حكومة العبادي تسابق الزمن لامتصاص نقمة متظاهري الحر

الرئيس العراقي ينضم إلى «المتخوفين من تسييسها»

مظاهرات أهالي مدينة الناصرية ضد الحكومة بسبب سوء الخدمات ({الشرق الأوسط})
مظاهرات أهالي مدينة الناصرية ضد الحكومة بسبب سوء الخدمات ({الشرق الأوسط})
TT

حكومة العبادي تسابق الزمن لامتصاص نقمة متظاهري الحر

مظاهرات أهالي مدينة الناصرية ضد الحكومة بسبب سوء الخدمات ({الشرق الأوسط})
مظاهرات أهالي مدينة الناصرية ضد الحكومة بسبب سوء الخدمات ({الشرق الأوسط})

في وقت تواصل فيه حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اتخاذ المزيد من الإجراءات الهادفة إلى امتصاص نقمة المتظاهرين في غالبية المحافظات العراقية جراء النقص الفادح في الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء فقد انضم الرئيس فؤاد معصوم إلى المتخوفين من إمكانية استغلال المظاهرات لأغراض سياسية قد تتطور إلى أعمال عنف.
ودعا معصوم خلال استقباله أمس وفدا من رؤساء العشائر من مختلف المحافظات إلى «ضرورة تكاتف جميع العراقيين وتعاونهم لمواجهة الأزمات والمشاكل الراهنة كونهم يعيشون في بلد واحد ويواجهون المصير نفسه». وأضاف في بيان رئاسي أن «الرئاسات الثلاث تعمل بشكل مثابر من أجل إنجاز مصالحة فعلية يجنى ثمارها على أرض الواقع»، مشيرا في الوقت نفسه إلى «أهمية تهيئة البنى التحتية اللازمة لإنجاز المشاريع التي تخدم المواطن بصورة مباشرة وتوفير الحياة الكريمة لهم».
وأوضح معصوم أن «الحكومة تنظر بعين الاهتمام إلى معاناة المواطنين وأنها تسعى بجدية إلى تخفيفها بتوفير الخدمات الضرورية لهم»، داعيًا الوفد إلى «تفعيل المصالحة الوطنية كون العراق بأمس الحاجة لها، وضرورة تقريب وجهات النظر بين جميع الأطياف، ووضع أسس عملية قابلة للتطبيق، لترسيخ الاستقرار والازدهار في البلاد».
في سياق ذلك وفيما امتدت المظاهرات إلى محافظة ميسان بينما تستمر المظاهرات في أماكن مختلفة من العاصمة بغداد فقد خصص مجلس الوزراء العراقي جلسته الأسبوعية أمس لأزمة الكهرباء واتخذ على إثرها جملة من القرارات في المقدمة منها تخصيص مبالغ مالية إضافية لحل أزمة الكهرباء بالإضافة إلى إجراءات أخرى. وقال بيان لمجلس الوزراء إن المجلس «قرر قيام وزارة المالية بتخصيص مبالغ مالية إلى وزارة الكهرباء من أجل ديمومة عمل المنظومة الكهربائية بتخصيص مبلغ للموازنة الاستثمارية للوزارة بقيمة 499 مليار دينار والموازنة التشغيلية 175 مليار دينار».
ووافق المجلس «على تحشيد الجهود للنهوض بواقع الطاقة الكهربائية، بإيجاد آلية تنسيق وتعاون مع وزارة النفط في عملية توفير الوقود، وتسهيل عملية تملك الأراضي لمشاريع وزارة الكهرباء والتي يعيق تأخرها إكمال خطوط النقل، وتوفير وإطلاق التخصيصات المالية الخاصة بالمشاريع الحرجة بصيغة سلف أو ما شابه ذلك، ومناقلة الديون الخاصة لوزارة الكهرباء التي تمتنع المؤسسات الحكومية عن تسديدها».
كما قرر المجلس «اعتماد استراتيجية وطنية إعلامية تثقيفية لترشيد الاستهلاك وعدم التجاوز على الشبكة الكهربائية وتسديد الأجور والفواتير كما وجه المجلس المؤسسات الحكومية باعتماد الأجهزة والإنارات الاقتصادية حيث بينت الدراسات الجدوى الخاصة بذلك حجم ما سيتم توفيره من طاقة وأموال لو تم تبنيها بشكل جدي وفق خطة زمنية جادة، مع التأكيد على مجلس النواب من أجل الإسراع بإقرار مشروع قانون وزارة الكهرباء».
في سياق ذلك أكد رئيس كتلة التحالف المدني الديمقراطي في البرلمان العراقي مثال الآلوسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المظاهرات تعبر عن مطالب جماهيرية حقيقية مثلها مثل أي مظاهرات حصلت في العراق خلال السنوات الماضية ولم يجر التعامل معها بطريقة صحيحة من قبل الحكومات السابقة ونتمنى أن ترتفع الحكومة الحالية إلى مستوى المسؤولية على صعيد النظر إلى جدية هذه المظاهرات وعدم التعامل معها بطريقة الإجراءات الترقيعية أو التي تهدف إلى امتصاص النقمة». وأضاف: «إنني أضع نفسي وعضويتي في البرلمان تحت تصرف أهلي المتظاهرين لقناعتي وإيماني بحقوقهم في التظاهر»، مشيرا إلى أن «كل ما نجنيه اليوم هو نتيجة لفشل نظام المحاصصة والتوافقية الذي أثبت ضرره وفشله التام»، مؤكدا أن «المطلوب اليوم هو العودة إلى الشعب بعد هذا الفشل المتكرر لكي يقرر ما يقتنع به».
من جهته أكد مقرر لجنة النزاهة البرلمانية جمعة ديوان أن لجنة النزاهة تؤيد توجه رئيس الوزراء حيدر العبادي بتفعيل مبدأ من أين لك هذا. وقال إن «لجنة النزاهة تؤيد مثل هذه التوجهات على أن تقوم هيئة النزاهة بتشكيل فرق خاصة للتحقيق بالأموال التي سرقت ونهبت خلال السنوات الماضية والتي تعد بمئات المليارات من الدولارات». وأضاف ديوان إن «المطلوب هو البدء بمحاربة الفاسدين والمتلاعبين بالمال العام وتقديمهم إلى العدالة لكي ينالوا جزاءهم العادل». وفي الوقت الذي يستعد فيه الناشطون المدنيون إلى تنظيم مظاهرات كبرى في العاصمة بغداد يوم الجمعة القادم فإن المظاهرات الجماهيرية لم تتوقف سواء في بغداد أو عدد من المحافظات طوال هذا الأسبوع. ففي بغداد قطع متظاهرون غاضبون من منتسبي وزارة الصناعة أمس طريق محمد القاسم السريع بسبب عدم صرف رواتبهم فإن محافظة ميسان (400 كلم جنوب بغداد) شهدت أمس مظاهرة وسط مدينة العمارة للمطالبة بتنفيذ الإصلاحات في الحكومة المركزية واستبدال الكابيات الوزارية بحكومة تكنوقراط.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».