البرلمان العراقي يلزم نفسه والحكومة بالإصلاح

المتحدث باسم رئيس الجمهورية تعليقًا على إقالة نوابه: ما تقره السلطة التشريعية يجب تنفيذه

عراقيون يتابعون في مقهى ببغداد أمس كلمة متلفزة لرئيس البرلمان سليم الجبوري قبل التصويت على حزمة الإصلاحات (أ.ف.ب)
عراقيون يتابعون في مقهى ببغداد أمس كلمة متلفزة لرئيس البرلمان سليم الجبوري قبل التصويت على حزمة الإصلاحات (أ.ف.ب)
TT

البرلمان العراقي يلزم نفسه والحكومة بالإصلاح

عراقيون يتابعون في مقهى ببغداد أمس كلمة متلفزة لرئيس البرلمان سليم الجبوري قبل التصويت على حزمة الإصلاحات (أ.ف.ب)
عراقيون يتابعون في مقهى ببغداد أمس كلمة متلفزة لرئيس البرلمان سليم الجبوري قبل التصويت على حزمة الإصلاحات (أ.ف.ب)

في جلسة حضرها 297 نائبا من مجموع 328 وتم خلالها ولأول مرة منذ عام 2005 نشر أسماء النواب المتغيبين صوّت البرلمان العراقي أمس على ورقتي الإصلاح الحكومية والنيابية بالإجماع.
وفي مستهل الجلسة خاطب رئيس البرلمان سليم الجبوري الحاضرين قائلا: «شعبكم ينتظر منكم الوقوف معه اليوم في تحقيق الإصلاح». وأضاف: «أيها الإخوة أننا اليوم أمام اختبار حقيقي لتحقيق الإصلاح»، مشيرا إلى أن «حزمتي الإصلاح الحكومية والنيابية تمثلان انعطافة في سلوك الدولة الحديثة». وتابع أن «البرلمان بذل جهدا كبيرا خلال الفترة الماضية ومن أهم إنجازاته أن الحكومة التي بادرت بالإصلاحات ولدت من رحم هذا البرلمان كما شرع ورقة الاتفاق السياسي التي لا تبتعد عن الإصلاحات». وشدد الجبوري على ضرورة إدراك حجم المسؤولية لتحقيق الإصلاح «متقدما بالشكر للمتظاهرين الذين تحملوا العناء وللمراجع الدينية على الدعم اللامحدود».
وتلا الجبوري ورقة الإصلاح الحكومي في جلسة البرلمان للتصويت عليها وتضمنت إلغاء مناصب نواب رئسي مجلس الوزراء والجمهورية وترشيق الوزارات وتقليل حمايات المسؤولين وعدة قرارات إصلاحية أخرى وتم التصويت على الإصلاحات بالإجماع. بعدها تلا ورقة الإصلاح النيابية، التي تضمنت المباشرة بعملية الترشيق ضمن الرئاسات، أو الوزارات، أو الهيئات، أو الجهات غير المرتبطة بوزارة من خلال دمج المديريات القابلة للدمج للقضاء على الترهل الإداري في هذه الجهات، ودعوة رئيس مجلس الوزراء إلى إقالة كل من وزير الكهرباء والموارد المائية، وكل من يثبت تقصيره في إدارة الوزارة وتحقيق مصالح الناس بما له من صلاحية ووفق الآلية الدستورية، وتم التصويت عليها بالإجماع أيضا.
من جهته أكد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية خالد شواني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ورقة الإصلاحات تمثل إرادة شعبية والرئيس فؤاد معصوم الذي طالما دعا إلى محاربة الفساد والعمل على بناء الدولة بشكل سليم يحترم القرارات التي صدرت والتي صوت عليها ممثلو الشعب في البرلمان».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت إقالة نواب الرئيس قد أصبحت سارية المفعول قال شواني إن «البرلمان هو السلطة التشريعية العليا وبالتالي فإن كل ما يصدر عنه يعد ملزما للتنفيذ وهناك إجراءات معروفة في نظام ديمقراطي مثل نظامنا في حال الاعتراض مثل المحكمة الاتحادية أو المحكمة الإدارية».
في سياق متصل، أعلنت القيادية في حركة الوفاق الوطني انتصار علاوي والمقربة من زعيم ائتلاف الوطنية ونائب رئيس الجمهورية إياد علاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ائتلاف الوطنية حضر جلسة التصويت وقد صوتنا على حزمة الإصلاحات بناء على ما قاله رئيس البرلمان سليم الجبوري من أن موافقة البرلمان على هذه الإصلاحات مرتبطة بمدى كونها دستورية وقانونية»، مشيرة إلى «إننا صوتنا على المبدأ وهو الإصلاح، لكننا سنعترض على كل ما يتعارض مع الدستور والقانون».
إلى ذلك حذر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر من المماطلة في تطبيق حزمة الإصلاحات الوزارية التي أقرها مجلس النواب. وقال المتحدث الرسمي باسم التيار الصدري، صلاح العبيدي، في مؤتمر عقد في المكتب الخاص وسط مدينة النجف إن «الصدر يتقدم بالشكر الجزيل لكل من شارك في إنجاح حزمة الإصلاحات بدءًا من المتظاهرين والجهات الأمنية ومجلس الوزراء ورئيسه الدكتور حيدر العبادي ومجلس النواب، رئاسة وأعضاء». وحذر العبيدي من «المماطلة في تطبيق حزمة الإصلاحات وفق الجدول الزمني المحدد، وخصوصًا ما تم التصويت عليه»، متوعدًا «ستكون للشعب وقفة في مظاهرات مليونية ضد المماطلين، إذا ما تعثر التطبيق».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».