لماذا تحولت الزاوية إلى ساحة اقتتال في غرب ليبيا؟

المدينة عانت منذ سنوات من تغوّل الميليشيات المسلحة وتوسّع نفوذها

الحداد رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» خلال زيارته إلى الزاوية (رئاسة الأركان)
الحداد رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» خلال زيارته إلى الزاوية (رئاسة الأركان)
TT

لماذا تحولت الزاوية إلى ساحة اقتتال في غرب ليبيا؟

الحداد رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» خلال زيارته إلى الزاوية (رئاسة الأركان)
الحداد رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» خلال زيارته إلى الزاوية (رئاسة الأركان)

رغم التحركات الأخيرة للسلطة التنفيذية والعسكرية في غرب ليبيا من أجل السيطرة على الانفلات الأمني بمدينة الزاوية، من خلال وضع «خطة عاجلة لمحاربة الجريمة»، فإن تجدد الاقتتال في المدينة، التي تعد البوابة الغربية لطرابلس، يطرح مزيداً من الأسئلة عن أسباب ذلك.

ويشتكي سكان الزاوية منذ سنوات، من تغوّل الميليشيات المسلحة في أنحاء مدينتهم وتوسّع نفوذها، لكن السلطات لم تكن في تلك الأثناء، بحسب مصدر أمني بشرق ليبيا، تلتفت لنداءاتهم المتكررة، بالنظر إلى أن عناصر هذه التشكيلات كانت تقف مجتمعة في ظهر الحكومات المتعاقبة، وآخرها حكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قبل أن تدخل في نزاع على السلطة مع حكومة فتحي باشاغا.

وأَضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «تغيّر الولاءات لبعض قادة المجموعات المسلحة، ونزوعهم نحو توسيع نفوذهم على الأرض حوّل الزاوية خلال الأشهر الماضية، إلى ساحة اقتتال من وقت إلى آخر»، ورأى أن السلطة في طرابلس «أهملت المدينة، ورفعت يدها عن محاسبة المتورطين في ارتكاب عديد الجرائم هناك».

وعادة ما يتجدد الاقتتال بين كتيبة «الإسناد الأولى»، بقيادة محمد بحرون الملقب بـ«الفار»، والتابعة لمديرية أمن مدينة الزاوية، وعناصر فرع «جهاز دعم الاستقرار» بالمدينة التي يقودها عبد الغني الككلي الملقب بـ«غنيوة»، والتابع لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية. وعادة ما تستخدم في مثل هذه الاشتباكات الأسلحة المتوسطة والثقيلة، مما يحول الزاوية إلى ساحة حرب حقيقية تخلّف في الغالب عدة قتلى وجرحى.

كما تنتشر تشكيلات أخرى في المدينة، من بينها ميليشيا «الكابوات» التي يقودها المعروف بـ«روبي»، إلى جانب «سرية النصر» التي يقودها محمد كشلاف، المعروف بـ«قصب»، الذي اتهمه تقرير سابق لخبراء تابعين للأمم المتحدة بأنه «متورط في تهريب خام النفط من مصفاة الزاوية».

كما يعد «الفار» من قادة التشكيلات المسلحة، التي تلعب دوراً أساسياً على مسرح الاقتتال المتكرر بالزاوية، وهو من مواليد 1989، وتعددت نشاطاته في أعقاب «ثورة» 17 فبراير (شباط) عام 2011. وبعد خروجه من رحم ميليشيا «إبراهيم احنيش»، بات واحداً من المؤثرين في منطقته، بل ومن المقربين من الدبيبة، وبعض قادة غرب ليبيا.

ووقعت الاشتباكات التي شهدتها الزاوية ليلة أمس (الخميس)، بعد ساعات من زيارة أجراها الفريق محمد الحداد، رئيس أركان القوات التابعة لحكومة «الوحدة»، رافقه فيها آمر المنطقة العسكرية الساحل الغربي، اللواء صلاح الدين النمروش، وعدد من قيادات هيئة العمليات، وجهاز حرس المنشآت النفطية، وكان في استقبالهم رئيس وأعضاء اللجنة الأمنية، وقوة مهام المنطقة الغربية.

وعقد الحداد اجتماعاً حضره أعضاء اللجنة، وتنسيقية حراك شباب الزاوية، والأعيان والحكماء، وناقش فيه مطالب الحراك، وسير عمل اللجنة الأمنية بغرفة العمليات المشتركة.

الحداد يستمع إلى ملاحظات تنسيقية حراك شباب الزاوية والأعيان والحكماء (رئاسة الأركان)

ويرى سياسيون ليبيون أن الاشتباكات المسلحة في الزاوية ستظل تتجدد طالما لم تُقدم السلطات في طرابلس على «تفكيك هذه المجموعات، أو حتى محاسبتها على جرائم تهريب النفط والمتاجرة في المهاجرين، واستخدام المرتزقة».



مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».