جهات رقابية ونيابية تتوعد «لصوص المال العام» في ليبيا

النائب العام يحبس مسؤولاً مصرفياً استولى على أموال عملاء

المصرف المركزي الليبي (مواقع التواصل الاجتماعي)
المصرف المركزي الليبي (مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

جهات رقابية ونيابية تتوعد «لصوص المال العام» في ليبيا

المصرف المركزي الليبي (مواقع التواصل الاجتماعي)
المصرف المركزي الليبي (مواقع التواصل الاجتماعي)

توعدت جهات رقابية ونيابية في ليبيا «لصوص المال العام، وتطبيق القانون على الجميع»، وذلك في إطار تصديها لعمليات الفساد «المنتشرة في قطاعات كثيرة» بأنحاء البلاد، وفق تقارير رقابية، في وقت قرر فيه النائب العام، المستشار الصديق الصور، حبس مسؤول مصرفي على ذمة التحقيق لاتهامه بالاستيلاء على أموال عملاء.

وقال رئيس هيئة الرقابة الإدارية الليبية سليمان الشنطي، خلال اجتماع دوري سنوي عادي لها، عُقد بطرابلس مساء الأحد، إن الهيئة «لن تتوانى في الحفاظ على ثروات البلاد، والوقوف بالمرصاد لأي فاسد»، مضيفاً: «وجب علينا، كل في نطاق اختصاصه، أن نحقق العمل الدؤوب لإنجاح خطط الهيئة ورؤيتها في مكافحة الفساد».

ودعا الشنطي، أعضاء الهيئة، إلى «الوقوف سداً منيعاً ضد كل فاسدٍ، وألا تأخذهم في الله لومة لائم»، متابعاً: «لا يحبطن جهودكم وتطلعاتكم عدم اكتراث بعض المسؤولين للانصياع لأحكام القانون، وإجراءات الهيئة بالإيقاف الاحتياطي عن العمل، وغير ذلك من الاختصاصات الموكلة إليها بموجب أحكام قانونها».

وزاد الشنطي من توعده، بأن هيئته «لن تتوانى عن تطبيق القانون على كل مسؤول؛ لأنه يعلو ولا يُعلى عليه، ولأن القاعدة القانونية آمرة مجرّدة، ولن يتحصّن أحد خالف أحكامه، كما لن تسقط جرائم المساس بالمال العام بالتقادم أبداً».

وطالب أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، هيئة الرقابة بـ«التحقيق في جميع القضايا المتعلقة بجرائم الفساد المالي والإداري بالبلاد»، واصفاً دورها بـ«الضعيف».

ويرى حمزة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «كان لزاماً على رئيس الهيئة أن يتطرق إلى الحديث عن جهود الهيئة في الوقت السابق والحالي، لا أن يُمنِّي المتابعين له بأنها (الهيئة) تقوم بجهودها المنوطة بها في مكافحة الفساد».

وكان رئيس «هيئة الرقابة الإدارية»، قد تحدث في الاجتماع السنوي، عن «حجم الصعوبات والعراقيل التي تواجه سير العمل بالهيئة»، قائلاً: «عندما ندرك أننا حُمّلنا أمانة الرقيب العام في الدولة، وأن طموحات الشعب في مكافحة الفساد وأسبابه معلقة بآمالها علينا، عندها تهون الصعاب، وهو ما يدفعنا لبذل مزيد من العطاء».

وذكّر أعضاء الهيئة بما «عُهد إليهم من أمانة مراجعة وتدقيق وفحص عقود الدولة وفق أحكام القانون رقم (2) لسنة 2023»، وأن «يكونوا حصناً حصيناً لخيرات ومقدرات بلدهم، ويبرهنوا على حبهم وإخلاصهم في العمل».

وانتهى الشنطي، قائلاً لمنتسبي الهيئة: «طمئنوا أبناء وطنكم بأنكم لن تتوانوا عن تأدية واجبكم الوظيفي، وأنكم أقسمتم قسماً شرعياً بالمحافظة على مقدرات الوطن، وتأدية المهام وفقاً لأحكام القانون».

وفي سياق قريب، انتهت النيابة العامة في ليبيا بعد التحقيق مع مسؤول قسم الحسابات الجارية في أحد أفرع «مصرف التجارة والتنمية»، إلى حبس ذلك المسؤول احتياطياً، لاتهامه «بالاستيلاء على 12.3 مليون دينار ليبي». (الدولار يساوي 4.80 دينار).

وقال مكتب النائب العام في بيان (الاثنين)، إن أعضاء النيابة بدأوا التحقيق في واقعة الاستيلاء على مال عام مودع في حسابات مصرفية عدة، لدى فرع لـ«مصرف التجارة والتنمية»، مشيراً إلى أنهم «تثبتوا بالدليل، أن مسؤول قسم الحسابات الجارية تعمد تسييل صكوك مصدَّقة واردة إلى الفرع لصالح هيئات ومصالح وشركات عامة، ثم أدخل القيم المالية المقابلة لها في حلقة تحويلات داخلية أدارها بواسطة ثلاثين حساباً مصرفياً، حتى تمكن من سحب المبلغ المستولى عليه نقداً».

ولفتت إلى أنه «عقب وجود أدلة كافية على المتهم، رأى المحقق حبسه احتياطياً على ذمة القضية».

وقال مصدر قضائي بمكتب النائب العام، لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك توجهات بفتح مزيد من قضايا الاعتداء على المال العام، في قطاعات كثيرة في الأيام الآتية، خصوصاً في ما يتعلق بالاعتداء على أملاك الدولة».

اموال ليبية (مواقع التواصل)

وسبق للنائب العام أن أمر بسجن 3 رؤساء سابقين للبعثة الدبلوماسية لليبيا في أوكرانيا، الذين توّلوا وظيفتهم بين عامي 2012 و2019، وذلك في إطار التعاطي مع «وقائع الفساد التي تضمّنتها تقارير فحص ومراجعة العمل الإداري والمالي للبعثة»، كما أمر بحبس رئيس البعثة السابق في أوغندا، وتوقيف مسؤولين تابعين للبعثة الدبلوماسية للبلاد في قطر احتياطياً على ذمة التحقيق، وذلك لاتهامهم بـ«إساءة ممارسة الوظيفة، وتحصيل عشرات الآلاف من النقد الأجنبي لهم ولغيرهم».

ورحبت «اللجنة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان في ليبيـا»، بجُهود مكتب النائب العام بالتعاون مع اللواء (106) مجحفل) التابع للقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، والتي أسفرت عن استرجاع ممتلكات المواطنين النازحين بعدما تعرضت للاستغلال غير المشروع من قبل الخارجين عن القانون، خلال السنوات الماضية.

ورأت في بيان لها، أن هذه الجهود «خطوة مهمة لتهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للنازحين إلى مدنهم، بما يُسهم في تحقيق المصالحة الوطنية والاجتماعية الشاملة».



مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».