مصر تبدأ اليوم طرح مشروعات التنمية في إقليم قناة السويس

الحكومة تتخذ خطوات تنفيذية.. ودراسة تتوقع تضاعف الناتج المحلي للإقليم

الرئيس المصري يستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وخلفهما رئيس الوزراء الإثيوبي (إ.ب.أ)
الرئيس المصري يستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وخلفهما رئيس الوزراء الإثيوبي (إ.ب.أ)
TT

مصر تبدأ اليوم طرح مشروعات التنمية في إقليم قناة السويس

الرئيس المصري يستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وخلفهما رئيس الوزراء الإثيوبي (إ.ب.أ)
الرئيس المصري يستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وخلفهما رئيس الوزراء الإثيوبي (إ.ب.أ)

أكد أعضاء بارزون في الحكومة المصرية، أن افتتاح قناة السويس الجديدة، أمس، خطوة أولى في طريق التنمية الذي وضعته مصر قيد التنفيذ بتوجيهات ودعم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أكد في خطاب الافتتاح، أمس، أن الطريق شاق وطويل.
وقالت نجلاء الأهواني، وزيرة التعاون الدولي المصرية، إنه سيتم اعتبارا من اليوم طرح المشروعات الخاصة بتنمية إقليم قناة السويس للتنفيذ، في وقت أكد فيه وزير الاستثمار أشرف سالمان أن هناك 45 مشروعا اقتصاديا سيتم طرحها على عدد من المستثمرين السعوديين عقب افتتاح مشروع القناة الجديدة، من بينها مشاريع في مجالات تكرير ومصافي البترول وتحلية المياه، بوصفها قطاعات لهم فيها خبرة كبيرة.
وأوضحت الأهواني أن افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة سيدعم الاقتصاد المصري وسيحقق كثيرا من المكاسب الاقتصادية لمصر خلال الفترة المقبلة؛ مضيفة أن «البعض كان يرى أن إنجاز مشروع القناة صعب، ولكنهم فوجئوا بإرادة المصريين، خلال الشهور الماضية من خلال زيادة معدلات العمل في القناة الجديدة».
من جانبه، قال وزير الاستثمار إن الرئيس السيسي عقب تدشينه قناة السويس الجديدة أعلن إطلاق سبعة مشاريع قومية جديدة فور افتتاح القناة، من بينها تنمية محور القناة، والمشروع القومي للطرق، والمشروع القومي للاستزراع السمكي، ومشروع المليون فدان، ومشروع المركز اللوجيستي في محافظة دمياط (شمال مصر)، ومشروع تطوير ميناء شرق بورسعيد.
ونوه سالمان في تصريحات صحافية بأن الحكومة المصرية بصدد تخصيص منطقة صناعية مستقلة لها بنية تحتية كاملة، بناء على طلب عدد من رجال الأعمال السعوديين لإقامة عدد كبير من المشاريع الصناعية الضخمة، لافتا إلى أنه من بين الاستثمارات المطروحة على رجال أعمال المملكة لتنمية محور إقليم قناة السويس إنشاء ثلاثة أنفاق للربط بين ضفتي القناة (شرق وغرب)، بينها نفق سكة حديد، وإنشاء شبكة طرق طولية وعرضية تربط بين مدن القناة والمحافظات المجاورة، للعمل على سهولة النقل والتحرك بين أجزاء الإقليم والربط بالعاصمة القاهرة.
من جهته، أكد منير فخري عبد النور، في بيان له أمس أن «العالم وقف كثيرًا أمام هذا الإنجاز العظيم الذي حققته مصر خلال مرحلة العبور عام 1973، واليوم يتجدد هذا المشهد، فالعالم أجمع أكد أن الشعب المصري لديه إرادة حقيقية لإحداث التغيير والانتقال بمصر إلى مرحلة جديدة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي».
ولفت إلى أن توسعة قناة السويس تعد بمثابة محرك حيوي للنشاط الاقتصادي، ليس في مصر وحدها؛ بل في المنطقة المحيطة بها، حيث تمثل الزيادة في تدفق التجارة عبر هذا المجري الملاحي المهم حافزًا لدعم التنمية الصناعية في محيط قناة السويس، «فمن المخطط تحويل ما يقرب من 76 ألف كيلومتر مربع (مساحة الأراضي المحيطة بممر القناة) إلى مركز صناعي على أحدث النظم العالمية»، مشيرا إلى أنه سيصاحب تنفيذ هذه المنظومة التنموية تطوير منظومة الموانئ من خلال توسيع ميناءي السخنة وشرق بورسعيد، إلى جانب تطوير عدد آخر من الموانئ في هذه المنطقة لمواجهة الزيادة المتوقعة في حجم الشحن الذي ستتضاعف معدلاته خلال المرحلة المقبلة.
في سياق متصل، قال حسام مغازي، وزير الري والموارد المائية المصري، إن «البعض يعتقد أن مشروع قناة السويس الجديدة هو عبارة عن مجري مائي، ولكن لا يعلم كثيرون أن هناك مشروعات تم تنفيذها أسفل قناة السويس»، مؤكدًا أنَّه سيتم تنفيذ بعض المشروعات أسفل القناة، وهي عبارة عن 8 أنفاق تحمل مياه النيل من الغرب إلى الشرق أسفل قناة السويس الجديدة، لزراعة مائة ألف فدان، موضحًا أنه تم الانتهاء من 4 أنفاق فقط تحمل المياه حاليًا للزراعات الموجودة.
وتابع مغازي أنه «سيتم طرح 80 ألف فدان للمستثمرين وأبناء سيناء والمحافظات، من مياه قناة السويس على ترعة السلام»، مؤكدًا أن المستثمر سيحصل خلال 3 أشهر على أرضه، وبعدها في خلال 3 أشهر أخرى تضاف مساحة أخرى مساوية وتبدأ عمليات تعمير وتنمية سيناء.
وشدد على أنه سيتم طرح 500 فدان، بالتعاون مع وزارات الزراعة والري والإسكان، حيث ستوزع على الشباب مقابل رسوم تضعها الدولة بقيمة معينة، مشيرا إلى وجود إقبال غير مسبوق منذ طرح هذا المشروع.
ولفت إلى أن «سيناء كانت دائمًا محور اهتمام وعليها طلب كبير، نظرًا لأن الأراضي هناك خالية من أي مشكلات، فضلاً عن وجود جميع المرافق فيها»، مشيرًا إلى أنه «تم تعديل القانون، وأصبح يوجد حق التملك للمصريين فقط، بينما غير المصريين لديهم حق الانتفاع لفترة محددة، طبقًا للوائح التي تضعها وزارة الزراعة».
من جهته، أكد اللواء أركان حرب كامل الوزير، رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والمشرف على تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة، أن العمل مستمر في المشروعات الجديدة المتصلة بالقناة، ومنها الأنفاق ومدينة الإسماعيلية الجديدة، مؤكدا أمس أن الهيئة الهندسية «تلقت تكليفات رئاسية بمشروعات جديدة، سيعلنها الرئيس خلال ساعات».
وتأتي تلك التصريحات من مسؤولين مصريين في وقت توقعت فيه نتائج دراسة متخصصة تضاعف الناتج المحلي الإجمالي لإقليم قناة السويس، الذي يشمل محافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد وشمال وجنوب سيناء، نتيجة استدامة تنمية محور قناة السويس الجديدة حتى عام 2052.
وأوضح المركز المصري للدراسات الاقتصادية في دراسة حديثة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن استدامة تنمية محور قناة السويس الجديدة سيدفع إلى نمو القطاع الصناعي الذي يشمل الصناعات التحويلية والتشييد والبناء والتعدين، مما يضاعف الناتج المحلي الإجمالي لإقليم القناة إلى 325 مليار جنيه.
ونبه المركز المصري في دراسته إلى أن هذا النمو سيسهم في زيادة حصة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي للإقليم من 19 في المائة في عام 2012 إلى 47 في المائة، مشيرا إلى أن الاستدامة ستزيد القوى العاملة الصناعية في الإقليم بمقدار أربعة أضعاف المستوى المسجل في عام 2012، لتصل إلى 2.2 مليون عامل.
وأكد رجل الأعمال المصري محمد أبو العينين، رئيس مجلس الأعمال المصري - الأوروبي، أن «تنفيذ هذا المشروع الضخم في هذا الوقت القياسي غير المسبوق في العالم، هو مصدر للفخر والكبرياء القومي، وأثبتت قدرة مصر على إنجاز مشروعات عملاقة بالاعتماد على مواردها وقدراتها الذاتية».
وأكد رئيس مجلس الأعمال المصري - الأوروبي أن قناة السويس الجديدة «فاتحة خير، وباكورة لمشروعات قومية عملاقة في الزراعة والصناعة والخدمات والموانئ والطاقة المتجددة، ستوفر ملايين من فرص العمل وستحول مصر إلى قبلة للاستثمار العالمي»، وأن «هناك عددا كبيرا من الشركات الأوروبية والعربية والآسيوية في انتظار افتتاح قناة السويس الجديدة لإقامة مشروعات لها في محور تنمية قناة السويس سواء للخدمات اللوجيستية، أو مناطق حرة لتداول البضائع، ومناطق للتصنيع والتجميع وإعادة التصدير، بما يضع مصر على سلاسل التجارة والإمداد العالمي، والاستفادة من الموقع العبقري المتفرد لمنطقة قناة السويس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».