خبراء: الأسواق الآسيوية أكثر كفاءة في التعاطي مع المصاعب الاقتصادية من نظيرتها الغربية

{الناشئة} تعالج تراجع صادرات السلع وهروب رأس المال بتعزيز الطلب المحلي

جانب من بورصة إندونيسيا
جانب من بورصة إندونيسيا
TT

خبراء: الأسواق الآسيوية أكثر كفاءة في التعاطي مع المصاعب الاقتصادية من نظيرتها الغربية

جانب من بورصة إندونيسيا
جانب من بورصة إندونيسيا

تشهد أرصفة السفن في الموانئ الإندونيسية الكبيرة مثل ميناء سورابايا هدوءا أكثر هذه الأيام بعد انخفاض الطلب على المواد الخام من قبل الصين.
بينما نجد أن شركة «كارغيل»، عملاق المواد الغذائية، تسابق الزمن لإنهاء مصنع معالجة حب الكاكاو، في حين أن هناك مصنعا كبيرا للمعكرونة المجففة يعمل بكامل طاقته لتلبية الطلب على الأطعمة من قبل قطاع كبير ومتزايد من الطبقة المتوسطة في إندونيسيا. ويقول تجون سوليستيو، المدير العام لمصنع المعكرونة الذي تديره شركة «PT. Suprama»: «يعتبر عامل الوقت لدينا مسألة صعبة للغاية للاستمرار في هذا الأمر».
ويعتبر التناقض الموجود في العديد من الأسواق الناشئة ما بين إرهاصات أزمة العملة التي تلوح في الأفق والطلب المحلي الشديد أمرا جليا في أرجاء العالم. انخفضت أسواق المال وقيمة العملات في الأشهر الأخيرة في بعض الأماكن مثل بوينس آيرس وجاكرتا وإندونيسيا ومانيلا وإسطنبول، حيث كانت لدى المستثمرين مخاوف بشأن النمو الضعيف للصين والاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي يضخ نسبة أقل من الدولارات، مما سيتسبب في حدوث حالة تعثر عالمية في العديد من الدول النامية.
إن الوضع الذي نحن بصدد الحديث عنه يعد مماثلا لراقصي الليمبو الذين يصارعون ويمشون بتثاقل ليمروا من تحت عصا منخفضة قبل الوقوف مجددا. فيجب على الأسواق الناشئة أن تتماشى مع ما يتعلق بقلة صادرات السلع وهروب رأس المال، قبل أن تتمكن من استعادة توازنها لتستفيد من الطلب المحلي الشديد على بعض المنتجات مثل السيارات والإلكترونيات والمعكرونة المجففة بغرض تحقيق إنجاز اقتصادي مرة أخرى. ويتمثل السؤال الذي يطرح نفسه الآن فيما إذا كان المستهلكون والشركات في تلك الأسواق ستستمر في الإنفاق أم أن المشاكل الدولية ستنتشر لتؤثر على الاقتصاديات المحلية من خلال طرق لا يمكن التحكم فيها.
ويقول جاكوب سورنسن، رئيس الغرفة التجارية الأوروبية للتجارة في إندونيسيا «لا نريد أن تزداد المشاكل سوءا، فكلما ازداد الموقف تعقيدا سيكون من الصعب التعامل معه».
وهناك أسباب تدعو للتفاؤل، حيث حققت الكثير من أسواق الأوراق المالية في الاقتصادات الناشئة طفرة جديدة في الأسبوع الماضي. لم تؤثر المشاكل الدولية على عملية إدارة البنك والهروب الكبير للمستثمرين الدوليين، بالشكل الذي جعل الأزمات السابقة أكثر حدة، مثل الأزمة المالية الآسيوية في عامي 1997 و1998.
تخلت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة عن طريقتها باتباع نظام تراكم الكثير من الأموال، بما في ذلك الدولارات والعملات الأجنبية الأخرى. ومع الاستثناء الواضح للصين، فرض أيضا القائمون على وضع اللوائح بالبنوك في الأسواق الناشئة لوائح تنظيمية أشد صرامة في ما يخص الاقتراض مع الحفاظ على تقييد عمليات الظل المصرفي.
وفي حين أن الأسواق الناشئة قد تواجه متاعب من الخارج، فقلما يكون الإنفاق قويا للغاية في العديد منها على المستوى الداخلي، حتى إن العديد من الشركات تصارع من أجل إيجاد العمالة الكافية.
وفي الفلبين، نجد الآن سلسلة مشهورة من مطاعم الدجاج تقدم وجبات مجانية للموظفين الجدد وعائلاتهم في غضون خمس دقائق من مشاركتهم في العمل. وعلاوة على ذلك، قدمت بعض المطاعم التي تتمتع بحق امتياز «ماكدونالدز» عروضا لمنح وجبات مجانية بمجرد ملء استمارة طلب الحصول على وظيفة.
وفي مقابلة أجريت معه في القصر الرئاسي في مانيلا الأسبوع الماضي، قال بينينو سيمون أكينو الثالث، رئيس الفلبين «لم أشاهد مثل هذا النوع من لافتات الوجبات المجانية على الإطلاق».
عانت الهند وإندونيسيا انخفاضا كبيرا في قيمة العملية والبورصة الصيف الماضي، واستمرت تلك الأزمة حتى بداية فصل الخريف بعد ما حدث في شهر مايو (أيار) حينما أوضح بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) في ذلك الوقت، أن البنك سيبدأ سياسة التخفيف بالاعتماد على الإجراءات التي ساعدت في الحفاظ على معدلات الأسعار على المدى الطويل في أقل مستوياتها على مدار التاريخ. وكان لتحذيرات برنانكي تأثير على جذب أموال المستثمرين في الخارج ودخولها إلى الولايات المتحدة.
ومنذ ذلك الحين، قامت كل من الهند وإندونيسيا بتقليل العجز بشكل كبير في ما يخص حساباتها الجارية، فضلا عن وضع إجراءات أكثر توسعا بالنسبة للتجارة والتمويل. وبالإضافة إلى ذلك، سمحت الدولتان بحدوث انخفاض ملحوظ في قيمة عملتيهما الصيف الماضي، مما جعل وارداتهما أغلى سعرا وصارت صادراتهما أكثر تنافسية.
ونتيجة لذلك، انخفض احتياج هاتين الدولتين إلى المزيد من الاستثمار الأجنبي في أسواقهما المالية على الرغم من استمرار إمكانية تعرضهما للضرر في حال سحب المستثمرين الأجانب لأموالهم التي جرى وضعها هناك بالفعل.
ويقول ساوغاتا بهاتاشاريا، عالم الاقتصاد البارز في بنك «أكسس» (Axis Bank) في مومباي «من المؤكد وجود تأثير للانخفاض التدريجي للبنك المركزي الأميركي وكذلك الصين، بيد أن الهند مستعدة للتعامل مع هذه الصدمات الخارجية في الوقت الحالي بشكل أفضل مما كانت عليه قبل تسعة أشهر».
لعبت المشاكل السياسية دورا في هبوط أسعار السوق في بعض الدول مثل تركيا والأرجنتين، كما لعبت دورا أيضا في آسيا، لا سيما في تايلاند عندما اكتظت شوارع بانكوك بالمتظاهرين لعدة أسابيع.
ومع ذلك، يبدو أن قطاع السياحة التايلاندي يتعامل مع الصعوبات بشكل جيد بما يثير الدهشة حتى الآن. ويقول بورنثيب هيرانياكيج، العضو المنتدب لشركة السياحة «ديستينشن آسيا (Destination Asia)» إنه «على الرغم من أن الجميع يقول بأن الاقتصاد في الصين والهند يواجه مشاكل، فإننا ما زلنا نرى زيادة في أعداد السياح هناك».
ويتمثل السؤال الرئيس الذي يطرح نفسه الآن في معرفة مدى طول فترة تباطؤ النمو في الصين. لن يؤدي الانخفاض الخطير في طلب الصين إلى الإضرار بعمليات الشحن الموجهة مباشرة إلى الصين في الأسواق الناشئة فحسب، بل إنه سيتسبب أيضا في تدهور أكثر للأسعار العالمية التي انخفضت بالفعل في الأسواق الناشئة بالنسبة لأسعار الفحم والنحاس وزيت النخيل والسلع الأخرى.
وخلال الأسبوع الماضي، اعتبر جيانغوانغ شين، عالم الاقتصاد في مكتب هونغ كونغ للأوراق المالية (Mizuho Securities)، أن المشاكل التي يعاني منها القطاع المسمى بالظل المصرفي في الصين تعد أكبر تهديد محتمل للنمو الاقتصادي في البلاد هذا العام.
لقد تمكنت الصين من احتواء الأزمات المالية الخطيرة في قطاع الظل المصرفي في القليل من المدن حتى الآن. بيد أن تلك الأزمات كانت دراماتيكية في الأماكن التي حدثت فيها مثل شينمو في منطقة الشمال الغربي، عندما أخفقت جميع وكالات بيع السيارات، باستثناء وكيل واحد، الصيف الماضي، فضلا عن إغلاق عشرات الشركات الأخرى.
واعتبر بنك «إتش إس بي سي» العالمي أن نمو اقتصاد الصين زاد الآن بمعدل الضعف في ضوء إضافة دولارات إلى الطلب العالمي السنوي ليعادل نمو اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، بل ويتفوق على الكثير من الاقتصادات الضعيفة في الاتحاد الأوروبي. وقال فريدريك نيومان، الرئيس المشارك لقسم الأبحاث الاقتصادية الآسيوية بالبنك «إما أن تحتاج الصين إلى مواصلة النشاط، أو أن معدل النمو للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى مضاعفته بشكل واضح لإحداث فارق».
وتعد عملية استبدال المنتجين الصينيين - الذين تكون تكلفتهم عالية بصورة متزايدة من منتجي الفحم والألمنيوم والمعادن الأخرى - إحدى الطرق التي يمكن أن تتبعها الدول النامية في جنوب آسيا وجنوب شرقي آسيا للحيلولة دون التأثر بالمشاكل المتعلقة بقلة صادرات السلع. وقد حدث بالفعل بعض من هذه الأمور حينما أعلنت الصين يوم الأربعاء عن حدوث طفرة في حجم الواردات أثناء شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.
* خدمة «نيويورك تايمز»



المعاهد الألمانية: الاقتصاد «عالِق في مرحلة نمو ضعيف»

حافلة مزدوجة الطوابق تمر أمام حي فرانكفورت المالي (رويترز)
حافلة مزدوجة الطوابق تمر أمام حي فرانكفورت المالي (رويترز)
TT

المعاهد الألمانية: الاقتصاد «عالِق في مرحلة نمو ضعيف»

حافلة مزدوجة الطوابق تمر أمام حي فرانكفورت المالي (رويترز)
حافلة مزدوجة الطوابق تمر أمام حي فرانكفورت المالي (رويترز)

استقرَّ الاقتصاد الألماني لكنه لا يزال عالقاً في مرحلة نمو ضعيف، مع توقُّع أن يوفر التوسُّع المالي المخطط له بدءاً من العام المقبل زخماً محدوداً، وفقاً لـ3 معاهد اقتصادية ألمانية قالت ذلك يوم الخميس.

وخفَّض معهد «إيفو» توقعاته للنمو بين 2025 و2027، متوقعاً نمواً بنسبة 0.1 في المائة لهذا العام، انخفاضاً من 0.2 في المائة سابقاً. ويتوقَّع نمواً بنسبة 0.8 في المائة في العام المقبل و1.1 في المائة في 2027، ما يقلل التوقعات لكلا العامين بمقدار 0.5 نقطة مئوية، وفق «رويترز».

وقال تيمو فولمرشويزر، رئيس قسم التوقعات في «إيفو»: «الاقتصاد الألماني يتكيف ببطء شديد وبتكلفة عالية مع التحول الهيكلي عبر الابتكار والنماذج التجارية الجديدة». وأضاف أن الشركات، خصوصاً الشركات الناشئة، تواجه عوائق؛ بسبب البيروقراطية والبنية التحتية القديمة.

ولا تزال التعريفات الأميركية تؤثر بشكل ملحوظ على قطاع التصدير الألماني. ووفقاً لتوقعات «إيفو»، ستُخفِّض التعريفات الأعلى النمو بنسبة 0.3 نقطة مئوية في 2025، وبنسبة 0.6 نقطة مئوية في 2026.

ويتوقَّع معهد «كيل» نمو الاقتصاد الأوروبي الأكبر بنسبة 1 في المائة العام المقبل، انخفاضاً من توقعاته في الخريف البالغة 1.3 في المائة، ويتوقَّع توسعاً بنسبة 1.3 في المائة في 2027، وهو أعلى قليلاً من توقعاته السابقة البالغة 1.2 في المائة. ويتوقع نمواً بنسبة 0.1 في المائة فقط لهذا العام بعد عامين من الانكماش الاقتصادي. وأوضح معهد «كيل» أن معدلات النمو القوية الظاهرية في 2026 و2027، المدفوعة جزئياً بالتحفيز الحكومي وزيادة أيام العمل، ستخفي استمرار ضعف الظروف الأساسية. وقال التقرير: «لا يوجد حتى الآن انتعاش ذاتي مستدام في الأفق».

على المنوال نفسه، خفَّض معهد «لايبنيز» لأبحاث الاقتصاد توقعاته للنمو في 2026، وحذَّر من أن برلين تنفذ الاستثمارات العامة في البنية التحتية ببطء شديد لتعويض ضعف الطلب وتراجع الاستثمارات الخاصة. ويتوقع المعهد أن ينمو الاقتصاد الألماني بنسبة 0.1 في المائة في 2025، يليه نمو بنسبة 1 في المائة في 2026، و1.4 في المائة في 2027 دون تغيير عن توقعاته السابقة. وكان المعهد قد توقع سابقاً نمواً بنسبة 0.2 في المائة لهذا العام و1.1 في المائة للعام المقبل.

وأشار المعهد إلى أن التحفيز المنتظر من صندوق خاص للبنية التحتية والحياد المناخي بقيمة 500 مليار يورو لم يبدأ بعد في إحداث أثر ملموس. وقال تورستن شميدت، كبير الاقتصاديين في معهد «لايبنيز»: «كلما تأخر وصول التحفيز وفشلت الإصلاحات الأساسية في التحقق، زاد الضرر على الاقتصاد الألماني».

وشهد الاقتصاد الألماني ركوداً في الرُّبع الثالث، وبحسب المعهد، لا توجد علامات على تحوّل واضح حتى نهاية العام.

ويتوقع معهد «كيل» أن يتسع العجز في موازنة الحكومة العامة من 2.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025 إلى 4 في المائة في 2027 مع زيادة الإنفاق العام. ومن المتوقع أن تتعافى سوق العمل تدريجياً مع انتعاش النشاط، مع انخفاض معدل البطالة من 6.3 في المائة هذا العام إلى 5.9 في المائة في 2027، مع تحجيم المكاسب الأكبر في التوظيف تدريجياً؛ بسبب النقص الديمغرافي في العمالة.


توقعات متفائلة من البنك الدولي لنمو الصين

أحد المشاة  يعبر الطريق في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
أحد المشاة يعبر الطريق في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
TT

توقعات متفائلة من البنك الدولي لنمو الصين

أحد المشاة  يعبر الطريق في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
أحد المشاة يعبر الطريق في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

أظهر تقرير جديد للبنك الدولي أن الاقتصاد الصيني حافظ على صلابة واضحة في الربع الثالث من عام 2025، مما دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية العام إلى 5.2 في المائة على أساس سنوي، وهو أداء يتجاوز التوقعات السابقة، ويعكس قدرة ثاني أكبر اقتصاد في العالم على التكيّف مع التحديات المحلية والخارجية.

وفي التحديث الاقتصادي للصين الصادر الخميس، قدّر البنك الدولي أن يبلغ النمو السنوي لعام 2025 نحو 4.9 في المائة، مع توقعات بنمو أقل عند 4.4 في المائة عام 2026، مرجعاً ذلك إلى استمرار ما وصفه بـ«الرياح المعاكسة» التي تشمل تباطؤ الطلب العالمي، وضعف الاستثمار الخاص، وضغوط قطاع العقارات.

ويأتي تقييم البنك الدولي في وقت رفعت فيه المؤسسة الدولية توقعاتها لنمو الصين بمقدار 0.4 نقطة مئوية مقارنة بالتقديرات السابقة. وقالت مارا وارويك، مديرة قسم الصين ومنغوليا وكوريا لدى البنك الدولي، إن مزيجاً من السياسات النقدية والمالية التكيفية ساعد على تحفيز الاستهلاك المحلي ودعم الاستثمار، فيما أسهم الطلب القوي من الدول النامية في الحفاظ على متانة الصادرات الصينية.

وأكدت وارويك أن مستقبل النمو في الصين خلال السنوات المقبلة سيعتمد بدرجة أكبر على تنشيط الطلب المحلي، إلى جانب تعزيز الإصلاحات الهيكلية لنظام الحماية الاجتماعية وتهيئة بيئة أكثر استقراراً للشركات، بما يعزز الثقة ويمهّد لنمو مستدام وقوي.

• مرونة واضحة رغم الشكوك العالمية

وفي سياق متصل، أعلن بنك التنمية الآسيوي رفع توقعاته أيضاً لنمو الاقتصاد الصيني خلال العام الحالي، وإن كان بمقدار أكثر تواضعاً (0.1 نقطة مئوية). وأرجع البنك الزيادة إلى مرونة الصادرات الصينية، وبرامج التحفيز المالي المستمرة. وقال ألبرت بارك، كبير الاقتصاديين لدى البنك، إن الأسس الاقتصادية في آسيا والمحيط الهادئ تعزز أداء الصادرات، رغم حالة عدم اليقين التي فرضتها التحولات في السياسات التجارية العالمية، وخصوصاً الرسوم الجمركية الواسعة التي تبناها الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال العام الحالي.

• تعهدات محلية

وبالتوازي مع التقييمات الدولية، كشفت «وكالة شينخوا» الرسمية عن تفاصيل النقاشات التي شهدها مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين، الذي انعقد يومي 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حيث وضع كبار قادة الصين الخطوط العريضة للسياسات الاقتصادية لعام 2026.

وأوضح التقرير أن السلطات الصينية ستعمل على الحفاظ على عجز مالي «ضروري» لدعم النمو، ومعالجة الضغوط المالية للحكومات المحلية، وتعزيز التعديلات الدورية وغير الدورية لمواجهة تقلبات الاقتصاد، واتباع سياسة نقدية مرنة ومناسبة التيسير. ووفقاً للتقرير، ستستخدم بكين أدوات متنوعة تشمل خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك، وكذلك خفض أسعار الفائدة إذا اقتضت الظروف، بهدف تعزيز السيولة وتحفيز النشاط الاقتصادي دون إثارة مخاطر مالية مفرطة.

• توقعات وتحديات

وتشير القراءة المجمعة لتقارير البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي والجهات الرسمية في الصين إلى أن بكين تستعد لعام اقتصادي يتطلب قدراً أكبر من التحفيز وتدخّلات دقيقة لدعم الاستقرار. فبينما تظهر البيانات أن الاقتصاد قادر على تحقيق نمو متماسك بالقرب من 5 في المائة، فإن التحديات لم تختفِ بعد، وأبرزها تباطؤ قطاع العقارات الذي لا يزال يشكل عبئاً على ثقة المستثمرين، وضعف الطلب الخارجي نتيجة التقلبات الجيوسياسية، والضغوط المالية على الحكومات المحلية، والحاجة إلى تسريع إصلاحات قطاع الخدمات والحماية الاجتماعية.

ويرى محللون أن قدرة الصين على الحفاظ على زخم النمو ستعتمد على مدى التوازن الذي تحققه بين التحفيز قصير المدى والإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل، إلى جانب قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية وسط بيئة عالمية تتجه نحو الحمائية. ورغم التحديات، تبدو المؤشرات الأساسية للاقتصاد الصيني هذا العام أكثر مرونة مما كان متوقعاً. فاستقرار قطاعي الصناعة والصادرات، وتحسن إنفاق المستهلكين، ومنهج السياسات المالية والنقدية الأكثر دعماً، كلها عوامل تساعد في تثبيت النمو. ومع ذلك، يتفق الخبراء على أن عام 2026 سيظل عاماً حرجاً بالنسبة للصين، إذ سيتطلب إدارة ذكية للمخاطر، خصوصاً تلك المتعلقة بديون الحكومات المحلية وسوق العقارات، إلى جانب العمل على خلق بيئة أعمال جاذبة وشفافة تدعم الشركات الخاصة.


«المركزي الأوروبي» يقترح تبسيط قواعد رأسمال البنوك دون تخفيف الرقابة

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

«المركزي الأوروبي» يقترح تبسيط قواعد رأسمال البنوك دون تخفيف الرقابة

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

اقترح «البنك المركزي الأوروبي»، الخميس، تبسيط قواعد احتياطي رأسمال البنوك؛ في خطوة تهدف إلى تقليل بعض اللوائح المعقدة التي وُضعت بعد الأزمة المالية العالمية، وذلك دون تخفيف العبء التنظيمي الإجمالي.

ولطالما اشتكت البنوك من أن الرقابة أصبحت مرهقة، بينما تضغط جهات أخرى، خصوصاً الولايات المتحدة، لتقليص اللوائح وتخفيف قواعد رأس المال على أساس أن الرقابة تُقيد النشاط المصرفي.

لكن «البنك المركزي الأوروبي» شدد على أن التبسيط لا يعني خفض متطلبات رأس المال. وتركز مقترحاته، التي لا تزال رهن موافقة «المفوضية الأوروبية»، على دمج متطلبات رأس المال لتخفيف الصدمات المحتملة، بدلاً من تقليلها. وقال «البنك» في بيان: «تهدف هذه المقترحات إلى تبسيط الإطار مع الحفاظ على مرونة النظام المصرفي الأوروبي»، وفق «رويترز».

تبسيط الهيكل الرأسمالي

تتمثل توصية «البنك المركزي الأوروبي» الأولى في تبسيط تصميم متطلبات رأس المال والاحتياطات لدى البنوك، المعروفة باسم «هيكل رأس المال». ويهدف «البنك» إلى دمج طبقات الاحتياطات الحالية في طبقتين فقط: «احتياطي غير قابل للإفراج» و«احتياطي قابل للإفراج» يمكن للسلطات تخفيضه في أوقات الأزمات. ويضم «الاحتياطي الجديد القابل للإفراج» كلاً من «احتياطي رأس المال المضاد للدورات الاقتصادية»، و«احتياطي المخاطر النظامية»، اللذين يُبنيان عادةً خلال مراحل الاستقرار ويُفرج عنهما في فترات الانكماش.

مع ذلك، ستبقى توجيهات «الركيزة الثانية» غير الملزمة بشأن مستويات رأس المال منفصلة، بالإضافة إلى «الاحتياطي القابل للإفراج». كما يسعى «البنك» إلى تقليص إطار نسبة الرافعة المالية من 4 عناصر إلى عنصرين؛ فيشمل حداً أدنى بنسبة 3 في المائة واحتياطاً واحداً، يمكن تحديده بـ«صفر» للبنوك الصغيرة.

كما اقترح «البنك» توسيع ما يُعرف بـ«نظام البنوك الصغيرة» ليخضع المزيد من المقرضين لمتطلبات إشراف أبسط.

إصلاح السندات القابلة للتحويل

جادل «البنك» بأن قدرة «السندات القابلة للتحويل»، المعروفة باسم «أدوات الشريحة الأولى الإضافية (إيه تي1 - AT1)»، على امتصاص الخسائر «أصبحت موضع تساؤل»؛ لأن البنوك نادراً ما تستخدم هذه الأدوات عملياً. وقد اقتُرح خياران لإصلاح هذه السندات، بعد أن تصدرت عناوين الأخبار في 2023 حين شطب «كريدي سويس» سندات بقيمة 16.5 مليار فرنك سويسري خلال استحواذ مدعوم من الدولة على يد المنافس «يو بي إس».

في الخيار الأول، يمكن تعزيز أدوات «إيه تي1 - AT1» لضمان قدرتها على امتصاص الخسائر بشكل أكبر دون تعديل دورها، بينما يقترح الخيار الثاني استبعاد هذه الأدوات من هيكل رأس المال اللازم لاستمرارية العمل، مع مراعاة أن هذا قد يتعارض مع «قواعد بازل» ومبادئ التبسيط، ويؤدي إلى تغييرات في متطلبات رأس المال التنظيمي.

اختبارات الضغط المصرفية

دعا «البنك» أيضاً إلى إصلاح نطاق ومنهجية اختبارات الضغط المصرفية على مستوى «الاتحاد الأوروبي»؛ لجعلها أكبر فائدة للبنوك وللنظام المالي عموماً.

وستُعرض التوصيات، التي أقرها مجلس إدارة «البنك المركزي الأوروبي»، على «المفوضية الأوروبية» للنظر فيها، وقد يستغرق تنفيذ أي تغييرات فعلية شهوراً، إن لم يكن سنوات.