«أوبك» تلمح لتماسك إمدادات نفط منافسيها رغم هبوط الأسعار

رفعت توقعاتها لإمدادات الخام من خارج المنظمة في 2015

«أوبك» تلمح لتماسك إمدادات نفط منافسيها رغم هبوط الأسعار
TT

«أوبك» تلمح لتماسك إمدادات نفط منافسيها رغم هبوط الأسعار

«أوبك» تلمح لتماسك إمدادات نفط منافسيها رغم هبوط الأسعار

واصلت العقود الآجلة للخام الأميركي تسليم سبتمبر (أيلول) خسائرها، أمس الثلاثاء، بعدما أذكى خفض قيمة العملة الصينية المخاوف بشأن الطلب على النفط في الصين، وقيام منظمة أوبك برفع توقعاتها لإنتاج الخام من خارجها في 2015.
وتراجع الخام الأميركي تسليم سبتمبر 59.‏1 دولار إلى 37.‏43 دولار للبرميل الساعة 13.48 بتوقيت غرينتش بعدما ارتفع إلى 34.‏45 دولار قبل أن يهبط إلى أدنى مستوياته للعقد عند 31.‏43 دولار.
وقد رفعت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أمس الثلاثاء توقعاتها لإمدادات النفط من خارج المنظمة في 2015 في مؤشر على أن تأثير انهيار الأسعار على النفط الصخري ومنتجين آخرين منافسين يستغرق وقتا أطول مما كان يعتقد من قبل.
وفي تقريرها الشهري أبقت أوبك توقعاتها للطلب على نفطها دون زيادة للعام الحالي رغم تسارع وتيرة نمو الاستهلاك العالمي ويرجع ذلك لزيادة الإنتاج في الولايات المتحدة ودول أخرى من خارج المنظمة عن التوقعات.
ومنذ العام الماضي ترفض أوبك خفض الإنتاج رغم تهاوي الأسعار سعيا لاستعادة حصتها في السوق من خلال إبطاء وتيرة الإنتاج الأعلى تكلفة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، متشجعة في ذلك بسياستها السابقة التي حافظت على الأسعار مرتفعة حول مستوى 100 دولار للبرميل.
وفي وقت سابق من العام قلصت أوبك التوقعات للإمدادات من خارج المنظمة أملا في أن يقود انخفاض الأسعار إلى تباطؤ الإنتاج، ولكن اليوم رفعت التوقعات الخاصة بهذه الإمدادات لعام 2015 بنحو 90 ألف برميل يوميا بعد زيادتها في يوليو (تموز) أيضا.
وبحسب «رويترز» قالت أوبك «من المتوقع الآن أن ينخفض الإنتاج من الحقول البرية في الولايات المتحدة من مصادر غير تقليدية بشكل طفيف في النصف الثاني من عام 2015 بينما يتوقع أن ينمو الإنتاج البحري نتيجة البدء في تشغيل مشروعات».
وأضافت «التطورات الأخيرة في قطاع المنبع فضلا عن تذبذب الأسعار من جديد يزيد من صعوبة التنبؤ بالإمدادات من خارج أوبك».
وأظهر التقرير استمرار الزيادة في الإمدادات من الدول الأعضاء في أوبك. ونقل التقرير عن مصادر ثانوية أن إنتاج المنظمة بلغ 5.‏31 مليون برميل يوميا في يوليو بزيادة 5.‏1 مليون برميل عن السقف المحدد عند 30 مليون برميل يوميا.
وأبقت أوبك على توقعاتها لمتوسط الطلب العالمي على نفطها عند 23.‏29 مليون برميل يوميا في 2015 دون تغيير عن الشهر الماضي، في حين أشار التقرير لتكوين فائض في السوق 28.‏2 مليون برميل إذا استمرت المنظمة في الضخ بنفس المعدل المسجل في يوليو.
ولكن السعودية التي كانت القوة الدافعة وراء رفض أوبك خفض إنتاج الخام أبلغت المنظمة أن إنتاجها نزل 200 ألف برميل يوميا إلى 36.‏10 مليون برميل في يوليو، منخفضا من مستواه القياسي في يونيو (حزيران)، وما زالت أوبك تتوقع تباطؤا كبيرا لنمو الإمدادات من خارج المنظمة العام المقبل وتمسكت بوجهة نظرها بأن نمو الطلب سوف يبدد الفائض في السوق.
وذكرت المنظمة «ينبغي أن يستمر التحسن في الطلب على النفط الخام في الأشهر المقبلة ومن ثم ينخفض تدريجيا الخلل في موازين العرض والطلب في سوق النفط».
من جهة أخرى قالت مؤسسة تسويق النفط العراقية (سومو)، أمس، إن «العراق رفع سعر البيع الرسمي لشحنات سبتمبر من خام البصرة الخفيف إلى زبائن آسيا 50.‏0 دولار ليصل إلى متوسط أسعار خامي عمان ودبي ناقصا 45.‏1 دولار للبرميل عن الشهر السابق».
وبحسب «رويترز» قالت «سومو» في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إنه «تحدد سعر خام البصرة الثقيل في شحنات سبتمبر المتجهة إلى آسيا عند متوسط سعر خامي عمان ودبي ناقصا 55.‏5 دولار للبرميل».
وبالنسبة لأسواق أميركا الشمالية والجنوبية تحدد سعر خام البصرة الخفيف لشحنات سبتمبر عند مؤشر أرجوس للخامات عالية الكبريت ناقصا 15.‏0 دولار للبرميل وذلك بارتفاع عن الشهر السابق. وتراجع خام كركوك للولايات المتحدة إلى مستوى مؤشر أرجوس زائدا 50.‏0 دولار للبرميل.
وأما شحنات خام البصرة الخفيف إلى أوروبا في سبتمبر فقد تراجع سعرها 10.‏1 دولار إلى سعر برنت الفوري ناقصا 15.‏5 دولار للبرميل. وتراجع سعر شحنات خام كركوك لزبائن أوروبا إلى برنت مخصوما منه 15.‏5 دولار.
وكانت أسعار النفط الخام قفزت أول من أمس الاثنين نحو أربعة في المائة بعد صعود أسعار البنزين والديزل في الولايات المتحدة بسبب عطل في مصفاة ساعد في ارتفاع العقود الآجلة للخام من أدنى مستوياتها في عدة أشهر بلغتها في وقت سابق من الجلسة.
وانخفض مؤشر الدولار لأدنى مستوياته في نحو أسبوعين فيما جعل النفط وغيره من السلع الأولية المقومة بالعملة الأميركية أيسر تكلفة بالنسبة لحائزي اليورو والعملات الأخرى. وارتفعت العقود الآجلة لبرنت خام القياس العالمي 7.‏3 في المائة لتسجل أكبر مكسب يومي لها منذ منتصف مايو (أيار) . وصعد الخام الأميركي 5.‏2 في المائة أكبر مكسب يومي له في شهرين.
جاء صعود الخام بعدما قفز البنزين بأكثر من أربعة في المائة بسبب عطل في وحدة لتقطير الخام تبلغ طاقتها 240 ألف برميل يوميا بمصفاة شركة «بي.بي في إنديانا».
وارتفعت أيضا العقود الآجلة للديزل المنخفض الكبريت بنحو ثلاثة في المائة متعافية من أدنى مستوياتها في ست سنوات بلغتها في الأسبوع الماضي.
وارتفع سعر خام برنت 8.‏1 دولار عند التسوية إلى 41.‏50 دولار للبرميل بعدما تراجع إلى 24.‏48 دولار للبرميل أدنى مستوى في ستة أشهر في وقت سابق من الجلسة.
وزاد سعر الخام الأميركي 09.‏1 دولار إلى 96.‏44 دولار للبرميل عند التسوية بعد أن نزل إلى 35.‏43 دولار أدنى مستوى له في أربعة أشهر ونصف في التعاملات الآسيوية.
وتراجع الخامان القياسيان على مدى ستة أسابيع بفعل تخمة المعروض حيث خسر برنت 23 في المائة والنفط الأميركي 26 في المائة.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.