أفلام عربية تسعى لجوائز النقاد

وسط إشكالات الهويّة والانتماء

لقطتان من «لأجل وطني» (ميزار فيلمز)
لقطتان من «لأجل وطني» (ميزار فيلمز)
TT

أفلام عربية تسعى لجوائز النقاد

لقطتان من «لأجل وطني» (ميزار فيلمز)
لقطتان من «لأجل وطني» (ميزار فيلمز)

واحد من المناسبات التي يحفل بها مهرجان «كان» في كل سنة، هو حفل يقوم به «مركز السينما العربية» خلال فترة المهرجان، حيث يوزّع جائزة أفضل فيلم عربي، حسب الاستفتاء الذي يجريه مع عدد كبير من النقاد والصحافيين العرب والأجانب. تقليد يحيي بعض السكون السائد في العلاقة بين النقد والأفلام العربية.
على مدى عدة سنوات ينتظر متابعون هذه المناسبة المهمّة لمعرفة من هو الفيلم العربي، الذي سيفوز بجائزة أفضل فيلم عربي، حسب تلك المجموعة من النقاد. لا بد، تبعاً لفرضية أن المقترعين هم نقاد يعرفون أصول النقد وشروط التفريق بين أي عمل وآخر، أن تكون المناسبة التي تجتمع فيها الأفلام المتنافسة (23 فيلماً هذا العام) تحت مجهر المحكّمين الذين يخرجون بقرارات منفردة وليس عبر نقاشات كون العروض تتم «أونلاين»، وليس في غرف اجتماعات.

هوية عربية؟
لكن هناك نقطتان لم تُعالجا بعد تُثيران أسئلة محقة حول المناسبة ككل.
1 - ليس كل الأفلام العربية الجيّدة مشمولة في هذه المسابقة. المتوفر هو الأفلام العربية التي عرفت طريقها لعروض مهرجاناتية ومناسبات خارج العالم العربي. بالتالي، إذا كان هناك فيلم رائع لم يجد طريقه للعروض العالمية فإنه غير ممثّل هنا، وليس لديه فرصة لكي يشهد فرصة مماثلة في أهميّتها.
2 - نتائج فرز الأصوات تبقى سر المؤسسة التي تقوم بالمبادرة. ليس أن هناك شكاً في نزاهة أحد، ولا في جدّية وأمانة المشرفين عليها، لكن المجال مفتوح لتأويلات في هذا الشأن، ما دام أنه لا أحد من المشاركين في التصويت يستطيع أن يقرأ كيف اتجه الاستفتاء، ومن صوَّت لمن، وعدد المصوّتين للفيلم الفائز على الأقل. وما دام أنه لا شك في نزاهة أحد فإنه لا شيء يمنع، إذن، من نشر كيف اتجه تصويت النقاد وما الذي حصده كل فيلم على حدة. مجلة «سايت أند ساوند» البريطانية لا تكتفي بنشر الأرقام في إحصائياتها، بل تقوم كذلك بنشر قائمة من صوّت لأي فيلم. هذه شفافية.
ثم هناك مسألة تتجاوز مهام ومسؤوليات المناسبة المحتفى بها. هل «عروبة» تلك الأفلام تنتمي إلى هوية المخرج الذي قد يضع اسم بلده كشريك في الإنتاج سواء قام بالتمويل المادي أو لم يفعل؟ أو تنتمي إلى أن المخرج عربي حتى ولو كان الفيلم غير ناطق بالعربية؟ بعض تلك الأفلام تقوم على عدد من المنح القادمة من مؤسسات عربية، لكن الإنتاج الفعلي أوروبي وكندي وأميركي، فما هو الأساس في «عروبة» هذا الفيلم أو ذاك؟ ليس أن هذه الأفلام لا يحق لها دخول المسابقة لكنها تبدو كما لو كانت تتميّز بوضع لا يشمل باقي الإنتاجات الأخرى المُستحَقة.
فيلم «لأجل وطني» لرشيد حامي وُصف بأنه فرنسي وأنتارتيكي. فرنسا معروفة لكن أنتارتيكي هو مكان وليس بلداً (عند القطب الجنوبي). موقع IMBd يذكر أن الإنتاج فرنسي - تايواني وهذا أكثر دقة وصحّة إذ تم تصوير مشاهد عديدة في تايوان.

ثلاثية
«لأجل وطني»، إخراج الجزائري - الفرنسي رشيد حامي، دراما حول مجنّد من أصل جزائري مات برصاص رفاق سلاح فرنسيين بطريق الخطأ. والدته وشقيقه يطالبان الإدارة العسكرية بوضع رفاته في قبر الجنود الذين ماتوا خلال خدمة العلم وليس في مقبرة مدنية. موضوع جيد في معالجة ذكية بحد ذاتها.
فيلم «الملكة الأخيرة» يجمع كذلك الجزائر (من خلال هوية مخرجيه داميان وينوري وعديلة بندمراد) لجانب فرنسا وتايوان. فيلم مختلف تماماً، من حيث إنه يدور في حقبة تاريخية بعيدة تقع أحداثها خلال الحكم الإسباني للجزائر ومعني بصراع على الحكم ما بين الملكة التي تم اغتيال زوجها وبين شقيقه الذي قام بفعل الاغتيال.
اسم فرنسا موجود على 13 فيلماً من الأفلام المشتركة في «جوائز الفيلم العربي»، والفيلم الوحيد الذي يحمل اسم بلد عربي من دون شراكة ثانية (عربية أو أجنبية) هو الفيلم الفلسطيني «اليد الخضراء» لجمانة منّاع.
الفيلم الفلسطيني ذكي الإخراج بديع المعالجة يجمع بين التسجيلي والروائي بأسلوب تلقائي النبرة والتنفيذ. فكرته تقوم على حقيقة أن حصاد نباتَي الزعتر الأخضر والعقّوب اللذين ينموان طبيعياً في فلسطين حق الإسرائيليين فقط حسب القانون. في المقابل لا يحق للفلسطينيين لا زرعه ولا حصده ولا حتى قطف بعضه.
الفيلم الفلسطيني الثاني المتوفر في المسابقة هو «عَلَم»، لفراس خوري، الذي جمع تمويلاً سعودياً وقطرياً وتونسياً وفرنسياً وتم تصويره في القدس الغربية. حكاية محاولة لرفع العلم الفلسطيني فوق مدرسة يرفرف فوقها العلم الإسرائيلي وقصّة استلطاف قد يقود إلى حب بين طالب وطالبة.
اللبناني وسام شرف يعرض «قذر صعب خطر» (على هذا النحو وبلا فواصل). جهد لتأمين أسلوب يشبه طريقة كتابة العنوان إذ يسرح بلا ضوابط ما بين الحكاية وأبعادها. شاب سوري مهاجر إلى بيروت، وإثيوبية تعمل في الخدمة وقعا في الحب. لا مستقبل لهما لكنهما لن يعترفا بذلك وهما يقرران الهجرة من لبنان.
علي شري هو مخرج لبناني جديد آخر وضع سيناريو فيلم «السد»، وانتقل لتصويره في السودان. حكاية عامل في موقع صحراوي بعيد يبني تمثالاً من الطين. كان حرياً به أن يدرك أن المطر سوف يحيل التمثال إلى كومة طمي. بعض التجريب لكن الفيلم لا يوفر سبباً لنفسه.
أفضل ما شاهده الناقد من هذه الأفلام، لجانب «الملكة الأخيرة»، ثلاثة تتجانس في طموحها صوب تأكيد الأهمية الفنية أولاً وهي «أشكال» ليوسف شبّي (تونس) و«حرقة» للطفي ناتان (تونس). كلا الفيلمان يقومان على طرح وضع تونس الاجتماعي. كلاهما يحتويان على مشاهد لبشر يحرقون أنفسهم في مكان عام، مما يذكّر بمأساة محمد البوعزيزي، و«القفطان الأزرق» لمريم توزاني (المغرب).
في صف ثانٍ، يأتي «لأجل وطني» لرشيد حامي (فرنسا) و«شظايا السماء» لعدنان بركة (المغرب) و«اليد الخضراء» لجمانة منّاع (فلسطين).



إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».