المعارضة اللبنانية تكثّف مشاوراتها لاختيار بديل عن معوض

«حزب الله» يرى أن اختيار الرئيس يرسم استراتيجية البلد

المقعد الرئاسي شاغرا في القصر الجمهوري اللبناني (إ.ب.أ)
المقعد الرئاسي شاغرا في القصر الجمهوري اللبناني (إ.ب.أ)
TT

المعارضة اللبنانية تكثّف مشاوراتها لاختيار بديل عن معوض

المقعد الرئاسي شاغرا في القصر الجمهوري اللبناني (إ.ب.أ)
المقعد الرئاسي شاغرا في القصر الجمهوري اللبناني (إ.ب.أ)

لم تهدأ الحركة المستجدة على صعيد أزمة الرئاسة داخلياً وخارجياً، وإن كانت المعطيات المتوافرة لا تسمح بالحسم بأن الأمور تتجه حتماً لنهاية قريبة تتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية بعد أكثر من 7 أشهر على شغور سدة الرئاسة. فالضغوط الدولية التي بلغت مداها مؤخراً بالدفع باتجاه إنجاز هذا الاستحقاق بعد إبلاغ معظم الدول المعنية بالشأن اللبناني أن لا فيتو لديها على أي من المرشحين، وأن همها الوحيد إنهاء الفراغ الذي بات يتسلل إلى كل مؤسسات الدولة، لا تزال دون ترجمة فعلية داخلية في ظل الانقسام العمودي الحاصل بين «حزب الله» وحلفائه من جهة، الذين يتمسكون بترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، والقوى التي تُعرف بقوى «المعارضة» من جهة أخرى، التي بدأت حراكاً جديداً يفترض أن ينتهي بالإعلان عن تفاهم العدد الأكبر من مكوناتها على اسم مرشح جديد للرئاسة بديل عن رئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض.

وأشارت مصادر حزب «القوات اللبنانية» إلى «3 أمور أساسية طبعت الملف الرئاسي في الساعات الماضية، أولاً سقوط رهان الممانعة، والذي استمر نحو شهر ونصف شهر على التدخل الخارجي لقلب ميزان القوى الداخلي لمصلحة مرشحهم فرنجية. ثانياً، الحركة الدبلوماسية اللافتة بعد سقوط المبادرة الفرنسية. وثالثاً حراك المعارضة في هذا التوقيت لمحاولة للاتفاق على اسم قادر على الحصول على 65 أو 70 صوتاً من أصوات النواب، ما يمكنها من فرض أمر واقع فيصبح الفريق الآخر مضطراً إلى أن يتنازل عن ورقته عاجلاً أو آجلاً». وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن «دينامية متجددة لدى قوى المعارضة واتصالات جدية وحركة مهمة للتفاهم على مرشح جديد»، رافضة تحديد مواعيد للإعلان عن اسمه. وكشفت المصادر أن «قنوات التواصل غير المباشرة مع (التيار الوطني الحر) قائمة بهدف الاتفاق على رئيس سيادي إصلاحي»، وأضافت: «بعدما تخلى حزب الله عن التيار بات من واجب الأخير أن يخطو خطوة باتجاه المعارضة للاتفاق على مرشح. لكن ما لمسناه حتى الساعة أنه لا استعداد لديه لقطع الخيط الأخير مع الحزب».

من جهته، قال أحد نواب «التغيير» الذي فضل عدم الكشف عن هويته إن «الأجواء إيجابية جداً بما يتعلق بقرب التفاهم على مرشح رئاسي جديد بين قوى المعارضة»، وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه رغم أننا نشعر بنوع من التخلي الدولي عنا وعن مطلبنا برئيس سيادي إصلاحي، فإننا مستمرون بمعركتنا داخلياً ولن نستسلم أو نتراجع».

في المقابل، يبدو «الثنائي الشيعي» متفائلاً بالجو الخارجي المستجد. ولفت أمس ما أعلنه رئيس كتلة «حزب الله» النيابية النائب محمد رعد الذي رأى أن «اختيار الرئيس له علاقة برسم مسار البلد الاستراتيجي».

ودعا في تصريح له لـ«التفاهم لاختيار الرئيس الأصلح لبلادنا في هذه المرحلة التي نريد منها أن تحفظكم، وأن تحفظ مصالح الجميع»، مضيفاً: «يقولون لنا أسقطوا مرشحكم وتعالوا لنتفاهم، هم لا يريدون الحوار بل يريدون أن نتخلى عن مرشحنا، فيما يريدوننا أن نستمع إلى أسماء مرشحيهم ونتحاور حول الأسماء التي يطرحونها ثم يتهموننا بأننا نرفض الحوار ونرفض التفهم والتفاهم». واعتبر أنه «قد يطول الوقت حتى يستوعبوا الحقيقة، لكن هذا شأنهم لأن الاستحقاق الرئاسي واختيار الرئيس له علاقة برسم مسار البلد الاستراتيجي».

ولا تزال الأنظار تتجه إلى موقف «التيار الوطني الحر»، وما إذا كان قد يؤمن النصاب لجلسة تؤدي لانتخاب فرنجية. وعن هذا الموضوع قالت مصادر نيابية في «الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط”: «لم يحصل أي نقاش بعد بموضوع النصاب، وحتى هذه الساعة كان توجّهنا المشاركة بجلسات الانتخاب وعدم تعطيلها».



محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة على أعلى المستويات في هذا البلد.

وقالت لينيا أرفيدسون، التي تنسق أعمال لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «من المهم جداً إحالة مرتكبي الجرائم على أعلى المستويات إلى القضاء».

وشددت خلال مقابلة أجرتها معها «وكالة الصحافة الفرنسية» في جنيف، على أنه «يجب التركيز على الذين يتحملون المسؤولية الرئيسية عن الانتهاكات التي ارتكبت على مدى سنوات مديدة، بدل التركيز على مرتكبي (الجرائم) الأدنى مستوى».

وشكّلت «هيئة تحرير الشام»، الثلاثاء، حكومة انتقالية في سوريا بعد فرار الرئيس بشار الأسد من البلاد، الأحد، إثر هجوم خاطف قادته وأطاح بنظامه.

وأدى النزاع الذي اندلع في سوريا عام 2011 مع قيام احتجاجات مطالبة بالديمقراطية قوبلت بحملة قمع عنيفة، إلى سقوط نصف مليون قتيل، فيما فقد عشرات الآلاف أو اعتقلوا وتعرضوا للتعذيب.

وتعهدت السلطات الانتقالية الجديدة محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم ومعاقبة الضالعين في تعذيب المعتقلين.

11 ألف شهادة

وتجمع لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا أدلة على الجرائم المرتكبة في هذا البلد منذ اندلاع النزاع، ووضعت قوائم بأشخاص يشتبه بارتكابهم هذه الجرائم.

وقالت أرفيدسون: «لدينا حتى الآن نحو أربعة آلاف اسم على هذه القوائم».

ولم يكشف حتى الآن عن الأسماء المدرجة على القوائم، لكن المحققين تقاسموا تفاصيل مع المدعين العامين في المحاكم التي حققت وباشرت ملاحقات بحق سوريين يشتبه بارتكابهم جرائم حرب.

وأوضحت المنسقة أن الفريق تعاون حتى الآن «في 170 تحقيقاً جنائياً من هذا النوع»، ما قاد إلى 50 إدانة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.

لكنها أشارت إلى أنه لم يتم حتى الآن الوصول إلى كبار المسؤولين.

وقالت: «هناك الآن فرصة لتحميلهم المسؤولية هم أيضاً».

وبعدما كانت لجنة التحقيق غير مرغوب بها في سوريا في عهد الأسد، تأمل الآن في أن تتمكن من دخول البلد بعد سنوات من التحقيقات عن بُعد.

وأوضحت أرفيدسون: «وثّقنا أكثر من 11 ألف شهادة من سوريين، معظمهم ضحايا... انتهاكات وناجون من الاعتقال» وشهود.

«ظلام حالك»

ومع فتح المعتقلات بعد سقوط النظام، تأكدت المعلومات التي جمعتها لجنة التحقيق عن بعد.

وعلّقت المسؤولة على مقاطع الفيديو التي ترد منذ الدخول إلى سجن «صيدنايا»، المعروف بممارسات التعذيب الوحشية فيه، والتي تظهر «غرفاً تحت الأرض بلا نوافذ ولا نور»، مؤكدة: «هذا تماماً ما نسمعه منذ سنوات مديدة من المعتقلين».

وتابعت: «بعضهم لم يبصر نور الشمس لسنوات طويلة... يَصِفون جميعهم ظلاماً، ظلاماً حالكاً».

ويدعو المحققون الآن إلى الحفاظ على الأرشيف والوثائق والملفات.

وقالت المنسقة بهذا الصدد: «من المهم للغاية الآن حماية هذه (الملفات) والحفاظ عليها، وفي أفضل الأحوال في الموقع الذي عثر عليها فيه، من غير أن يتم نقلها أو تعديلها أو إضاعتها أو المساس بها»، مذكّرة بأن كل ما يدرجه القانون الدولي تحت عنوان جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ارتكب في سوريا، بما في ذلك «الإبادة الجماعية».

وذكرت أن الاختفاءات القسرية ولّدت «صدمة وطنية»، وبالتالي: «من المهم للغاية إحالة الأشخاص على القضاء بسبب ذلك».

وتأمل لجنة التحقيق الآن بقيام آلية محاسبة وطنية، والاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية للنظر في هذه المسائل.

وشددت أرفيدسون على أنه «من واجبنا عدم إهمال أي شيء في سعينا هذا».