انقلابيو اليمن يرغمون الحلاقين والخياطين على الالتحاق بدورات طائفية

الميليشيات هاجمت الفنانين ووصفتهم بأنهم يخدمون «الحرب الناعمة»

حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ب)
حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ب)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الحلاقين والخياطين على الالتحاق بدورات طائفية

حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ب)
حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ب)

بينما تواصل وسائل إعلام الانقلابيين الحوثيين في اليمن شن حملة عداء وكراهية للفنانين والتشهير بهم واتهامهم بالترويج للانحلال، أرغمت الميليشيات العاملين في صالونات الحلاقة، ومحلات الخياطة النسائية في صنعاء على الالتحاق بدورات طائفية، بعد أن شملت هذه الدورات الموظفين العموميين والسياسيين والناشطين وأعضاء ما يسمى مجلس النواب، باعتبارها شرطا للبقاء في تلك الوظائف ومعيارا لمدى الولاء لها.
عاملون في الوسط الفني ذكروا لـ«الشرق الأوسط» أن قناة «اللحظة» التي يشرف عليها كبير المفاوضين الحوثيين عبد السلام فليتة المعروف بـ«محمد عبد السلام» خصصت برنامجا يوميا يستهدف أبرز فناني الغناء في مدينة صنعاء تحديدا؛ حيث يقوم معد البرنامج ببث مقاطع غنائية مجتزأة من أغان شعبية متداولة في الشارع، والتحريض على هؤلاء الفنانين واتهامهم بـ«الترويج للانحلال، وإشاعة الفاحشة» مع السخرية من تلك الأغاني والقول إن هؤلاء يقودون ما يسميها الانقلابيون الحرب الناعمة التي تستهدف النساء والشباب.
ووفق ما ذكرته المصادر، فإن هذه الحملة تشارك فيها قناة «الهوية» التي يديرها الناشط الحوثي محمد العماد المدعوم من محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة؛ حيث كرست القناة جزءا من برامجها للسخرية من الفنانين، واتهامهم بالعمل لخدمة الغرب واستهداف ما تصفها الميليشيات بـ«الهوية الإيمانية».
وتستخدم الميليشيات في وسائل إعلامها لغة التسفيه في مهاجمة الآراء السياسية، وحتى الضيوف من السياسيين الذين قبلوا العمل تحت سلطة الانقلاب؛ حيث يرغم هؤلاء على الظهور في برامج ومقابلات يوجهون فيها شتائم وتسفيه لرفاقهم في الأحزاب السياسية نفسها، وتبني خطاب الانقلابيين بكل تفاصيله.
وبالتزامن مع ذلك ذكرت مصادر محلية في العاصمة اليمنية المختطفة من الانقلابيين لـ«الشرق الأوسط» أن الخطة التي ينفذها القيادي الحوثي خالد المداني المعين مشرفا على العاصمة لتطييف فئات المجتمع وصلت إلى العاملين في صالونات الحلاقة وفي محلات خياطة الملابس النسائية، بعد أن أصدرت الجماعة تعليمات صارمة حددت من خلالها نوعية تسريحات الشعر المسموح بها للشبان، وحملة أخرى لمصادرة العباءات النسائية بحجة أنها لا تلتزم بمعايير الهوية الإيمانية للانقلابيين.
ووفق ما أفاد به اثنان من المشاركين في هذه الدورات لـ«الشرق الأوسط» فقد تم أخذهم على دفعات منفصلة في حافلات زجاجها معتم تماما، وأدخلوا بيوتا لا يعرفون أين مكانها، وهناك أخضعوا لمحاضرات متواصلة من قبل متخصصين في الفكر الطائفي، كما منع عليهم التواصل مع الخارج أو أسرهم طوال فترة الدورة التي تضمنت كلمات مسجلة لزعيم الانقلابيين، عما تسمى «الحرب الناعمة».
وتركز تلك الكلمات – بحسب المصادر - على رفض عمل المرأة أو مشاركتها في الأنشطة العامة وتحديد لباسها، والمجالات التي ينبغي أن تعمل فيها فقط باعتبار أن العمل وشكل وألوان العباءات النسائية ضمن مؤامرة غربية تستهدف المجتمع.
ووفق ما ذكره المصدران، فإن المحاضرات تركزت حول ما يسميها الانقلابيون «الحرب الناعمة» حيث يزعمون وجود تشبه من الشباب بالنساء، ويدعون إلى محاربة الموضة، كما عرضوا عليهم أنواع التسريحات التي صنفوها ضمن الحرب الناعمة التي تستهدف الشباب، زاعمين أنها لا تمت للدين بصلة وأن عليهم الامتناع تماما عن تقليد تلك التسريحات أو الحلاقة مثلها.
وقال المصدران إن المشاركين خلال فترة الدورة الطائفية عاشوا أجواء عسكرية شديدة الانضباط في تلك البيوت السرية من حيث مواعيد الأكل والنوم والاستماع للمحاضرات، وانتهاء بتلخيص ما استفادوا منها، وأنهم حصلوا في ختام تلك الدورات على نسخ من ملازم مؤسس الميليشيات حسين الحوثي، ونسخ من محاضرات أخيه عبد الملك زعيم الميليشيات حاليا.
من جهته، يقول أسامة وهو أحد المغتربين إنه عاد إلى اليمن قبل ثلاثة أعوام وألقي القبض عليه في صنعاء لأن مظهره لم يعجب أحد المشرفين الحوثيين، وإنه في أثناء التحقيق أشاد بتوجهاتهم حتى يضمن الإفراج عنه، وإن المحقق اقترح تجنيده للعمل معهم في بلد الاغتراب من أجل تشجيع المغتربين على العودة إلى الداخل والالتحاق بمعسكراتهم والترويج للفكر الطائفي الذي يسمونه «الهوية الإيمانية»، مشيرا إلى أنه وعدهم بذلك حتى يتمكن من العودة إلى بلد الاغتراب وقرر منذ ذلك الحين عدم العودة نهائيا.
ومنذ سيطرة الميليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء، تسعى إلى إحداث تغيير مذهبي في صنعاء ومناطق سيطرتها، وفي سبيل ذلك ألزمت جميع موظفي الخدمة المدنية الالتحاق بالدورات الطائفية التي تسمى «الثقافية» واعتبرت ذلك شرطا للبقاء في الوظائف وإثبات الولاء للانقلاب، وامتدت هذه الدورات لتشمل الناشطين والسياسيين وحتى ما يسمى أعضاء مجلس النواب ومحافظي المحافظات ونواب الوزراء وكبار رؤساء المؤسسات الحكومية الخاضعين للجماعة أو المعينين من قبلها.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.