البيشمركة تطلب من التحالف الدولي حمايتها من «كيماوي داعش»

أكدت استخدام التنظيم المتطرف غاز الخردل ضد مواقعها غرب الموصل

آثار غاز الخردل على جسد عنصر في البيشمركة أصيب في أحدث هجوم كيماوي لـ«داعش» («الشرق الأوسط»)
آثار غاز الخردل على جسد عنصر في البيشمركة أصيب في أحدث هجوم كيماوي لـ«داعش» («الشرق الأوسط»)
TT

البيشمركة تطلب من التحالف الدولي حمايتها من «كيماوي داعش»

آثار غاز الخردل على جسد عنصر في البيشمركة أصيب في أحدث هجوم كيماوي لـ«داعش» («الشرق الأوسط»)
آثار غاز الخردل على جسد عنصر في البيشمركة أصيب في أحدث هجوم كيماوي لـ«داعش» («الشرق الأوسط»)

اتخذت الحرب بين قوات البيشمركة و«داعش» منحى خطيرًا جديدًا خاصًا بعد استخدام التنظيم للأسلحة الكيماوية أكثر من مرة ضد البيشمركة في محاور غرب الموصل وغرب مدينة أربيل. فبحسب مسؤولي البيشمركة، فإن التنظيم حصل على غاز الخردل من معسكرات الجيش السوري التي سيطر عليها في المدن السورية الخاضعة له، الأمر الذي يثير المخاوف من لجوء «داعش» إلى استخدامه في المعارك المقبلة إذا لم تتخذ إجراءات من قبل التحالف الدولي لتدمير هذه الأسلحة التي يمتلكها التنظيم الإرهابي.
وقال رئيس أركان قوات البيشمركة، الفريق جمال محمد، لـ«الشرق الأوسط»: «التنظيم استخدم الأسلحة الكيماوية في اثنين من هجماته على مواقع البيشمركة في مناطق غرب الموصل خاصة في منطقتي حردان والكسك، والهجمتان كانتا بالصهاريج المفخخة المحملة بغاز الكلور، ورغم تفجيرهما من قِبل قواتنا قَبل اقترابها من مواقعها، فإنها تسببت بحالات من الاختناق واحمرار الجلد والعينين والتقيوء في صفوف قواتنا، والفرق الطبية أعطت تعليمات لقوات البيشمركة الموجودين في الجبهة بشأن كيفية التصرف أثناء حدوث هكذا هجمات». وتابع: «أما بالنسبة للوسائل المستعملة للوقاية من هذه الهجمات، كالأقنعة والتجهيزات، فهي غير متوفرة لدينا، خصوصًا أننا نخوض الحرب ضد التنظيم على جبهة طويلة تمتد لأكثر من ألف كيلومتر».
وعن الإجراءات التي ستتخذها قوات البيشمركة في الخطوط الأمامية لمواجهة هذه الأسلحة، قال قادر حسن، مسؤول المكتب الإعلامي لقائد محور مخمور والكوير، إن «تجهيز قوات البيشمركة بالتجهيزات الخاصة بالوقاية من هذه الأسلحة يتوقف على إمكانيات وزارة البيشمركة وتعاون المجتمع الدولي معنا، وعلى التحالف الدولي ضد (داعش) اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الإطار».
بدوره، قال المسؤول في وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان، اللواء صلاح فيلي لـ«الشرق الأوسط»، إن «معاودة تنظيم داعش قصف البيشمركة بغاز الخردل محتمل في أي لحظة، فالتنظيم استخدم الأسلحة الكيماوية ضد قوات البيشمركة حتى الآن لأكثر من مرة، وحصيلة مقاتلي البيشمركة الذين أصيبوا حتى الآن جراء هجمات (داعش) بالأسلحة الكيماوية وصل إلى ستين مقاتلاً».
وعن نتائج التحقيقات التي تجريها القوات الأميركية ودول التحالف الدولي بهذا الخصوص أوضح فيلي أن «التحقيقات مستمرة، وهي أثبتت استخدام (داعش) لغاز الخردل في هجماته الأخير على البيشمركة في مخمور والولايات المتحدة تتابع هذا الموضوع حاليًا»، مبينًا أن قوات البيشمركة ستتخذ إجراءات لمواجهة هكذا هجمات مستقبلاً، وستتعامل معها بأسلوب آخر، والخطوط الأمامية ستأخذ كل الإحطياطات اللازمة لذلك».
وفي السياق ذاته، ذكر مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني، سعيد مموزيني، أن تنظيم داعش فقد خلال شهر واحد أكثر من 17 خبيرًا من خبرائه العسكريين المتخصصين بالمتفجرات، الأمر الذي تسبب في انخفاض نسبة هؤلاء الخبراء في صفوف التنظيم، وتسبب في الوقت ذاته في ضعف التنظيم وعدم قدرته على شن هجمات واسعة، هذا بالإضافة إلى الانقسامات التي يشهدها صفوفه داخل مدينة الموصل، حيث تشهد المدينة معارك داخلية مستمرة بين مجموعات تابعة لقيادات التنظيم البارزين، كالمعارك بين مجموعة أبو عمر الشيشاني وأبو مسلم التركماني وأبو معالم السوري، وأسفر أحد الاشتباكات الذي وقع بين هذه المجموعات في قرية المخلط (شرق الموصل) اليوم (أمس)، عن مقتل أربعة مسلحين من التنظيم، وبهذا وصل عدد مسلحي (داعش) الذين قتلوا خلال الأشهر الثلاثة الماضية في المعارك الداخلية إلى أكثر من 300مسلح».
وأضاف مموزيني أن أهالي الموصل عثروا، أمس، على جثث ثلاثة مسلحين من تنظيم داعش «في منطقة المجمع الثقافي وكانت عليها آثار إطلاق النار، بينما نفذ التنظيم حكم الإعدام رميًا بالرصاص بـ15 امرأة لرفضهن ممارسة جهاد النكاح مع مسلحيه». وتابع: «كما قتل ستة مسلحين من (داعش) وأصيب اثنان آخران في قصف لقوات البيشمركة استهدف تجمعًا للتنظيم في قرية خورسيباد شمال شرقي الموصل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».