بدت الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك هادئة مع دخول إجراءات الهجرة الأميركية الجديدة حيّز التنفيذ، فيما أكد مسؤولون في واشنطن ثقتهم بأن النظام الجديد سيكون ناجحا.
وبينما لا يزال آلاف الأشخاص ينتظرون عند الجانب المكسيكي ويأملون بالعبور الى الطرف الآخر، بدا أن التدفق الذي حذّر منه كثيرون، خصوصا الجمهوريين واليمينيين في واشنطن، لم يتحقق.
وقال وزير الأمن الداخلي الأميركي أليخاندرو مايوركاس لمحطة «سي إن إن»، أمس الجمعة، «نرى أشخاصاً يصلون إلى حدودنا الجنوبية، كما توقّعنا». وأضاف «نأخذهم إلى الحجز. نعالج وضعهم. نفحصهم وإذا لم يكن لديهم أساس للبقاء، فسوف نبعدهم بسرعة».
وتبدّلت الإجراءات عند الحدود منتصف ليل الخميس الجمعة مع انتهاء العمل بإجراء يعرف باسم «المادة 42» اعتمد خلال جائحة «كوفيد 19»، وكان يتيح للسلطات إعادة المهاجرين من حيث أتوا حتى وإن كانوا من طالبي اللجوء.
واستعاضت السلطات عنه بقواعد صارمة للتعامل مع المهاجرين غير النظاميين، تشمل حظر دخولهم لخمسة أعوام وقد تصل الى توجيه اتهامات جنائية إليهم. كما بات يتوجب على طالبي اللجوء أن يتقدّموا بطلب لذلك من خارج البلاد.
وشدد مايوركاس على أن «خطتنا تستهلك وقتاً، لكن خطتنا ستنجح».
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولي الهجرة أن ما يصل الى 10 آلاف شخص سعوا الى عبور الحدود يوميا خلال الأسبوع الماضي. وقام كثيرون منهم بتسليم أنفسهم طوعا الى دائرة الجمارك وحماية الحدود آملين في أن يتمّ تسجيل أسمائهم وتركهم الى حين بتّ ملفاتهم لأن السلطات غير قادرة على استضافتهم أو طردهم حاليا.
وفي مطار مدينة إل باسو الحدودية في ولاية تكساس الأميركية، كانت يوني كامارو تنتظر رحلة الى إنديانا للاجتماع مجددا بأقارب لها.
وأعربت الشابة البالغة من العمر 23 عاما التي أعطيت موعدا لمقابلة قاضِ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، عن سعادتها البالغة لوصولها الى الولايات المتحدة بعد رحلة شاقة من فنزويلا. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية «كنا نعاني البرد، لا نأكل، لا يمكننا الذهاب الى الحمام، ونعتمد على الطعام الذي يُقدّم لنا». وأضافت «انتهى ذلك الآن. بتنا هنا، لقد نجحنا» في العبور.
لكن الارتياح الذي ارتسم على وجوه كثيرين لم يشمل الجميع، اذ أكد مسؤولون أميركيون وفاة فتى وهو في عهدة الخدمات الصحية والانسانية التي تتولى الاهتمام بالأطفال الذين يعبرون الى الولايات المتحدة من دون ذويهم.
ولم تقدّم الدائرة تفاصيل بشأن ظروف الوفاة، لكن وزير خارجية هندوراس إنريكي رينا قال إن الفتى يبلغ من العمر 17 عاما وقضى في منشأة للخدمات الصحية والإنسانية في فلوريدا.
وأكد أن الوضع «هادئ وطبيعي»، مضيفا «التدفق يتراجع... لم تسجّل مواجهات أو حالات عنف عند الحدود».
وقال مسؤولون إن وكالة الهجرة المكسيكية عمّمت على مكاتبها وقف إصدار وثائق تتيح للمهاجرين عبور أراضيها، في محاولة لضبط التدفق نحو الحدود الأميركية.
وحذّرت إديث تابيا من منظمة «انترناشونال ريسكيو كوميتي» الإنسانية غير الحكومية، من أن السياسة الجديدة التي تحدّ من امكانات طلب الأشخاص الأكثر ضعفا اللجوء الى الولايات المتحدة، تجعلهم عرضة للعصابات الإجرامية التي تنتشر على نطاق واسع في مناطق شمال المكسيك. وقالت إن الاجراءات «ستضع المهاجرين وطالبي اللجوء في خطر وتتركهم بلا حماية».
وأثار تغيير إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن سياسة الهجرة جدلا في واشنطن، اذ اعتبر مناصروه الأكثر ميلا الى اليسار أن القيود الجديدة صارمة جدا، بينما حذّر خصومه اليمينيون من تدفق هائل للمهاجرين نحو حدود يرون أنها ستصبح «مفتوحة».
وكرّر مسؤولون في إدارة بايدن خلال الأيام الماضية التأكيد بأن وقف العمل بـ«المادة 42» لا يعني أن الحدود باتت مفتوحة أمام الراغبين في عبورها.
وواجهت السياسة الجديدة تحديات قانونية. ففي فلوريدا، وافق قاضِ فدرالي على طلب تقدمت به الإدارة الجمهورية للولاية وأمر سلطات الحدود بوقف منح من يعبرون الحدود عفوا مشروطا، أي السماح لهم بالبقاء على الأراضي الأميركية الى حين النظر في قضاياهم، وهو ما قد يتطلّب أعواما.
وفي تكساس، تقدمت 13 ولاية يهيمن عليها الجمهوريون بشكوى قضائية تدعو لاعتبار هذا الإجراء «غير قانوني». واعتبرت أن العفو المشروط «يخلق حوافز لعدد إضافي من الأشخاص غير النظاميين للانتقال الى الحدود الجنوبية الغربية» ومحاولة الدخول الى الولايات المتحدة.
من جهتها، تؤكد واشنطن أنها تعمل على توسيع المسارات القانونية التي يمكن لطالبي اللجوء استخدامها، عبر فتح مراكز إقليمية في دول أخرى لدرس طلباتهم، وتعزيز برامج العمالة الوافدة، وزيادة الموافقات للاجئين من هايتي وكوبا وفنزويلا ودول أخرى تعاني ظروفا صعبة تدفع سكانها للهجرة.
كما أطلقت تطبيقا الكترونيا يتيح لطالبي اللجوء أخذ مواعيد لمقابلات مع مسؤولي الهجرة على الحدود قبل وصولهم. وفي حين شكا كثيرون من مشكلات تقنية، سهّل التطبيق الأمور لكثيرين.