سخرية من تهنئة الحوثيين بعيد العمال

وسط تصاعد المطالب بصرف الرواتب المتوقفة منذ 7 سنوات

صبي يمني يبيع وجبات خفيفة مغلفة بسوق في صنعاء (أ.ف.ب)
صبي يمني يبيع وجبات خفيفة مغلفة بسوق في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

سخرية من تهنئة الحوثيين بعيد العمال

صبي يمني يبيع وجبات خفيفة مغلفة بسوق في صنعاء (أ.ف.ب)
صبي يمني يبيع وجبات خفيفة مغلفة بسوق في صنعاء (أ.ف.ب)

«شكراً على التهنئة، تبقى فقط أن تدفعوا رواتبنا وسنرد لكم التهنئة». بهذه العبارة علق أحد اليمنيين على «تويتر» متهكماً من تهنئة القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» بعيد العمال، فيما رد آخر على تغريدة الحساب الذي نشر تهنئة المشاط: «احتفظ بتهنئتك، العمال يموتون جوعاً، ويريدون رواتبهم فقط».
وتوالت التعليقات الساخطة والساخرة من تهنئة المشاط بعيد العمال، حيث أضاف أحد مستخدمي «تويتر»: «أفضل تهنئة للعمال هي دفع رواتبهم، أما غير ذلك فهو تدليس». وسخر آخر من اتهام المشاط لدول التحالف الداعم للشرعية بقطع رواتب الموظفين العموميين بتغريدة قال فيها: «وهل دول التحالف هي من فتحت حسابات بنكية بأسمائكم لتوريد أموال الشعب المنهوبة إليها؟».
وورد في خطاب القيادي الحوثي المشاط، الذي يتعاطى الانقلابيون معه بصفة رئيس دولة غير معترف بها؛ ما نصه: «لن نتنازل عن حقوق العمال، ولن نسمح بتجاهل استحقاقاتهم، وسنعمل جاهدين على استعادتها»، وهي أكثر فقرة أثارت السخرية لدى اليمنيين، وكان أبرز تعليق متهكم عليها: «الحمد لله، هذا يعني أنهم اعترفوا بنهب حقوقنا وسيعيدونها إلينا».
غير أن صحافياً رد بجدية على تهنئة المشاط التي تضمنت اتهامات لدول تحالف دعم الشرعية بقطع رواتب موظفي الدولة متسائلاً: هل كانت الرواتب تأتي من دول التحالف؟، وسانده في تساؤله ناشط اجتماعي بالقول: «بحسب تقرير لجنة الخبراء، تذهب أموال مؤسسات الدولة إلى حسابات وخزائن قيادات حوثية».
في غضون ذلك أصدر الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن بياناً بمناسبة اليوم العالمي للعمال، أكد فيه ضرورة دفع مرتبات جميع موظفي القطاعين العام والمختلط التي أوقفتها الميليشيات الحوثية منذ عام 2016، مطالباً بتحريك الأجور بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية.
ودان الاتحاد محاولات الميليشيات الحوثية، التي وصفها بـ«سلطات الأمر الواقع»، فرض سيطرتها وتدخلها في عمل المنظمات النقابية، ومحاولة الهيمنة على النقابات العمالية، مؤيداً الجهود التي تبذل لإنهاء الحرب ومسبباتها وإحلال السلام الدائم، ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية التي خلفها الانقلاب والحرب.
ودعا الاتحاد الحكومة إلى تفعيل الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج لمعالجة القضايا العمالية، وفقاً للتشريعات المحلية والاتفاقيات الدولية والحوار الجاد والفعلي والملموس، مشدداً على أهمية التمسك بمبدأ الشراكة الاجتماعية ودورها في الدفاع عن حقوق العمال ومصالحهم من خلال تطبيق القوانين والاتفاقيات الدولية وتعزيز السياسات العمالية.
وتعرض بيان الاتحاد إلى ما يعرف بـ«مذبحة الجوعى» التي فقد فيها عدد من العائلات أفرادها الذين «ضحوا بحياتهم من أجل الحصول على مبلغ مالي ضئيل مقدم من مجموعة تجارية تساهم في تخفيف معاناة آلاف المواطنين الذي وصلوا إلى أوضاع معيشية صعبة»، بحسب البيان الذي لمح إلى تخلي المؤسسات التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية عنهم.
واتهم البيان الميليشيات الحوثية بمحاولة استبعاد ممثلي الاتحاد من مجالس إدارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات وصندوق تنمية المهارات، وكذلك لدى الجهات الحكومية، الأمر الذي قال إنه يدعو للقلق على وضع تلك المؤسسات وعلى مستقبل المستفيدين، مناشداً الحكومة والجهات المعنية فيها سرعة تشكيل تلك المجالس بحسب القوانين.
ووصف الخبير الاقتصادي فؤاد المقطري بيان الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن بالدبلوماسي؛ وذلك لأن مقر الاتحاد ومركز نشاطه ما زال في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الميليشيات، مبرراً جملة «سلطات الأمر الواقع» التي وردت في البيان، وإدراج الحكومة اليمنية ضمن مسببات الأوضاع المأساوية للعمال، لتجنب أي إجراءات حوثية ضد الاتحاد.
المقطري أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الانقلاب الحوثي أصاب بيئة العمل بعلل وأمراض كثيرة، وألحق الكثير من العمال بسوق البطالة، مقدراً، وفق ما لديه من معلومات وبيانات وتقارير، عدد الذين توقفت مصادر دخلهم بسبب الانقلاب الحوثي وممارسات الميليشيات المدمرة للاقتصاد وسوق العمل بأكثر من 5 ملايين عامل.
واستغرب من حصر الأطراف السياسية الداخلية والخارجية ووسائل الإعلام والجهات والمنظمات التركيز على توقف رواتب موظفي الدولة فقط، حيث إن هذا حسب رأيه، أحد الأوجه المتعددة للكارثة، حيث إن عدد الموظفين العموميين الذين انقطعت رواتبهم يقارب نسبة 20 في المائة فقط من ضمن من تقطعت بهم السبل وتوقفت مصادر دخلهم.
وتابع المقطري، الذي يعمل في صنعاء مستشاراً لأحد مراكز الدراسات المحلية: يشهد الاقتصاد اليمني تحولاً مريعاً بسيطرة الميليشيات الحوثي على مجالاته؛ إذ تسعى إلى إزاحة قطاع واسع من رجال الأعمال والتجار من المشهد، وإحلال قياداتها والموالين لها بدلاً عنهم، ويتضمن ذلك مساعي للسيطرة على التوكيلات التجارية، ما يجعلنا أمام مشهد يمكن وصفه بالاقتصاد الطائفي.
ويشرح ما يجري بأن الميليشيات تسعى إلى إثراء نفسها وقياداتها، وتأمين مصادر دخل لأنصارها وأتباعها ومقاتليها على حساب بقية اليمنيين من أجل ضمان ولائهم وتبعيتهم، وفي سبيل ذلك تنتهج ممارسات التضييق والابتزاز ضد الشركات والتجار، وتستولي على قطاعات اقتصادية ضخمة بواسطة الحارس القضائي، ما سيجعلها لاحقاً تحتكر جميع الأنشطة الاقتصادية.
وفي هذا الشأن أشار إلى أن إحصائية قبل 3 سنوات كشفت عن تسبب الممارسات الحوثية في إغلاق أكثر من 350 مصنعاً في العاصمة صنعاء، ما تسبب في تسريح أكثر من 50 ألف عامل، خلال السنوات الأربع الأولى من عمر الانقلاب.
وأوقفت الميليشيات الحوثية رواتب ما يزيد على مليون و100 ألف موظف عمومي منذ سبتمبر (أيلول) 2016، بينما تسببت ممارساتها ضد الشركات التجارية ورجال الأعمال بتراجع الحركة التجارية والاقتصادية لصالح نمو شركات تابعة لها.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».