جدل حول مؤتمر للمصريين المغتربين بين اتهامات بالفشل وتفاؤل بنجاح قادم

عقد برعاية رئيس الوزراء لبحث تحريك أهداف التنمية بحضور 16 وزيرًا

جدل حول مؤتمر للمصريين المغتربين بين اتهامات بالفشل وتفاؤل بنجاح قادم
TT

جدل حول مؤتمر للمصريين المغتربين بين اتهامات بالفشل وتفاؤل بنجاح قادم

جدل حول مؤتمر للمصريين المغتربين بين اتهامات بالفشل وتفاؤل بنجاح قادم

شهد مؤتمر للمصريين بالخارج عقد بمدينة الأقصر جنوب مصر تحت رعاية الحكومة المصرية بعض الجدل حول مدى نجاحه في تحقيق مغزاه من تواصل مع أبناء مصر المغتربين من جهة، أو الاستفادة بخبراتهم التراكمية الكبيرة خلال سنوات وجودهم وتعاملهم بالخارج من جهة أخرى. وبينما وجه بعض المصريين المغتربين، سواء من حضروا أو تخلفوا عن الحضور لظروف عدة، عددا من الانتقادات حول التنظيم، أشاد آخرون بالمؤتمر، وقال مصدر حكومي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إنه «خطوة أولى استكشافية، وليست الأخيرة في مشوار طويل.. ونجحت جزئيا في تحقيق هدف التواصل».
وانطلقت في مدينة الأقصر أول من أمس فعاليات المؤتمر التاسع للمصريين بالخارج، تحت رعاية رئيس الوزراء، ومشاركة 16 وزيرا وممثلين عن مختلف الوزارات. والمؤتمر يهدف إلى تحريك أهداف التنمية في مصر في مجالات الكهرباء والبترول، والصحة والسكان والبيئة والتدريب من خلال العلماء ورجال الأعمال المصريين المشاركين في المؤتمر المقيمين بالولايات المتحدة الأميركية وكندا وفرنسا وبلغاريا وألمانيا وأستراليا والنمسا والسعودية ولبنان والإمارات العربية المتحدة والكويت واليونان وهولندا وإسبانيا.
وقالت مصادر حكومية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة المصرية تولي المصريين في الخارج اهتمام بالغا، سواء على مستوى إعادة الثقة الوطنية إليهم واحتضانهم في مختلف العمليات الجارية بالداخل، وذلك بعد عقود طويلة من الإهمال تسببت في هوة غير مبررة بينهم وبين دولتهم الأم، أو على مستوى الاستفادة من الكفاءات الوطنية البارزة على كل الأصعدة العلمية والاقتصادية».
لكنّ عددا من المشاركين بالمؤتمر انتقدوا التنظيم، وقالوا لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك ارتباكا شاب فعاليات المؤتمر، خصوصا بعد انصراف رئيس الوزراء، رغم تقديرنا لظروف انصرافه للمشاركة في جنازة والدة الرئيس المصري التي رحلت بالتزامن مع انطلاق الجلسة».
وأشار هؤلاء إلى أن أبرز الانتقادات تكمن في عدم الإعلان الجيد عن فعالياته، ما أدى إلى عدم تمكن كثير من المصريين المغتربين أو ممثليهم في المؤتمر. كما أن مكان عقده بالأقصر، رغم احترام مكانتها التاريخية والسياحية، بدلا من العاصمة، أدى إلى ارتباك كبير لدى عدد ممن كانوا يعتزمون المشاركة.
وطالب كثير من المصريين المغتربين بتأسيس وزارة جديدة مستقلة لشؤون المصريين بالخارج، والذين يقدر عددهم بنحو ما يصل إلى 10 ملايين شخص، بحسب بعض الإحصاءات غير الرسمية. لكنّ مصدرا حكوميا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر نجح مبدئيا كخطوة أولى في تحقيق تواصل بين طرفي المعادلة، وهما المغتربون والجهات الرسمية بأرفع صورها ممثلة في أكثر من 10 وزراء.. وسيتبعه فعاليات وخطوات أخرى لتحقيق المزيد». وقال إن «فكرة تأسيس وزارة خاصة للمغتربين قد تطرح مستقبلا بعد دراسة كل جوانبها واحتياجاتها»، مؤكدا أن «فكر الإدارة المصرية الجديدة لا يستبعد أي أطروحات من أجل مزيد من التنمية أو إفادة الموطنين بالداخل أو بالخارج».
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أكد رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب أن المصريين في الخارج والداخل يعشقون مصر، شاكرا المصريين المغتربين اللذين لبوا دعوة الحضور للمؤتمر، وقال إن «كل واحد منّا سفير لبلده».
وشدد رئيس الحكومة على أن الأقصر وأسوان في قلوب المصريين، مشيرا إلى أن كثيرا من السياح غابوا عن مصر نتيجة لما يذاع من معلومات مغلوطة في وسائل الإعلام الأجنبية عن مصر، سواء بقصد أو لعدم فهم البعض للمنطقة وظروفها. وأشار إلى أن الحكومة قدمت تخفيضات كبيرة لزوار الأقصر وأسوان من المصريين بهدف المساعدة في الخروج من الأزمة السياحية الراهنة. كما أكد محلب في كلمته أن المنطقة بأكملها ستهتز إذا تمكن الإرهاب من مصر. وقال إن مصر تدافع عن العالم، وإن الإرهاب لو تمكّن من مصر فإن المنطقة ستهتز بكاملها، مشيرا إلى أن «حضارة المصريين كانت أقوى من الإرهاب.. والله حمى مصر طيلة عام كامل تعرضت فيه للاختطاف»، في إشارة لفترة حكم جماعة الإخوان، وتابع: «كانوا يريدون أن تصبح مصر مثل سوريا أو العراق أو ليبيا، كانوا يريدون أن يفرقوا المصريين، إلا أن الله حمى مصر من كل الفتن والمؤامرات».
وشدد محلب على أن «مصر آمنة، وستظل آمنة بوعي شعبها ويقظة جيشها وشرطتها رغم أنف الحاقدين»، مضيفا أن «الإرهاب أصبح صناعة متقدمة تمولها جهات مشبوهة، إلا أن الجيش المصري قهر هذا الإرهاب في سيناء بتحدي رجاله، الذي يعتبر كل واحد فيهم نفسه مشروع شهيد، آخر ما يفكر فيه هو حياته الشخصية»، مؤكدا أن أحدا حول العالم لم يعد في مأمن من الإرهاب بعد أن صار «تجارة منظمة عابرة للحدود».
وفي ذلك السياق، أكدت الدكتورة ناهد عشري، وزير القوي العاملة والهجرة في مصر، في كلمتها أمام المؤتمر، أن المؤتمر الذي ينعقد تحت شعار «قوتنا في وحدتنا»، ويشارك فيه ممثلو الاتحاد العام للمصريين في الخارج ورؤساء الجاليات المصرية على مستوى العالم، هو رسالة نوجهها إلى جميع أبناء مصر في الداخل والخارج، والتي نتوقع أيضًا أن تلتقطها كل الأطراف في العالم القريبة منا والبعيدة. مشددة على أن «مصر شعب واحد، لا فرق فيه بين مسلم ومسيحي»، وأن «مصر عصية على الفتن، وعلى مخططات التقسيم المذهبي الذي تتعرض له بعض دول المنطقة».
وأشارت الوزيرة إلى أن «المصريين بالداخل أو الخارج مهما تنوعت مواقعهم الجغرافية وتخصصاتهم المهنية، وانتماءاتهم الدينية وآراؤهم السياسية، أو تباينت مستوياتهم التعليمية أو المادية، لديهم كثير من القواسم المشتركة ومن عناصر التكامل والاعتماد المتبادل التي تجعل منهم دائما وعلى مدار التاريخ شعبا واحدا غير قابل للانكسار أو التقسيم، وقد شهد العالم بنفسه دلائل ما نقول عبر مراحل تاريخية وعهود وأحداث مختلفة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».