البحسني: «الرئاسي» اليمني سيقود المرحلة نحو الاستقرار شمالاً وجنوباً

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين لا يفكرون إلا في السلطة... وأكد الاستعداد لأسوأ الاحتمالات

اللواء فرج سالمين البحسني
اللواء فرج سالمين البحسني
TT

البحسني: «الرئاسي» اليمني سيقود المرحلة نحو الاستقرار شمالاً وجنوباً

اللواء فرج سالمين البحسني
اللواء فرج سالمين البحسني

أكد اللواء فرج سالمين البحسني، عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، أن المجلس سوف يقود المرحلة شمالاً وجنوباً نحو الاستقرار، مطالباً بوضع المشروع الوطني فوق أي مشاريع أخرى.
وأوضح البحسني في حوار مع «الشرق الأوسط» أن مسودة خريطة السلام التي تتم مناقشتها حالياً تتمحور حول مرحلة أولى مدتها ستة أشهر لتثبيت وقف إطلاق النار، ثم مرحلة تهيئة لثلاثة أشهر، تليها مرحلة انتقالية لبحث شكل الدولة مدتها عامان.
ولفت عضو مجلس القيادة إلى أن حضرموت تعلّق آمالاً كبيرة على زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي للمحافظة التي عدّها متأخرة؛ وذلك لمعالجة ملفات كثيرة خدمية وأمنية وعسكرية، على حد تعبيره. كما أفاد بأن السعودية تقود عملية التقارب بين الشرعية اليمنية وجماعة الحوثي من منطلق حسن الجوار والإخوة بين البلدين، مبيناً بأنه على يقين من استمرار وقوف المملكة إلى جانب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية... كما تحدث في ملفات مهمة أخرى.
- خريطة السلام
أكد البحسني أن مسودة خريطة السلام المطروحة لم تصل إلى موقف متقدم حتى الآن، مبيناً أن أي «أي جهود أو مباحثات تصطدم في البداية بتعنت ميليشيات الحوثي، التي تمارس الطريقة الإيرانية في الحوار عن طريق المماطلة ومن ثم إفشالها». وأشار إلى أنه «لا يهم تلك الميليشيات مسألة إنهاء الحرب أو معاناة الشعب من خلال الفرص الإقليمية والدولية لإحلال السلام في اليمن، وكل ما يهمها من الحرب والانقلاب على الدولة والسيطرة على مؤسساتها هو الاستحواذ على السلطة».
وبيّن أن أهم محاور «مسودة خريطة السلام مرحلة أولى مدتها ستة أشهر يتم فيها تثبيت وقف إطلاق النار واتخاذ إجراءات أخرى دون تدخل الميليشيات، تخص الرحلات الجوية والموانئ والمنافذ لتسهيل الحركة التجارية وعملية تنقّل المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي الانقلابية بقوّة السلاح». وتابع «أما المرحلة الثانية فمدتها ثلاثة أشهر يتم خلالها التهيئة لخطط وبرامج المرحلة الانتقالية أي المرحلة التي تليها، وهي المرحلة الثالثة ومدتها عامان يتم فيها بحث شكل الدولة والحكومة وهي مرحلة انتقالية بصورة أساسية تتم تحت إشراف المجتمع الدولي».
- السعودية تقود التقارب
أفاد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني بأن السعودية تقود عملية التقارب بين الشرعية والحوثيين، لافتاً إلى أن مجلس القيادة والحكومة الشرعية لم يشاركا في أي حوارات مباشرة مع ميليشيات الحوثي، وأضاف «نثني على دور المملكة في قيادة تلك الجهود من منطلق حسن الجوار والأخوة بين البلدين الشقيقين، ونحن على يقين أن السعودية مثلما كان موقفها مشرّفاً منذ بداية تقديم المساعدة لليمن واستمرار جهودها حتى اللحظة بأنها لن يكون موقفها إلا ثابتاً راسخاً كرسوخ الجبال في القضية اليمنية، ووقوفها إلى جانب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، كما أننا نجدد التأكيد في مجلس القيادة الرئاسي موقفنا الثابت تجاه أي جهود تفضي إلى سلام دائم ومستدام».
وشدد البحسني على أن الاتفاق السعودي - الإيراني الذي وُقّع في 10 مارس (آذار) الماضي سوف ينعكس بشكل إيجابي على ملفات كبرى وليس الملف اليمني فحسب.
وفيما يخص الملف اليمني، قال البحسني إن السعودية تضع كل ثقلها الدبلوماسي لحل هذا الملف مع جمهورية إيران؛ وإيقاف دعم إيران ميليشيات الحوثي، والتي تستخدم ذلك الدعم لقتل الشعب اليمني والعبث باستقرار المنطقة ككل وليس اليمن فقط.
- أسوأ الاحتمالات
يؤكد عضو مجلس القيادة الرئاسي أن الحرب لم تنته بعد، وأن الجيش اليمني جاهز لأسوأ الاحتمالات في حال أصر الحوثيين على جولة جديدة من الحرب، وقال «في كل الأحوال لم تنته الحرب بعد؛ ولذلك مسألة تحضير الحوثي لجولة تصعيد جديدة وارد، لكننا بالمرصاد، ومستعدون لأسوء الاحتمالات، فنحن جئنا من الميدان وسنظل جنوداً لهذا الوطن وسنظل مخلصين مدافعين عنه، وقواتنا المسلحة على أهبّة الاستعداد والجاهزية في حين تحضّر الميليشيات لأي جولة جديدة للحرب».
وعطفاً على مساعي السلام التي تقودها السعودية والمبعوث الأممي وعدد من الدول «الشقيقة والصديقة» – بحسب البحسني – التي جرت خلال السنوات الماضية، فقد تنصلت جماعة الحوثي من هذه الاتفاقات باستمرار؛ وهو ما جعل الشرعية تطالب بضمانات لتنفيذ أي اتفاقات قادمة، بحسب وصفه.
وأضاف «جرت خلال السنوات الماضية اتفاقيات عدة، منها اتفاق الكويت الذي تنصلت منه ميليشيات الحوثي في آخر لحظة، واتفاق استوكهولم، واتفاقات أخرى لوقف إطلاق النار، ميليشيات الحوثي تتنصل باستمرار عن أي اتفاقات وأدركنا أن لا عهد لها؛ ولذلك ومن خلال تجاربنا السابقة مع تلك الميليشيات الهمجية حرصنا على ضرورة وضع شرط لوجود ضمانات أي كان شكلها، ولكن مضمونها إلزام تلك الميليشيات بتنفيذ أي اتفاق سوى ضمانات دولية أو أممية أو عربية».
- تسليم السلاح
شكك اللواء فرج البحسني في التزام جماعة الحوثي وتنفيذها لخريطة السلام وصولاً إلى تسليم سلاحها، واستطرد بقوله «أشك كثيراً في قدرة ميليشيات الحوثي مجاراة خريطة السلام وتنفيذ بنودها وصولاً إلى تسليم السلاح. من جانب آخر، فإن شكل الدولة ومصير اليمنيين سيقر شمالاً وجنوباً خلال الترتيبات القادمة في ظل توافق الجميع حول مصير الجنوب الذي لا يقبع تحت سيطرة ميليشيا الحوثي».
وتابع «لهذا؛ ستكون المسؤولية كبرى على الإخوة في الشمال للتخلص من تلك الميليشيات ومن سلاحها، وكجنوبيين سوف نكون مساندين لأي دور للتخلص من هذا السلاح، لكن المسؤولية الكبرى سوف تقع على الإخوة في الشمال بشكل أكبر؛ لأننا كجنوبيين أمامنا خطوات مهمة قادمة أخرى للتخلص من آثار الحرب في الجنوب ووضع إطار للاستقرار وتطبيع الأوضاع ولا يمكن أن يبقى الجنوب رهين غياب استقرار الشمال القابع تحت سيطرة جماعة طائفية صغيرة، وكلٌ سوف يتحمل مسؤوليته».
- مجلس القيادة
بعد مرور عام على تشكيله، أكد البحسني أن مجلس القيادة الرئاسي، الذي تشكل في هذه الظروف جعل المسؤولية جماعية، مشيراً إلى أن الشعب اليمني يتطلع إلى أن يقود المجلس المرحلة شمالاً وجنوباً نحو الاستقرار وتلبية احتياجات المواطنين جراء ظروف الحرب التي فرضتها ميليشيات الحوثي.
ووفقاً للبحسني، فقد استطاع المجلس الرئاسي أن يحقق خلال عام إنجازات، من أهمها: هيكلة القضاء وإعادة تفعيله بعد أن كان معطلاً، وإعطاء مجلس القيادة اهتماماً خاصاً لجهود الدفع بعملية السلام وتثبيت الاستقرار في المحافظات المحررة، إلى جانب تصحيح كثير من الأمور في الجانب العسكري، متحدثاً عن لجنة عسكرية تعمل لوضع معالجات كثيرة على الصعيد الأمني والعسكري سوف تعزز من الاستعداد القتالي للقوات المسلحة.
وأشار البحسني إلى أن مسألة مستقبل اليمن مرتبطة بما سوف يتوصل إليه اليمنيون للاتفاق على شكل الدولة واستعدادهم للتخلص والتخلي عن رواسب وضغائن الماضي ووضع المشروع الوطني فوق أي مشاريع أخرى. وأضاف «إذا سارت الأمور بهذا الشكل على ما يرام، سنكون في حاجة إلى مشروع مارشال للتنمية لإعادة الإعمار، وهذا يحمّل المجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة مسؤولية الحشد لمؤتمر كبير دولي لدعم عملية إعمار اليمن، هذا الدعم سوف ينهض باليمن ويساهم في استقرار وأمن المنطقة والعالم نظراً للموقع الاستراتيجي المهم لليمن».
- «الرئاسي» والجنوب؟
بحكم مشاركته في اللجنة التي شكّلها مجلس القيادة الرئاسي لوضع رؤية للقضية الجنوبية في المشاورات القادمة، يرى اللواء فرج البحسني بأن الجنوب بحاجة إلى توسيع دائرة الحوار مع كافة القوى والمكونات والشخصيات الجنوبية لوضع رؤية للحل الذي أصبح الجميع قريب، على حد تعبيره.
وأضاف «أصبحت قضية الجنوب ليست مطلب الجنوبيين لوضع حل لها، وإنما أيضاً مطلب يخص أبناء الشمال والمحيطين العربي والإقليمي، ونحن كأعضاء جنوبيين (في مجلس القيادة) سوف نساهم في وضع أي إطار يجمع عليه الجميع ونجمعهم حوله ويكون مقدمة لاستقرار المنطقة ككل، وسوف نبدأ في القريب العاجل في التواصل مع الشخصيات والمكونات الجنوبية والكل سوف يكون مشاركاً في مستقبل الجنوب».
وأوضح اللواء البحسني أن زيارة رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي لمحافظة حضرموت المرتقبة، تُعقَد عليها آمال لمعالجة العديد من الملفات الخدمية والأمنية والعسكرية.
وقال البحسني عن الزيارة التي وصفها بالمتأخرة بعض الشيء، إن في حضرموت ملفات ثقيلة في حاجة إلى اهتمام دقيق وخاص، وإعطاء خصوصية لهذه المحافظة لثقلها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والقبلي، والثروة والمساحة والتي تستحق زيارة مسبقة من الرئيس للوقوف أمام ملفاتها قبل مرور عام. وتابع «لا أخفي عليك، هناك آمال كثيرة ومنذ نبأ الزيارة حصل تواصل كثير من شخصيات ومواطنين من حضرموت يتطلعون لها؛ على أمل أن يتم وضع حلول فورية ومعالجات عاجلة في ملف الكهرباء والمياه وملفات أمنية وعسكرية والوقوف أمام اختلالات إدارية وانضباطية تشهدها المحافظة والتي تجب معالجتها على وجه السرعة».
وشدد عضو مجلس القيادة على أن «حضرموت مثّلت نموذجاً في الحرب على الإرهاب والتخلص منه بشكل نهائي بعد احتلال عناصر الإرهاب ساحل حضرموت، ومن ثم تتبعهم في كل أصقاع ساحل حضرموت حتى تم إنهاء تواجدهم نهائياً، سواء تنظيم (القاعدة) أمْ (داعش)». وأضاف «كما مثّلت نموذجاً في استتباب الأمن والاستقرار بعد قلق وخوف إبان سيطرة التنظيم، ومثلت نموذجاً في الحفاظ على مؤسسات الدولة والتحول السريع نحو التنمية بعد طرد عناصر الإرهاب منها في 24 أبريل (نيسان) 2016».
ويسجل لحضرموت بحسب – البحسني - احتضانها آلاف النازحين من الحرب، مضيفاً بقوله «هذا كان يشكل عبئاً مضاعفاً على الخدمات، واليوم حضرموت في حاجة إلى أن يتوحد أبناؤها أكثر من أي وقت آخر للتشبث بالمبادئ والحقوق؛ لما تشكله من إرث كبير حضرموت، ويحتاج إليها الوطن كاملاً ولن تكون إلا في محيطها الصحيح وبمكانتها التي تستحق».


مقالات ذات صلة

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

تشهد مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تسارعاً غير مسبوق في الإعدامات الميدانية للمدنيين، وعلى خلفيات مناطقية، وتسبب الانفلات الأمني في حوادث اغتيال عدد من القيادات

وضاح الجليل (عدن)
مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

تصاعدت حوادث الثأر والعنف القبلي في مناطق الحوثيين على الرغم من ادعاءاتهم تبني سياسات للصلح وإنهاء النزاعات التي يستغلونها لتعزيز نفوذهم وجني مزيد من الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي دعا عدد من السفراء الأجانب لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن (السفارة البريطانية)

دعوات دولية لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن

العليمي:«الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وتهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني، والعسكري».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

التهمت موجة غلاء جديدة ما تبقّى من قدرة السكان الشرائية، في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يضاعفون الجبايات، بالتوازي مع تراجع عالمي في أسعار المواد الاستهلاكية

وضاح الجليل (عدن)

هل قلصت مصر وجودها العسكري في سيناء إثر ضغوط إسرائيلية؟

رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)
رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)
TT

هل قلصت مصر وجودها العسكري في سيناء إثر ضغوط إسرائيلية؟

رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)
رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)

أكد مصدر مصري مُطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوات المصرية في سيناء موجودة من أجل حفظ الأمن القومي المصري، وهو أمر لا تقبل فيه القاهرة مساومة أو إغراء»، مشدداً على أنه «لم يتم سحب جندي واحد من هناك هذه الفترة تحت أي ضغوط كما يتردد».

وأوضح المصدر: «هذا الأمر يرتبط بتقدير الموقف الخاص بالأجهزة الأمنية المصرية وما تراه فيما يخص أمن البلاد وحدودها مع منطقة تشهد حرباً ضروساً منذ عامين، ومحاولات من جانب إسرائيل لدفع هذه الحرب نحو الأراضي المصرية، ولا يرتبط الأمر أو يخضع لأي قضايا أخرى أو صفقات، وإلا كانت مصر قبلت بإغراءات أكبر في مسألة التهجير أو تصفية القضية الفلسطينية».

وأضاف: «التقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن تقليص القوات في سيناء هي ذاتها التي تشكو وتحذر يومياً من زيادة الوجود العسكري المصري هناك»، ونوه بأن «هناك بنوداً مستحدثة بين البلدين على اتفاقية السلام تسمح لمصر بهذا الوجود حفظاً لأمنها وقت الحاجة».

كانت منصة «bhol» الإسرائيلية نشرت أن وزير الطاقة إيلي كوهين أشار إلى وجود رابط مباشر بين صفقة الغاز الكبرى مع مصر، وإعادة تمركز القوات المصرية في سيناء، ونقلت المنصة أن «إذاعة الجيش الإسرائيلي» سألت عن سبب عدم تضمين الصفقة بنداً صريحاً ينظم تحركات الجيش المصري في سيناء، فرد كوهين قائلاً: «إذا قرأتم التقارير التي نُشرت الأسبوع الماضي عن انسحاب قوات مصرية من شبه جزيرة سيناء، فاعلموا أن هذا التصرف لم يأت من فراغ».

التقارير الإسرائيلية نقلت عن كوهين قوله إن أحد أسباب تأجيل الصفقة لأربعة أشهر كان مرتبطاً بما وصفه بـ«مسألة السلام مع مصر»، وهو تعبير يُفهم منه القلق الإسرائيلي إزاء الالتزام المصري بأحكام اتفاق كامب ديفيد بشأن الوجود العسكري في سيناء.

هذه الأنباء تلقفها مدونون معارضون للحكومة المصرية وأخذوا يرددونها مع تأكيدات على تقليص القوات المصرية في سيناء بضغوط من إسرائيل، فيما رد عليهم مدونون محسوبون على السلطات بمصر بأن كل الدلائل تشير إلى خطة لزيادة تمترس القوات في سيناء.

السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)

كان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان رد على تلك الأحاديث، عبر تصريحات إعلامية، مؤكداً بشكل قاطع أنه «لم يتم تقليص عدد القوات المصرية الموجودة في سيناء، وأن صفقة الغاز تجارية بحتة وليس لها أي بعد سياسي، وتمت بين شركات وليس بين الحكومات»، مشيراً إلى أنه «في الوقت الذي تحدث فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن الصفقة فإن مصر لم يصدر عنها أي تصريح بخصوص الصفقة مما يشير إلى أن الأمر ليس ضاغطاً على القاهرة بأي شكل من الأشكال، وكل ما يتردد من الجانب الإسرائيلي متناقض ومحاولة لإيجاد نصر زائف أمام الرأي العام هناك».

كان موقع «أكسيوس» الإخباري أفاد في سبتمبر (أيلول) الماضي بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طلب من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط على مصر لتقليص «الحشد العسكري الحالي» في سيناء، وفقاً لما ذكره مسؤول أميركي ومسؤولان إسرائيليان، حسب الموقع.

ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين زعمهما أن مصر «تُنشئ بنية تحتية عسكرية -بعضها يمكن استخدامه لأغراض هجومية- في مناطق لا يُسمح فيها إلا بالأسلحة الخفيفة بموجب المعاهدة»، في إشارة إلى معاهدة السلام الموقعة بين البلدَيْن عام 1979.

لكن مدير إدارة الشؤون المعنوية بالجيش المصري سابقاً اللواء سمير فرج قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر ملتزمة باتفاقية السلام تماماً، ولم تخرق أي بند بها على عكس إسرائيل ووجودها المخالف على الحدود المصرية، والوجود العسكري المصري في سيناء هو لحماية الأمن القومي المصري وحفظ أمن الحدود وفق ما تكفله اتفاقية السلام والبنود والآليات المستحدثة عليها».

وشدد على أنه «لم يتم تقليل أو تقليص القوات المصرية في سيناء بسبب صفقة الغاز أو غيره، وهذه أقاويل ترددها حكومة نتنياهو لمحاولة خلق شماعات أمام الرأي العام هناك وتصوير نفسها على أنها هي التي تحافظ على أمن إسرائيل وبدونها ستتعرض إسرائيل للانهيار».

وأكد أن «مصر لم تعلن حتى الآن موقفها بشأن مطالب أميركا بعقد اتفاق بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وليس منطقياً أنهم هم من يطلبون اللقاء ثم يقال إن مصر تستجيب لضغوطهم أو مطالبهم، منوهاً بأن «القاهرة كانت تؤمن بأن صفقة الغاز ستتم في نهاية المطاف لأنها تحقق المصلحة لإسرائيل بالقدر نفسه الذي تحققه لمصر، وهي تمت بين شركات وليس بين حكومات».

وأعلن نتنياهو، مساء الأربعاء الماضي، عن المصادقة رسمياً على صفقة تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، بقيمة إجمالية بلغت 112 مليار شيقل (نحو 35 مليار دولار)، قائلاً: «صدقنا مع مصر على أكبر صفقة غاز في تاريخ قطاع الطاقة الإسرائيلي»، مبيناً أن الصفقة «إنجاز كبير لإسرائيل».

وأوضح نتنياهو أن قرار المصادقة على هذه الصفقة المليارية جاء بعد مشاورات مكثفة لضمان تحقيق كافة المصالح الأمنية العليا لإسرائيل، مشدداً في الوقت ذاته على أنه سيمتنع عن ذكر التفاصيل لاعتبارات أمنية ولحساسيتها، مكتفياً بالتأكيد على أنه تمت المصادقة على الصفقة بشكل كامل.


عودة شكاوى «نقص» الأدوية في مصر... والحكومة تطمئن المواطنين

هيئة الدواء المصرية تنفي وجود «نقص في أدوية البرد والأمراض المزمنة» (هيئة الدواء المصرية)
هيئة الدواء المصرية تنفي وجود «نقص في أدوية البرد والأمراض المزمنة» (هيئة الدواء المصرية)
TT

عودة شكاوى «نقص» الأدوية في مصر... والحكومة تطمئن المواطنين

هيئة الدواء المصرية تنفي وجود «نقص في أدوية البرد والأمراض المزمنة» (هيئة الدواء المصرية)
هيئة الدواء المصرية تنفي وجود «نقص في أدوية البرد والأمراض المزمنة» (هيئة الدواء المصرية)

بعد جولة على عدد من صيدليات الحي الذي تعيش فيه، لم تستطع المصرية الخمسينية ليلى عبد الله، إيجاد أحد أصناف دواء ضغط الدعم، فنصحها أحد أصدقائها بالاتصال بـ«هيئة الدواء» أو الذهاب إلى صيدلية الإسعاف الحكومية بوسط القاهرة، فاضطرت لإرسال أحد أقاربها لإحضار الدواء من هناك.

ومع تكرار شكاوى «نقص» بعض الأدوية أو عدم توافرها بسهولة، أصدر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، الاثنين، بياناً ينفي فيه «نقص أدوية البرد والأمراض المزمنة بالأسواق».

وأوضح المركز في بيان صحافي: «بالتواصل مع هيئة الدواء المصرية، أفادت بأن أدوية علاج البرد، والأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، فضلاً عن الأدوية المحتوية على مواد وفيتامينات تعمل على تقوية المناعة خلال موسم الإنفلونزا، متوافرة بالأسواق بشكل منتظم وطبيعي، مع تعدد البدائل الدوائية المتاحة من إنتاج أكثر من شركة».

وحسب «المركز الإعلامي»، فإن «هيئة الدواء المصرية تقوم بمتابعة دورية ومستمرة لموقف توافر الأدوية الحيوية، وتتخذ إجراءات فورية للتعامل مع أي شكاوى تتعلق بنقص الأدوية»، موضحاً أنه «في حال مواجهة أي صعوبة في الحصول على أي دواء حيوي، يمكن للمواطنين التواصل مع الخط الساخن لهيئة الدواء للإبلاغ عن نقص الأدوية».

وشهدت مصر العام الماضي أزمة في توافر بعض الأصناف، وأقر رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في سبتمبر (أيلول) العام الماضي بـ«وجود نقص في 580 دواء بالسوق المصرية»، مشيراً خلال زيارته مجموعة من مصانع الأدوية حينها إلى «العمل على توفير نحو 470 دواء منها». وبالفعل بدأت الأزمة في الخفوت مع بداية العام الحالي.

المصرية ليلى عبد الله، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «رغم تحسن الوضع وقلة حدة الأزمة، فإن أصنافاً من الأدوية ما زالت غير متوافرة بسهولة».

الأمر ذاته يقره الموظف الأربعيني طارق إبراهيم، الذي يعيش في حي السيدة زينب بالقاهرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع أفضل كثيراً عما كان عليه قبل عامين، لكن توجد أصناف نجدها بصعوبة، حتى البدائل غير متوافرة».

عودة شكاوى نقص الأدوية في مصر (وزارة الصحة)

ويرى المدير التنفيذي لـ«جمعية الحق في الدواء» (جمعية أهلية)، محمود فؤاد، أن «نقص الأدوية لم يعد بالحدة التي كان عليها من قبل، لكنه أيضا ما زال موجوداً».

ويقول فؤاد لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة تمكنت من حل جانب كبير من المشكلة، ونجحت في توفير أدوية الأمراض المزمنة، لكن هذه الأدوية يتم توفيرها فقط من خلال صيدليات (الإسعاف) المملوكة للدولة، وعددها 24 صيدلية فقط في كل المحافظات، وما زال كثير من الأصناف غير متوافر».

وحسب فؤاد، فإنه «رغم استقرار سعر الدولار (يعادل 47.5 جنيه) فإن شركات الأدوية أعربت عن رغبتها أكثر من مرة في زيادة الأسعار، وهو ما رفضته هيئة الدواء المسؤولة عن التسعير، على أساس أن تكلفة الإنتاج لم تتغير».

من جهتها، ترى عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب (البرلمان)، الدكتورة إيرين سعيد، أن «النقص يعود إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الدواء لأسباب أخرى، غير سعر الدولار، منها ارتفاع أسعار الخدمات والمرافق، مثل البنزين والوقود والكهرباء، وزيادة الحد الأدنى للأجور».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «زيادة تكلفة الإنتاج خفض هامش ربح الشركات، لذلك تطالب برفع الأسعار، وعندما لا تستجيب هيئة الدواء تقوم بعض الشركات بإيقاف بعض خطوط الإنتاج؛ لأن هامش الربح أصبح أقل».

وفي رأيها: «يجب على الحكومة أن تعيد الاهتمام بشركات قطاع الأعمال التي تعمل في صناعة الدواء؛ لضمان عدم تأثر الأسواق، خصوصاً بالنسبة للأدوية الاستراتيجية».

اجتماع وزير الصحة خالد عبد الغفار لبحث متطلبات تطوير صناعة الدواء (وزارة الصحة المصرية)

وتزامن الحديث عن «نقص» بعض أصناف الأدوية مع تحركات حكومية مكثفة لضمان توافر الأصناف كافة، وعقد نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، الدكتور خالد عبد الغفار، اجتماعاً، الاثنين، مع ممثلي قطاعات وهيئات الدولة المعنية، لبحث سبل دعم شركات التصنيع الدوائي وتمكينها، وإعداد ورقة عمل متكاملة لتعزيز الإنتاج المحلي، وتوطين صناعة المركبات الحيوية والبيولوجية.

وأكد المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور حسام عبد الغفار، في إفادة رسمية، الاثنين، أن الاجتماع ركز على إعداد ورقة عمل تضم المتطلبات الفعلية لتطوير الصناعات الدوائية وقابليتها للتنفيذ على أرض الواقع، مع التركيز على تمكين الشركات المصنعة، وتحفيز الاستثمار المحلي، وطرح حزم استثمارية جديدة في مجالات الأدوية واللقاحات والصناعات الحيوية، كما تناول آليات «الاستفادة من الحوافز الاستثمارية لدعم صناعة الدواء، وبحث الإجراءات التي يمكن أن تقدمها الدولة لتشجيع الاستثمارات، وتعزيز كفاءة الشركات المصنعة وزيادة قدرتها التنافسية».

ويوجد في مصر 172 مصنعاً للدواء، منها 15 مصنعاً دخلت الخدمة آخر 3 سنوات، بالإضافة إلى 120 مصنعاً لمستحضرات التجميل، و116 مصنعاً للمستلزمات والأجهزة الطبية، و4 مصانع لإنتاج المواد الخام والمستحضرات الحيوية التي تدخل في صناعة الدواء، وفق تصريحات لرئيس الحكومة المصرية العام الماضي.


«تفاهمات» جديدة لـ«إعمار غزة» أمام الوسطاء

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«تفاهمات» جديدة لـ«إعمار غزة» أمام الوسطاء

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)

بدأ وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مناقشات دراسة أولية بشأن إعادة الإعمار في القطاع، في أعقاب تأخر عقد مؤتمر القاهرة بشأن التعافي المبكر، وتسريبات أميركية وإسرائيلية تتناول مشاريع إعمار تثير مخاوف بشأن تهجير الفلسطينيين وتقسيم القطاع.

تلك الدراسة التي ناقشها الوسطاء في اجتماع ميامي، وكشفت عنها أنقرة، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تفتح مسار تفاهمات جديدة بين الإعمار الشامل الذي تريده مصر والعرب وتركيا، مقابل خطط الإعمار الجزئي المطروح إسرائيلياً أو برؤية واشنطن، مشيرين إلى أنه ما دامت المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار لم تدخل فهذه المناقشات «هروب للأمام، وتأجيل للحلول، وبحث عن تفاهمات لسد الفجوات وإنهاء تجميد هذا المسار الحيوي للفلسطينيين».

وغداة اجتماع الوسطاء في مدينة ميامي الأميركية، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في تصريحات أدلى بها للصحافيين، السبت: «إن هناك تفاهمات تبعث على الأمل رغم تعنت إسرائيل»، مضيفاً: «هناك دراسة أولية بشأن إعادة إعمار غزة، تم تقديمها، ونقاشها بشكل تمهيدي»، وفق ما ذكرته وكالة «الأناضول» التركية.

ولم يقدم فيدان تفاصيل بشأن تلك الدراسة الأولية، وهل هي متفقة مع ما هو مطروح عربياً أو إسرائيلياً أو أميركياً، وتمسك بأهمية أن يدار القطاع من قبل أبنائه، مؤكداً رفض أي مخططات لتقسيم أراضي غزة.

شاحنات مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة ضمن قوافل «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» (مؤسسة مصر الخير)

وسبق حديث فيدان بيوم، تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن خطة أعدها جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترمب ومبعوثه ستيف ويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» لإعمار غزة بدأ من الجنوب في رفح على مدار 10 سنوات، مع اشتراط نزع سلاح «حماس»، دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

وجاءت هذه التسريبات بعد نحو 8 أيام من نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «تل أبيب وافقت مبدئياً على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة، وأن تتحمل مسؤولية العملية الهندسية الضخمة، بعد طلب من الولايات المتحدة، وستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوب القطاع من أجل إعادة إعمارها».

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد كوشنر، في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية، وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، إذا أمكن تأمينها لبدء البناء، بوصفها غزة جديدة، وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

ويرى مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي أن هذا الحديث عن دراسة أولية، غير معروفة تفاصيلها هل عربية أو أميركية، يأتي في ظل طرح أميركي بخطة للإعمار، وكذلك إسرائيل بحديث عن إعمار جزئي في منطقة سيطرتها بالخط الأصفر بالقطاع، مشيراً إلى أن أي حديث عن بدء الإعمار دون الدخول للمرحلة الثانية محاولة للهروب للأمام لا سيما من واشنطن، ولا يعني حالياً سوى البحث عن تفاهمات جديدة، والأقرب تنفيذ أو فرض الخطة الأميركية بضمانات.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن مصر وقطر وتركيا لن تقبل أي خطط تهدد خطة الإعمار الشامل، والقاهرة أعلنت أكثر من مرة أهمية بدء الإعمار ومساعيها المتواصلة لعقد مؤتمر للإعمار سيكون بشراكة مع واشنطن، مشيراً إلى أن أي دراسة بشأن الإعمار يجب أن تتوافق مع يطلبه الفلسطينيون، وليس كما ترغب واشنطن في خطط شروق الشمس أو إسرائيل بالإعمار الجزئي في مناطق سيطرتها التي تصل لنحو 52 في المائة بالقطاع متذرعة بعدم نزع سلاح «حماس».

تلك الدراسة التي طُرحت في اجتماع ميامي، ولم تُكشف تفاصيلها كاملة بعد، جاءت بعد نحو 17 يوماً من إعلان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني، يوهان فاديفول: «التشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار»، الذي يأمل «التوافق على توقيته في أسرع وقت ممكن بالتعاون مع الشركاء».

وبعد ذلك، قال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في جلسة بـ«منتدى الدوحة»، أخيراً: «سنواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكننا لن نمول إعادة إعمار ما دمره الآخرون»، ووصفت وقتها تلك التصريحات القطرية، من جانب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بأنها «ضغط على واشنطن لدفع إسرائيل لتنفيذ انسحاب وبدء إعمار شامل وليس جزئياً».

وكان مؤتمر إعمار قطاع غزة الذي كانت القاهرة ستنظمه في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أُجِّل دون ذكر السبب، بينما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف لـ«الشرق الأوسط»، نهاية الشهر الماضي، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ويرى هريدي أن جهود مصر ستتواصل مع الوسطاء لوضع الإعمار موضع التنفيذ، لكن سيبقى دخول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار هو المعيار لتحديد ماذا سيحدث، وهل حدثت تفاهمات أو ستفرض خططاً معنية وتُرفض عربياً أو ماذا؟

بينما شدد الرقب أن أي حسم لأي خطة ستنفَّذ أميركية أم عربية يتوقف أولاً وقبل أي شيء على بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة، ونشر قوات الاستقرار، وبدء انسحاب إسرائيل، وإلا فما يحدث هو كسب للوقت وتأخر لأي مشاريع إعمار حقيقية تطرحها الخطة العربية بقيادة مصر.