الشيف نهى زكي: إقامتي في السعودية علمتني الطهي مبكراً

تحولت من الفن التشكيلي إلى فن الطهي

الشيف المصرية نهى زكي     -       البامية البيضاء باللحم المفروم (الشرق الأوسط)
الشيف المصرية نهى زكي - البامية البيضاء باللحم المفروم (الشرق الأوسط)
TT

الشيف نهى زكي: إقامتي في السعودية علمتني الطهي مبكراً

الشيف المصرية نهى زكي     -       البامية البيضاء باللحم المفروم (الشرق الأوسط)
الشيف المصرية نهى زكي - البامية البيضاء باللحم المفروم (الشرق الأوسط)

ما بين الملوخية والمحاشي بتنوع مختلف من الطواجن، وشرائح «الكنعد» المقلية بالتوابل والأعشاب، بالإضافة إلى وجبة الـ«بولغوجي» الكورية، استطاعت الشيف نهى زكي، أن تؤلف بين قلوب متابعيها، سواء من خلال قناتها «وصفة» عبر «الإنترنت»، أو عبر مدونتها وحسابها على «إنستغرام»، وذلك بوصفات من مطابخ عالمية، تنتهي إلى التركيز على خصوصية «المصري والخليجي».
ونهى، المولودة في مدينة الخُبر السعودية، استهواها عالم الطبخ مبكراً، فأثقلت هوايتها بدورات تدريبية حتى حصلت على شهادات من مدارس عالمية ومصرية في الطهي، ومع تمرسها في المجال، بدا أنها تأثرت بممارستها للفن التشكيلي فيما تقدمه من وصفات وأطباق، وتحرص دائماً على وضعها في قالب من الألوان المبهجة.

من الأطباق التي تجيد الطاهية المصرية تحضيرها بإتقان      -      فطيرة الجبن بالزعتر (الشرق الأوسط)

تقول نهى في مقابلة مع «الشرق الأوسط»: «في الخُبر تأثرت بالثقافات المختلفة المحيطة بمسكننا، حيث كان والدي يعمل هناك، وكانت تقطن أُسر من جنسيات عديدة؛ من الأردن، وفلسطين، وباكستان، والهند والسودان، وكنا نتبادل الأطباق والوصفات مع الجيران، لذلك تعرفت مبكراً على مذاقات المطابخ المختلفة؛ ومنها الخليجية والآسيوية والشامية، إلى جانب المطبخ المصري».
التحقت نهى بقسم التصوير الجداري في كلية الفنون الجميلة بمصر، ولم تراودها فكرة أن تصبح من مشاهير صناع محتوى وصفات الطعام على مواقع التواصل الاجتماعي، أو مقدمة برامج الطهي في قنوات معروفة، إلا أن ذكريات طفولتها جذبتها إلى عالم الطهي، تضيف: «أجمل لحظات طفولتي كنت أقضيها مع أمي وخالتي نتشارك مشاهدة برنامج الشيف الراحل أسامة السيد، لنقوم بعدها نطبق ما شاهدناه».
وعلى الرغم من ممارستها الفن التشكيلي، وعملها معلمة للتربية الفنية، فإن الشغف بالطهي ظل يراودها: «كانت زميلاتي من المعلمات يتجمعن حولي ويسألن عن وصفاتي للأكلات المختلفة، ومن ثم يبدين إعجابهن الشديد بها عند تطبيقها في مطبخهن، ومن هنا ولدت فكرة إطلاق مدونتي على (إنستغرام) عام 2015».
وبعدما أثقلت موهبتها بالدراسة المتخصصة في الطهي، بدأت نهى تقديم برنامجها «صحي وبس» عبر قناة «بيتي» الخليجية، وكانت تحتفي فيه بالأكلات الصحية السريعة العصرية. كما قدمت برنامج «صحي واقتصادي» وآخر باسم «ملك الوصفات»، وفيه كانت تتناول وصفات عديدة حلوة ومالحة لمكون غذائي واحد، مثل قرع العسل أو الزبيب أو التمر، فضلاً عن برنامج لتغذية الأطفال الرضع «بيبي فود»، وآخر للأطفال الأكبر سناً «لانش بوكس».
وما بين المطبخين السعودي والمصري، تستعرض الشيف نهى، عبر حسابها لمتابعيها أهم الأطباق والأصناف، من بينها الكبسة باللحم أو الدجاج، أو السمك، والجريش المطهي بالدجاج واللبن مع كشنة من البصل المقلي على الوجه، والمطازيز بعجينتها المخبوزة والممتزجة باللحم والخضراوات، أو الحنيني المغموس بالتمر والطحين والزبدة، والمضاف إليه الهيل والزعفران.
وتزخر أيضاً وصفاتها بألوان من الطعام المصري، وتتصدرها المحاشي والطواجن، إضافةً إلى الأكلات التراثية المقبلة من قلب الصعيد، حيث ينتمي والداها، تقول: «في مسقط رأس أبي وأمي بجنوب مصر، شاهدت الأكلات المأخوذة من الأرض والمُحضرة بطريقة صحية في الأفران العتيقة».
وتحرص الشيف نهى على إضافة مكونات جديدة ولمسة عصرية، على الأكلات التراثية والتقليدية، لتشكل في النهاية أطباقاً بتوقيعها، تقول: «أحياناً أخلط بين بعض الأصناف من المطابخ المختلفة، لأحصل على صنف جديد ومختلف بنكهة مغايرة وشكل مميز».

طاجن الدجاج بكريمة الفطر       -      أكلات بحرية على الطريقة الآسيوية (الشرق الأوسط)

ولا تقتصر وصفات الشيف نهي، على الأطباق الكلاسيكية، فهي تأخذك إلى نكهات أخرى متنوعة، حيث فتة السبانخ بمكعبات اللحم والجاكوت النوبي بالدجاج، وسلطة الخضراوات بالبطاطس المهروسة (البوريه)، واللحم المفروم والفريك بالخلطة مع الكبد، وكوكيز الشوفان بالزبيب، وسلطة السبانخ بالفراولة، وشوربة الكرنب الأحمر والخضراوات.
وتمنح الشيف نهى فرصة لمشاهديها بإمكانية تعلمهم طهي الأكلات الآسيوية، وذلك عبر برنامجها على قناة «الوصفة» على الإنترنت أو عند الدخول إلى مدونتها، فهي تحتفي بالطعام الآسيوي وتجيد تقديمه منذ حصولها على كورس متخصص فيه، إضافة إلى شهادة معتمدة من المركز الثقافي الكوري بالقاهرة، تضيف: «إذا كنت من عشاق هذا المطبخ الرائع فإن كثيراً من الأطباق التي تعجبك في مطعمك المفضل يمكن إعدادها بنفسك، فهي ليست صعبة التحضير كما تعتقد».
وتنصح نهى بضرورة ضبط مستويات البهارات وتصميم وجبة مصممة حسب ذوقك، وذلك بعد أن تعتمد مجموعة من مكونات المأكولات المشتركة للطعام الآسيوي؛ مثل الأرز والزنجبيل، والبصل، والفلفل الحار، والثوم، وفول الصويا، وهنا تقول: «يمكنك أن تختار من ضمن وصفاتي التي أقدمها بطريقة مبسطة وتقيم وليمة لعائلتك، فلم يعد هناك حاجة لوجود قائمة خارجية».
بحماس وشغف تقدم الشيف المصرية، الأكلات الكورية ومنها «الكيمباب» المصنوع من الأرز الأبيض المسلوق مع عدة مكونات أخرى؛ ويلف بعشب بحري مجفف يعرف باسم الكيم، والبيبمباب المكون من الأرز، و6 أنواع من الخضراوات ويقدم مع اللحم أو البيض المقلي. وتقدم أيضاً «بولغوجي»، وهي عبارة عن شرائح اللحم الرقيقة المشوية أو المقلية المتبلة بمعجون الفلفل الأحمر الحار مع الخس المقطع.
وإذا أردت مقبلات أو فطائر سريعة، فتنصحك الشيف نهى بتجريب وصفتها لفطيرة آسيوية لذيذة باللحم البقري المطحون والملفوف وبراعم الخيزران والبصل الأخضر والزنجبيل والثوم تقدمها مع صلصة غمس منعشة مصنوعة من صلصة الصويا والخل.
وأياً كان المطبخ الذي تقدم الشيف نهى وصفاته، فإنها تحرص على الجمع بين المذاق الفريد والأكل الصحي، تقول: «هي معادلة ضرورية وسهلة»؛ و«لكي تستطيع الوصول إلى ذلك، عليك باختيار المكونات الصحيحة، على سبيل المثال ابتعد عن الزيوت المخلوطة أو المهدرجة، واختر زيت الزيتون أو الذرة أو دوار الشمس، ومن دون إفراط».
أيضاً من الضروري انتقاء أدوات وأواني طهي صحية، بحسب الشيف نهى، وهنا ترشح الفخار المحروق: «هو الأكثر أماناً، عليك شراء الفخار العادي لا المطلي، ومن ثم تدهنه جيداً بالسمن أو العسل الأسود، ويتبع ذلك حرقه في الفرن على درجة حرارة مرتفعة، وحينئذ تستمتع بطعام له مذاق خاص وصحي للغاية».
وتضيف: «أما إذا أردت استخدام الأواني السيراميك أو الغرانيت أو غير ذلك، فاحذر خدشها أو تقشيرها، لأن ذلك له أضرار بالغة على الصحة». الآن تستعد نهى لتأسيس مطعمها بالقاهرة تقول: «قريباً سيتحقق حلمي، أن افتتح مطعماً بوصفاتي الخاصة التي تحمل توقيعي».


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.