الحكومة اللبنانية تخفق في حسم خلافاتها.. ووزير الاتصالات يقرر الاعتكاف

سلام: مشكلة النفايات صار لها لون طائفي ومذهبي ومناطقي

الحكومة اللبنانية تخفق في حسم خلافاتها.. ووزير الاتصالات يقرر الاعتكاف
TT

الحكومة اللبنانية تخفق في حسم خلافاتها.. ووزير الاتصالات يقرر الاعتكاف

الحكومة اللبنانية تخفق في حسم خلافاتها.. ووزير الاتصالات يقرر الاعتكاف

أخفقت الحكومة اللبنانية خلال جلستها التي عقدتها أمس في السراي الحكومي في اتخاذ أي قرار، أو بت أي بند من بنود جدول أعمالها، بسبب الخلافات السياسية المستحكمة بين أطرافها التي كرّست تعطيلها، ما دفع بوزير الاتصالات بطرس حرب إلى إعلان اعتكافه وعزوفه عن حضور الجلسات التي لا تنتج أي قرارات تهمّ الناس، رافضًا أن يكون «شاهدا على إسقاط دور الدولة». فيما ردّ وزير الداخلية نهاد المشنوق على تصعيد التيار الوطني الحر والنزول إلى الشارع وقطع الطرق، بالقول: «إذا استمرت الحملة على قائد الجيش العماد جان قهوجي، فسيتم التمديد له مرة ثالثة».
وعزا مصدر وزاري الشلل القائم في عمل مجلس الوزراء إلى «وجود إرادة بالتعطيل من قبل حزب الله والتيار الوطني الحر وحزب الطاشناق وتيار المردة». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك مسؤولية مشتركة بين كل هذا القوى في إيصال البلد إلى ما وصل إليه، وإن كان التيار الوطني الحر هو رأس حربة التعطيل، وعدم البحث في جدول أعمال مجلس الوزراء واتخاذ القرارات التي تهمّ شؤون اللبنانيين»، معتبرًا أن «الفريق التعطيلي ربما ينتظر تطورات معينة تقلب الموازين لصالحه، لكن هذه المغامرات يدفع ثمنها لبنان واللبنانيون وهذا الأمر غير مقبول».
أما وزير العمل سجعان قزي، فأعلن أنه طرح خلال الجلسة ملف النفايات، ودعا إلى «اتخاذ قرار سريع وفوري في هذه الجلسة بحلّ موضوع النفايات لأنه لا أحد يصدّق أنه لا قدرة للدولة على تأمين مكبات ومطامر للنفايات في كل منطقة». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يعقل أن تجتمع الحكومة لتبحث في جنس الملائكة، فالحكومة باتت أمام خيار من اثنين، إما تحويل مجلس الوزراء إلى ديوانية وأن نأتي بالنراجيل والقهوة والشاي، وإلا تحويل مجلس الوزراء إلى هيئة حوار». وقال: «الناس لم تتقبل هذه الحكومة لتكون ديوانية أو هيئة حوار، بل لتكون حكومة تجتمع دوريًا وتعمل بانتظام، وتتخذ قرارات تدير شؤون الدولة وتعالج مشاكل الناس، وتُؤتمن على الشرعية بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية». وأبدى قزي أسفه لأن «البعض ربط العودة إلى جدول الأعمال تارة بمعالجة موضوع عرسال، وتارة بالتعيينات الأمنية والعسكرية، وتارة بالآلية الحكومية».
وكان مجلس الوزراء اجتمع أمس برئاسة الرئيس تمام سلام واستغرقت الجلسة ثلاث ساعات، افتتحها سلام بـ«دعوة القوى السياسية إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، لأن الشغور في موقع رئاسة الجمهورية بات يلحق أضرارا كبيرة بالبلاد». وقال: «ما زلنا للأسف نعيش في دوامة التعطيل، الأمر الذي ينعكس عجزا في القدرة على اتخاذ القرارات في شأن الأمور الضاغطة، وأبرزها في الوقت الراهن موضوع النفايات والموضوع المالي المتعلق بالهبات والقروض التي يتعين إقرارها وكذلك بالرواتب وسندات الخزينة». وعبر رئيس الحكومة اللبنانية عن أسفه لـ«عدم إيجاد الحلول لمشكلة النفايات التي صار لها لون طائفي ومذهبي ومناطقي، في حين أنه موضوع وطني بامتياز، ولن يجد حلا إلا بإجراءات وطنية يشارك فيها الجميع، وليس عبر تجاهله أو عدم إعطائه الأهمية التي يستحق أو استغلاله سياسيا».
وأكد سلام أن «ملف النفايات سيبقى مستعصيا ما دام المناخ السياسي العام في البلاد على ما هو عليه، كما أن النتائج السلبية للشغور الرئاسي باتت تظهر أكثر فأكثر من خلال شل عمل مجلس النواب والشلل الذي يتسلل إلى مجلس الوزراء». داعيًا القوى السياسية إلى «تجاوز الخلافات والخروج من هذا الواقع واتخاذ القرارات المطلوبة في الأمور الحيوية والملحة».
وبعدما أوضح وزير الإعلام رمزي جريج أن «نقاشًا حصل حول التعيينات وأبدى أحد الأفرقاء تحفظه على قانونية هذه التعيينات». قال وزير الدفاع سمير مقبل «في ظل شلل عمل مجلس الوزراء وعدم تمكن مجلس الوزراء جلسة تلو أخرى من اتخاذ قرارات، أنا مضطر إلى إطلاع الرأي العام على الضرر الذي سيطال المؤسسة الوطنية، أي الجيش اللبناني، حول ما تحتاج إليه من اعتمادات لتأمين دفع رواتب ومستلزمات التغذية للعسكريين الذين يدافعون عن لبنان في مواجهة كل التحديات الأمنية، وهم متأهبون في جميع المواقع للدفاع عن لبنان».
لكن الموقف المتمايز كان لوزير الاتصالات بطرس حرب، الذي أعلن في تصريح له بعد الجلسة بالقول «إن مجلس الوزراء لا يمكن أن يتحول إلى ناد لنقاش السفسطة السياسية، إنما هو سلطة تنفيذية عليه أن يتحمل مسؤولياته في حل مشاكل البلد والناس، والقضايا المطروحة اليوم هي قضايا خطيرة، هناك موضوع النفايات والرواتب والأجور والقروض التي تسقط ويخسرها لبنان، وكذلك الديون المترتبة على لبنان، والتي يجب تسديدها وإلا سيعتبر دولة فاشلة عن القيام بالتزاماتها، وهذه أضرار كبيرة جدا. وأنا شخصيا لا يمكن أن أقبل كوزير في هذه الحكومة أن أكون شاهدا على إسقاط دور الدولة وعدم القيام بواجباتها». وقال حرب «أبلغت رسميا مجلس الوزراء أنني قررت أن أعتكف عن حضور الجلسات من الآن فصاعدا إلا إذا حصل توجه جدي لكي يعود مجلس الوزراء سلطة قادرة على اتخاذ القرارات، لكن أن نبقى كما هو الحال عليه ونسمع بعضنا البعض وكل واحد يحاول التفتيش عن مبررات جديدة للموقف السياسي المتمسك به أنا لست جزءًا من هذا الشيء ولست شاهدا على هذا الأمر، وسأقاطع كل جلسة لن يتجه مجلس الوزراء إلى اتخاذ قرارات فيها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.