الجدل الذي سبق احتفالات زواج الناطق الرسمي باسم الكرملين وما تلا ذلك من مفاجآت، يثير الكثير من التساؤلات، بما يحمله في طياته من تفاصيل كان ثمة من يتداولها على استحياء طوال السنوات الأربع الماضية؛ فمنذ ذاع خبر وجود «علاقة» بين ديمتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين آنذاك (2011)، وبطلة العالم في الرقص على الجليد ذائعة الصيت تاتيانا نافكا، ظلت الأوساط الصحافية والاجتماعية تتابع على استحياء تطورات هذه العلاقة نظرا لحساسية الموقف، وارتباط ذلك بالحياة الخاصة لشخصية إعلامية ودبلوماسية مرموقة مثل بيسكوف الذي طالما حذر الصحافيين من الإغراق في تناول ما يتعلق بخصوصيات كبار رجال الدولة والشخصيات الرسمية. وكنا جميعا نتصور أن الأمر ينسحب فقط على حياة الرئيس فلاديمير بوتين الذي كانت الشائعات تتطاير هنا وهناك، حول وجود علاقة تربطه ببطلة الجمباز الأولمبية وعضو مجلس الدوما إلينا كابايفا التي استقالت في العام الماضي من عضوية المجلس لتترأس مجلس مديري إحدى أكبر المجموعات الوطنية للإعلام.
وتمضي الأيام والسنون تباعا لتحمل الأخبار التي تقول بتصدع العلاقات الأسرية للمتحدث الرسمي باسم الكرملين واحتمالات الانفصال عن زوجته يكاتيرينا وأم أطفاله الثلاثة بسبب ذيوع ما يقول بجدية علاقته مع «الحب الجديد» تاتيانا نافكا.
ولم يمض من الزمن الكثير حتى وقع الطلاق لتنطلق الألسنة بتفاصيل جديدة تكشف عن أبعاد علاقة بيسكوف مع بطلة العالم نافكا الأوكرانية - الأميركية التي طالما كان ظهوره معها في مختلف المناسبات يثير القيل والقال.
ومع ذلك فقد ظل الكثيرون، ونحن منهم، يفضلون الابتعاد عن تناول مثل هذه المسائل نظرا لما تعنيه من حساسيات وخصوصيات هي حق أصيل لأصحابها، لكن بعد الإعلان «رسميا» عن استعدادات «طرفي هذه العلاقة» ديمتري بيسكوف البالغ من العمر 47 عاما، وتاتيانا نافكا ذات الأربعين عاما التي تحمل ثلاث جنسيات هي الأوكرانية والبيلاروسية والأميركية، لعقد القران رسميا، لم يكن من الممكن عدم تناول هذه «القصة» التي تناقلتها الألسن بعدما غدت موضوعا طريفا راحت وسائل الإعلام المحلية والعالمية تتفنن في تداول دقائق تفاصيله.
كانت البداية في إعلان مقتضب حول إغلاق فندق «رودينا غراند هوتيل» أحد أفخر وأغلى فنادق سوتشي على ضفاف البحر الأسود لمدة أسبوع دون إعلان الأسباب، وإن كشف الكثيرون عن مبررات ذلك القرار وارتباطه بفعاليات تخص «شخصية رسمية ذات حيثيات».
ولم يكن الآخرون في حاجة إلى الكشف عن أن ذلك بسبب الاستعداد لحفل زفاف بيسكوف ونافكا بعد أن ذاع الخبر وتناقلته الصحف والوكالات. وفيما اعترفت العروس نافكا في منتصف يوليو (تموز) الماضي بحقيقة أن الاحتفال بعقد القران سيجري رسميا في أول أغسطس (آب) الحالي، رفض العريس ديمتري بيسكوف التعليق على ذلك، مكتفيا بالقول إن «ذلك أمر لا يخص الآخرين». على أن ذلك لم يمنع البعض من همهمات حول أن هذه هي الزيجة الثالثة لبيسكوف، بينما هي الثانية لنافكا.
إذن كان حجز فندق «رودينا غراند هوتيل» بأكمله للاحتفال بزواج بيسكوف الذي وصفه البعض بالأسطوري. وتدفقت علية القوم ونجوم المجتمع من فنانين ورياضيين وسياسيين وغيرهم من المشاهير على ذلك الفندق الذي طالما كان في الماضي السوفياتي منتجعا لكبار رجالات الدولة والحكومة، على ضفاف البحر الأسود، وتحول لاحقا إلى ملكية خاصة لملك الألمنيوم الملياردير الشهير أوليج ديرباسكا ليعيد بناءه بموجب تعليمات رئاسية في إطار الاستعدادات للدورة الأولمبية للألعاب الشتوية في سوتشي، بما يبدو معه اليوم في مثل هذه الهيئة المهيبة.
وفيما كان الكثيرون يتساءلون من أين لبيسكوف تغطية نفقات حفل زفافه ودعوة مضيفيه في مثل هذا الفندق الفاخر وهو «الموظف الحكومي الذي لا يكفي راتبه الشهري نفقات استئجار جناح إقامته لمدة يوم أو يومين، سارع آخرون بإعلان أن صاحب الفندق الملياردير ديريباسكا هو الذي تكفل بكل نفقات الحفل وإقامة العروسين والمدعوين، وتلك هديته إلى العروسين، وهي «هدية» حسبما يقول الكثيرون «يعاقب عليها القانون».
على أن ذلك قد يكفي لتفسير الكثير من مظاهر البذخ المفرط الذي واكب ما وصفوه «بحفل الزفاف الأسطوري». ومن ذلك ما حاول عدد من رموز المعارضة من غير المحبين لنجوم السلطة مثل ألكسي نافالني الاستشهاد به، مثل الساعة التي رصدتها الكاميرات في معصم العريس وقالوا إنها تقدر بـ37 مليون روبل أي ما يقرب من 650 ألف دولار. وكانت الصحافة المحلية والعالمية تفننت في تناول هذه القضية. فمن مجرد التساؤل عن مصدر ثمن هذه الساعة، إلى قائل بأنها «هدية العروس إلى العريس»، نقلا عن العروس نفسها، إلى آخرين يؤكدون أن «العريس» أراد مع عدد من صحبه اختبار مدى يقظة متابعي الحفل وما يمكن أن يقال بهذا الشأن، فقام باستعارة «الساعة» من أحد ضيوفه للظهور بها انتظارا لمعرفة تعليقات الحضور، إلى تفسيرات أخرى تباينت بقدر تباين العلاقة مع أصحاب الحفل الميمون.
وإذا كان هناك من شكك في قدرة العروس المادية على إهداء مثل هذه الساعة الثمينة لحبيب القلب، ونقل عنها أنها لا تجد حتى ما تسدد به ثمن خدمات مسكنها من كهرباء ومياه وصيانة، فإننا نسارع لنحيله إلى ما قالته نافكا في تصريحاتها لصحيفة «كومسوملسكايا برافدا»، أوسع الصحف الروسية انتشارا، حول أنها تملك من الدخل الكثير الذي تدره عروضها الفنية والرياضية، ومنها عروض الرقص على الجليد في سوتشي وغيرها من المدن الروسية والأجنبية.
وبهذا الصدد نشير إلى أن نافكا كانت ولا تزال بطلة عرض «كارمن» التي يعرضونها في ساحة «ايسبيرغ» الأولمبية في سوتشي وتتواصل لثلاث ساعات يوميا منذ 12 يونيو (حزيران) الماضي وسط إقبال كثيف منقطع النظير.
كما تجدر الإشارة أيضا إلى تاريخ وسيرة تاتيانا نافكا بطلة العالم في الرقص على الجليد مرتين وبطلة أوروبا لعدة مرات والبطلة الأولمبية لدورتين متواليتين وما يتلوها من مباريات وجولات استعراضية في مختلف أرجاء العالم، وما ينجم عن ذلك من مكافآت مادية، فضلا عن العروض التي تظل فيها القاسم المشترك الأعظم حتى قبل يوم الزفاف بيوم واحد في سوتشي وما تدره هذه العروض من مكافآت مالية. ولذا فقد كان من الطبيعي، وحسبما قالت نافكا، أن تفكر في إهداء حبيبها ما يليق بهذه المناسبة، وإن أشارت إلى أن الثمن الحقيقي لهذه الساعة يقل كثيرا عما تتداوله الألسنة.
ولم تكن «الساعة» وحدها مثار اهتمام الحاضرين ومتابعي حفل الزفاف، حيث كان المدعوون والمدعوات انخرطوا في سباق مثير لاستعراض الأزياء. وكانت العروس نافكا أول من افتتح هذه العروض بتغييرها لثلاثة فساتين زفاف خلال احتفالات الليلة الأولى، إلى جانب ظهور وصيفاتها من صديقاتها بأزيائهن اللافتة للأنظار.
ونضيف إلى ذلك ما تسمرت أنظار الحاضرين حياله، وهي المفاجأة التي أذهل بها «العروسان» الحضور، حيث لم يتورعا عن الزج بـ«باكورة إنتاجهما» إلى صدارة المشهد؛ فقد دخل من يحمل إليهما «ناديجدا» - ابنتهما الأولى التي كانت ثمرة حبهما من علاقة ما قبل التسجيل الرسمي للزواج المدني. وكان الكثيرون من الحضور يعرفون أن هذه العلاقة دامت لأربع سنوات، وأن ديمتري بيسكوف اضطر في العام الماضي إلى الإعلان رسميا عن طلاقه من قرينته يكاتيرينا أم ابنته إليزابيث وولديه ميك وديني بعد زيجة دامت 18 عاما. وكان بيسكوف تعرف عليها واقترن بها إبان سنوات عمله في سفارة بلاده في أنقرة، وكانت يكاتيرينا بصحبة والدها الدبلوماسي هناك.
جدل حول الحفل الأسطوري لزفاف الناطق الرسمي باسم الكرملين
بيسكوف في مرمى سهام المعارضة والإعلام بسبب زواجه بالعروس الأوكرانية ـ الأميركية
جدل حول الحفل الأسطوري لزفاف الناطق الرسمي باسم الكرملين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة