الاحتلال الإسرائيلي يباشر خطة ترحيل سكان حي في القدس

تستند إلى ما يسمى «حق العودة» لليهود الذي يحرم الفلسطينيون منه

الاحتلال الإسرائيلي يباشر خطة ترحيل سكان حي في القدس
TT

الاحتلال الإسرائيلي يباشر خطة ترحيل سكان حي في القدس

الاحتلال الإسرائيلي يباشر خطة ترحيل سكان حي في القدس

اقتحمت مجموعة من المستعمرين اليهود الأعضاء في مجموعة «عطيرت كوهانيم»، وهي منظمة يمينية تعمل على توطين اليهود في مناطق عربية في القدس الشرقية المحتلة، مبنى عربيا في حي سلوان، تمهيدا لطرد سكانه وتحويله إلى عمارة يهودية، بموجب سياسة ما يدعى «حق عودة اليهود إلى بيوتهم».
وتقع العمارة السكنية في حي المراغة في سلوان، التي تعود ملكيتها لعائلة صيام، وتسكنها عائلة أبو ناب إلى جانب عائلات أخرى. ففي وقت متأخر من ليل أول من أمس، فوجئت عائلة أبو ناب بالمستوطنين في منزلها، وقد حضروا ترافقهم قوة كبيرة من الشرطة. وقد ادعوا ملكيتهم للمنزل ورفضوا المغادرة. وقد سلمت قوة الشرطة أربع عائلات فلسطينية في العمارة، أوامر بإخلاء منازلها خلال أسبوع، بحجة أن جمعية «عطيرت كوهانيم» الاستيطانية «أثبتت» ملكيتها للأرض التي تم شراؤها قبل أكثر من 100 سنة لإنشاء حي يهودي. ويأتي قرار إخلاء بيوت الأشقاء الأربعة من أبناء عائلة أبو ناب، كخطوة أولى في محاولة لإخلاء عشرات العائلات الأخرى التي تقيم في الحي، من أجل تعزيز الاستيطان اليهودي.
وتعيش عائلة أبو ناب في حي باطن الهوى في سلوان، بالقرب من بؤرة «بيت يونتان» الاستيطانية، منذ عام 1948، بعد أن اضطروا إلى ترك بيوتهم في بركة السلطان بسبب الحرب. ويستأجر أبناء العائلة البناية التي يقيمون فيها من عائلة فلسطينية تمتلك العمارة. لكن المحكمة قبلت قبل 15 سنة ادعاء «ميراث بنبيشتي» بأنه يمتلك الأرض بالوراثة ممن اشتراها في أواخر القرن التاسع عشر لبناء حي يهودي للمهاجرين من اليمن. وسكن اليهود في المكان حتى بداية القرن العشرين. وكما يبدو فإن بيت أبو ناب كان كنيس اليهود في حينه.
وجاء هذا الفوز بالمحكمة بموجب قانون سنته إسرائيل بعد احتلالها القدس، يسمى «حق عودة اليهود إلى بيوتهم»، وهو الذي يسمح لليهود بالعودة إلى المطالبة بالأملاك التي بقيت في الجانب الشرقي من الخط الأخضر، لكنه لا يسمح للفلسطينيين بالمطالبة بأملاكهم في القدس الغربية. ومنذ صدور القرار، تعمل جمعية «عطيريت كوهنيم» التي تسيطر على «ميراث بنبينشتي»، من أجل إخلاء العائلة من بيتها. وفي 2010 كان يفترض إخلاء العائلة مقابل إخلاء اليهود من «بيت يونتان» الذي بنوه وسكنوه بشكل غير قانوني، وصدر أمر هدم ضده. لكن رئيس البلدية نير بركات، ربط، في حينه، البيتين في صفقة واحدة لا يتم بموجبها إخلاء أي منهما. وفي حينه أيضا، مورس ضغط على رئيس البلدية من قبل المستشار القضائي والنيابة العامة والمستشار القضائي السابق للبلدية، كي يخلي ويغلق بيت يونتان. وفي أعقاب ذلك، نشر بركات في ديسمبر (كانون الأول) 2010 بيانا يربط فيه إخلاء بيت يونتان بإخلاء بيت أبو ناب. ورغم ذلك، واصل المستوطنون الضغط لإخلاء عائلة أبو ناب. وقبل شهرين توصلوا إلى اتفاق مالي مع أحد أبناء الحارة الذي قام بإخلاء منزله، وكما يبدو هرب من القدس كي لا يتهم بالتعاون مع المستوطنين. أما بقية إخوته فيرفضون إخلاء العمارة. وقبل أيام تسلموا أوامر بإخلاء العمارة من قبل دائرة الأجراء والتنفيذ. يشار إلى أن 80 عائلة فلسطينية تقيم على الأرض التي تدعي عطيرت كوهنيم أنها ورثتها عن «ميراث بنبيشتي»، وتصل مساحتها إلى خمسة دونمات ونصف الدونم.
ويعتبر دخول أعضاء «عطيرت كوهانيم» إلى المبنى جزءا من جهود جارية تقوم بها المجموعة وغيرها لإعادة الوجود اليهودي إلى سلوان. وكان أعضاء في منظمة «إلعاد» قد احتلوا 25 شقة سكنية هناك في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ودخلوا مزيدا من المباني منذ ذلك الوقت. وبهذا أصبح هناك نحو 500 يهودي يعيشون في سلوان. جدير بالذكر أن بلدة سلوان تمثل الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى وهو ما يمنحها بعدا استراتيجيا هاما.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.