الموازنة العراقية مهددة بالطعون بعد بدء العد التنازلي للمصادقة عليها

نواب البرلمان العراقي يرفعون أيديهم أثناء إقرار الموازنة، 11 يونيو الحالي (رويترز)
نواب البرلمان العراقي يرفعون أيديهم أثناء إقرار الموازنة، 11 يونيو الحالي (رويترز)
TT

الموازنة العراقية مهددة بالطعون بعد بدء العد التنازلي للمصادقة عليها

نواب البرلمان العراقي يرفعون أيديهم أثناء إقرار الموازنة، 11 يونيو الحالي (رويترز)
نواب البرلمان العراقي يرفعون أيديهم أثناء إقرار الموازنة، 11 يونيو الحالي (رويترز)

فيما يستمر السجال العراقي حول الموازنة التي أقرها البرلمان أخيراً، وهي تنتظر مصادقة رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد عليها، تتجه الأنظار إلى المحكمة الاتحادية التي يتوقع أن تقدم إليها طعون في الموازنة من بعض القوى السياسية، ومنها حكومة محمد شياع السوداني، إذ يتوقع أن تقدم طعناً بعدما عدّل البرلمان بعض فقراتها.

الموازنة المالية للسنوات الثلاث المقبلة (2023 ـ 2024 ـ 2025) صوّت عليها البرلمان العراقي بعد عدة جلسات صاخبة، استمر بعضها حتى ساعات الفجر الأولى، تنتظر سجالاً من نوع آخر، قسم يتعلق بالمصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، بينما يتعلق القسم الآخر بطبيعة الطعون التي من المتوقع تقديمها، والأحكام المتوقع صدورها من قبل المحكمة الاتحادية العليا، التي تكون أحكامها في العادة نهائية وباتة.

مصادقة الرئيس

رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد (أ.ب)

وكان الرئيس رشيد أعلن أنه سوف يصادق على الموازنة فور وصولها إلى رئاسة الجمهورية، بينما تعد القوانين التي يرسلها البرلمان إلى رئاسة الجمهورية بحكم المصادق عليها بعد 15 يوماً، سواء صادق عليها الرئيس أم لم يصادق. لكن رشيد بعد عودته إلى بغداد من زيارة إلى كل من إيطاليا وجنيف، أعلن أن الرئاسة تسلمت الموازنة، وأنه سوف يعلن المصادقة عليها خلال مؤتمر صحافي. غير أن الجديد في الأمر إعلان رئاسة الجمهورية أن الموازنة الآن تخضع للدراسة لدى الجهات المختصة في رئاسة الجمهورية.

حقائق

15 يوماً

مهلة قانونية لمصادقة الرئيس العراقي على الموازنة

لكن النائب المستقل عضو اللجنة المالية في البرلمان، يوسف الكلابي، يقول في تصريح إن «رئيس الجمهورية يمتلك صلاحية لمدة 15 يوماً للمصادقة عليها، وإذا انقضت الـ15 يوماً ولم يصادق عليها تدخل الموازنة حيز التنفيذ».

وحول الجدل بشأن مصادقة رئيس الجمهورية من عدمها في غضون 15 يوماً، يقول الخبير القانوني العراقي علي التميمي لـ«الشرق الأوسط»: «رئيس الجمهورية بحكم الدستور لا يمتلك نقض القوانين أو تعديلها أو إرجاعها حيث هذه الصلاحية ليست موجودة في المادة 73 من الدستور، ولا في القوانين النافذة»، مبيناً أن «رئيس الجمهورية يمتلك فقط المصادقة، حتى هذه المصادقة في حال عدم قيامه بها يعتبرها القانون مصادقاً عليها، وبالتالي تصبح رئاسة الجمهورية ملزمة بإرسال القانون إلى وزارة العدل لغرض نشره في الجريدة الرسمية». وأوضح التميمي: «في دورات سابقة عندما كانت رئاسة الجمهورية تتكون من 3 أعضاء كانوا ثلاثتهم يمتلكون حق النقض، لكن في الوقت الحاضر لا يتيح الدستور والقوانين النافذة مثل هذا الحق»، مبيناً أن «رئيس الجمهورية يمتلك حق الطعن، وفقاً للمادة 22 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية، التي بينت الجهات التي لها الحق في الطعن بالموازنة، وهي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة وزراء إقليم كردستان ورئاسة البرلمان والوزارات والمحافظون والهيئات غير المرتبطة بوزارة، والطعن يكون خلال 30 يوماً من نفاذ القانون في الجريدة الرسمية».

وطبقاً لهذه الرؤية القانونية، فإن معظم الجدل الحالي بشأن المصادقة على الموازنة ودخولها حيز التنفيذ في غضون 15 يوماً لم تعد له أهمية، ومن ذلك الطلب الذي تقدم به الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني إلى رئيس الجمهورية بعدم المصادقة على الموازنة. وقال القيادي في الحزب، وفا محمد كريم، في حوار متلفز: «إننا نطلب من رئيس الجمهورية عدم المصادقة على الموازنة لأن التغييرات التي أجريت عليها كانت مجحفة». وأضاف: «دخلنا مرحلة جديدة من انعدام الثقة بين القوى السياسية، وما حدث في ملف الموازنة (كمين مقصود)»، مشيراً إلى أن «العملية السياسية تشهد الآن انعداماً تاماً للثقة». وتابع: «إرسال موازنة إلى السليمانية مباشرة يمثل انشقاقاً، والخلافات السياسية في الإقليم أثرت سلباً على توحيد الصف الكردي»، ملوحاً بلجوء حزبه إلى «تقديم طعن أمام المحكمة الاتحادية في بنود الموازنة».

 

وبينما تتباين وجهات النظر حول الموازنة بين مختلف الأطراف السياسية فإن أطرافاً عدة لوّحت بتقديم طعون إلى المحكمة الاتحادية بسبب ما عدّته إجراء تغييراتٍ على أصل مسودة القانون المقدمة من الحكومة. وفي هذا السياق، يتوقع أن تقدم وزارة المالية طعناً بالمناقلات المالية التي أُجريت داخل القانونِ من حقولِ المنحِ والإعاناتِ والوزاراتِ لزيادةِ تخصيصاتِ تنميةِ الأقاليم، التي بلغت قيمتُها 6 تريليوناتِ دينار، وهذا ما رفضته الوزارةُ في وقتٍ سابق. وفي الوقت نفسه، فإن المواد التي أضيفت إلى القانون، والتي تتعلقُ بالتعييناتِ كونَها تحملُ جنبةً ماليةً، ولا يحقُ للبرلمانِ إضافةُ أعباءٍ ماليةٍ على الموازنةِ التشغيلية، تنتظر الطعن هي الأخرى من «المالية».   


مقالات ذات صلة

«الحشد» وفصائله يحيون ذكرى ضحايا الضربة الأميركية قبل 5 سنوات

المشرق العربي التشييع الرمزي في نصب «الشهيد» (إعلام الحشد والفصائل)

«الحشد» وفصائله يحيون ذكرى ضحايا الضربة الأميركية قبل 5 سنوات

أحيت هيئة «الحشد الشعبي»، والفصائل المنضوية تحت مظلتها، الذكرى الخامسة لتعرُّض «كتائب حزب الله» إلى ضربة جوية أميركية استهدفت خلالها مقرات للحشد الشعبي.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يلتقي المشهداني الجمعة (رئاسة الوزراء العراقية)

السوداني يحض القوى السياسية على حفظ استقرار العراق

أطلق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تحذيرات مشددة بشأن المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها العراق، وحض القوى السياسية على تحمل المسؤولية لحفظ الاستقرار.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جانب من اجتماع الشرع مع مدير الاستخبارات العراقية (أ.ف.ب)

انقسام عراقي حول زيارة الوفد الأمني إلى دمشق

أحدثت الزيارة التي بدت مفاجئة، وإن كانت متوقعة، والتي قام بها وفد عراقي رفيع المستوى إلى دمشق انقساماً حاداً في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
رياضة عربية يونس محمود يخطط للترشح لرئاسة الاتحاد العراقي سبتمبر المقبل

يونس محمود يخطط للترشح لرئاسة الاتحاد العراقي سبتمبر المقبل

ينوي يونس محمود الترشح لرئاسة الاتحاد العراقي للمرة الأولى في تاريخه.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

بدأت السلطات العراقية انتشال رفات «نحو مائة» امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في الثمانينات في عهد الرئيس السابق صدام حسين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

وزير الدفاع الإسرائيلي يهنئ الجيش على «نشاطه الناجح» في غزة

يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي خلال جولة في هضبة الجولان (حسابه على منصة «إكس»)
يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي خلال جولة في هضبة الجولان (حسابه على منصة «إكس»)
TT

وزير الدفاع الإسرائيلي يهنئ الجيش على «نشاطه الناجح» في غزة

يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي خلال جولة في هضبة الجولان (حسابه على منصة «إكس»)
يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي خلال جولة في هضبة الجولان (حسابه على منصة «إكس»)

هنّأ يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، السبت، الجيش على ما وصفه بأنه «النشاط الفعّال والناجح بنهاية الأسبوع في غزة ضد إرهابيي (حماس) و(الجهاد الإسلامي)».

وأضاف كاتس، في منشور على منصة «إكس»: «تم القضاء على عدد من الإرهابيين، ووقع آخرون في الأسر».

وتابع: «ستواصل إسرائيل العمل وفقاً للقانون الدولي، من أجل إحباط الإرهاب، وتعزيز إطلاق سراح المختطفين، وضمان سلامة المستوطنات ومواطني إسرائيل».

وأفاد الجيش الإسرائيلي، الجمعة، بأنه بدأ العمل «في منطقة مستشفى كمال عدوان، بعد ورود معلومات استخباراتية مسبقة حول وجود مخرّبين وبنى تحتية إرهابية وتنفيذ أنشطة إرهابية هناك».

يأتي ذلك في وقت تشنّ القوات الإسرائيلية عملية عسكرية واسعة في شمال قطاع غزة منذ السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تقول إنها تهدف إلى منع «حماس» من إعادة تجميع قواها، في ظل الحرب المتواصلة منذ 2023.

وكان الجيش قد أكد أن قواته تعمل قرب كمال عدوان، «مع تجنّب المساس بالأشخاص غير المتورطين والمرضى والطواقم الطبية إلى أكبر قدر ممكن». وأشار إلى أنه «سمح، قبل وأثناء النشاط، للسكان والمرضى والموظفين في المستشفى بإخلاء المنطقة بطريقة منظمة».

ونفت حركة «حماس»، الجمعة، «نفياً قاطعاً وجود أي مظهر عسكري أو وجود لمقاومين في المستشفى، سواء من (كتائب القسام) أو أي فصيل آخر، فالمستشفى كان مفتوحاً أمام الجميع والمؤسسات الدولية والأممية».

واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1208 أشخاص، وفقاً لتعداد أجرته «وكالة الصحافة الفرنسية» بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.

ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل و«حماس»، قُتل أكثر من 45 ألف شخص في غزة، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة في غزة.