وزير العمل بـ«الوحدة»: تحقيق استقرار سياسي سينعكس إيجاباً على اقتصاد ليبيا

العابد قال لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده تتحمل «عبئاً كبيراً» في تنظيم ملف العمالة الوافدة

وزير العمل بـ«الوحدة»: تحقيق استقرار سياسي سينعكس إيجاباً على اقتصاد ليبيا
TT
20

وزير العمل بـ«الوحدة»: تحقيق استقرار سياسي سينعكس إيجاباً على اقتصاد ليبيا

وزير العمل بـ«الوحدة»: تحقيق استقرار سياسي سينعكس إيجاباً على اقتصاد ليبيا

أكد علي العابد، وزير العمل والتأهيل بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، وجود ارتفاع في أعداد عناصر التشكيلات المسلحة، وقال إن بلاده «تتحمل عبئاً كبيراً في تنظيم ملف العمالة الوافدة، خاصة إذا وقع أي وافد في قبضة عصابات وشبكات تهريب البشر». معرباً عن أمله في تحقيق الاستقرار السياسي بهدف تنظيم سوق العمل في ليبيا. ومؤكداً أن إجراء الانتخابات، وتحقيق استقرار سياسي سيتبعه انطلاق حركة الاقتصاد ومحاولة تنويعه، مع العمل على تطوير المناهج التعليمية، وخلق مناخ مشجع يستقطب الكفاءات، التي أرغمت على الهجرة؛ وهو ما سيفتح الباب أمام استيعاب أكبر قدر من العمالة الوطنية والوافدة بشكل شرعي.

قوات تابعة لحكومة الدبيبة خلال حملة لاعتقال عصابة لتهريب البشر (الوحدة)
قوات تابعة لحكومة الدبيبة خلال حملة لاعتقال عصابة لتهريب البشر (الوحدة)

ونفى العابد «وجود عقود موقعة بين ليبيا وتركيا لجلب أي عنصر من العناصر السورية، التي يُعتقد وجودها في صفوف بعض التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية»، وقال موضحاً: «هذا الكلام ليس حقيقياً، فالجميع يعرف أن هناك شركات طيران لديها رحلات مباشرة إلى سوريا، وهي قد تكون وسيلة لنقل هؤلاء».

مركز لنزع السلاح

كما قلل العابد مما يطرحه البعض من صعوبة تسريح عناصر تلك التشكيلات، ودمجها في الحياة المدنية، بعيداً عن سطوة السلاح والرواتب الكبيرة التي يتقاضونها من قيادات التشكيلات، وقال إن «جل هؤلاء الشباب لن يتردد في ترك سلاحه إذا توفّرت له وظيفة لائقة وبدخل جيد». مشيراً في هذا السياق إلى قيام وزارته مؤخراً بتعاون مع السفارة الفرنسية والاتحاد الأوروبي بافتتاح مركز «متألق» في العاصمة طرابلس ليكون مركزاً مهنياً وتدريبياً، يعنى بتنفيذ خطط نزع السلاح والتسريح، وإعادة إدماج المقاتلين السابقين.

ويعتقد العابد أن عناصر التشكيلات المسلحة نمت وتضخمت أعدادها جرَّاء الصراعات التي دعمتها دول مختلفة إقليمية وغربية في سياق محاولة كل دولة لتعزيز مواقع حلفائهم بالساحة الليبية، وبالتالي يتوجب عليهم تحمل المسؤولية بعلاج هذه الظاهرة وعدم تحميلها للدولة الليبية بمفردها.

وحول عدد عناصر تلك التشكيلات، قال: «بدأنا في إجراء مسح شامل، ونقوم في سبيل ذلك بمقابلات مع بعض قادة التشكيلات وهناك من زودنا فعلياً بالأرقام».

حل مشكلة العمالة

قدّر العابد في مقابلة مع «الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في الدورة الـ49 لمؤتمر العمل العربي بالقاهرة، أعداد العمالة الوافدة حالياً بنحو مليوني و100 ألف عامل، 70 في المائة منهم دخلوا البلاد بشكل غير قانوني. ورأى أن مشكلة هذه العمالة قد تحل «إذا تأكدت كل دولة أن مواطنيها، الذين يريدون الاندماج في السوق الليبية، حصلوا على تأشيرات قانونية، وذلك بالتنسيق معنا بالوزارة»، وقال بهذا الخصوص: «للأسف في أغلب الحالات يضطلع سماسرة وتجار البشر بإدخال العمالة بطرق غير مشروعة، وبالتالي تصبح عرضة للاحتجاز من قبل عناصر خارجة عن القانون، بهدف مساومة ذويهم على فدية مالية، أو تشغيلهم في أعمال خطرة دون التأمين عليهم». مبرزاً أنه «لم يحدث أن تعرض عامل دخل ليبيا بشكل قانوني، وبالتنسيق مع وزارته، لأي حادث من حوادث الخطف والابتزاز، فضلاً عن تمتع كل عامل لديه عقد رسمي بضمان اجتماعي».

انتشال جثث وافدين غير شرعيين غرقوا في عرض السواحل الليبية (رويترز)
انتشال جثث وافدين غير شرعيين غرقوا في عرض السواحل الليبية (رويترز)

وبخصوص خطة وزارته لمعالجة هذه الأزمة، قال العابد: «لدينا أكثر من آلية، وفي مقدمتها حملات التفتيش لضبط العمال الذين يتواجدون بشكل غير مشروع، وترحيلهم بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، لأن هؤلاء يضرون باقتصادنا الوطني، وأيضاً باقتصاد دولهم، ذلك أن أغلب تحويلاتهم تمر عبر السوق السوداء لا عبر القنوات الرسمية».

وأوضح العابد أن سوق العمل الليبية «اقتربت كثيراً من العودة لموقعه السابق كأكبر الأسواق المستقطبة للعمالة بالمنطقة العربية، مع قرب انتهاء مرحلة الصراعات». ووضع المصريين في مقدمة العمالة التي تستهدف بلاده اجتذابها، من خلال زيادة تفعيل عمليات الربط الإلكتروني بين وزارتي العمل بالبلدين، خاصة العمالة الفنية المرتبطة بمشاريع البناء.

أزمة التعيينات

بالرغم من إقراره بصحة ما يطرحه بعض خبراء الاقتصاد وتقارير أجهزة الرقابة عن تضخم الجهاز الإداري للدولة، بحوالي مليوني و400 ألف موظف، وهو رقم لا يتناسب إطلاقاً مع عدد سكان ليببا الذي لا يزيد عن ثمانية ملايين نسمة، دعا العابد لتفهم الواقع الراهن، «في ظل هروب الاستثمارات الأجنبية جرَّاء الصراعات المسلحة والسياسية، وقلة مشاريع التنمية والإعمار، وعدم وجود مناخ مشجع للقطاع الخاص، وإقامة المشاريع الصغرى والمتوسطة، وكنتيجة لذلك لم يعد هناك ملجأ أو ملاذ آمن للخريجين كل عام سوى التعيين في مؤسسات الدولة». وقال بهذا الخصوص إن مشكلة التعيينات «ورثناها من حكومات سابقة، ونحن مضطرون للتعاطي معها، حيث يتم ضخ أكثر من نصف ميزانية الدولة بالباب الأول، وهو الرواتب، لكن لا يوجد بديل حتى يتم ربط مناهج التعليم باحتياجات سوق العمل».

كما تحدث العابد عن «تواصل حملات التفتيش، التي تجريها وزارته للقضاء على ظاهرة الازدواج الوظيفي، بين العمل الخاص والحكومي، والقضاء أيضاً على بعض الظواهر السلبية، كوجود أسماء مقيدة بالرواتب الحكومية، دون أن تمارس عملاً، وأخرى تم تعينها دون علم منها».



​«الوحدة» الليبية تتعهد التحقيق في دهس مشجعين عقب مباراة لكرة القدم

لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
TT
20

​«الوحدة» الليبية تتعهد التحقيق في دهس مشجعين عقب مباراة لكرة القدم

لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)

وسط انتقادات محلية واسعة، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة أن وزيرها المكلف، عماد الطرابلسي، أصدر تعليمات عاجلة بفتح تحقيق «فوري وشامل» في حادثة دهس سيارة تابعة لجهة أمنية، مساء الاثنين، لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم بالمدينة الرياضية في العاصمة طرابلس.

وأكدت الوزارة على «ضرورة تحديد المسؤوليات بدقة»، مشيرة إلى جلب السيارة وسائقها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وأعربت عن أسفها البالغ لما حدث، وعدّت هذا التصرف «سلوكاً فردياً لا يعكس بأي حال من الأحوال سياستها أو نهجها المهني»، وشدّدت على أنها «لن تتهاون في اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية لمحاسبة المتورطين، وتحقيق العدالة، وإنصاف المتضررين».

لكن الوزارة قالت في المقابل إن الحادثة وقعت «نتيجة اعتداء بعض المشجعين على دوريات الشرطة، التي ادعت أنها سعت لتفادي التصعيد والابتعاد عن موقع الحادث».

وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)

وبعدما أكدت التزامها بالعمل وفق معايير أمنية وإنسانية وقانونية، وضمان احترام حقوق المواطنين وسلامتهم، دعت الجميع إلى «التزام التهدئة وتحري الدقة في تداول المعلومات، إلى حين انتهاء التحقيقات، وصدور نتائجها النهائية، وتعهدت إطلاع الرأي العام على أي مستجدات تتعلق بالقضية فور توفرها».

وأظهرت مقاطع فيديو تعمّد سيارات مسلحة، تحمل شعار وزارة الداخلية بالحكومة، الاصطدام بعدد من الجماهير خارج أسوار ملعب طرابلس الدولي، عقب انتهاء مباراة أهلي طرابلس والسويحلي، ما أدى إلى إصابة عدد غير معلوم تم نقلهم في حالة حرجة للعلاج، كما رصدت وسائل إعلام محلية اعتداء عناصر تابعة لوزارة الداخلية مسؤولة عن تأمين الجماهير، على المشجعين أثناء خروجهم من ملعب المباراة.

وبحسب شهود عيان، فقد أقدم بعض المشجعين على حرق وتكسير عدد من السيارات التابعة لـ«جهاز الأمن العام»، بإمرة شقيق عماد الطرابلسي، عبد الله الشهير بـ(الفراولة)، رداً على الواقعة.

بدورها، اتهمت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان سيارات الشرطة، التابعة لإدارة الدعم المركزي بوزارة الداخلية، بالاعتداء والدهس المباشر لمشجعي النادي الأهلي، ما أدى إلى إصابة بعضهم بإصابات خطيرة، نقلوا على أثرها إلى العناية الطبية. وعدّت ما قام به من وصفتهم بأفراد الأمن «غير المنضبطين» استخفافاً بحياة وأرواح وسلامة المواطنين، وتهديداً للأمن والسلم الاجتماعي، ومساساً بحياة وسلامة المدنيين، وترويعاً وإرهاباً مسلح لهم، وبمثابة أعمال وممارسات تُشكل جرائم يعاقب عليها القانون.

وبعدما حملت المسؤولية القانونية الكاملة للطرابلسي، طالبت المؤسسة بفتح تحقيق شامل في ملابسات وظروف هذه الجريمة، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة، وعدم إفلاتهم من العقاب.

وعقب عملية الدهس، تصاعدت الانتقادات للأجهزة الأمنية وللتشكيلات المسلحة ولحكومة «الوحدة». ودخل فتحي باشاغا، رئيس حكومة شرق ليبيا السابق، ليعبر عن أسفه مما «تشهده بعض الفعاليات الرياضية من تدخلات سلبية من جهات مدنية وأمنية وعسكرية، حوّلت هذا الفضاء الرياضي من جسر للتقارب إلى ساحة للتوتر والاحتقان».

فتحي باشاغا رئيس حكومة شرق ليبيا السابق (الشرق الأوسط)
فتحي باشاغا رئيس حكومة شرق ليبيا السابق (الشرق الأوسط)

وقال باشاغا في تعليق على الحادث: «تابعنا المباراة التي اتسمت بحضور جماهيري لافت، وأجواء تنافسية متميزة، إلا أن هذه الأجواء شابها مشهد مؤلم، يُظهر مركبات تابعة لوزارة الداخلية، وهي تدهس عدداً من الجماهير خارج محيط الملعب، في سلوك يناقض مقتضيات المسؤولية والواجب واحترام المهنة».

ورأى باشاغا أن ما وقع لبعض الجماهير من دهس «يشكل انتهاكاً صريحاً لنصوص الإعلان الدستوري، ولأحكام المادة (3) من قانون الشرطة، التي تُلزم رجال الأمن بحماية الأرواح والأعراض والأموال، والممتلكات العامة والخاصة، وصون الحقوق والحريات المكفولة».

كما أدان «المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان» عملية الدهس، محملاً الجهات الرسمية، ومن بينها وزارة الداخلية، المسؤولية القانونية والأخلاقية عما سمّاها «الانتهاكات الجسيمة، التي تمثل إخلالاً خطيراً بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في الحياة والسلامة الجسدية».

ولفت المجلس إلى أن استخدام القوة، أو وسائل النقل الرسمية في قمع المواطنين، أو الاعتداء عليهم «يعد مخالفة صريحة للدستور والقوانين الوطنية، فضلاً عن المواثيق الدولية»، وطالب بفتح تحقيق «عاجل وشفاف ومستقل» في الواقعة، وإخضاع المسؤولين عنها للقضاء.