الجيش اللبناني يتخذ وضعيات قتالية في وجه إسرائيل عند الحدود

قنابل دخانية لتفريق التحرك... و«اليونيفيل» تتدخل لمنع التدهور

لبنانيون يؤدون صلاة الجمعة أمام السياج الشائك المستحدث خلال تحرك مدني رفضاً لتجريف أراضٍ حدودية متنازع عليها (الشرق الأوسط)
لبنانيون يؤدون صلاة الجمعة أمام السياج الشائك المستحدث خلال تحرك مدني رفضاً لتجريف أراضٍ حدودية متنازع عليها (الشرق الأوسط)
TT

الجيش اللبناني يتخذ وضعيات قتالية في وجه إسرائيل عند الحدود

لبنانيون يؤدون صلاة الجمعة أمام السياج الشائك المستحدث خلال تحرك مدني رفضاً لتجريف أراضٍ حدودية متنازع عليها (الشرق الأوسط)
لبنانيون يؤدون صلاة الجمعة أمام السياج الشائك المستحدث خلال تحرك مدني رفضاً لتجريف أراضٍ حدودية متنازع عليها (الشرق الأوسط)

حثّت قوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل»، لبنان وإسرائيل، على استخدام آليات التنسيق التي «نضطلع بها» بشكل فعال «لمنع سوء الفهم والانتهاكات، والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة» الحدودية التي شهدت توتراً مفاجئاً، اتخذ خلاله عناصر الجيش اللبناني وضعيات قتالية مقابل القوات الإسرائيلية، على أثر محاولة مدنيين لبنانيين اعتراض جرافات إسرائيلية حاولت تجريف أراضيهم في منطقة حدودية متداخلة يقول لبنان إنها تابعة له.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم الجمعة، انتشاره بالمنطقة الحدودية في كفرشوبا، في جنوب شرقي لبنان، بعد قيام القوات الإسرائيلية بتفريق متظاهرين.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على حسابه في «تويتر»، إن مظاهرات اندلعت في منطقة جبل روس على الحدود اللبنانية. وأضاف أدرعي أن المحتجّين ألقوا الحجارة على قوة عسكرية إسرائيلية في المنطقة، في حين ردَّت القوات الإسرائيلية مستخدمة ما سمّاه «وسائل» لتفريق المظاهرات.

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان: «لن نسمح بخروق أمنية على الحدود مع لبنان».

وأكد الناطق الرسمي باسم قوة «اليونيفيل»، أندريا تيننتي، أن «جنود حفظ السلام، التابعين لـ(اليونيفيل) موجودون على الأرض، وقد كانوا على الأرض منذ البداية؛ لضمان استمرار وقف الأعمال العدائية، ولإرساء الهدوء، والمساعدة في تخفيف حدة التوتر».

وأضاف: «إننا نحثُّ الأطراف على استخدام آليات التنسيق التي نضطلع بها بشكل فعال لمنع سوء الفهم والانتهاكات، والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة».

جندي لبناني في وضع قتالي بمواجهة الدورية الإسرائيلية المقابلة (الشرق الأوسط)

وتابع تيننتي أن «اليونيفيل» على اتصال بالأطراف، وتسعى جاهدة لإيجاد حلول. ودعا الجانبين إلى «ممارسة ضبط النفس، وتجنب الأعمال التي قد تؤدي إلى تصعيد التوتر على طول الخط الأزرق».

ويعود التوتر إلى يوم الأربعاء، حين بدأت جرافات إسرائيلية تجريف أراض لبنانية في تلال كفرشوبا، الواقعة على مثلث حدودي بين لبنان والجولان وإسرائيل، واقتربت مما يُسمى خط الانسحاب، مما دفع مدنيين لبنانيين للوقوف قبالتها. وأظهرت مقاطع فيديو، انتشرت، الخميس، جرافة إسرائيلية تجرف التراب في نقطة كان يوجد فيها راعٍ لبناني، مما أدى إلى طمره بالتراب. واستدعى ذلك تدخُّل قوات حفظ السلام المؤقتة العاملة في الجنوب «اليونيفيل» لانتشاله، بعد طلبها من سائق الجرافة الإسرائيلية إيقافها.

وتقول مصادر ميدانية إن «التصدي للجرافات الإسرائيلية كان داخل الأراضي اللبنانية المحتلّة؛ احتجاجاً على قيام الجيش الإسرائيلي بحفر خنادق في أراضٍ مملوكة لهم، لكنها ما زالت محتلة». واستمر الاستنفار المتبادل على ضفتي الحدود عند «خط الانسحاب» في تلال كفرشوبا، حتى فترة بعد الظهر، في حين دفعت قوات «اليونيفيل» بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة؛ لمنع الاحتكاك بين الطرفين.

ويقول لبنان إن إسرائيل لا تزال تحتل أراضي لبنانية في مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا، وجزء من قرية الغجر الحدودية، الواقعة على السفل الغربي لجبل الشيخ. ولا تزال هذه النقاط بمثابة نزاع حدودي منذ انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في عام 2000.

وأظهرت مشاهد تداولها ناشطون مؤيدون لـ«حزب الله»، في «تويتر»، الأربعاء، تثبيت القوات الإسرائيلية أسلاكاً معدنية قرب «خط الانسحاب»؛ لمنع عبور الرعاة والمزارعين إلى الأراضي المحتلة. وتكرر الأمر، اليوم الجمعة.

وتحرك مدنيون لبنانيون، اليوم الجمعة، في المنطقة الحدودية، ضد عمليات التجريف التي طاولت منطقة بوابة حسن وبركة بعثائيل في خراج بلدة كفرشوبا، واعترضوا على تغيير معالم الأرض في المنطقة، وذلك في تظاهرة رُفعت فيها الأعلام اللبنانية.

وقالت مصادر ميدانية إن أهالي المنطقة «أزالوا أسلاكاً شائكة وضعتها إسرائيل»، في حين «ردّت القوات الإسرائيلية بإلقاء قنابل مسيلة للدموع؛ في محاولة لتفريق المحتشدين». وأفادت وسائل إعلام محلية بإصابة مواطن لبناني بالقنابل المسيلة للدموع، كما أصيبت سيارة مدنية بقنبلة دخانية.

وعلى الفور، انتشرت القوات الإسرائيلية في المنطقة المقابلة بشكل كثير، واستقدمت آليات عسكرية، في حين استقدم الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» تعزيزات إلى المنطقة. ونشر الجيش اللبناني صوراً تُظهر اتخاذ عناصره وضعيات قتالية وراء السياج الشائك. وبدا الجيش على مسافة «صفر»، مقابل القوات الإسرائيلية التي انتشرت إلى جانب السياج، وعلى التلال المواجهة لنقطة التماس.

يأتي استحداث القوات الإسرائيلية خنادق عند «خط الانسحاب»، بعد أسبوعين على تهديد «حزب الله» بالعبور إلى إسرائيل، وذلك في مناورة عسكرية حية أقامها في الجنوب، وتحاكي عبور مقاتليه بسياج الحدودية، والجدران التي رفعتها القوات الإسرائيلية على الحدود مع جنوب لبنان.

وشارك، في تحرك الجمعة، مفتي مرجعيون حاصبيا الشيخ حسن دلي مفتي، ومفتي منطقة مرجعيون الجعفري عبد الحسين عبد الله، ورجال الدين ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد من أبناء المنطقة. وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب قاسم هاشم، خلال مشاركته في التحرك، أن «تحرك أبناء منطقة العرقوب في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، اليوم، هو البداية لاستكمال تحرير مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا، بكل الوسائل المتاحة ما دامت إرادة أبناء هذه الأرض حية وجاهزة، لوضع حد للغطرسة والعدوانية الإسرائيلية».

 

 



وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

كرر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، اليوم (السبت)، «التزام» الولايات المتحدة التوصل إلى «حل دبلوماسي في لبنان»، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أكد أن بلاده ستواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

ويأتي هذا الإعلان فيما تتصاعد الحرب بين إسرائيل والحزب، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في قلب بيروت، وكذلك في جنوب وشرق لبنان؛ ما أدى إلى مقتل العشرات، وفق السلطات اللبنانية.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن «جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود».

من جانبه، أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل التحرك بحزم»، حسبما قال المتحدث باسمه في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكرر كاتس التزام بلاده «باستهداف البنية التحتية الإرهابية لـ(حزب الله)، والقضاء على قادة الإرهابيين»؛ للسماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود بالتزامن مع حرب غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أواخر سبتمبر (أيلول)، نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان، حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي شرق لبنان وجنوبه، وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

على صعيد متصل، حضّ لويد أوستن «الحكومة الإسرائيلية على مواصلة اتخاذ إجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة فيما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

يأتي ذلك رغم إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لا تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، بعد شهر من التهديد بتعليق قسم من مساعداتها العسكرية.

وتندّد الأمم المتحدة، ومنظّمات أخرى، بتدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في شمال غزة، حيث قالت إسرائيل، الجمعة، إنها قتلت قياديَّين ضالعَين في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته حركة «حماس» على إسرائيل، وأشعل فتيل الحرب الدائرة حالياً في القطاع الفلسطيني.

وفي المحادثة الهاتفية مع كاتس، جرى أيضاً التباحث في العمليات الإسرائيلية الحالية، وقد جدّد أوستن التأكيد على «الالتزام الراسخ» لواشنطن بـ«أمن إسرائيل»، وفق «البنتاغون».