في مساء السبت الماضي، وعلى ملعب «ويمبلي» الشهير، تحقق ما توقعه معظم الناس –وليس جمهور مانشستر سيتي فقط– حيث فاز مانشستر سيتي على غريمه التقليدي مانشستر يونايتد بهدفين مقابل هدف وحيد، وحصل على لقب كأس الاتحاد الإنجليزي، ليجمع بين لقبي الدوري والكأس في إنجلترا، في إنجاز مستحق تماماً للفريق الذي يقدم مستويات مذهلة هذا الموسم.
ويعد نجم خط الوسط الإسباني رودري أحد أهم عناصر هذا الفريق، ويقدم أفضل مستويات له على الإطلاق. ويستطيع لاعب الوسط الإسباني البالغ عمره 26 عاماً وبقية تشكيلة سيتي تحقيق إنجاز أمام إنتر ميلان، مع محاولة التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا لأول مرة، ومعادلة ثلاثية غريمه مانشستر يونايتد في موسم 1998- 1999.
حصل مانشستر سيتي على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الخامسة في آخر 6 مواسم، وأسعد جمهوره بالفوز على مانشستر يونايتد والحصول على لقب كأس الاتحاد؛ لكن المحطة الأهم بالطبع هي المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أمام إنتر ميلان الإيطالي السبت المقبل في إسطنبول. وقال رودري عن هذه المباراة: «أعتقد أن جوسيب غوارديولا قال إننا لن نكون فريقاً كبيراً إذا لم نفز بدوري أبطال أوروبا. إنه الاختبار الذي يتعين علينا اجتيازه».
بالنسبة لمانشستر سيتي، فإن كل شيء يتعلق الآن بالفوز بدوري أبطال أوروبا؛ خصوصاً أن النادي يسعى جاهداً للفوز بهذه البطولة منذ عدة سنوات. صحيح أن الهيمنة على الساحة المحلية شيء جميل، وأن غوارديولا فاز بـ11 لقباً مع مانشستر سيتي في إنجلترا، بالإضافة إلى لقبين لبطولة الدرع الخيرية؛ لكن المدير الفني الإسباني يسعى منذ فترة طويلة للفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا للارتقاء بتاريخه مع مانشستر سيتي إلى أقصى حد ممكن، ومن الواضح للجميع أن هذا الحلم قد بات أقرب من أي وقت مضى الآن.
ومن الواضح أيضاً أن غوارديولا ولاعبيه على أتم استعداد للمباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز. لقد استمدوا قوتهم من التجارب السابقة التي كانوا فيها على وشك الفوز بالبطولة، وخصوصاً عندما خسروا أمام تشيلسي في نهائي عام 2021. وقبل مباراة الذهاب للدور ربع النهائي للبطولة هذا الموسم أمام بايرن ميونيخ، وصف مدافع مانشستر سيتي روبن دياز الأمر من منظور فلسفي؛ حيث قال: «قال لي رجل حكيم للغاية، إننا لم نخسر المباراة النهائية؛ لكننا أصبحنا على بعد خطوة واحدة فقط من الفوز بها».
وهز رودري رأسه وقال: «أود أن أقول الشيء نفسه. أعتقد أنه لكي تفوز فإنه يتعين عليك أن تخسر قبل ذلك. لكي تتحلى بعقلية الفوز في دوري أبطال أوروبا، يجب أن تكون موجوداً في الدور نصف النهائي، ويجب أن تصل للنهائي. هذه هي النقطة الجيدة لهذا الفريق. خلال السنوات الست أو السبع الماضية كنا نصل إلى الدور نصف النهائي وإلى المباراة النهائية، وهذه هي الطريقة الوحيدة للفوز وتحقيق البطولات والألقاب. نحن نسير الآن على هذا الطريق. لقد بذل الفريق جهداً مذهلاً هذا العام، ويمكننا الفوز باللقب».
وتنبع قوة مانشستر سيتي من قائمته المدججة بالنجوم، لدرجة أن غوارديولا اعتمد على 21 لاعباً منذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي؛ لكن الأمر لا يتعلق بعدد اللاعبين فقط، وإنما بجودتهم الهائلة. لقد كان من المثير حقاً أن تقارن بين اللاعبين الجالسين على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي وبدلاء مانشستر يونايتد في المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي، لكي تعرف مدى قوة «السيتيزنز».
عندما تعاقد مانشستر سيتي مع كالفن فيليبس من ليدز يونايتد مقابل 42 مليون جنيه إسترليني في يوليو (تموز) الماضي، فإنه حصل على خدمات لاعب خط وسط من الطراز العالمي، وأحد اللاعبين الأساسيين في المنتخب الإنجليزي. لكن فيليبس واجه صعوبات كبيرة وفشل في حجز مكان له في التشكيلة الأساسية للفريق وأصبح مهمشاً، وكان السبب الرئيسي في ذلك هو التألق اللافت للأنظار من جانب رودري. لقد دفع غوارديولا بنجم خط الوسط الإسباني في التشكيلة الأساسية لمانشستر سيتي في 34 مباراة في الدوري، و10 مباريات من أصل 12 مباراة لعبها الفريق في دوري أبطال أوروبا، بما في ذلك جميع مباريات خروج المغلوب.
لقد شعر رودري بالخطر عندما تعاقد مانشستر سيتي مع فيليبس، وطور مستواه بشكل كبير، وأصبح أحد الركائز الأساسية في صفوف الفريق.
فهل هذه هي أفضل مستويات لرودري على الإطلاق، أم أنه لعب بشكل أفضل من قبل؟ يقول نجم خط الوسط الإسباني: «أشعر بأنني في أفضل مستوياتي على الإطلاق من الناحية البدنية والذهنية، ومن ناحية الطريقة التي أفهم بها المباريات، والطريقة التي أساهم بها مع الفريق. أحاول مساعدة زملائي في الفريق طوال الوقت؛ لكنني أحاول أو أتطور في كل مباراة، وأحاول أن أتعلم من الماضي».
لا يستطيع رودري تجاهل ما حدث من قبل، ولا يريد ذلك. فقبل مباراة الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد، عاد لمشاهدة مباراة الفريقين في البطولة الموسم الماضي، التي خسرها سيتي بطريقة دراماتيكية، وأشار إلى أن الانتقام سيكون حافزاً كبيراً لمانشستر سيتي.
وقال رودري: «هذه هي السنة الرابعة لي هنا في إنجلترا، وعندما نفوز أو نخسر في النهائيات فإننا نتعلم الكثير. أشعر بأنني أصبحت لاعباً أكثر نضجاً في مثل هذه المواقف. فهل كانت المباراة النهائية لعام 2021 بمثابة درس لنا؟ كما أخبرتك من قبل، فإننا نحاول أن نتعلم الكثير من الماضي». وأضاف: «أعتقد أن الرغبة في التحسن هي التي دفعتنا إلى الفوز على ريال مدريد بعدما خسرنا أمامه العام الماضي. لذلك سنلعب بالطريقة نفسها، وسنحاول إيجاد حلول للمواقف الصعبة، ونحاول الفوز بالمباراة النهائية».
وكما هو الحال مع غوارديولا، يتحدث رودري عن التركيز والتواضع، والتعامل مع كل مباراة على حدة. لكن الآن ليس هناك سوى مباراة واحدة فقط، وهي المباراة الأهم في الموسم. يقول رودري: «بالطبع، إنها المباراة التي ستكمل فوزنا بالثلاثية. إنه الشيء الذي نحلم به. وسنستعد لهذه المباراة كما هي: مباراة نهائية ضد فريق إيطالي يلعب بخمسة لاعبين في الخط الخلفي، لذلك ستكون مباراة صعبة للغاية، وستتطلب منا بذل مجهودات كبيرة».
وأضاف: «حاولت التطور والتعلم. هذا عامي الرابع، وهناك الكثير من الدروس، وأشعر بنضج أكبر؛ لكن يجب علينا الفوز. لا يتعلق الأمر باللعب بشكل جيد فقط؛ بل بأن أكون جزءاً من فريق فائز». واختتم نجم خط الوسط الإسباني حديثه قائلاً: «يتعين علينا أن نكون واثقين من أنفسنا؛ لكن لا يتعين علينا أن نتهاون، ويجب علينا أن نبذل قصارى جهدنا ونواصل الركض داخل الملعب، ثم ستأتي النتيجة بعد ذلك».
* خدمة «الغارديان»