الصراع على المدرسين الأكفاء ينتقل إلى أروقة المحاكم في كاليفورنيا

«الحصانة الوظيفية» تجعل من الصعب للغاية فصل المعلمين السيئين

مجموعة من الطلاب الذين يقاضون ولاية كاليفورنيا نظرا لسوء حالة المدرسين (نيويورك تايمز)
مجموعة من الطلاب الذين يقاضون ولاية كاليفورنيا نظرا لسوء حالة المدرسين (نيويورك تايمز)
TT

الصراع على المدرسين الأكفاء ينتقل إلى أروقة المحاكم في كاليفورنيا

مجموعة من الطلاب الذين يقاضون ولاية كاليفورنيا نظرا لسوء حالة المدرسين (نيويورك تايمز)
مجموعة من الطلاب الذين يقاضون ولاية كاليفورنيا نظرا لسوء حالة المدرسين (نيويورك تايمز)

حاول الكثيرون في ولاية كاليفورنيا الأميركية تخفيف إجراءات تثبيت المدرسين في مناصبهم من خلال المباحثات الخاصة بالعقود والهيئات التشريعية بالولاية، ولكنهم أخفقوا في هذا الأمر. ولذلك، انتقلت الآن مجموعة من النجوم الصاعدة من الحركة المنادية بإجراء إصلاحات في عملية التوظيف في مجال التعليم لكي تعرض قضيتها في ساحات المحاكم.
وفي إحدى قاعات المحاكم الصغيرة الموجودة هنا، نجد تسعة طلاب من إحدى المدارس العامة يطعنون ضد النظام الذي يحظى بالتحصين فيما يخص تثبيت المدرسين في ولاية كاليفورنيا. وقال الطلاب إنه جرى انتهاك حقهم بالحصول على تعليم جيد بسبب الحصانة الوظيفية التي تجعل من الصعب للغاية فصل المعلمين السيئين من وظائفهم. بيد أننا نجد وراء هؤلاء الطلاب أحد أقطاب التكنولوجيا في وادي السليكون، الذي يمول تلك القضية، فضلا عن فريق على أعلى مستوى من المحامين، يضم ثيودور أولسون، النائب العام السابق للولايات المتحدة الأميركية.
وقال ديفيد ويلتز، المتعهد في مجال الاتصالات: «للأطفال الحق في الحصول على تعليم جيد على أيدي مدرسين أكفاء بصرف النظر عن ظروفهم».
وجدير بالذكر أن ويلتز أنفق الملايين من ماله الخاص لإنشاء منظمة «ستيودنت ماتر (Students Matter)» التي تدعم الدعوى القضائية. وتصف هذه المجموعة نفسها بأنها مجموعة وطنية غير هادفة للربح تكرس نفسها لرفع الدعاوى القضائية من هذا النوع، وستتمثل النتيجة في أن كاليفورنيا ستكون أول مؤشر لمعرفة ما إذا كان هذا الأمر يمكن أن ينجح أم لا.
تشتمل قضية تثبيت المدرسين هذه على مجموعة من القواعد التي توفر توظيفا دائما للمدرسين في كاليفورنيا بعد مرور 18 شهرا من العمل بوظائفهم، مما يتطلب اتخاذ إجراءات مطولة لفصل أي مدرس، فضلا عن إرساء نظام الأقدمية بحيث يكون آخر المدرسين المعينين حديثا هم أول من تشملهم عملية الفصل في حال حدوث تسريح للموظفين.
من جانبها، اكتفت نقابة المعلمين، التي تحظى بنفوذ قوي بين المشرعين في هذه الولاية، بالقول إن هذه الحصانة ضرورية لضمان عدم فصل المدرسين بصورة غير عادلة. وتقول النقابة بأن هذه الوظيفة لن تستقطب مدرسين جددا من دون وجود هذه الحماية.
وفي بيانه الافتتاحي في المحكمة هذا الأسبوع، يقول جيمس فينبرغ، أحد المحامين عن نقابة المعلمين في كاليفورنيا: إن «تثبيت المدرسين في وظائفهم يعد من المميزات مثلها مثل الراتب والإجازة، بحيث يسمح للمقاطعات بجلب المدرسين والاحتفاظ بهم على الرغم من ظروف العمل الصعبة، مع الوضع في الاعتبار أن الراتب الذي يتقاضونه لا يتواكب مع التغييرات في وقتنا الحاضر، ناهيك عن بذل مجهود كبير داخل الفصول مقارنة بتلك الرواتب».
تعد تلك القضية التي تصل مدتها إلى شهر واحد بمثابة اختبار لإحدى الحالات الوطنية التي يجري مراقبتها عن كثب فيما يخص قوانين التوظيف للمدرسين، التي تعد واحدة من أكثر الأمور المثيرة للجدل في مجال التعليم. ويشير الكثير من مديري المدارس والمحامين عبر البلاد إلى هذه القوانين على أنها مضرة وغير مناسبة للعصر الحالي، كما أنها تسببت في وجود ضغط على مدار العقد المنصرم لتغييرها مع تحقيق نجاح محدود. وجدير بالذكر أنه جرى إلغاء نظام تثبيت المدرسين في وظائفهم في ثلاث ولايات، وكذلك في واشنطن العاصمة، كما أن هناك عددا ضئيلا من الولايات تحظر استخدام نظام الأقدمية كأحد العوامل المؤثرة في تسريح المدرسين. بيد أن الجهود المبذولة مرارا وتكرارا لإحداث مثل هذه التغييرات في الهيئات التشريعية قد باءت بالفشل في الكثير من الولايات الكبيرة - التي تضم مجمعات مدارس في المناطق الحضرية، بما في ذلك كاليفورنيا ونيويورك.
وفي حين أن الكثير من الدعاوى القضائية المطالبة بتوفير المزيد من الأموال للمدارس حققت نجاحا عبر البلاد، تعتبر قضية كاليفورنيا واحدة من أهم التحديات القانونية التي توضح أن الطلاب يتضررون من قوانين توظيف المدرسين. وتعتمد القضية أيضا على إحدى الحجج المنصوص عليها في القوانين المدنية والتي لم يجر اختبارها حتى الآن، حيث لا يحصل الطلاب من طبقة الفقراء والأقليات على نفس الحق في التعليم بسبب زيادة احتمالية تعرضهم للتعلم على يد مدرسين «غير أكفاء، وذوي مستوى أداء سيئ للغاية».
من جانبه، سيقرر القاضي رولف مايكل تريو، أحد قضاة المحكمة العليا بمقاطعة لوس أنجليس، الأمور الخاصة بهيئة المحلفين. ومن المؤكد أن القرار الصادر عنه سيجري استئنافه في الغالب أمام المحكمة العليا بالبلاد. ومن المتوقع أن يقوم الكثير من الشهود بشرح افتراضاتهم الأساسية بشأن كيفية وجود مدارس ذات مستوى تعليمي جيد.
وكان الشاهد الأول لدى المدعين هو جون ديسي، مدير مجمع المدارس الموحد في لوس أنجليس، وواحد من أشد المعارضين لقواعد تثبيت المدرسين واتباع مبدأ الأقدمية فيما يخص فصل المدرسين من وظائفهم. وقال ديسي إن محاولات فصل المدرسين غير الأكفاء من مناصبهم يمكن أن تؤدي إلى تكبد تكاليف تتراوح ما بين 250 ألفا إلى 450 ألف دولار أميركي، فضلا عن استغراقها سنوات من الطعن والاستئناف والإجراءات القانونية. وأوضح أنه غالبا ما يضطر مجمع المدارس إلى القول إن عاملي الوقت والمال سيكونان كثيرين للغاية للإنفاق على قضية غير معلوم نتيجتها بشكل جزئي؛ نظرا لأنه يمكن للمجلس الحاكم المستقل أن يعيد تثبيت المدرسين مرة أخرى. وقال ديسي في شهادته أمام المحكمة إن مثل هذه القواعد تتسبب في استحالة تجنب وجود مدرسين غير أكفاء في المدارس التي تعاني معدلات فقر مرتفعة.
وفيما يخص سياسية تسريح الموظفين، قال ديسي «لا أؤمن على الإطلاق بأن تلك السياسة هي الأفضل للطلاب بأي شكل من الأشكال. يجب اتخاذ قرار بضرورة أن يكون الشخص الذي يدرّس للطلاب هو الأكثر كفاءة، في حين أن هذه القوانين تحظر وضع هذا الأمر في الاعتبار. وبناء على ذلك، فلا يمكن أن يكون ذلك جيدا بالنسبة للطلاب».
وفي المقابل، زعمت نقابة المعلمين أن إجراءات الحماية هذه المتعلقة بالتوظيف تساعد المدارس على الاحتفاظ بأفضل المدرسين، مع جلب مدرسين جدد في الوظائف التي غالبا ما تكون منهكة وصعبة وبرواتب متدنية. وأمام المحكمة، قال فينبرغ، المحامي عن نقابة المعلمين، إن الحقيقة التي مفادها أن ديسي كان سببا في زيادة فصل المدرسين غير الأكفاء من عملهم - حيث وصل عددهم إلى حوالي 100 شخص من إجمالي 30 ألف مدرس يعملون بمجمعات المدارس، تشير إلى أن هذه القوانين مفيدة ويجري تطبيقها.
ولا يضم الفريق القانوني للمدعين، من شركة غيبسون ودن وكروتشر للمحاماة - ثيودور أولسون، الذي عمل كنائب عام للولايات المتحدة الأميركية بإدارة الرئيس جورج دبليو بوش، فحسب، بل أيضا ثيودور بتروس، محامي مؤسسة «أبل» في قضيتها الخاصة بمحاربة الاحتكار فيما يتعلق بتسعير الكتب الإلكترونية. وعلاوة على ذلك، فإن أنطونيو فيارايجوسا، العمدة السابق لمنطقة لوس أنجليس، من بين أبرز المتضامنين بشكل واضح مع المدعين، حيث انضم إليهم في أحد المؤتمرات الصحافية التي عقدت خارج أروقة المحكمة هذا الأسبوع.
وفي نفس السياق، يقول مايكل رهي، المدير السابق لمدارس واشنطن: «من المحتمل أن يكون لهذه القضية آثار مهمة على نطاق واسع، وليس في كاليفورنيا فحسب. وفي العالم الواقعي، نحتاج إلى إقرار السياسات وتمريرها من خلال الهيئة التشريعية، ولكن في كاليفورنيا لا يوجد مثل هذا التحرك». وفي الوقت الحالي، يدير رهي مجموعة «ستيودنتس فيرست (Students First)»، وهي إحدى المجموعات التي تعمل لانتخاب القادة الداعمين لمسألة تغيير قوانين توظيف المدرسين.
وبذلت نقابات المعملين في جميع أنحاء البلاد جهودا لمواجهة تغيير قوانين التوظيف، حيث زعمت أنه يجب حماية أعضائها من المديرين المتقلبين أو الانتقاميين. وعلاوة على ذلك، تسعى نقابات المعلمين في ولاية كولورادو، حيث أدى أحد القوانين الصادرة في عام 2010 إلى تكوين نظام جديد لتقييم المدرسين، لرفع دعوى بشأن أحد النصوص التي تسمح للمديرين باتخاذ القرار لاستقدام مدرسين ذوي خبرة عالية، والذين فقدوا وظائفهم بسبب تقليص الميزانية أو انخفاض نسبة القيد بالمدارس.
وفي مقابلة هاتفية، قالت راندي وينغارتن، رئيسة الاتحاد الأميركي للمعلمين، إن قضية كاليفورنيا تثير صدى الصراع الذي واجهته حينما كانت تترأس نقابة المعلمين في نيويورك، وقالت إن هذه الدعوى القضائية تعتبر «أسوأ من وصفها بالمزعجة والمسببة للمشكلات».
وتابعت حديثها قائلة «تعد تلك القضية بمثابة مثال آخر على محاولة إيجاد كبش فداء بدلا من التشمير عن ساعديك والتعامل مع المشكلة. لا يحاول الأشخاص الذين أقاموا الدعوى أن يقاضوا بشأن التمييز أو التمويل أو أنظمة الضرائب العقارية، حيث تعتبر جميع هذه الأشياء فعلا من الضروريات التي يحتاجها الشخص لكي يحصل الأطفال على حقوقهم على قدم المساواة مع الآخرين، بل إنهم يريدون حرمان المعلمين من أي حق يجعل صوتهم مسموعا».
ووفقا للتقرير الصادر منذ أيام عن المجلس القومي لمراقبة جودة أداء المدرسين، تتغير قوانين التعليم عبر البلاد، وتستخدم مجمعات المدارس في 29 ولاية مدرسين ذوي كفاءة أقل لاستغلال ذلك عند فصلهم. ويعتبر هذا المجلس مؤسسة بحثية تتخذ من واشنطن مقرا لها حيث يتتبع السياسات الخاصة بالمدرسين. وتقول كيت وولش، المديرة التنفيذية للمركز، إنه «منذ خمس سنوات لم تكن الولايات تسمح بأن يوضع في الاعتبار مسألة أداء الطلاب عند تقييم المدرسين، بينما تطلب الآن 20 ولاية ضرورة وجود مثل هذه البيانات الخاصة بالطلاب».
وفي المقابلة التي جرت معها، تقول وولش «نشهد الآن فعلا وجود تحركات في بعض الأماكن، حيث يؤدي هذا الاتجاه إلى وجود طرق مفيدة في البلاد لتقييم المدرسين واستخدام هذا التقييم لاتخاذ قرارات بشأن التثبيت في الوظائف». واختتمت حديثها قائلة: «بيد أنني لا أعتقد أن هناك أي شخص قد حاول توضيح كيفية تنفيذ هذا الأمر بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.


جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.


«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».