الخارجية المصرية: لا مجال للتفاوض أو الوساطة مع «تنظيم الإخوان الإرهابي»

القاهرة تصف تصريحات العطية بـ«غير المقبولة»

جانب من احتفالات المصريين بافتتاح قناة السويس الجديدة في محيط ميدان التحرير وسط القاهرة (أ ب)
جانب من احتفالات المصريين بافتتاح قناة السويس الجديدة في محيط ميدان التحرير وسط القاهرة (أ ب)
TT

الخارجية المصرية: لا مجال للتفاوض أو الوساطة مع «تنظيم الإخوان الإرهابي»

جانب من احتفالات المصريين بافتتاح قناة السويس الجديدة في محيط ميدان التحرير وسط القاهرة (أ ب)
جانب من احتفالات المصريين بافتتاح قناة السويس الجديدة في محيط ميدان التحرير وسط القاهرة (أ ب)

جددت مصر أمس تأكيدها على رفض التدخل في شؤونها الداخلية، واصفة تصريحات أدلى بها وزير الخارجية القطري حول الأوضاع في مصر بـ«غير المقبولة»، ومشددة على أن جماعة الإخوان في مصر هي «تنظيم إرهابي» وليس هناك مجال للتفاوض أو القبول بوساطة خارجية للحوار معه، لتغلق بذلك الباب أمام أي محاولات لإعادة الإخوان إلى موائد الحوار. فيما أكدت مصادر دبلوماسية مصرية لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تتخذ ردود فعل رصينة تجاه الاستفزازات، نتيجة لعدد من الاعتبارات، إلا أنها لا تتوانى عن الرد على المغالطات».
وكان وزير الخارجية القطري خالد العطية قال في تصريحات إعلامية يوم الخميس الماضي إن «العلاقة بين مصر وقطر علاقة طيبة، ولكن هناك خلاف سياسي، هو إقصاء مكون سياسي كبير في مصر»، في إشارة إلى جماعة الإخوان. وأضاف العطية: «نحن ندعم مسألة الحوار، ونشجع الحوار وحل الأمور في نطاق حوار وطني يجمع الكل في مصر ولا يقصي أحدا».
وتابع العطية في تصريحاته قائلا: «أؤكد أنه ليس لدينا مبادرة، ولكن لو طلب من قطر أن تكون وسيطا في عمل يمكن يؤدي في نهاية المطاف إلى خير للأمة العربية. ومصر من الدول المهمة والتي يعنينا استقرارها مباشرة كعمق استراتيجي»، مشيرا إلى أن بلاده ترفض وصف الإخوان المسلمين بـ«الجماعة الإرهابية».
لكن القاهرة رفضت تلك التصريحات، وصدر بيان عن الخارجية المصرية جاء فيه أن مصر ترفض التدخل في شؤونها الداخلية، وأنه ليس هناك مجال للتفاوض مع الإخوان.
وقال البيان إنه «ردًا على تصريحات لوزير خارجية قطر بشأن تقييم بلاده لتنظيم الإخوان، واستعدادها للوساطة بين الحكومة المصرية وهذا التنظيم لتحقيق الاستقرار في مصر، أكد المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية على رفض مصر لكافة أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية».
واعتبر المستشار أبو زيد أن «تصريحات وزير الخارجية القطري غير مقبولة، وتفتئت على أحكام القضاء المصري وقرارات الحكومة المصرية وإقرار جموع الشعب المصري بأن تنظيم الإخوان تنظيم إرهابي، ليس هناك مجال للتفاوض أو القبول بوساطة خارجية للحوار معه».
وشهدت العلاقات بين القاهرة والدوحة توترات في أعقاب ثورة 30 يونيو (حزيران) في مصر، حيث ساندت قطر جماعة الإخوان واستضافت الكثير من أنصارها الذين تجري محاكمتهم في مصر أو صدرت ضد بعضهم أحكام قضائية بالسجن أو الإعدام.. كما أفردت قناة «الجزيرة» الفضائية وعدد من المواقع الإعلامية الأخرى مساحات موسعة للهجوم على النظام المصري خلال العامين الماضيين، وكذلك انتقاد أي خطوات إيجابية، وآخرها محاولات للتقليل من حجم فوائد وجدوى مشروع قناة السويس الجديدة.
وأكدت مصادر دبلوماسية مصرية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تتخذ دائما رد الفعل الذي يتسم بضبط النفس مع الجانب القطري؛ فهي من جانب تفند ما يأتي في تصريحات مسؤوليها، وتعترض على المغالطات، لكنها في ذات الوقت لم تكن أبدا المبادرة بإثارة أي مشكلات مع الدوحة، ولم تبادر ولو لمرة واحدة بتوجيه انتقادات إلى الجانب القطري أو تدخلت في شؤون بلادهم».
وتبادلت الدولتان سحب السفراء في أوج التوتر، وبينما ظهر السفير القطري في القاهرة سيف بن مقدم البوعينين في عدة مناسبات، بصفته أيضا مندوب قطر الدائم لدى جامعة الدول العربية، لا يزال السفير المصري لدى قطر موجودا في القاهرة.
وفي نهاية العام الماضي، هدأت حدة الاتهامات المتبادلة بين القاهرة والدوحة تلبية لدعوة أطلقها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لـ«تنقية الأجواء بين الأشقاء»، كما شهدت القمة العربية التي عقدت في مدينة شرم الشيخ في نهاية شهر مارس (آذار) الماضي استقبالا وديا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لكن استمرار الانتقادات القطرية للشؤون الداخلية المصرية أدى إلى تصاعد الخلاف مجددا.
وأكدت المصادر المصرية لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة ملتزمة أولا بوعدها للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بضبط النفس، وثانيا أن مصر تقدر دورها كدولة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، وأنها يجب ألا تنزلق إلى هوة التراشقات المتبادلة، وهو ما تتخذه القاهرة أساسا لعلاقاتها الخارجية التي يوجد بيننا وبينها خلافات، حتى وإن كانت حادة للغاية على غرار تركيا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».