140 رائداً في صناعة الإنتاج يطلعون على طموح «نيوم» لتكون مركزاً للصناعات الإعلامية

تصنَّف منشآت ومرافق «نيوم» الإعلامية مجتمعةً على أنها الأكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تصنَّف منشآت ومرافق «نيوم» الإعلامية مجتمعةً على أنها الأكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
TT

140 رائداً في صناعة الإنتاج يطلعون على طموح «نيوم» لتكون مركزاً للصناعات الإعلامية

تصنَّف منشآت ومرافق «نيوم» الإعلامية مجتمعةً على أنها الأكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تصنَّف منشآت ومرافق «نيوم» الإعلامية مجتمعةً على أنها الأكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

140 شخصية من الروّاد العالميين في قطاع الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، التقوا في مدينة «نيوم»، للوقوف عن كثب على الاستديوهات الجديدة التي تقود مرحلة إنتاجية جديدة، تعزز مكانة «نيوم» كمركز عالمي للصناعات الإعلامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واطّلعوا خلال جولتهم على مراحل التطور، ومرافق دعم الإنتاج، والحوافز المقدَّمة، وفرق العمل الاحترافية.
واستقبلت «نيوم» أكبر التجمعات لرواد صناعة الإنتاج الإعلامي في المملكة على مدار يومين، شهدت مشاركة واسعة وحضوراً عالمياً من عدة دول، من السعودية والإمارات والمغرب وتركيا والهند والمملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وهولندا والبرتغال، بالإضافة إلى دول من أميركا الشمالية.
وقال مدير قطاع الصناعات الإعلامية والترفيه والثقافة في «نيوم»، واين بورغ، إن «الحدث حقق نجاحاً كبيراً، وحظي باستجابة وحضور واسعين من أسماء بارزة وشركات عالمية كبرى من رواد قطاع الإنتاج الإعلامي، وهو الأمر الذي يؤكد مدى التفاعل مع عروضنا وما تحققه من تنافسية على مستوى العالم، على صعيد المنشآت ذات المستوى العالمي أو الطواقم المحترفة أو حوافز الاسترداد المالي لدعم إنتاج الأفلام والأعمال التلفزيونية بنسبة تصل إلى 40 في المائة».
وكشف بورغ أن التجمع هيّأ الفرصة للاطلاع بشكل مباشر على التطور اللافت على مستوى القدرات والإمكانات، والتي تعكس مدى جدية فريق «نيوم» وقدرته على المنافسة العالمية.
وتضمن برنامج اليوم الأول من جولة رواد الصناعة الإعلامية، الاطلاع على مرافق الإنتاج الضخمة في قرية «نيوم» الإعلامية، ومشاهدة ما تتميز به «نيوم» من ثراء بيئي وتنوع طبيعي على امتداد مساحات شاسعة.
وخلال اليوم الثاني اطّلع الرواد على مستقبل القطاع والتحديات التي يواجهها؛ وتطارح المشاركون نقاشاً ثرياً حول «مستقبل السرد القصصي والإنتاج»، بحضور نخبة من ذوي الخبرة الواسعة في قطاع الإنتاج والإعلام، بمن في ذلك منتجو التلفزيون والسينما، وشركات الإنتاج العالمية الكبرى، إضافةً إلى المستثمرين والممولين ومقدمو الخدمات. وشهدت الجلسات طرح أفكار ومقاربات حيوية مهمة تفاعل معها الجميع.
وتم خلال الفعالية الاحتفال بافتتاح المرحلة الثانية متعددة الأغراض من الاستديوهات الصوتية، التي بُنيت وفقاً لأعلى المعايير الصناعية، على مساحة 2400 متر مربع، وتعد فريدة من نوعها على مستوى المنطقة. وبذلك يرتفع عدد الاستديوهات الصوتية قيد التشغيل في قرية «نيوم» الإعلامية إلى أربعة، بالإضافة إلى مرافق الدعم والتشغيل التي تبلغ مساحتها الإجمالية 12000 متر مربع مخصصة للإنتاج، وستضاف إلى ذلك 6 استديوهات صوتية جديدة يجري تطويرها، تبلغ مساحتها مجتمعة 10000 متر مربع مخصصة للإنتاج، ومن المقرر افتتاحها نهاية عام 2023.
وتصنَّف منشآت ومرافق «نيوم» الإعلامية مجتمعةً على أنها الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يعزز مكانتها كمركز رائد للإنتاج التلفزيوني والسينمائي في المنطقة، وتشمل مرافق «نيوم» أماكن إقامة على طراز المنتجعات يمكنها استيعاب 350 شخصاً من طاقم التمثيل وفرق العمل، وسيتم رفع قدرتها الاستيعابية إلى 500 فرد بنهاية العام الجاري. وقد أتيح لضيوف الفعالية فرصة تجربة مكان الإقامة الفاخر.



سوريون اعتقلوا في سجون المخابرات العسكرية يصفون «اليأس» من زنزانات الماضي

سوري يسير على طول ممر الزنازين في «فرع فلسطين» التابع للمخابرات العسكرية السورية (أ.ف.ب)
سوري يسير على طول ممر الزنازين في «فرع فلسطين» التابع للمخابرات العسكرية السورية (أ.ف.ب)
TT

سوريون اعتقلوا في سجون المخابرات العسكرية يصفون «اليأس» من زنزانات الماضي

سوري يسير على طول ممر الزنازين في «فرع فلسطين» التابع للمخابرات العسكرية السورية (أ.ف.ب)
سوري يسير على طول ممر الزنازين في «فرع فلسطين» التابع للمخابرات العسكرية السورية (أ.ف.ب)

بعد أيّام من سقوط بشار الأسد، عاد محمد درويش إلى الزنزانة رقم 9 في «فرع فلسطين» أحد فروع المخابرات العسكرية السورية في دمشق؛ حيث أوقف قيد التحقيق لأكثر من 120 يوماً قبل سنوات، متحدثاً عن «اليأس» الذي راوده خلف القضبان.

في الزنزانة الواقعة تحت الأرض في المبنى الكبير المؤلف من طوابق عدة، تنتشر رائحة العفن ومياه الصرف الصحي الجارية في الأروقة بين الزنزانات.

الصحافي السوري محمد درويش عاد ليزور زنزانته في «فرع فلسطين» (أ.ف.ب)

لا نافذة تُدخل الضوء من الجدران السوداء المليئة بالبق في الغرفة الضيقة التي بالكاد اتسعت لأكثر من 100 شخص.

وهذا الفرع الذي يخشاه السوريون كثيراً، كان يستقبل خصوصاً موقوفين بتهم «الإرهاب»، لكنّ كثراً يدخلونه على قيد التحقيق وتنقطع أخبارهم تماماً عن ذويهم.

ودخل الصحافي محمد درويش (34 عاماً) إلى السجن في فرع فلسطين لمدة 120 يوماً قيد التحقيق في عام 2018 بتهمة «تمويل الإرهاب بالمعلومات، والترويج للإرهاب»، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

سوريون يدمرون لافتة تصور بشار الأسد ووالده حافظ الأسد في «فرع فلسطين» (أ.ف.ب)

«تهمة الإعلام»

في الزنزانة رقم 9، يتذكّر البقعة الضيقة التي حُجز فيها مع 50 آخرين لإصابتهم بالسلّ. يتذكّر الشاب التركي الذي كان موقوفاً معهم وأصيب بـ«الجنون» على حدّ قوله من كثرة الضرب.

ويروي الشاب: «أنا من أكثر الأشخاص الذين حققوا معهم؛ لأن تهمتي بالنسبة لهم كانت كبيرة جداً، تهمة الإعلام، كانوا يحققون معي مرة في الصباح ومرة في المساء».

ويضيف: «كانوا يقولون لي إن المسلح برصاصة يقتل شخصاً واحداً، بينما أنا بكلمتي أقتل الآلاف»، بينما يقول إنه كان يصور تقارير عن الواقع الخدمي في دمشق. وبعدما نُقل إلى سجن آخر، خرج بعد عام وأكثر من «التوقيف العرفي».

سوريون يتجمعون في «فرع فلسطين» التابع للمخابرات العسكرية السورية (أ.ف.ب)

ويصف الشعور خلف القضبان «بشعور فقدان الأمل واليأس، عندما يغلقون هذا الباب عليك، تفقد الأمل بالغد، هذه البقعة شهدت مآسي، عائلات فقدت مُعيلها، فقدت أبوها، فقدت أخوها».

ويتابع: «يكفي كنتيجة لهذه الثورة كلها، إنهاء الاعتقال القسري والعرفي من دون أي تهمة واضحة».

وفرع «فرع فلسطين» أو الفرع 235 في المخابرات العسكرية، تماماً من كلّ العناصر الأمنية التي كانت موجودة فيه منذ الأحد. لكنّ زواره الآن على غرار محمد، هم موقوفون سابقون جاءوا تحدياً للألم الذي عانوه هنا، أو تحدياً للخوف.

«اليائس يبحث عن أي خيط»

آخرون قرروا زيارة المكان للبحث في الوثائق والأوراق والملفات التي تُركت فيه علّهم يجدون قريباً لهم فُقد في السجون السورية ولم يسمعوا عنه خبراً، كما فعل كثر منذ سقط حكم «حزب البعث» قبل أيام.

سوريون يبحثون في الملفات داخل «فرع فلسطين» التابع للمخابرات العسكرية السورية (أ.ف.ب)

في غرفة سوداء توزعت فيها آلاف الأوراق والملفات، وقفت امرأة وهي تقلب بين بطاقات هوية بحثاً عن قريب لها. وتقول وهي تغطي وجهها بوشاح رمادي إن «اليائس يبحث عن أي خيط» يوصله إلى ما يريد، مفضلة عدم كشف اسمها.

آلاف فعلوا مثلها منذ الأحد، حين فتحت أبواب السجون والمقرات الأمنية في مناطق مختلفة من سوريا، لا سيما سجن صيدنايا السيئ الصيت.

عند مدخل «فرع فلسطين»، شاحنة عسكرية متوقفة، وفرش مبعثرة، وأوراق خضراء وصفراء صغيرة رُميت على الأرض. تركت بعض البدلات العسكرية والأحذية في مكانها.

«نخرج الموتى من الزنزانات»

عاد أدهم بجبوج (32 عاماً) أيضاً لزيارة زنزانته السابقة، الزنزانة رقم 7.

ويقول الشاب المتحدر من درعا، الذي سُجن في 2019 لانشقاقه عن الجيش مع بداية خروج المظاهرات المناهضة للسلطة في عام 2011: «قيل لنا إن دخولنا هنا إلى (فرع) فلسطين، من الشرطة العسكرية، لن يتعدى السؤال والجواب، لكنني بقيت 35 يوماً، أو 32 يوماً، لم أعد أذكر، في الزنزانة هذه».

سوري يتجول في «فرع فلسطين» التابع للمخابرات العسكرية السورية (أ.ف.ب)

يقاطعه شقيقه الذي كان يقف قربه قائلاً: «دخل وزنه 85 كيلوغراماً، وخرج 50 كيلوغراماً».

كانت وظيفة القابعين في هذه الزنزانة تحديداً هي «السخرة»، وفق أدهم. ويقول: «نخرج من الخامسة صباحاً، نمسح الأرضيات، ننظف مكان التعذيب، نخرج الموتى من الزنزانات، ننظف الحمامات والمكاتب».

ويضيف أدهم النحيل الجسد أنه عاد إلى هنا الآن تحدياً للخوف الذي كان يشعر به من هذه الأروقة. ويروي الرجل: «بعدما خرجت من هنا... بتّ أخاف أن أمرّ من قربه، حتى لو كان على طريقي، أبدّل الطريق وأختار طريقاً أطول لكيلا أمر من أمامه».

ويتذكر اللحظة الأولى التي دخل فيها الفرع قائلاً: «ضربونا ضربتين أو ثلاثاً بالكرباج... يحتاج المرء لعلاج يومين من بعدها من شدّة قوتها».

«مأساة»

في الطابق الأعلى، «غرف التعذيب» كما يصفها المساجين السابقون. غرف معتمة رمادية، على أحد جدرانها نافذة زجاجية كبيرة، لكن «كانوا يعذبوننا في الرواق أيضاً»، وفق قول أحدهم.

في الجناح الآخر من المبنى الضخم، مكاتب وغرف الضباط والمسؤولين التي حُرقت بالكامل. تنبعث رائحة دخان قوية من المكان الذي خُلّعت أبوابه وتحوّل أثاثه إلى رماد.

مكتب مدير «فرع فلسطين» التابع للمخابرات العسكرية السورية يظهر محترقاً بعد اقتحامه (أ.ف.ب)

في غرفة بالكاد فُتح بابها، تظهر رفوف وُزّعت عليها آلاف الأوراق المحروقة التي يعتقد زوار المقر أنها أوراق «مهمة» و«سرية» أحرقها المسؤولون قبل فرارهم.

من بين تلك الأوراق، رسالة من القيادة العامة للجيش إلى «النيابة العامة المختصة بمعالجة قضايا الإرهاب» تحتوي على تفاصيل توقيف مجند في الجيش لملاحقته «بجرم علاقته بالمجموعات الإرهابية المسلحة وبكل جرم يظهر بحقه خلال مرحلتي التحقيق والمحاكمة»، موقعة من رئيس شعبة المخابرات في عام 2022.

يقول وائل صالح (42 عاماً) الذي جاء أيضاً لزيارة زنزانته رقم 9: «جرّموني بالإرهاب، حتى اللحظة أنا مجرم بالإرهاب».

ويضيف الرجل وهو يحدّق بسجنه السابق: «كانت مأساة، حتى هذه اللحظة أتذكر الأيام التي كنا فيها هنا، كنا 103 أشخاص، كنا نقف نحن ونترك الكبار في السن ينامون».