السجون السرِّية... أداة الحوثيين للقمع وتصفية خلافاتهم البينية

الجماعة تحوِّل مقرات حكومية ومنظمات إنسانية إلى معتقلات

مقر منظمة «المتراحمون» قبل أن يحوّله الانقلابيون الحوثيون إلى سجن سرّي (خرائط غوغل)
مقر منظمة «المتراحمون» قبل أن يحوّله الانقلابيون الحوثيون إلى سجن سرّي (خرائط غوغل)
TT

السجون السرِّية... أداة الحوثيين للقمع وتصفية خلافاتهم البينية

مقر منظمة «المتراحمون» قبل أن يحوّله الانقلابيون الحوثيون إلى سجن سرّي (خرائط غوغل)
مقر منظمة «المتراحمون» قبل أن يحوّله الانقلابيون الحوثيون إلى سجن سرّي (خرائط غوغل)

في حين تجري التحضيرات لجولة جديدة من المشاورات بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين حول الأسرى والمختطفين؛ أكدت مصادر مطلعة في صنعاء تزايد أعداد السجون السرية التي يستخدمها الانقلابيون، حيث حوّلوا مقرات مؤسسات حكومية ومنظمات إنسانية وحقوقية إلى أقبية، إضافةً إلى منازل قادة حوثيين وأخرى لشخصيات سياسية واجتماعية نزحت إلى المناطق المحررة أو خارج البلاد.

وتكشف منصة توعوية على «تويتر» عن تحويل مقر منظمة إنسانية وسط العاصمة صنعاء إلى سجن سرّي.

وقال القائمون على المنصة إنهم فوجئوا بتحويل المبنى المكون من 4 طوابق إلى معتقل، بعد أن كانت عليه لوحة لمنظمة باسم «المتراحمين»، جرى تغطيتها لاستخدام قبوه كسجن، وأشارت إلى استخدام الدور الأرضي عند امتلاء القبو.

وذكروا أن الدورين الأول والثاني يحويان مخازن لأثاث ومعدات تابعة للمنظمة، وفي أحدهما توجد قاعة يستغلها من يديرون السجن السري لتناول ومضغ القات، متسائلين عن صاحب الحق في إنشاء هكذا معتقلات؟!

وجاءت الردود على التغريدة ما بين استنكار وتساؤل حول ما ورد فيها، وسخرية من أن المنصة انشغلت سابقاً بمخالفات المرور والمطاعم ونظافة الشوارع وتنظيم الطوابير، متجاهلةً انتهاكات وجرائم الانقلابيين الحوثيين، ورغم أن المنصة انتقدت في السابق الكثير من هذه الممارسات فإن أغلب نشاطها كان موجهاً للتوعية.

غير أن طرفاً ثالثاً، وهو من أنصار الانقلابيين الحوثيين، ذهب إلى اتهام المنصة بالعمالة والخيانة، وهدد القائمين عليها بالسجن في هذا المقر، مدافعاً عن قرار تحويل المبنى إلى سجن، غير أن البعض نفى هذا الأمر، وزعم أن المبنى خالٍ بعد إغلاق المنظمة، دون توضيح سبب الإغلاق.

وأوردت إحدى المغردات أن الميليشيات الحوثية أعلنت أن هذا المبنى يستخدم للسجناء من الأحداث، إلا أنه يمتلئ بمختطفين بالغين، مطالبةً بالكشف عمّا يجري فيه من انتهاكات؛ في حين أكدت المنصة أنها تمتلك معلومات عن القيادي الحوثي المشرف على السجن وعن المبنى.

ودعت المنصة الجهات المهتمة بحقوق الإنسان إلى التواصل معها من أجل هذه المعلومات، غير أن محاولات «الشرق الأوسط» التواصل معها لم تثمر رداً.

في غضون ذلك كشف الكثير من المصادر اليمنية عن أسماء قيادات حوثية تمتلك سجوناً سرّية في منازل مملوكة لشخصيات سياسية واجتماعية تعرضت للملاحقة من طرف الميليشيات ما أجبرها على النزوح إلى المناطق المحررة أو خارج البلاد، وأن الكثير من هذه السجون لا تخضع لسلطة الميليشيات العليا.

ووفقاً لبعض المصادر فإن كل قيادي حوثي يملك أو يدير سجوناً سرّية خاصة؛ يملك حرية التصرف بهذه السجون، واتخاذ الإجراءات وممارسة الانتهاكات التي يراها بحق المختطفين دون رقابة أو محاسبة من أي جهة، إلا إذا كان المختطف مطلوباً من جهة أخرى تابعة للميليشيات الحوثية.

المصادر أكدت أن الكيانات الأمنية الحوثية تعلم ما يدور في تلك السجون؛ إلا أن المسؤولين عن تلك الكيانات يغضّون الطرف عنها ما دامت لا تحتجز مطلوبين لهم، مثل المختطفين بسبب آرائهم ومواقفهم من الميليشيات أو الموالين للحكومة والناشطين الحقوقيين.

ونوهت المصادر إلى أن بعض القيادات الحوثية تحتجز المختطفين في منازلها، حيث تمتلك أقبية وملاحق بتلك المنازل تستخدمها كسجون، أو منازل لا تسكن فيها، وتدير فيها الكثير من الأعمال المشبوهة بما فيها الاختطاف والتعذيب.

غير أن وسائل إعلام يمنية نقلت عن مصادر أمنية أن الأجنحة الحوثية المتنافسة تستخدم السجون السرية في خلافاتها ونزاعاتها من أجل النفوذ والسيطرة ونهب الأموال العامة والخاصة، وتعمل على اختطاف المعارضين لها من داخل الميليشيات والعناصر التابعة لأجنحة وقيادات حوثية أخرى، خصوصاً أن الهدنة دفعتها للالتفات إلى خلافاتها الداخلية.

طبقاً لتلك المصادر الإعلامية فإن القيادي الحوثي المنتحل صفة محافظ صنعاء، عبد الباسط الهادي، ومدير مكتبه، زكريا الفصيح، يديران لصالحهما خمسة سجون في منازل تقع جميعها جنوبي العاصمة صنعاء، أحدها مملوك لوزير الدفاع السابق محمد المقدشي، وآخر يتبع صندوق النظافة والتحسين التابع لمحافظة صنعاء.

ومن بين القيادات الحوثية التي اختطفها الهادي والفصيح، القيادي خالد الروسي، المعيّن مديراً لأحد مكاتب الزكاة في المحافظة، وأبو نزيه، الذي انتقد فسادهما بكتابات على مواقع التواصل، وينتحل صفة مدير عام المسالخ، ومحمد الجرموزي، أحد مشايخ منطقة خولان الذي عارض نهب أراضٍ تابعة للأوقاف.

ومنذ 5 أعوام أصدرت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، تقريراً تحدثت فيه عن إنشاء الميليشيات الحوثية 480 سجناً سرياً في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، لإخفاء المختطفين فيها، وأنها حوّلت حتى ذلك الحين 227 مبنى حكومياً، و27 مؤسسةً طبية، و49 جامعةً، و99 مدرسة، و25 نادياً رياضياً، و47 مبنى قضائياً، و10 منازل إلى سجون سرية.

ومن المقرر أن تجري خلال هذا الشهر جولة جديدة من المشاورات بين الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية حول تبادل الأسرى والمختطفين، وذلك بعد أكثر من شهر من الإفراج عن قرابة 900 أسير ومحتجز.

وتقايض الميليشيات الحوثية المختطفين في سجونها بأسراها في المعارك لدى الحكومة اليمنية والتحالف الداعم للشرعية.



«الداخلية السورية»: انفجار «ذخيرة صوتية» خارج الطوق الأمني في دمشق

نور الدين البابا المتحدث باسم وزارة الداخلية وخلفه عدد من عناصر وسيارات الشرطة (حساب المتحدث باسم الداخلية السورية عبر منصة إكس)
نور الدين البابا المتحدث باسم وزارة الداخلية وخلفه عدد من عناصر وسيارات الشرطة (حساب المتحدث باسم الداخلية السورية عبر منصة إكس)
TT

«الداخلية السورية»: انفجار «ذخيرة صوتية» خارج الطوق الأمني في دمشق

نور الدين البابا المتحدث باسم وزارة الداخلية وخلفه عدد من عناصر وسيارات الشرطة (حساب المتحدث باسم الداخلية السورية عبر منصة إكس)
نور الدين البابا المتحدث باسم وزارة الداخلية وخلفه عدد من عناصر وسيارات الشرطة (حساب المتحدث باسم الداخلية السورية عبر منصة إكس)

قالت وزارة الداخلية السورية، الأحد، إن ذخيرة انفجرت قرب جسر الحرية في العاصمة دمشق دون خسائر.

وأوضح نور الدين البابا المتحدث باسم وزارة الداخلية، وفقاً لوكالة «سانا» الرسمية، أن «ذخيرة صوتية انفجرت خارج الطوق الأمني في مدينة دمشق قرب جسر الحرية، ولم تسبب أي خسائر بشرية أو مادية».

وأضاف أن وزارة الداخلية تعاين موقع الانفجار، و«تحقق في هوية الفاعل ودوافعه».


لجنة أممية: المرحلة الانتقالية في سوريا ما زالت «هشَّة»

صورة عامة للعاصمة دمشق (إ.ب.أ)
صورة عامة للعاصمة دمشق (إ.ب.أ)
TT

لجنة أممية: المرحلة الانتقالية في سوريا ما زالت «هشَّة»

صورة عامة للعاصمة دمشق (إ.ب.أ)
صورة عامة للعاصمة دمشق (إ.ب.أ)

اعتبر خبراء أمميون، اليوم (الأحد)، أن المرحلة الانتقالية في سوريا ما زالت «هشَّة» بعد عام من إطاحة حكم بشار الأسد، مشدِّدين على ضرورة «عدم تكرار انتهاكات الماضي» ومشيرين إلى التحديات الكثيرة في ظل استمرار انعدام الأمن والعنف.

في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، يحيي السوريون الذكرى الأولى لإطاحة حكم عائلة الأسد التي حكمت البلد بقبضة حديد، إثر هجوم خاطف شنَّته فصائل معارضة بعد نحو 14 عاماً من الحرب الأهلية.

وتتولَّى لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية السورية التابعة للأمم المتحدة استقصاء كلَّ انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكبة منذ مارس (آذار) 2011 وتوثيقها.

وفي هذه المناسبة، هنَّأت اللجنة في بيان «الشعب السوري على الخطوات العديدة التي اتُّخذت لمعالجة الجرائم والانتهاكات والاعتداءات التي ارتُكبت خلال العقود الماضية»؛ غير أنها ندَّدت بـ«الأحداث العنيفة في المناطق الساحلية وفي السويداء وفي محافظات أخرى» التي تسببت في «تجدُّد النزوح والاستقطاب، مما أثار مخاوف بشأن الاتجاه الذي ستسلكه البلاد في المستقبل».

واعتبرت اللجنة أن «سلسلة مروعة من أعمال العنف التي ارتكبتها حكومة بشار الأسد» بلغت «حدَّ العنف الإجرامي المنظَّم الموجَّه ضدَّ الشعب السوري».

وأعربت عن أملها أن تنتهي جولات الانتقام والثأر «نحو مستقبل تكون فيه سوريا دولة تضمن الاحترام الكامل لحقوق الإنسان لجميع أبنائها... وأن تتمكن سوريا من المضي قولاً وفعلاً؛ حيث يتمُّ تحقيق المساواة وسيادة القانون والسلام والأمن للجميع».

ولكن اللجنة أشارت في بيانها إلى أن «المرحلة الانتقالية في سوريا هشَّة». ففي حين «سيحتفل كثيرون في أنحاء البلاد بهذه الذكرى، يخشى آخرون على أمنهم الحالي». كما «سيضطر كثيرون إلى النوم في الخيام مرَّة أخرى هذا الشتاء»، حسب البيان.

وأكدت اللجنة أن «المصير المجهول لآلاف الأشخاص الذين اختفوا قسراً... ما زال جرحاً مفتوحاً».

وشددت على أن «تجاوز الإرث المروِّع نتيجة 14 عاماً من الحرب والدمار الهائل سيتطلَّب كثيراً من القوَّة والدعم والصبر».

وخلصت إلى أن «الشعب السوري يستحقُّ أن يعيش في سلام، مع احترام كامل للحقوق التي حُرِمَ منها لفترة طويلة»، مؤكِّدة: «لا شكَّ لدينا في أنهم على قدر هذه المهمَّة».

وهذه اللجنة المؤلَّفة من 3 خبراء مكلَّفة تقصِّي الحقائق لضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات. وقد مدَّد مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مهمَّتها لسنة إضافية في أبريل (نيسان).


«الميكانيزم» تستعد للدخول في اختبار «تبادل نيات» بين لبنان وإسرائيل

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)
TT

«الميكانيزم» تستعد للدخول في اختبار «تبادل نيات» بين لبنان وإسرائيل

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)

تدخل المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية، برعاية لجنة «الميكانيزم» حتى موعد انعقاد اجتماعها المقبل في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمرحلة اختبار النيات للتأكد من تجاوب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع الضغوط الأميركية التي مورست عليه بخفض منسوب التوتر لخلق أجواء مريحة لتفعيل المفاوضات، في مقابل استعداد لبنان للقيام بخطوات ملموسة لاستكمال تطبيق حصرية السلاح في ضوء وقوفه على مشارف الانتهاء من تطبيقه في جنوب الليطاني نهاية العام الحالي.

الاجتماع المقبل للجنة «الميكانيزم» هو الثاني، بعد أن أوكل كلٌّ من لبنان وإسرائيل رئاسة وفديهما إلى مدنيَّيْن استجابة لرغبة واشنطن التي كانت وراء التهدئة غير المسبوقة التي يشهدها الجنوب منذ ثلاثة أيام بغياب الخروق الإسرائيلية، واقتصرت على تحليق المسيّرات من دون أي استهدافات.

الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وأعضاء وفد مجلس الأمن قُبيل لقائهم رئيس البرلمان نبيه بري (إ.ب.أ)

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر وزارية أن تكليف لبنان السفير السابق لدى الولايات المتحدة الأميركية المحامي سيمون كرم ترؤس وفد لبنان لمفاوضات «الميكانيزم»، قوبل بارتياح أميركي عبّرت عنه مورغن أورتاغوس التي كانت في عداد وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي خلال زيارته الأخيرة لبيروت.

ونقلت المصادر الوزارية عنها قولها، خلال استقبال رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون لوفد السفراء، أن وجود مدني على رأس الوفد اللبناني يؤدي لتطرية الأجواء، ويسهم في خلق مناخات مريحة لتفعيل اجتماعات «الميكانيزم» واستعدادها لاتخاذ قرارات عند الضرورة بخلاف اجتماعاتها السابقة.

ورغم أن أورتاغوس لم تتطرق إلى مطالبة إسرائيل الجيش اللبناني بدهم المنازل الواقعة في جنوب الليطاني بذريعة أن «حزب الله» حوّلها مخازن لسلاحه، فإنها في المقابل شددت، بحسب المصادر، على أن بدء المفاوضات بضم مدني للوفد اللبناني، لا يعني أننا سنغض النظر عما هو مطلوب من الحكومة اللبنانية باتخاذ خطوات ملموسة لتطبيق حصرية السلاح.

ولفتت المصادر إلى أن أورتاغوس تحدثت بإيجابية عن موقف الرئيس عون الذي كان وراء تطعيم الوفد اللبناني بمدني، لكنها أشارت إلى أن المطلوب يكمن في نزع سلاح «حزب الله» بصرف النظر عن استعماله أو الاحتفاظ به، ما يساعد بتفعيل اجتماعات «الميكانيزم».

طمأنة قاسم للشمال

لكن المصادر تجنّبت التعليق على ما يتردد بأن مطلع العام المقبل يمكن أن يشهد تحولاً في الموقف الأميركي مع الانتهاء من تطبيق حصرية السلاح في جنوب الليطاني، وخلوه من المنشآت العسكرية للحزب، والتأكد من تطبيق الجيش الخطة التي وضعتها قيادته وتبنتها الحكومة.

فالتحول في الموقف الأميركي، في حال حصوله، يقضي بإلزام إسرائيل القيام بخطوة من شأنها أن تؤدي إلى تدعيم موقف الحكومة بإعدادها لجدول زمني لاستكمال تطبيق حصرية السلاح، بدءاً من شمال الليطاني حتى الحدود الدولية للبنان لبسط سلطته على أراضيه كافة؛ تنفيذاً للقرار «1701»، خصوصاً وأن ذلك يحرج «حزب الله» الذي ليس في وارد الأمر أن يرفع سلاحه في وجه «الميكانيزم»، فيما بادر أمينه العام الشيخ نعيم قاسم لطمأنة المستوطنين، بأنه لا خطر على المستوطنات الواقعة شمال فلسطين.

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «لتعظيم العلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

وتوقفت مصادر سياسية أمام قول قاسم في هذا الخصوص، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط»، أن خطابه الأخير يبقى تحت سقف تسجيل موقف اعتراض على تطعيم الوفد اللبناني بمدني، وتقديم الحكومة موقفاً مجانياً دون أي مقابل، ومن دون أن ينطوي على بُعد عسكري، ولم يكن مضطراً لطمأنة المستوطنات وحصره قدراته العسكرية بالدفاع عن لبنان، ولا يتسم ذلك بطابع هجومي أو قتالي. ولفتت إلى أنه لا خيار أمام الحزب سوى إعطاء فرصة للمفاوضات انسجاماً مع وقوفه خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي لإلزام إسرائيل بالانسحاب تطبيقاً للقرار «1701».

قلق الفراغ

وكشفت المصادر السياسية أن مرحلة ما بعد انتهاء خدمات قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل»، بالمفهوم السياسي للكلمة مع نهاية عام 2026، يبقى الشغل الشاغل لدى الرؤساء الثلاثة (عون ورئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة نواف سلام) الذين عبروا عن قلقهم، لدى استقبالهم سفراء مجلس الأمن الدولي، من حصول فراغ بالجنوب في حال أن الفترة الزمنية الفاصلة قبل حلول موعد إنهاء خدماتها لم تؤدّ لتطبيق القرار «1701». وقالت إنهم شددوا على إيجاد البديل الأممي لملء الفراغ، وإن كانوا تمنوا عليهم بقاء «اليونيفيل» ولو بأعداد رمزية.

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

وأكدت أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كما نقلت عنه أوساطه، خلص في ضوء اجتماعه بالسفراء إلى قناعة بأن جميعهم دون استثناء أبدوا تفهماً للموقف اللبناني، في مقابل تمسكهم بحصرية السلاح، وأن أحداً منهم لم يدافع عن وجهة نظر إسرائيل، خصوصاً وأن أورتاغوس لم تكن طرفاً في تبادل الأحاديث، وفضّلت الاستماع إلى ما طرحه بري.

وقالت إن رئيس الحكومة نواف سلام شدّد أمام السفراء على ضرورة تأمين قوة أممية بديلة لتحل مكان «اليونيفيل»، وإن كان رأى وجوب تدخل مجلس الأمن لتمديد فترة انتدابها لمؤازرة لبنان بتطبيق القرار «1701»، على أن يحظى الطلب اللبناني بموافقة واشنطن، وأنه لا مانع من أن تقلّص عديدها وعتادها، لأن ما يهمنا الإبقاء على المرجعية الدولية كأنها شاهد على تمرّد إسرائيل على تطبيق القرار في مقابل إصرار لبنان على حصر السلاح بالدولة، ولن يتراجع عنه مهما تعددت الضغوط أكانت محلية أو خارجية.

ولاحظت المصادر أن بري طرح أمام وفد السفراء إصرار إسرائيل على تدمير المنازل بذريعة أنها تحولت مخازن لسلاح «حزب الله»، ونقلت عنه قوله إن ذرائعها باطلة، وهذا ما أكدته قيادة الجيش في كشفها على المنازل المدمّرة، ورفعها تقريراً للجنة «الميكانيزم».

وأكدت أن مواصلة إسرائيل تدميرها للمنازل أُثير في اجتماعات «الميكانيزم» من زاوية أنه لا شيء يمنعها من أن تحيل إليها ما لديها من شكاوى، لتقوم بدورها بإعلام قيادة الجيش التي تكلف، بحسب الأصول القانونية، وحداتها المنتشرة في جنوب الليطاني بالتعاون مع «اليونيفيل» بالكشف عن المنازل التي تتذرع بها إسرائيل لمواصلة غاراتها الجوية، والتأكد من أنها لا تختزن سلاحاً للحزب، وأن تدميرها يأتي في سياق تأليب بيئته عليه.

وسألت، هل تتذرّع إسرائيل بتخزين «حزب الله» لسلاحه لقطع الطريق على مطالبتها بأن تُقدم على خطوة تكون بمثابة حسن نية تجاوباً مع انتهاء المرحلة التي حددتها قيادة الجيش لبسط سلطة الدولة دون أي شريك، وبمؤازرة «اليونيفيل»، على منطقة جنوب الليطاني وخلوّها من سلاح الحزب بشهادة مزدوجة من القوات الدولية و«الميكانيزم»، ما يشكّل إحراجاً للحزب في حال أصر على ربط سلاحه بالاستراتيجية الدفاعية من دون أن يتمكن من استخدامه بعد أن طمأن قاسم المستوطنات في شمال فلسطين بأنه لا خطر عليها؟

دور إيران

كما سألت الحزب، لماذا لا يطمئن قاسم اللبنانيين ويضع السلاح بعهدة حليفه بري لتدعيم موقف لبنان في المفاوضات التي تبقى تحت سقف أمني بامتياز بإلزام إسرائيل بالانسحاب، ما يضع واشنطن أمام تعهدها بمساعدته لوقف الأعمال العدائية ومندرجاتها تطبيقاً للقرار «1701»؟

مع أن المصادر، وإن كانت أخذت علماً بعدم تدخل إيران في الشأن الداخلي بحسب بيانها الصادر عن وزارة خارجيتها، فإنها تتوقع من طهران أن تلتزم، بخلاف السابق، بخطوات عملية لإقناع الحزب بالتخلي عن سلاحه الذي هو إيراني، وانخراطه بمشروع الدولة وإنما بلباس مدني.