مقتل ضابط وإصابة 7 عناصر من الشرطة في انفجار سيارة بدمشق

مراقبون ربطوا بين التفجير ومسارات التقارب مع دول عربية وإقليمية

صورة نشرتها «الداخلية» السورية للسيارة التي انفجرت في دمشق الأربعاء
صورة نشرتها «الداخلية» السورية للسيارة التي انفجرت في دمشق الأربعاء
TT
20

مقتل ضابط وإصابة 7 عناصر من الشرطة في انفجار سيارة بدمشق

صورة نشرتها «الداخلية» السورية للسيارة التي انفجرت في دمشق الأربعاء
صورة نشرتها «الداخلية» السورية للسيارة التي انفجرت في دمشق الأربعاء

قتل ضابط وأصيب 7 عناصر من قوى الأمن الداخلي (الشرطة) السوري بجروح بليغة، جرّاء انفجار مركبة مركونة في حرم قسم شرطة حي برزة في العاصمة السورية دمشق، وتسبب بحالة هلع بين السكان، من دون أن تتضح ملابسات الانفجار.

وذكرت عدة مصادر محلية من حي برزة لـ«الشرق الأوسط» أن سيارة تتبع قسم شرطة برزة الواقع في منطقة «مسبقة الصنع» شمال الحي انفجرت ما بين الساعة التاسعة والنصف والعاشرة من صباح الأربعاء.

وأضافت المصادر: «السيارة كانت مركونة أمام قسم الشرطة وانفجارها كان قوياً جداً، وسمع دويه في كل أرجاء الحي والأحياء المجاورة حيث شوهد دخان كثيف يتصاعد من السيارة التي تدمرت بالكامل».

وتحدثت المصادر عن وقوع إصابات بين عناصر القسم من جراء الانفجار الذي تسبب بحالة هلع بين السكان، وأضافت: «لا نعلم سبب الانفجار. قد يكون عبوة ناسفة وضعت في السيارة وجرى تفجيرها عن بعد».

رسميا، قالت وزارة الداخلية السورية، في بيان نشرته على صفحتها في موقع «فيسبوك»: «انفجرت مركبة شرطية ضمن حرم قسم شرطة برزة في دمشق ما أدى إلى إصابة ضابط وأربعة عناصر، بإصابات متفاوتة». وذكرت أنه جرى نقل المصابين إلى المستشفى، في وقت «ما زالت التحقيقات مستمرة، لكشف ملابسات الحادثة».

نعي «الداخلية»

وفي وقت لاحق أعلنت الوزارة «استشهـاد المقدم شرف البطل مهند فندي جاد الله من قادة شرطة دمشق (قسم شرطة برزة) إثر انفجار مركبة في قسم شرطة برزة». وأشارت إلى أنه تم نقل جثمـانه إلى مشفى الشرطة بدمشق وسيشيع إلى مثواه الأخير في محافظة السويداء جنوب البلاد.

بدوره، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: «قتل ضابط وأصيب 7 عناصر من جهاز الشرطة التابع للنظام بجروح بليغة أدى بعضها لبتر الأطراف جراء انفجار سيارة صباح اليوم (الأربعاء) بالقرب من مخفر للشرطة، في حي برزة في العاصمة دمشق، حيث جرى نقلهم إلى مستشفى النفيس في العاصمة لتلقي العلاج».

وسبق ذلك حديث «المرصد» عن «سماع دوي انفجار عنيف مجهول السبب حتى اللحظة بالقرب من مخفر للشرطة في حي برزة الدمشقي، حيث شوهدت سيارات الإسعاف تهرع لمكان الانفجار وسط أنباء عن وقوع مصابين، فيما تصاعد الدخان جراء الانفجار، دون معرفة سببه ما إذا كانت عبوة ناسفة أو لسبب آخر».

وتشهد دمشق بين فترة وأخرى انفجار عبوات ناسفة، موضوعة في سيارات مدنية أو عسكرية، من دون أن تتضح الخلفية أو الأسباب أو الجهة المسؤولة عنها. وغالباً ما تكون مرتبطة، وفق «المرصد»، بخلافات شخصية أو تصفية حسابات. وفي الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، انفجرت عبوة موضوعة في سيارة مدنية، في حي المزة، مما أدى إلى إصابة شخصين إصابات طفيفة، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي حينها.

وتشهد سوريا، منذ عام 2011، نزاعاً دامياً تسبَّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وبدمار واسع في البنى التحتية، وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.

تاريخ برزة

ويعد حي برزة المدخل الشمالي لدمشق، وسيطرت فصائل المعارضة المسلحة خلال الحرب الدائرة في البلاد على منطقة «برزة البلد» الواقعة في المنطقة الشمالية الشرقية منه لعدة سنوات قبل أن تستعيد قوات النظام وحلفاؤها السيطرة عليها وعلى المناطق المجاورة في شمال شرقي دمشق عام 2017.

وآنذاك نُقل مسلحو المعارضة بحافلات من المنطقة، وتوجه معظمهم إلى محافظة إدلب في شمال غربي سوريا الذي لا يزال إلى حد كبير تحت سيطرة المعارضة.

يأتي التفجير الجديد بدمشق في وقت يشهد الملف السوري تحركات متسارعة في إطار إعادة تطبيع العلاقات بين دول عربية من جهة ودمشق من جهة ثانية وبعد قرار جامعة الدول العربية الأحد استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاتها.

كما يأتي في ظل تواصل مساعي روسيا لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، حيث انطلق صباح اليوم (الأربعاء) في موسكو أعمال اجتماع وزراء خارجية سوريا وروسيا وتركيا وإيران، والذي يناقش ملفات العلاقة السورية التركية، في إطار جهود روسيا لدفع عملية التقارب بين الطرفين.

وربط مراقبون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بين التفجير وتطبيع دول عربية وإقليمية مع دمشق. وقال أحدهم: «يبدو أن هناك من لا تروق له هذه التطورات».

كما ربط مراقب آخر بين التفجير وتصريحات أطلقها أبو محمد الجولاني، قائد «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، في 28 أبريل الماضي قال فيها: «الآن نحن في العصر الذهبي للثورة السورية، لأن القوى المدنية والعسكرية تجتمع على قلب واحد، والازدواجية في هذين الأمرين لا تحصل في أي مكان». ويسيطر فصيل الجولاني على جزء كبير من إدلب الحدودية مع تركيا وعبر أكثر من مرة عن رفضه التقارب بين أنقرة ودمشق. وقال الجولاني إنهم «يمتلكون أكثر من زر لقلب الطاولة إلى الانفجار الكامل والتسخين»، وبالتالي «يستطيعون تغيير الكثير من الأحداث أو مواجهة التحديات التي تعترض الثورة السورية».


مقالات ذات صلة

أربعة جرحى بانفجار مستودع ذخيرة في روسيا

أوروبا تصاعد الدخان وألسنة اللهب فوق ساحة تدريب عسكرية عقب انفجار في منطقة كيروفسكه بشبه جزيرة القرم 19 يوليو 2023 (رويترز)

أربعة جرحى بانفجار مستودع ذخيرة في روسيا

سقط أربعة جرحى في انفجار وقع في مستودع ذخيرة في منطقة فلاديمير في شرق روسيا، على ما أفاد الجيش الذي أرجع الحادث إلى عدم التزام معايير السلامة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي صورة ملتقَطة في 26 مارس 2025 في قميناس جنوب شرقي محافظة إدلب تُظهر الشاب سليمان المصاب جراء انفجار لغم أثناء دخوله أرضاً زراعية في قرية داديخ بريف إدلب (د.ب.أ)

أكثر من 700 قتيل وجريح بانفجار ألغام وذخائر في سوريا منذ سقوط الأسد

سقط أكثر من 700 شخص بين قتيل وجريح في سوريا، جراء مخلّفات الحرب منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، وفق ما أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الخميس.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا الانفجار وقع بالقرب من محطة وقود في منطقة بوترا هايتس بولاية سيلانغور (إ.ب.أ) play-circle

شاهد... اندلاع حريق هائل بعد انفجار أنبوب غاز في ماليزيا

تسبَّب انفجار أنبوب غاز في تصاعد عمود من اللهب نحو السماء، اليوم الثلاثاء، في ضاحية ماليزية تقع خارج كوالالمبور، ما أسفر عن إصابة أكثر من 100 شخص وددفع السلطات…

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور )
المشرق العربي صورة نشرتها وكالة «سانا» تُظهر دخاناً يتصاعد فوق مدينة اللاذقية بعد الانفجار (أ.ف.ب)

الدفاع المدني السوري: 10 قتلى بانفجار «مخلفات الحرب» في اللاذقية

أعلن الدفاع المدني السوري، السبت، ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار مخلفات الحرب في حي الرمل بمدينة اللاذقية إلى 10 مدنيين، بينهم 3 نساء وطفلتان، وإصابة 14 آخرين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا أفراد الأسرة يقفون حول فتاة أثناء تلقيها العلاج في مستشفى في بانو بعد انفجار في شمال غربي باكستان 4 مارس 2025 (أ.ب)

مقتل 9 مدنيين في هجوم بسيارتين مفخختين بباكستان

قُتل 9 مدنيين على الأقل بينهم 3 أطفال، الثلاثاء، في هجوم بسيارتين مفخختين شنته مجموعة موالية لـ«طالبان» على ثكنة للجيش في شمال غربي باكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

«موت مدوٍّ يسمعه العالم»... حكاية الصحافية فاطمة حسونة التي وثقت الحياة في غزة حتى لحظاتها الأخيرة

«موت مدوٍّ يسمعه العالم»... حكاية الصحافية فاطمة حسونة التي وثقت الحياة في غزة حتى لحظاتها الأخيرة
TT
20

«موت مدوٍّ يسمعه العالم»... حكاية الصحافية فاطمة حسونة التي وثقت الحياة في غزة حتى لحظاتها الأخيرة

«موت مدوٍّ يسمعه العالم»... حكاية الصحافية فاطمة حسونة التي وثقت الحياة في غزة حتى لحظاتها الأخيرة

قبل أن تُقتل بغارة جوية إسرائيلية، كتبت الصحافية الفلسطينية فاطمة حسونة على وسائل التواصل الاجتماعي: «إذا مت، أريد موتًا مدوّياً... أريد أثراً يبقى على مدى العصور، وصوراً خالدة لا تدفنها لا الأرض ولا الزمن وكأنها كانت تكتب وصيتها للعالم».

فاطمة، البالغة من العمر 25 عاماً، لم تكن مجرد مصورة صحافية في غزة؛ بل كانت شاهداً على الموت والحياة، الدمار والأمل، وسط حرب لا تنتهي. وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

في أواخر عام 2023، ومع تجدد العدوان الإسرائيلي على القطاع، بدأت بتوثيق يوميات الحرب بكل تناقضاتها: النزوح، فقدان الأحبة، فرحة العيد، الهدوء القصير خلال الهدن.

ورغم كل ما أحاطها من خطر، لم تفقد فاطمة شغفها بالحياة والمستقبل. كانت مخطوبة، وتستعد لحفل زفافها في الصيف. كما تلقت قبل وفاتها بيوم واحد فقط، خبراً باختيار فيلم وثائقي عن تجربتها للمشاركة في مهرجان «آسيد كان» السينمائي في فرنسا.

لكن الحلم انطفأ سريعاً. في اليوم التالي، قُتلت فاطمة مع أفراد من عائلتها في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلهم في مدينة غزة، وفقاً للجنة حماية الصحافيين، التي أضافت أن المجتمع الدولي فشل في حماية الصحافيين الفلسطينيين، ما أدى إلى تدمير الجسم الصحافي في غزة.

برر الجيش الإسرائيلي الضربة بأنها استهدفت عنصراً من كتائب «حماس»، مدعياً اتخاذ خطوات لتقليل خطر إصابة المدنيين. لكن هذه الخطوات لم تحمِ فاطمة، ولم تحمِ العشرات من الصحافيين الفلسطينيين الذين قتلوا في الحرب، والذين تجاوز عددهم 176 وفقاً للجنة حماية الصحافيين، ما يجعل هذا الصراع الأكثر دموية للصحافيين منذ بدء تسجيل البيانات عام 1992.

المخرجة الإيرانية - الفرنسية سپيده فارسي، التي أخرجت الفيلم الوثائقي عن فاطمة بعنوان «ضع روحك على يدك وسِر»، وصفتها بأنها كانت «صديقة، أخت، فنانة موهوبة، ومصورة بارعة»، وأضافت أن فاطمة كانت مدركة لخطورة الموقف، وقالت لها ذات مرة: «هذه المرة مختلفة... إنه مستوى آخر من الحرب».

كان لفاطمة حضور لافت، حتى في وجه المأساة. نشرت صوراً توثق حياة الناس، وشاركت حكايات عن أصدقائها الذين فقدتهم، كصديقتها المصممة محاسن الخطيب، التي قُتلت أيضاً بغارة. كانت تخشى المصير نفسه، لكنها لم تتوقف عن التصوير، عن توثيق الحياة، عن مقاومة الموت بالضوء والعدسة.

نعى مهرجان «آسيد كان» فاطمة بكلمات مؤثرة، قائلاً: «كانت ابتسامتها ساحرة بقدر عزيمتها: توثق، وتصوّر، وتوزع الطعام رغم القصف والحزن والجوع».

ورغم معرفتها بصعوبة مغادرة غزة لحضور العرض العالمي لفيلمها، قالت للمخرجة فارسي: « سأذهب، بشرط أن أعود... غزتي بحاجة إليّ».

اليوم، لم تعد فاطمة. لكن صوتها لم يُغيّب. صورها، كلماتها، قصتها، كلها تصرخ في وجه الصمت الدولي. أرادت أن يكون موتها مسموعاً، وقد كان. فربما، في ختام هذا الحزن، تولد حياة من عدستها، تظل تصرخ: «غزتي بحاجة إلينا جميعاً».