«ستاربكس ريزيرف» يكرم الإسبريسو الإيطالية على الطريقة الأميركية

من مبنى للبريد إلى محل لبيع القهوة على مساحة 25 ألف قدم مربع بعد 47 عاماً من الانتظار

هاورد شولتز الرئيس التنفيذي لـ{ستاربكس} فتنته ثقافة الإسبريسو الايطالية فتبناها في شركته (الشرق الأوسط)
هاورد شولتز الرئيس التنفيذي لـ{ستاربكس} فتنته ثقافة الإسبريسو الايطالية فتبناها في شركته (الشرق الأوسط)
TT

«ستاربكس ريزيرف» يكرم الإسبريسو الإيطالية على الطريقة الأميركية

هاورد شولتز الرئيس التنفيذي لـ{ستاربكس} فتنته ثقافة الإسبريسو الايطالية فتبناها في شركته (الشرق الأوسط)
هاورد شولتز الرئيس التنفيذي لـ{ستاربكس} فتنته ثقافة الإسبريسو الايطالية فتبناها في شركته (الشرق الأوسط)

من يتابع الأخبار العالمية فلا بد أنه سمع بحرب القهوة التي دارت ما بين شركة «ستاربكس» الأميركية العملاقة والصحافة الإيطالية عندما قررت «ستاربكس» افتتاح فرع لها في إيطاليا، مما أثار حفيظة الإيطاليين الذين رأوا بأن مجيء عملاق القهوة الأميركي إلى عقر دارهم ما هو إلا خرق لمجتمع الإسبريسو في بلادهم و«تخريب» عادات وتقاليد الإيطاليين في طريقة شرب قهوتهم، والتعدي «بحسب ما شعروا به» على ثقافتهم.
في عام 2018، استطاعت «ستاربكس - على الرغم من الكثير من التحديات - افتتاح أول محل لها في إيطاليا، تحديداً في مدينة ميلانو، ولكنها أرادت بأن تحدث ضجة بوصولها إلى أرض الأناقة والموضة والقهوة، فاشترت مبنى عملاقاً كان تابعاً للبريد في أهم نقطة سياحية في وسط ميلانو، مقابل مبنى الدومو».

تضم محمصة {ستاربكس} في ميلانو أكثر من 100 صنف من المشروبات (الشرق الأوسط)

استغرقت المقاومة 47 عاماً حتى تمكنت «ستاربكس» من افتتاح متجرها الأول الذي يصنف على أنه متحف وليس متجراً لبيع القهوة فقط، فهو يتألف من طابقين، يقدم القهوة ويحمصها وينتج طناً يومياً يوزعها على متاجر الشركة في أوروبا والشرق الأوسط، وعلى لائحة المشروبات فيه أكثر من 100 صنف من القهوة، ومساحة المكان شاسعة جداً تبلغ 25 ألف قدم مربع.
المعروف عن الإيطاليين أنهم يأخذون ثقافة القهوة على محمل الجد، فهي مليئة بالتقاليد التي تختلف تماماً عن طقوس القهوة التي ابتدعتها «ستاربكس» في الولايات المتحدة. الإيطاليون يشربون الإسبريسو بسرعة وهم يتكلمون إلى الباريستا أو الشخص المتخصص بتحضير القهوة، في أغلب الأوقات يتناولونها وهم واقفون على منصة عالية، على عكس ثقافة تناول القهوة في مقاهي «ستاربكس» التي يقصدها رواد القهوة والمشروبات الأخرى للجلوس لساعات مع جليس إلكتروني، يقومون بأعمالهم واجتماعاتهم عبر «زوم» عن بعد.

محمصة {ستاربكس} في ميلانو توزع القهوة على جميع متاجر الشركة في أوروبا (الشرق الأوسط)

فعندما أعلنت «ستاربكس» عن خطتها لافتتاح المتجر في ميلانو، لاقى القرار الرفض من الكثير من السكان المحليين، لدرجة أنه قام بعضهم بالتظاهر وإضرام النار في أشجار النخيل التي زرعتها «ستاربكس» في ساحة الدومو.
هذا في الماضي، أما اليوم فتملك الشركة حوالي 17 فرعاً في عدة مدن إيطالية، ولكن يبقى فرعها الأول في إيطاليا الذي يعرف باسم Starbucks reserve roastery هو الأهم والأشهر؛ لأنه تحول من مجرد متجر لبيع القهوة إلى معلم سياحي تفتخر به ميلانو، والدليل هو وجود طوابير طويلة خارجه للدخول إليه وتناول القهوة ورؤية ماكينات التحميص الضخمة وتناول المخبوزات والحلوى من مخبز «برينتشي» الإيطالي.
ففي عام 2016، وقعت «ستاربكس» شراكة استراتيجية مع الخباز الإيطالي «روكو برينتشي»، الذي يخبز طعامه الحرفي والمخبوزات الطازجة في فرن يعمل على الحطب باستخدام تقنية قديمة، مع طريقة فريدة للحصول على حرارة معينة باستخدام النار. واجهة الفرن عبارة عن حجارة «بورفيدو جيالو» القاسية الصلدة، التي تأتي من مكان قريب في منطقة «لومبارديا». ويتمكن الزبائن من رؤية العجين وهو يحضر أمامهم من أفضل أصناف الدقيق والماء.
زيارة الـ«ريزيرف» هي تجربة حقيقية تبدأ بالديكور الجميل الذي يذكرك بأناقة سكان ميلانو وعروض الأزياء التي تحتضنها المدينة وشم رائحة قهوة «أرابيكا» التي تستورد من 30 دولة حول العالم، وتُحمص في أوروبا للمرة الأولى، مقترنة بالأطعمة الحرفية الطازجة من «روكو برينتشي».
افتتاح المقهى والمحمصة خلق ما يقرب من 300 فرصة عمل، كما تستثمر «ستاربكس» في بناء الوظائف الإضافية عبر جلب برنامجها العالمي للتدريب المهني إلى ميلانو، فضلاً عن التعاون مع أكاديمية «فوندازيوني دون جينو ريغولدي»، وأكاديمية «لا سكالا» الفنية.

ديكور جميل وأناقة مفرطة على مساحة شاسعة لبيع القهوة (الشرق الأوسط)

وقال هوارد شولتز لـ«الشرق الأوسط»، خلال حفل إطلاق مشروب الشركة الجديد «أولياتو» الممزوج بزيت الزيتون الذي أقيم الشهر الماضي في ميلانو: «أثناء رحلتي الأولى إلى ميلانو عام 1983، كنت مفتوناً بحس المجتمع الذي وجدته في مقاهي الإسبريسو في المدينة، وعندما زرت صقلية الصيف الماضي أخبرني صاحب معصرة لزيت الزيتون بأنه يتناول ملعقة من زيت الزيتون يومياً للحفاظ على صحة جيدة، ونصحني بالقيام بهذه التجربة، قمت بها واستفدت منها كثيراً، وفكرت بتطوير الفكرة من خلال مزج أجود أنواع زيت الزيتون الإيطالي بقهوة أرابيكا، وبعد أشهر من العمل مع فريق (ستاربكس) تم ابتكار هذا المشروب الجديد المتوفر حالياً في إيطاليا والذي سيكون متوفراً في بلدان أوروبية أخرى قريباً بالإضافة إلى الشرق الأوسط واليابان».
«أولياتو» يمكن تناوله بارداً أو ساخناً، ويستخدم فيه حليب الشوفان، خمسة أصناف منه باردة وصنف اللاتيه هو المشروب الساخن الوحيد.
يشار إلى أن «ستاربكس» افتتحت أول متجر لها في أوروبا قبل 20 عاماً في لندن. ومنذ ذلك الحين، شهدت الشركة نمواً استراتيجياً بالشراكة مع أصحاب التراخيص مع أكثر من 3100 متجر موزعة على 40 بلداً في جميع أنحاء أوروبا، والشرق الأوسط، وأفريقيا.


مقالات ذات صلة

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

مذاقات أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات يعمل الشيف حسين فياض وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام»

فيفيان حداد (بيروت )
مذاقات القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

«الحلو إيه» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة

فاطمة عبد الله (بيروت)
مذاقات بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» في أبوظبي

أعلن فندق «روزوود أبوظبي» افتتاح «المجلس من بيير هيرميه»، الذي سيكون الوجهة الفريدة من نوعها في قلب «جزيرة الماريه».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي )
مذاقات حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

تُكمل كلود قريطم طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.

فاطمة عبد الله (بيروت)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
TT

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات، يعمل الشيف حسين فياض. وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام» لا بد أن يلفتك بذلك. فكأن الطبق الذي يحضّره يولد من رحم مقاييس يحسبها بأنامله وعقله.

يلتزم بأسلوب مشبعاً بـ«الديسيبلين» أو الانضباط. فكل ما يقوم به يجب أن يأخذ نفس الحجم إذا ما تألف من الكبة أو لفائف السباغيتي ورقائق اللحم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ صغري أحب القيام بأعمالي بهذا الأسلوب. وعندما كنت أدخل مطبخ والدتي كانت تشعر بالارتباك للدقة التي أنفذ بها الأطباق. وجاءت دراستي في معهد (كوردون بلو) الفرنسي ليزيدني تمسكاً بذلك. فما يميّز طبّاخاً عن غيره هو تأنيه بما يقوم فيه. وكما الشكل، كذلك المذاق والنكهة، يجب أن يشكلوا مجتمعين عناصر أساسية لطبق شهي».

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

يملك حسين فياض مطعماً له في جنوب لبنان، ويعمل في هذا المجال منذ نحو 12 عاماً. أما قاعدته الأساسية في عمله فترتكز على الخبرة، «لا شك أن البدايات يجب أن تتألف من شغف وحب للمهنة. فهما يؤلّفان ميزان الطبخ عند الطاهي. كما أن الدقة في تحضير الأكلات الحلوة والمالحة يجب أن تنضج بفعل التجارب. صحيح أني أركن إلى معايير دقيقة ألتزم بها أثناء عملي، ولكن بعد تراكم الخبرات تصبح للعين مكانتها في الموضوع».

عمل في مطاعم فرنسية خلال دراسته خارج لبنان. فاستفاد من تجربته هذه بحيث راح يبتكر أطباقاً تجمع بين المطبخين اللبناني والفرنسي، «صرت أمرر بعض الخلطات الخفيفة للزبائن. وبعد أن لاقيت استحساناً كبيراً من قبلهم رسمت الخطة في رأسي».

وتقضي خطّته بابتكار أطباق بين المطبخين، فهناك كثير من المكونات المشتركة بينهما، «لا أركن أبداً إلى البهارات والمنكهات التي تغطي على الطعم الأساسي للطبق. أكتفي بإضافة منكهات مستخرجة من الأعشاب الخضراء. أحياناً أستخدم الصعتر والحبق. أما المكون الرئيسي في أطباقي الحلوة والمالحة فهو زيت الزيتون. فأستعمله حتى في تحضيري للمثلجات وفي الحلويات. وفي بلاد الغرب يقدّرون كثيراً هذا المكون الشائع في بلادهم. وهو اليوم ينافس بشدّة الزبدة. أنا شخصياً أفضله عليها إذ يتمتع بمذاق ألذ ولا يؤثر على صحتنا سلبياً».

في مطبخ مطعمه الجنوبي المقفل اليوم بسبب الحرب الدائرة هناك يبتكر أطباقاً لذيذة.

فمتبل «بابا غنوج» يحضّره بطريقة فريدة من نوعها. بعد شيّ الباذنجان في الفرن مع لمسة من زيت الزيتون، يهرسه في وعاء بعد تفريغه من قشرته. يضيف إليه مكعبات البندورة والبصل والثوم بقطعه الصغيرة. ومع قطع مماثلة من الفلفل الأخضر والأحمر والبقدونس يؤلّف الخلطة. ويختمها بمزجها مع عصير الحامض والطحينة. وبعد خلطها بشكل جيد يضعها من جديد في جوف قشرة الباذنجان المفرغة. ويزينها بطبقة من حبوب الرمان ليضفي إليها نكهة مميزة.

الشيف حسين فياض (الشرق الأوسط)

ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الطبق لاقى انتشاراً واسعاً حتى إن البعض في لبنان راح يقلّده. فالتجديد في أي طبق لبناني أصيل كـ(بابا غنوج) يستحوذ على أفكاري التجددية. وهناك بعض الأطباق التي تذكرني بطفولتي وبمائدة والدتي، أنوي تحديثها أيضاً».

كثافة المواقع الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي تلفته. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها لا تزعجني ولكني نادراً ما أتوقف عند واحدة منها. فجميعها متشابهة، وهناك نوع من فوضى لا أحبها يتبعها الطباخون في تحضيرهم الطعام. وفي المقابل، أعتقد أن هناك مواهب لافتة في مجال الطبخ في لبنان. وأتوقّع لها مستقبلاً زاهراً».

أطباق جميلة ومبتكرة (الشرق الأوسط)

وعن سبب ارتكازه بمشروعه المستقبلي على الجمع بين المطبخين الفرنسي واللبناني، يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «المطبخ الفرنسي منتشر بشكل كبير في لبنان. ونحن نعرفه منذ نعومة أظافرنا. كما أن تحول جيل كبير من شباب اليوم إلى معاهد وجامعات فرنسية لتعلم الطبخ وثّق هذه العلاقة بشكل أكبر. وإذا ما دخلنا معظم المطاعم في لبنان فسنلاحظ حضور أطباق فرنسية فيه. فأي مطعم ندخله لا بد أن يقدّم أيضاً الحلوى الفرنسية كالفوندان والبافلوفا والكريم بروليه».