الأطفال إليهم».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.