محافظ الأنبار يبحث إعادة إعمار ما خربته الحرب لإعادة النازحين

مصدر عسكري: هروب قيادات «داعش» من غرب العراق

محافظ الأنبار يبحث إعادة إعمار ما خربته الحرب لإعادة النازحين
TT

محافظ الأنبار يبحث إعادة إعمار ما خربته الحرب لإعادة النازحين

محافظ الأنبار يبحث إعادة إعمار ما خربته الحرب لإعادة النازحين

بدأت حكومة الأنبار المحلية سعيها لمرحلة ما بعد تحرير مدن المحافظة من سطوة تنظيم داعش الذي بدأ يتقهقر أمام التقدم الواضح للقوات الأمنية العراقية المشتركة في المعارك الحالية على أرض المحافظة ومدنها المترامية الأطراف، ومع هذا التقدم الواضح أشارت مصادر أمنية وحكومية عن حالة هروب جماعي لقادة عرب وأجانب في صفوف التنظيم الإرهابي من مدينتي الفلوجة والرمادي باتجاه سوريا، فيما أعلنت حكومة الأنبار المحلية إنها تفكر بشكل جدي بحملة إعمار الأنبار ما بعد «داعش».
وقال محافظ الأنبار صهيب الراوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن الانتصارات التي يحققها جيشنا الباسل وباقي الصنوف من قواتنا الأمنية ومقاتلي العشائر الأبطال في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي وتطهير مدن المحافظة من وجوده جعلنا نحث الخطى من الآن لمناقشة سبل عودة النازحين وإعمار مدن المحافظة، وهذا الأمر ناقشناه مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في اجتماعنا الأخير به، حيث تم خلال الاجتماع مناقشة الانتصارات المتحققة لقواتنا البطلة على عصابات «داعش» في الأنبار وتطويع أهالي المحافظة لمحاربة عصابات «داعش» الإرهابية، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بأوضاع النازحين وتدريب وتسليح الشرطة المحلية ووضع المحافظة وإعمارها بعد التحرير». وأضاف الراوي: «كما أن قرار منح الصلاحيات الكبيرة للإدارات المحلية في المحافظات سينعكس إيجابيًا على مستوى الخدمات المقدمة لأبناء المحافظة».
من جانبهِ، أكد شيخ عشيرة البونمر في محافظة الأنبار نعيم الكعود، اقتراب هزيمة تنظيم داعش في معركة تحرير محافظة الأنبار والقضاء على وجوده في مدن المحافظة، ولفت إلى أن هناك دعما حكوميا للقوات الأمنية ومقاتلي العشائر، إضافة إلى وجود عوامل عسكرية ولوجستية زعزعت من وجود التنظيم على الأرض.
وقال الكعود في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «معركة تحرير الأنبار بدأت بشكل ناجح وإيجابي ومدروس وهي تسير وفق الخطط المرسومة لها سلفًا اقتربت، خصوصا خلال الفترة الحالية التي شهدت نتائج مثمرة في معارك التطهير في مدينة الرمادي والمناطق الغربية وكرمة الفلوجة، وإن هناك دعما حكوميا للقوات الأمنية ومقاتلي العشائر كان عاملاً مهمًا وإيجابيًا في تحقيق الانتصارات وتقدم القوات الأمنية العراقية على الأرض وهزيمة التنظيم الإرهابي».
وتابع الكعود، أن «هناك عوامل عسكرية ولوجستية كسرت ظهر الإرهاب في محافظة الأنبار وخبرة مقاتلي العشائر وتوحدهم مع باقي القوات الأمنية بكل صنوفها وتشكيلاتها في تدمير معاقل تنظيم داعش الذي بدأت قياداته وباقي عناصره بالهروب من حيث قدموا».
يذكر أن تنظيم (داعش) يسيطر على أهم وأبرز مدن الأنبار منذ عام تقريبًا على الأحداث والمعارك والمواجهات بين القوات الأمنية والعشائرية ومن أبرز المناطق التي هي تحت سيطرة التنظيم هي الفلوجة والقائم الحدودية بين العراق وسوريا وهيت وراوة ونواح أخرى منها كرمة الفلوجة القريبة من حدود العاصمة بغداد.
من جانب آخر، أحكم الجيش العراقي سيطرته التامة على صحراء الجزيرة في محافظة الأنبار غرب العراق وقطع الطرق البرية بين عناصر «داعش» في مدينة الرمادي مع الأراضي السورية وتحقيق تقدم جديد في تحرير الأحياء السكنية في المدينة والقضاء على وجود المسلحين فيها. وقال مصدر في قيادة عمليات الجزيرة والبادية في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الأمنية في قيادة عمليات الجزيرة والبادية نفذت فعاليات مشتركة في مناطق السكرانات التابعة إلى ناحية التابعة لقضاء حديثة، (160 كم غرب الرمادي) ووادي بنات الحسن غرب الأنبار، أسفرت عن تدمير عجلة تابعة للعناصر الإرهابية تحمل أحادية وقتل من فيها والعثور على مخبأ يحتوي على 110 من العبوات الناسفة متنوعة الأحجام تمت معالجتها من قبل فرق الجهد الهندسي التابع لقيادة العمليات.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «قوات الجيش تحكم سيطرتها التامة الآن على صحراء الجزيرة قاطعةً بذلك كل طرق الإمدادات التي تصل إلى مسلحي تنظيم داعش من سوريا، الأمر الذي يساعد على الإسراع بالقضاء على وجود المسلحين داخل مدن الأنبار وتحريرها من قبضتهم».
وفي سياق متصل، أفادت خلية الإعلام الحربي بأن قيادات تنظيم داعش من الأجانب هربت بعد تهريب الأموال التي سرقوها من الأنبار ونينوى وصلاح الدين.
وقالت الخلية في بيان موجه إلى أهالي المدن التي احتلها «داعش»: «ثبت لنا من خلال معلومات استخبارية دقيقة أن القيادات الأجنبية والعربية لما يسمى تنظيم داعش الإرهابي بدأت بالهروب بعد أن قامت بتحويل أموالكم التي سلبوها منكم إلى العملة الصعبة ولم يبق سوى المغرر بهم من أبنائكم». وأضافت الخلية أن «هذه هي فرصتكم فهبوا لدحرهم وسحقهم.. اطردوهم لكي لا تكون مدنكم ساحات للمعارك والدمار.. هبوا على ما تبقى منهم حتى تبقى مدننا آمنة وعامرة.. اقتلوا من جلب لكم الدمار والتشريد والنزوح».



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».