سمارة نهرا لـ«الشرق الأوسط»: لستُ نجمة عند كتّابنا ومنتجينا

تقول إنّ الممثل ليس موظفاً ينبغي عليه الحضور يومياً

سمارة نهرا تقول إنّ الكوميديا بالنسبة إليها شربة ماء (فيسبوك الفنانة)
سمارة نهرا تقول إنّ الكوميديا بالنسبة إليها شربة ماء (فيسبوك الفنانة)
TT

سمارة نهرا لـ«الشرق الأوسط»: لستُ نجمة عند كتّابنا ومنتجينا

سمارة نهرا تقول إنّ الكوميديا بالنسبة إليها شربة ماء (فيسبوك الفنانة)
سمارة نهرا تقول إنّ الكوميديا بالنسبة إليها شربة ماء (فيسبوك الفنانة)

تنتمي الممثلة اللبنانية سمارة نهرا إلى جيل ينتظر المسلسل على التلفزيون. المشاهدة لديها موعدٌ تضربه المحطة بعد نشرة الأخبار المسائية أو عند الساعة التاسعة والنصف. كل حضور لا يقترن بهذا الطقس التقليدي تحيله نوعاً ما على بداية الغياب عن أذهان الناس. وهي رغم أنها صوّرت أدواراً عدّة في العامين الماضيين لمسلسلات مسرحها المنصات، تربط حضورها الملموس بالشاشة وجمهورها الوفي لأوقات العرض الثابتة.

حديثها مع «الشرق الأوسط» يلفحه زهدٌ بالأشياء. تعلن من منطلق التسليم بواقع الحال رفض احتراق أعصابها وإهدار طاقتها على انتظار دور، فإن حصل تسعَد بالتحضير والتصوير، وإن لم يحصل ففي الحياة قسوة ومرارة تفوقان بأضعاف خيبات المهنة. بامتعاض مُنكّه بنَفَسها الفكاهي، تقول: «في تركيا، يمنحون الممثلات من جيلي أدواراً أساسية مكتوبة بتقدير، يتفوّق بعضها على دور البطل. هنا أدوارنا بمعظمها تحوم حول أم تردّد لأولادها (تاكل لطعميك؟ ما تتأخر بالليل). البطل والبطلة يلتهمان الأحداث».

إذن، العمر ليس في مصلحة الممثلة الأنثى، ومع تقدّمه تتراجع مقاعدها؟ تتبنّى نهرا الموقف المؤلم بابتسامة تهزأ من تبدّل الأحوال، وتصوغ معادلتها: «لو ثمة أعمال كوميدية، لما استرحتُ دقيقة من التصوير. الأزمة على مستويين: الكتابة والإنتاج. الأولى عاجزة عن ابتكار نصّ كوميدي خلّاق، والثاني يُغلّب الدراما لأسباب تسويقية. تُكتب الأعمال لنجم ونجمة المطلوب منهما تسويقها. الأغلبية تخفق أمام الحسّ الكوميدي، فتتكدّس مسلسلات الدموع والعصابة والجريمة».

ولكن، هل يستطيع المنتج فرض خياراته، أم أنّ للسوق كلمة هي الرقم واحد في المعادلة؟ تؤكد أنه يستطيع: «لدى المنتجين الكبار لغة في التخاطب خلال مفاوضات البيع والشراء. فإن صنَّع أحدهم عملاً كوميدياً، لن يجد عائقاً أمام تسويقه بموازاة أعماله الدرامية الأخرى».

تصف نصّ الكاتبة اللبنانية منى طايع، «بنات عمّاتي وبنتي وأنا»، الكوميدي الاجتماعي (2003)، بالأذكى على الشاشة المحلية منذ بداية الألفية؛ وتصدُق: «لا يُمل من مشاهدته، ولو تكرّرت مائة مرة». نسأل من منطلق صداقتها مع طايع، عن سبب تنحّي نصوصها، خصوصاً أنّ الأيام ثقيلة وتتوق إلى ضحكة؛ فتردّ على لسانها: «أين ستُباع هكذا إنتاجات؟ لا تكفي الكتابة إن كان مصير المسلسل الاستراحة الطويلة في الجوارير».

طباعها المرحة تهوّن عليها الأداء الكوميدي، من دون أن يعني ذلك تحوُّل كل مَرِح إلى مقنِع في الإضحاك. تعلّق: «كثر لا يعرفون لحظة جدّية، ومع ذلك يعجزون أمام دور كوميدي. المسألة في الموهبة قبل الطبع. بالنسبة إلي، الكوميديا شربة ماء، ما إن أقرأ عن الشخصية حتى أمسكها. الدراما تتطلّب شحناً عاطفياً وإدراكاً للحزن واستعداداً للبكاء الصادق. تشترط دموعاً لا تخدع الناس».

وتؤكد أيضاً أنّ الممثل الموهوب يؤدّي جميع الأدوار. وهي في وقفتها الأخيرة على المسرح بعرض «بضاعة ناعمة»، مزجت الموقفين وتنقلت بينهما. ورغم الحبكة القائمة على الظلم، مرّرت الرسالة بفكاهة. أفضل أدوارها يتيح تأرجحها بين الأفراح والأحزان، لتُقنع في النقيضين.

سمارة نهرا موهبة لا تُقابل بإنصاف طوال الوقت. قلّما يلحظ المُشاهد أنها تحفظ دوراً وتؤدّيه بعد نداء المخرج، «توب كاميرا». العفوية غالبة. لدى الاستفسار عن سبب غيابها عن الموسم الرمضاني، خصوصاً أنّ ممثلات من جيلها أمثال رندا كعدي ونوال كامل وختام اللحام، يحجزن حضوراً شبه دائم، تجيب: «نجوم شباب غائبون، فهل أُلام على غيابي؟». تلقى رداً بأنها أيضاً نجمة كرّستها السنوات والخبرة، فتتأسف: «لستُ نجمة عند كتّابنا ومنتجينا. لا يكفي الإطراء، والواقع مغاير للأقوال».

تطرد الزعل من باب حق النفس بمداراتها والاستغناء عما يُنغّص، وعلى سبيل العزاء تتابع: «مواهب تفوقني أهمية قوبلت بسوء التقدير وخفوت الفرص. لا بأس إن مثّلتُ أم لا». موقفها الأخير اعتباراتُه فنية، فبالنسبة إليها «الممثل ليس موظفاً ينبغي حضوره على الشاشة كل يوم». ولكن، ألا تشعر بأنها «مُهدّدة» بانطفاء الشهرة إن أذعنت لطول غياب؟ ألا يتقلّب في داخلها شغفٌ مُلحّ يهتف بأن تطلّ على الدوام؟ جوابها أنها لا تدير أذناً لإلحاح يستنزفها فيولد إحباطاً ويحرّك كآبات: «أرفض الوقوع حتى في أسر الشغف. إن طُلبتُ لدور ألبّي؛ وإن لم أُطلَب فلا بأس. تعلّمتُ رفع نفسي إلى أولوية كل شيء».



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.