أسامة النجيفي لـ {الشرق الأوسط} : المالكي يتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع في العراق

طالب العبادي بإقالة الوزراء المقصرين و إعادة طرح الثقة بحكومته أمام البرلمان

أسامة النجيفي
أسامة النجيفي
TT

أسامة النجيفي لـ {الشرق الأوسط} : المالكي يتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع في العراق

أسامة النجيفي
أسامة النجيفي

حمّل نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والخدمية التي يعاني منها العراق.
وطالب النجيفي في حوار مع «الشرق الأوسط» رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي بـ«العودة إلى مجلس النواب وإعادة طرح الثقة بحكومته التي مضى عليها عام ولم تتمكن من تحقيق البرنامج الحكومي الذي طرحته وهو ما يتضح من خلال كل المعطيات أنها غير قادرة على تنفيذ هذا البرنامج».
وردا على سؤال فيما إذا كان المقصود وثيقة الاتفاق السياسي التي يتعلق الكثير منها بمطالب تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي) الذي ينتمي إليه النجيفي قال نائب الرئيس العراقي، إن «وثيقة الاتفاق السياسي مسألة أخرى علما بأنه لم تنفذ غالبية ما تم الاتفاق عليه على صعيد القضايا التي تم الاتفاق عليها، لكن ما أقصده ليس هذه الوثيقة التي تتعلق بأطراف وكتل سياسية، بل بالبرنامج الحكومي الذي تعهدت الحكومة بتنفيذه الأمر الذي يستدعي من رئيس الوزراء توضيح هذه الأمور وتقييم عمل كل وزير بحيث يصار إلى إقالة الوزراء المقصرين أو إعادة التصويت وطرح الثقة من جديد بالحكومة، بل حتى لو وصل الأمر إلى إجراء انتخابات جديدة انطلاقا مما باتت تفرزه المظاهرات من تصورات تثبت فشل النظام السياسي الحالي مما يستوجب العودة إلى الشعب».
وردا على سؤال فيما إذا كان بالإمكان إجراء انتخابات في المحافظات الغربية السنية التي هي المعقل الرئيسي للنجيفي نفسه وتحالف القوى قال، إن «الفكرة تبقى قائمة قد لا تكون سريعة التنفيذ، ولكنها مهمة في تصوري حتى يكون الشعب هو صاحب الخيار بعد أن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه»، مبينا أنه «في ما يتعلق بالمحافظات الغربية التي إما هي محتلة من تنظيم داعش أو تشهد عمليات نزوح فبالإمكان في حال وصلنا إلى هذا الخيار دراسة البدائل الممكنة بإجراء انتخابات مبكرة وعدم انتظار عام 2018».
وبشأن مدى الجدية التي تتعامل بها الحكومة والرئاسات الثلاث مع مطالب المتظاهرين مع وجود نيات إما لحرف مسارها أو ركوب موجتها قال النجيفي، إن «الاجتماع الأخير للرئاسات أكد على أهمية أن يقوم رئيس الوزراء بتسلم كل مطالب المتظاهرين مهما كانت ومن ثم دراستها، بالإضافة إلى التعامل الحضاري معها طالما هي حضارية وفي حال حصلت انتهاكات مقصودة مثل تخريب المنشآت الحكومية فإن أجهزة الأمن ملزمة بالتصدي لمن يقوم بذلك». وحول الأسباب التي تجعل الطبقة السياسية والحكومة جزءًا منها غير قادرة على إيجاد حلول ومنها الكهرباء رغم إنفاق عشرات المليارات قال النجيفي: «من الواضح أننا نشهد أن هناك نوعا من الاستعصاء بالحلول وذلك بسبب وجود الفساد في كل مفاصل الدولة والأهم أن هذا الفساد محمي مما يجعل من الصعب محاربته ومن غير الممكن تحقيق نتائج حقيقية على مستوى الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء التي دخل الفساد والمحاصصة في كل زاوية من زوايا هذه المنظومة، وبالتالي عطل على مدى الـ12 عاما الماضية إمكانية إصلاحها لأسباب كثيرة من أبرزها أن كل الكتل السياسية التي توالت على تحمل هذه المسؤولية قدمت أشخاصًا غير أكفاء بالإضافة إلى محاربة كل الخبرات الوطنية والكفاءات، فضلاً عن عمليات التخريب التي قامت بها المجاميع الإرهابية».
وردا على سؤال بشأن ما يبدو عليه العبادي من مرونة في التعاطي مع القضايا المطروحة أو الأزمات بالقياس إلى ما كان عليه المالكي قال النجيفي: «بالتأكيد هناك فرق جوهري بين الرجلين فالمالكي كان مسيطرا وقاد البلاد إلى التسلط وحكم الفرد وكان يتجاوز البرلمان والقضاء في استخدام الصلاحيات، بينما العبادي أكثر مرونة وديمقراطية ويريد بالفعل أن يعمل ويتعاطى بروح إيجابية مع كل القضايا، لكن المشكلة أنه غير مسيطر على المفاصل الأساسية في البلاد وهناك قوى أخرى تعمل على إعاقته والأهم أنه غير مدعوم من قبل التحالف الوطني الذي رشحه لرئاسة الحكومة حتى ليبدو أضعف الشخصيات في القيادات الشيعية»، مبينا أن «النواب المؤيدين له داخل قبة البرلمان من التحالف الوطني نفسه عددهم قليل جدا».
وتابع النجيفي: «يضاف إلى ذلك أن العبادي لديه مشكلات مع الكرد والسنة، حيث إن الاتفاق النفطي الذي تم توقيعه مع إقليم كردستان تعثر من حيث التطبيق في حين أن ما يطالبه به السنة على صعيد وثيقة الاتفاق السياسي لم يطبق حتى الآن كما أنه تعثر في الموضوع العسكري، لا سيما على صعيد متطوعي الموصل الذين حوربوا بدلا من أن يتم دعمهم»، كاشفا عن أن «الفرقتين اللتين تم تجهيزهما لتحرير الموصل زج بهما الآن في معارك الأنبار».
وبشأن الأنباء التي تتحدث عن تسييس المظاهرات أو ركوب موجتها من قبل أطراف معينة قال النجيفي، إن «مثل هذا الأمر غير مستغرب فإننا في الوقت الذي لا نستغرب فيه خروج الناس في مظاهرات لأن العملية السياسية متعثرة وهو ما يتطلب معالجة جدية للأوضاع، فإننا لا نستغرب في مقابل ذلك دخول أطراف على خط المظاهرات بهدف احتوائها أو ركوب موجتها، بل وحتى تفكيكها من الداخل». وحول ما إذا كان الخلل في الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 على صعيد عدم القدرة على تأمين الخدمات أم الفشل يعود إلى النظام السياسي قال النجيفي، إن «النظام السياسي في البلاد يكاد يكون هو السبب لكونه بني على أساس المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية إلى حد التفاصيل بالإضافة إلى أن الدستور شرعن هو الآخر المحاصصة»، موضحا أنه «بات من الصعب الخروج من المحاصة لأن الفشل السياسي أدى إلى فشل إداري، وبالتالي حصل انقسام مجتمعي أفقي وعمودي، وهو ما يجعل الكرة في ملعب الشعب على صعيد تغيير هذه الطبقة في الانتخابات أو تجديد الثقة لها لأن الشعب وبواسطة الانتخابات هو الذي أوصل من يشكو منهم اليوم إلى السلطة».
وحول ما يجري الحديث عن تحرير الموصل قال النجيفي، إن «عملية تحرير الموصل لا تزال بعيدة ومتلكئة لأن الحكومة غير جادة ولا يبدو عليها أنها مهتمة بهذا الأمر وبما يليق بمدينة مثل الموصل، لكننا مع ذلك مستمرون بالاستعدادات لعملية التحرير بعيدا عن الحكومة ولدينا أكثر من 4000 آلاف متطوع نعمل على تدريبهم وتجهيزهم وفي الوقت الذي نتمنى أن يكون التدريب والتجهيز من خلال الحكومة فإننا نرحب بأي جهة للقيام بذلك سواء كانت الولايات المتحدة الأميركية أم تركيا».
وبشأن علاقات العراق العربية والإقليمية وعدم وجود وحدة موقف بهذا الاتجاه قال النجيفي، إن «الوضع العراقي يقوم اليوم على أساس مراكز القوى، وبالتالي كل جهة تصرح بشأن هذه القضية أو تلك بمعزل عن الجهة الأخرى وبمعزل عن الحكومة أو وزارة الخارجية، وبالتالي فإن بعض التصريحات تحرج الحكومة ووزير الخارجية وهو ما يتطلب مراجعة حقيقية لذلك».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».