يقف البرلمان اللبناني على مسافة أسابيع تفصله عن انقضاء الربع الأول من ولايته من دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج يمكن الرهان عليها لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم الذي يعيق انتخاب رئيس للجمهورية.
ولعل مروحة الاتصالات الواسعة التي أجراها سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد البخاري، وشملت أبرز المرجعيات الروحية والقيادات السياسية تصب في خانة حث الكتل النيابية للإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية كونه شأناً لبنانياً داخلياً بامتياز، مما يقطع الطريق على إمعان الكتل النيابية في اللعب في الوقت الضائع بانتظار أن ينوب عنها المجتمع الدولي، الذي يدعو باستمرار للتوافق للمجيء برئيس يكون على مستوى التحديات التي تتطلب منه الترفُّع عن الحسابات الضيقة التي لا تُصرف للانتقال به إلى مرحلة التعافي.
السفير السعودي لـ"الجديد": نحن على ثقة بأنّ اللبنانيين قادرون على تحقيق التّوافق الذي يُساهم في حل الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية واستعادة ثقة المجتمع الدوليhttps://t.co/QwPeDVDB8X@bukhariwaleeed
— Al Jadeed News (@ALJADEEDNEWS) May 4, 2023
فالسفير البخاري انتهز الفرصة من لقاءاته ليؤكد للمعنيين بانتخاب رئيس للجمهورية بأن السعودية لن تتدخل في انتخابه وليس لديها من مرشح ولا تعترض على أي من المرشحين، تاركة القرار للكتل النيابية للتوافق على الرئيس القادر على جمع اللبنانيين تحت سقف الاستجابة لدفتر الشروط، الذي وضعه المجتمع الدولي لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته.
لذلك فإن المملكة ليست في وارد دعم هذا المرشح أو ذاك، وبالتالي لن تلتزم بأي موقف مسبق، وتفضّل أن تحكم على النتائج ليكون في وسعها أن تبني على الشيء مقتضاه.
وفي هذا السياق، يقول مصدر سياسي مواكب للقاءات البخاري، إن أبرز ما تضمنته مواقف هذه الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية لا يلتقي والكثير من توجهات المبادرة الفرنسية الداعمة لترشيح زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية. ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن مواقفها تتمثل في حث الكتل النيابية على أن الحل للاستحقاق الرئاسي يأتي من داخل لبنان وليس من المجتمع الدولي.
ويرى أن التمايز بين فرنسا والدول الأعضاء في اللجنة الخماسية لا يعني بالضرورة بأنه سيدفع باتجاه اندلاع اشتباك سياسي بداخلها، ويقول إن الخلاف لم يمنع استمرار التواصل بين هذه الدول، وهذا ما ينسحب على علاقة باريس بالرياض اللتين تتواصلان باستمرار من موقع الاختلاف في مقاربتهما لانتخاب الرئيس.
جنبلاط التقى البخاري.. وبحثٌ في المستجداتاستقبل الرئيس وليد جنبلاط في كليمنصو السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، بحضور رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور، حيث جرى عرض مختلف الأوضاع والمستجدات الراهنة @bukhariwaleeed @walidjoumblatt pic.twitter.com/rNXgwELXQV
— Progressive Socialist Party (@psp_lebanon) May 6, 2023
ويؤكد المصدر نفسه أنه من غير الجائز أن يستمر الشغور الرئاسي الذي يدخل حالياً في شهره السابع في بلد يغرق في جمود سياسي وأزمة اقتصادية خانقة، وهذا ما يضع المسؤولية على عاتق القيادات السياسية التي يجب عليها التحرك اليوم قبل الغد لانتخاب رئيس يضع على رأس أولوياته توحيد البلاد وإقرار الإصلاحات المطلوبة على وجه السرعة لإنقاذ الاقتصاد من أزمته ومنع انهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة.
ويغمز المصدر من قناة باريس كونها ليست مضطرة، بصرف النظر عن الدوافع التي تتذرع بها لمقاربة الملف الرئاسي، بدعم ترشيح فرنجية باعتباره يشكل أقرب الطرق لمنع التمديد للشغور الرئاسي، مستفيدة من تردد المعارضة في تسمية مرشحها، وكان الأحرى بها الالتزام بالمواصفات التي أجمع عليها المجتمع الدولي.
ويتوقف المصدر أمام المقابلة التي أجرتها محطة «الجديد» مع فرنجية، ويقول إن بعض أقواله لم تكن مريحة، وتحديداً ما يتعلق بمواقفه من الثلث الضامن في الحكومة، والمداورة في توزيع الحقائب، والاستراتيجية الدفاعية للبنان ومن ضمنها سلاح «حزب الله».
أنا أملك شيئاً لا يملكه الكثيرون وهو ثقة حزب الله وثقة الرئيس السوري بشار الأسد وأنا أستطيع أن أنجز معهم ما لا يستطيع أن ينجزه آخرون.
— Sleiman Frangieh (@sleimanfrangieh) April 26, 2023
ويقول إنها كانت موضع انتقاد من قبل معظم المكوّنات السياسية في الشارع السني، التي رأت فيها أنها لا تؤمّن التوازن المطلوب بين رئيس الحكومة وبين رئيسي الجمهورية والبرلمان.