يمنيون يشكون بطشاً حوثياً في وظائف حكومية

اتهامات لقيادي من الميليشيات بسلوك عنيف تجاه 20 موظفاً

مجموعة من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)
مجموعة من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

يمنيون يشكون بطشاً حوثياً في وظائف حكومية

مجموعة من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)
مجموعة من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

يتهم سياسيون يمنيون وناشطون في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، بأنها تنتهج سياسة تتيح لقادتها المنتمين إلى سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي إذلال الموظفين الخاضعين لها حتى وإن كانوا من الموالين لها، دون أن تطالهم أي عقوبة، وذلك ضمن سعيها لإرهاب السكان وعدم انتقادهم لممارسات الفساد.

في هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن موظفاً في مصلحة أراضي وعقارات الدولة في العاصمة اليمنية (صنعاء)، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، توفي كمداً نتيجة فصله من عمله وقطع راتبه، بعدما اشتكى تعرضه للاعتداء على يد القيادي الحوثي هاشم الشامي، الذي يتولى أيضاً منصب إدارة مؤسسة الكهرباء، واللجنة الاقتصادية التي تتحكم في الموارد المالية جميعها، وإدارة البنوك التجارية.

ويؤكد قادة حوثيون ونشطاء موالون للجماعة أن أكثر من 20 شخصاً تعرضوا لسلوك مماثل على يد هذا القيادي المدعوم من قبل مدير مكتب مجلس الحكم، وهو المتنفذ أحمد حامد، الشهير باسم «أبو محفوظ»، بما في ذلك أعمال الضرب وتوجيه الشتائم والإهانة.

الموت قهراً

وفي تسجيل مصور تداوله الناشطون، يظهر رجل في العقد السابع من العمر يعرّف بنفسه على أنه والد الموظف أحمد اللساني، الذي توفي قهراً بعد أن اعتدى عليه القيادي الشامي، وقال الرجل إن ابنه الشاب كان يعمل في فرع مصلحة الأراضي في صنعاء، وإنه تعرّض للاعتداء والسب، ومن ثم تم إيقاف راتبه وفصله من الوظيفة.

الضحية كان عرّف بنفسه في شكوى رفعها إلى «أبو محفوظ» قبل وفاته بأنه أحد «المجاهدين»، وهي الصفة التي يطلقها الحوثيون على العناصر المنظمة والملتزمة فكرياً وسياسياً داخل الجماعة، شارحاً في شكواه أنه في أحد الأيام، وبعد 4 أيام من العمل المتواصل حتى الفجر، فوجئ بالتعرض للإساءة والإهانة من قبل الشامي، الذي حضر إلى فرع مصلحة الأراضي باكراً وباشر بالتعدي عليه والإساءة دون أي مقدمات، حيث لم يسمح له حتى بالسؤال عن دوافع هذا الاعتداء.

ويقول إنه كلما أراد الاستيضاح أفرط الشامي في التمادي أكثر، حتى قام برفع الحذاء لرميه في وجهه أمام الجميع.

الشكوى التي رُفعت إلى أحمد حامد، الذي يعد الحاكم الفعلي للمؤسسات الحكومية في مناطق سيطرة الجماعة، أكد فيها الضحية أن التزامه للجماعة حال بينه وبين الرد بالمثل، وطالب «برد الاعتبار ورد الكرامة» باعتبار ذلك رد اعتبار لكل العاملين معه، ممن وصفهم بـ«المرابطين في مواجهة الفساد والمفسدين». وزاد في تأكيد التزامه للجماعة بالقول إنه ورغم ما حدث فلن تحصل منه «أي خيانة أو إخلال بالمسؤولية»، إلا أن هذه الشكوى قوبلت بالتجاهل.

التغاضي مقابل المال

ووفق مصادر عاملة في الحكومة الانقلابية غير المعترف بها، فإن القيادي أحمد حامد أطلق يد مَن تم تعيينهم على رأس اللجنة الاقتصادية والجهات الإيرادية، مثل الجمارك، والضرائب، والاتصالات، والبريد، والكهرباء، والمشرفين على العمل الإغاثي لفعل ما يشاءون، في مقابل زيادة المبالغ التي يحصّلونها من السكان بشكل عام، والتجار بشكل خاص، وتوريدها إلى حساب خاص يتولى هو شخصياً إدارته والإشراف على الصرف منه، ولهذا فإن أي جهة لا تستطيع محاسبة أي منهم.

ويقول عادل، وهو أحد الموظفين في مصلحة الأراضي، إن الشامي معروف عنه شتم الموظفين وصفعهم، وصولاً إلى المراجعين في أغلب الأوقات.

وفي حين يؤكد أن اللساني ليس أول ولا آخر مَن تعرض للقهر من الشامي أو بسببه، يؤيده في ذلك عبد الغني الزبيدي أحد الناشطين الحوثيين، الذي يقدم نفسه بوصفه خبيراً عسكرياً، إذ يقول إنه مستعد للإدلاء بشهادته أمام أي لجنة تحقيق.

ويذكر الزبيدي أنه على علم بأكثر من 20 حالة سب وشتم ولعن، تعرّض لها موظفون تحت إدارة الشامي، ولم يستبعد حدوث اعتداءات أخرى لم يعلم بها، ويستغرب أن الشامي لم يُساءل أو يلام أو يعاتب، حتى مجرد العتاب، بل أُسندت إليه مناصب أخرى.

انتهاكات أخرى

الأمر لا يتوقف عند هذا، بل إن قيادات ومؤيدين للحوثيين كشفوا عن انتهاكات واعتداءات بالضرب تعرّض لها موظفون سواء في الجهات الثلاث التي يديرها الشامي أو جهات أخرى، حيث كشفت وثيقة أخرى موجهة من وزير داخلية الحوثيين، عبد الكريم الحوثي، في السادس من مارس (آذار) الماضي إلى أحمد حامد، يشكو فيها الشامي بصفته هذه المرة مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء، ويشرح أنه اعتدى على نائب مدير شرطة حراسة المنشآت، والتلفظ عليه بألفاظ بذيئة، ونزع الرتب من على كتفه، وذلك في فناء فرع المؤسسة في ضواحي مدينة تعز.

القيادي الحوثي هاشم الشامي المتهم بارتكاب الانتهاكات ضد الموظفين (تويتر)

عبد الكريم الحوثي وهو عم زعيم الجماعة، ذكر في شكواه أن الشامي أقدم على ذلك بغية إخراج أفراد الحراسة من السكن الكائن في فناء المؤسسة، والموجودين فيه لغرض حراسة المعدات الخاصة بالكهرباء.

وترجى الحوثي القيادي أحمد حامد (أبو محفوظ) من أجل «الاطلاع والتوجيه باتخاذ الإجراءات اللازمة حيال التصرف اللامسؤول» الصادر من قبل الشامي، وأبلغه باحتفاظ وزارته بحقها في مقاضاة الشامي لتعديه على موظف عام أثناء تأدية واجبه، لكن أحمد حامد تجاهل هذه الشكوى أيضاً.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».