قررت الأردن وفلسطين تجميد اعترافهما بالبطريرك الأرمني نورهان مانوغيان، بصفته بطريرك الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية في القدس وسائر الأراضي المقدسة والمملكة الأردنية الهاشمية، وذلك بعد جهود ومحاولات عديدة لم تُفلح في تصويب تعامل البطريرك مع عقارات الحيّ الأرمني في البلدة القديمة في القدس، الذي يعد إرثاً حضارياً وإنسانياً، وجزءاً تاريخياً من فسيفساء المدينة المقدسة.
وجاء في بيان رسمي مشترك صادر عن البلدين، أن «القرار بتجميد الاعتراف بالبطريرك، اتُخذ بناءً على تعليمات جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك بعد أن اتخذ البطريرك مانوغيان إجراءات عقارية وصفقات من شأنها التأثير على مستقبل المدينة المقدسة، من دون توافق وتشاور مع الأطراف ذات الصلة، وبدون إشراك السنود والهيئة العامة لأخوية مار يعقوب كما يقتضي القانون والأنظمة الكنسية، وتجاهله نداءات المؤسسات الأرمنية في الداخل وفي المهجر».
وأشار البيان إلى أن قرار الأردن وفلسطين جاء عقب «الصفقة» المتعلقة بموقع البستان، المعروفة بـ«حديقة البقر» ومحيطها في البلدة القديمة من القدس الشرقية، الذي يمتد إلى بناية القشلة في باب الخليل، وتشكل جزءاً كبيراً من الحيّ الأرمني. وطالب البلدان البطريرك مانوغيان بوقف أي إجراءات من شأنها التأثير على وضع هذه العقارات التاريخي والقانوني، التي ستغير من طابعها الديمغرافي والجغرافي، لكنه لم يستجب إلى أي من هذه المطالب.
وأكد الجانبان، أن الحي الأرمني جزءٌ لا يتجزأ من البلدة القديمة باعتباره أراضي محتلة، ينطبق عليها قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة، منها قرارات مجلس الأمن 1515، 476، 338، 242، 2334، وغيرها من القرارات الدولية ذات العلاقة.
ووفق البيان، فإن المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أصدر قرارات عدة باعتبار البلدة القديمة وأسوارها ضمن قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، وإن تعاملات البطريرك مانوغيان شكلت مخالفة صريحة للمواثيق والقرارات الدولية ذات العلاقة، التي تهدف إلى الحفاظ على الوضع القائم في القدس وحماية الإرث الأرمني المقدسي الأصيل.
الجدير ذكره أنه تم الكشف منذ عدة شهور عن إبرام اتفاق غير معلن يقضي بتأجير قطعة أرض تابعة لبطريركية الأرمن في القدس لبلدية القدس الإسرائيلية وصندوق يهودي يعنى بتهويد القدس الشرقية، لإقامة موقف سيارات وفندق لرجل أعمال أسترالي.
وتسببت هذه الصفقة بشرخ في الكنيسة الأرمنية نفسها، إذ أعرب 12 كاهناً من «أخوية مار يعقوب» التابعة لبطريركية الأرمن في المدينة، عن استنكارهم قرار البطريرك نورهان مانوغيان، خصوصاً وأن مدة صفقة التأجير تصل إلى 99 عاماً.
ورفعت السلطة الفلسطينية شكوى ضد البطريرك مانوغيان إلى البطريرك الأعلى في أرمينيا، لكثرة الصفقات مع إسرائيل التي تثير الريبة، وتهدد بتغيير الطابع العربي للمدينة المقدسة.
وبعث رمزي خوري، رئيس اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في السلطة الفلسطينية بكتاب إلى بطريرك أرمينيا الكثوليكوس كاريكين الثاني، بخصوص الحي الأرمني، أكد فيه عدم الارتياح والغضب على أداء البطريركية الأرمنية مع أبناء الرعية والتفرد بالقرارات خلال السنوات الأخيرة، ما يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية على مفاوضات الحل النهائي وعلى «الستاتوس كوو»، وعلى الوصاية الهاشمية للمملكة الأردنية على الأماكن المقدسة في القدس الشرقية.