لبنان: الاحتجاجات الشعبية تتصاعد في وجه الحكومة.. وسلام يلوح بالاستقالة

بدء التحقيقات لمعرفة المسؤولين عن إطلاق النار ضد المتظاهرين وتحذيرات من تسييس التحرك

متظاهرون لبنانيون غاضبون في اشتباك مع قوات الأمن اللبنانية على خلفية أزمة النفايات في بيروت أمس (أ.ب)
متظاهرون لبنانيون غاضبون في اشتباك مع قوات الأمن اللبنانية على خلفية أزمة النفايات في بيروت أمس (أ.ب)
TT

لبنان: الاحتجاجات الشعبية تتصاعد في وجه الحكومة.. وسلام يلوح بالاستقالة

متظاهرون لبنانيون غاضبون في اشتباك مع قوات الأمن اللبنانية على خلفية أزمة النفايات في بيروت أمس (أ.ب)
متظاهرون لبنانيون غاضبون في اشتباك مع قوات الأمن اللبنانية على خلفية أزمة النفايات في بيروت أمس (أ.ب)

استمرّت يوم أمس الاحتجاجات في وسط بيروت التي دعت إليها حملة «طلعت ريحتكم»، وشارك فيها آلاف اللبنانيين، على خلفية أزمة النفايات المستمرة منذ أكثر من شهر، رافضين الحوار مع رئيس الحكومة، ومطالبين باستقالته. وبعد المواجهات التي وقعت، أول من أمس، بين المتظاهرين والقوى الأمنية وأدت إلى سقوط جرحى نتيجة إطلاق الرصاص، وما تلاها من تقاذف المسؤولية وتبادل الاتهامات بين الأطراف السياسية والمسؤولين، لوّح يوم أمس رئيس الحكومة تمام سلام بالاستقالة إذا لم تكن جلسة الحكومة المقبلة منتجة، متهمًا كل المرجعيات السياسية بالوقوف وراء الأزمة.
وفي تعليقها على كلام سلام الذي بدا لافتا لجهة لهجته وصراحته، قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «موقفه كان واضحًا والشلل الحالي لا يمكن تحمله بعد الآن»، وأكدت ما لوّح به رئيس الحكومة لجهة أنه سيقدم على اتخاذ القرار المناسب والاستقالة إذا لم تكن جلسة الحكومة المقبلة منتجة».
وبعدما أعلن وزير البيئة محمد المشنوق، يوم أمس، عن تقديم موعد فض عروض مناقصات النفايات التي تملأ بيروت، والمناطق إلى بعد ظهر اليوم الاثنين بدل الثلاثاء، كشفت مصادر سلام أن هذا الأمر قد يؤدي بالتالي إلى تقديم موعد جلسة الحكومة المقررة يوم الخميس المقبل، ليبنى بعدها على الشيء مقتضاه. في غضون ذلك، كلف، يوم أمس، وزير الداخلية نهاد المشنوق المفتش العام لقوى الأمن الداخلي العميد جوزف كلاس إجراء تحقيق بما جرى في وسط بيروت، وأن يكون جاهزا خلال 42 ساعة.
وفي مؤتمر صحافي له، قال سلام: «المشكلة هي في (النفايات السياسية) التي تقف خلفها كل المرجعيات».
وأضاف: «أعول دائما على (الأوادم) الذين يصرخون، ولا أستطيع تجاهل ذلك، والذي حصل بالأمس (السبت) لا نستطيع إلا تحمل مسؤوليته، خاصة ما يتعلق باستعمال القوة المفرطة مع هيئات المجتمع المدني يمكن أن يكون هناك من استغله للتوتير، ولكن نحن لسنا أعداء له، وكل من تصرف بشكل أدى إلى أذى وضرر سيتحمل مسؤوليته»، مضيفا: «لن يمر الحدث من دون محاسبة وعلى كل مستوى وفي العمق، لا يمكن السماح بأن تمر الأحداث من دون ملاحقة ومتابعة. كل مسؤول سيحاسب وأنا من موقعي لن أغطي أحدًا».
وأقرّ سلام أن المحاسبة في لبنان تخضع أيضًا للتجاذبات، وقال: «الحلول السحرية أو الجذرية أو العجائبية غير موجودة، تملكون الحق بأن تقفوا في وجه ما يحصل، وحتى محاسبة المسؤولين عن إطلاق النار تخضع للتجاذبات السياسية، وتيقنا مني قررت أن أدعو مجلس الوزراء الأسبوع المقبل إلى الانعقاد وضمنت الدعوة مواضيع ملحة».
وأضاف: «نحن مقبلون على وضع مالي قد يذهب بلبنان إلى تصنيفه من الدول الفاشلة، لن أكون شريكًا في هذا الانهيار، وليعرف جميع المسؤولين ذلك، أنا صابر ولكن للصبر حدود، وصبري مرتبط بصبركم، وإذا قررتم الصبر فأنا معكم، وإذا قررتم عدم الصبر أنا معكم أيضًا». وختم قائلا: «أن إحراجي لإخراجي يمارس منذ زمن، وكنت سآخذ قراري منذ 3 أسابيع، وما زال الخيار أمامي، وسأتكيف مع الموضوع وفق ما أراه مناسبًا، وعندما أرى أن صبري بدأ يضر بالبلد، فسأتخذ القرار المناسب».
ويوم أمس، طلب النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية إجراء التحقيق حول الأحداث وتكليف أطباء شرعيين بالكشف على المصابين تمهيدًا لوضع تقارير مفصلة وتحديد نوعية العيارات النارية التي أصيب بها المدنيون ومن أطلقها ومن أعطى الأمر بإطلاقها، والتحقيق معهم، والتحقيق كذلك مع كل من اعتدى على العناصر الأمنية ليبني على هذا الأمر مقتضاه القانوني».
من جهته، أكد رئيس تيار المستقبل، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري دعمه لموقف سلام ودعوته الصريحة لتفعيل عمل الحكومة، ومعالجة الاستحقاقات الداهمة وفي مقدمها مشكلة النفايات، مدينا أي شكل من أشكال الإفراط الأمني في مواجهة المظاهرات السلمية، ومنبهًا إلى محاولات استدراج البلاد إلى الفوضى والمجهول.
وشدّد على أنّ «مشكلة النفايات لن تبقى أسيرة التجاذبات السياسية، وهي ستأخذ طريقها إلى الحلول الواقعية في الأيام المقبلة، وهو ما نتمناه من خلال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء».
كذلك، أيد رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط موقف سلام الحازم لناحية حتمية أن تكون جلسة مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن منتجة ذلك، إن الاستمرار بسياسة التعطيل لم يعد مقبولاً تحت أي ذريعة وفي أي ظرف من الظروف، مضيفا: «فصرخة المواطنين صرخة محقة ومشروعة ومعالجة أسبابها لا تكون بمصادرة التحركات الشعبية لتحويلها عن أهدافها الفعلية، بل بمحاكاة تلك المطالب الحياتية والمعيشية البديهية لتأمين العيش اللائق والكريم».
ورأى في موقفه الأسبوعي أنه «يحق لمجموعة (طلعت ريحتكم) أن ترفع الصوت إزاء تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والمعيشية، ولكن حذار من استغلال قوى التعطيل لهذا التحرك خصوصًا القوى التي عطلت انتخابات الرئاسة ثم عطلت مجلس النواب وصولاً إلى تعطيلها لمجلس الوزراء. فهذا الاستغلال سوف يسيء إلى الاستقرار الداخلي وإلى التحرك المطلبي على حد سواء».
بدوره، دعم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، مطالب المتظاهرين محددا في الوقت عينه خارطة طريق تبدأ باستمرار التحركات لحين انتخاب رئيس للجمهورية، معتبرا أنه على رئيس الحكومة تمام سلام عدم الاستقالة إلى حين انتخاب رئيس، كما أنه يجب دعوة مجلس الوزراء استثنائيا من أجل إزالة النفايات من الشارع والإشراف على التحقيقات لمعرفة من أطلق النار على المتظاهرين.
في المقابل، وفي حين لم يصدر أي موقف من قبل «حزب الله» أو «حركة أمل» حول الأحداث الأخيرة، هاجم «تكتل التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون والمشارك في الحكومة، سلام، وقال في بيان له: «إن الحكم ليس هيبة وحسب، ولا سلطة فقط، بل هو أولا شرعية تنبثق من احترام المواثيق والدستور والقانون».
وأضاف: «مؤتمر العجز المقيم وكلام الاحتواء العقيم ومحاولة الابتزاز المهين، لن تمر دون رد مناسب في مجلس الوزراء وخارجه، خاصة على مستوى الشعب صاحب السيادة، ومصدر كل سلطة، الذي منعه فريق الأكثرية الحكومية من أي محاسبة منذ إلغاء حقه في الانتخاب الديمقراطي والدستوري. والشعب هو المدعو إلى التعبير عن حقيقة تطلعاته في كل مجال وساحة». ولم يغب عن الاحتجاجات الشعبية التي هدّد القيمون عليها بالتصعيد، محاولات التسييس من بعض الأطراف أو خرقها على أيدي مندسين محسوبين على بعض الأحزاب، وفق ما أكدت الحملة ودعت القوى الأمنية إلى إخلاء ساحة الاعتصام منهم، بعدما سجّل استهداف عناصر الأمن بمفرقعات شديدة الانفجار. مع العلم أن رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، قد أشار إلى هذا الأمر «داعيا مناصريه للانسحاب من التظاهرة بحجة انحراف هذا التحرك عن مساره الأساسي، ودخول بعض القوى السياسية عليه في محاولة لركوب الموجة الشعبية»، وفق ما قال في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء».
مع العلم، أن البيان الذي صدر عن «طلعت ريحتكم»، داعيا اللبنانيين الاستمرار بتحركاتهم، والتجمع الساعة السادسة يوم أمس، رافضا التجاوب لدعوة سلام للحوار، لم يتطرق إلى مطلب «إسقاط النظام»، الذي رفعه البعض، وهو الأمر الذي حمله القيمون عليها لمندسين عمدوا إلى تكسير بعض السيارات، وحاولوا كذلك تجاوز الأسلاك الشائكة للوصول إلى مقر رئاسة الحكومة ومواجهة القوى الأمنية.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.