قوة «زلزال فبراير» تسببت في هزة «كهرمان مرعش»

علماء توقعوا استمراره في توليد موجات ارتدادية

أضرار ناجمة عن زلزال تركيا تظهر في هطاي (أ.ف.ب)
أضرار ناجمة عن زلزال تركيا تظهر في هطاي (أ.ف.ب)
TT

قوة «زلزال فبراير» تسببت في هزة «كهرمان مرعش»

أضرار ناجمة عن زلزال تركيا تظهر في هطاي (أ.ف.ب)
أضرار ناجمة عن زلزال تركيا تظهر في هطاي (أ.ف.ب)

بعد 36 يوما على وقوع زلزال صدع شرق الأناضول، الذي تأثرت به بشكل أساسي مدينة «كهرمان مرعش» التركية، كانت المدينة على موعد (الثلاثاء)، مع هزه ارتدادية بقوة 4.7 درجة على مقياس ريختر.
ومنذ وقع الزلزال الرئيسي بقوة 7.8 درجة، تشهد المدينة من حين لآخر هزات ارتدادية، قلت وتيرتها، لكنها لا تزال تحدث، ومن الصعب توقع موعد نهايتها، كما أكد خبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم.
ووفقا لوكالة الأرصاد الجوية اليابانية، «تحدث الهزات الارتدادية عندما تصبح الصخور حول مركز الزلزال غير مستقرة بعد حدوثه، وتستمر حتى تصل الصفيحة التكتونية إلى الاستقرار، بحيث لا يمكن حدوث المزيد من الحركة، على الأقل في المدى القريب». وتقول الوكالة إن الهزات الارتدادية العنيفة بعد الزلازل الكبيرة، تحدث عادة في غضون ساعات من الزلزال الأول، ولكنها تقل بشكل عام في الحجم والتردد بعد 10 أيام.
وبينما اهتمت الوكالة اليابانية بقوة الزلازل كسبب للهزات الارتدادية، ترى هيئة المسح الجيولوجي أن العمق يلعب دورا أيضا. وتقول هيئة المسح الجيولوجي الأميركية على موقعها الإلكتروني، إن «الزلازل العميقة (التي يزيد عمقها على 30 كيلومترا) أقل احتمالا أن تتبعها توابع الزلازل، من الزلازل الضحلة». ووفقا لهذا المعيار، كان عمق زلزال 6 فبراير(شباط) أقل من 18 كيلومترا، ما يعني أنه يصنف كزلزال «ضحل»، وهذا يعني أنه مرشح لإحداث هزات ارتدادية يمكن أن تستمر لسنوات بعد الزلزال الرئيسي، حسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وتوضح سوزان هوغ، العالمة في برنامج مخاطر الزلازل بهيئة المسح الجيولوجي الأميركي، أن «درجة العمق والقوة تلعبان دورا، وقد اجتمع الأمران في زلزال تركيا، حيث كانت قوته (7.8 درجة)، وكان من النوع الضحل، لأن عمقه أقل من 18 كيلومترا». وتقول هوغ لـ«الشرق الأوسط» إن «الهزات الارتدادية ضعيفة القوة لهذا النوع من الزلازل، قد تستمر لعدة سنوات، ولكن يمكن أن تحدث هزات أكثر قوة بشكل أقل تكرارا»، مشيرة إلى أنه «من الصعب تحديد المدة التي ستستغرقها الهزات الارتدادية بالضبط، فربما تستمر لعقود، كنتيجة لزلزال بالحجم الذي شهدته تركيا».
وكانت هيئة المسح الجيولوجي الأميركي قد وضعت سيناريوهات مختلفة للهزات الارتدادية في تركيا، وتقول هوغ إنه «لا تزال هناك فرضية 1 إلى 7 لحدوث هزات ارتدادية كبيرة، مثل هزة بقوة 6 درجات، خلال الشهر المقبل، ويجب أن يكون الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة المتضررة على دراية بهذا الخطر».
ومن جانبه، يقول سيجورجون جونسون، رئيس الفريق المعني بدراسة زلزال سوريا وتركيا في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست)، إن «القوة هي المعيار الأساسي».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد الزلازل الكبيرة، كالذي شهدته تركيا، تحدث توابع لفترة طويلة، قد تصل لعدة سنوات، لذلك، فإن زلزال الثلاثاء الذي بلغت قوته 4.6 على مقياس ريختر (وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية)، سيصنف على أنه هزة ارتدادية، وليس زلزالا جديدا».
ويتابع إنه «بعد مرور 5 أسابيع من الزلزال الرئيسي، قلت وتيرة الهزات الارتدادية، لكن لا يوجد ما يمنع من حدوثها، كما حدث أمس، وهذا رد فعلي طبيعي للزلازل الكبيرة، بغض النظر عن درجة العمق».
ويؤكد مارك ألين، رئيس قسم علوم الأرض بجامعة «دورهام» البريطانية، ما ذهب إليه جونسون، من ارتباط الهزات الارتدادية بقوة الزلزال الأصلي، أكثر من العمق. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «وتيرة هذه الهزات سنخفض بمرور الوقت، ولكن لا يزال من الممكن حدوث زلزال كبير في نفس المنطقة». وربط ألين ذلك بـ«زيادة الضغط المجاور (يقصد حدوث زلزال بصفيحة شمال الأناضول)، فقد ينزلق أيضا في زلزال كبير في نفس مناطق زلزال فبراير».
وبشكل أبسط، يشرح أنيس أحمد بنجش، من قسم علوم الأرض بجامعة القائد الأعظم في باكستان، سبب الهزات الارتدادية، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بعد زلزال كبير، تحتاج الأرض حتى تستقر إلى إطلاق الطاقة الموجودة في باطنها، ما يتسبب في حدوث توابع». ويوضح أنه «لا يمكن لأي شخص التنبؤ بوقت توابع الزلزال، ولكنها عادة ما تتناقص من حيث الشدة والتكرار في غضون شهر أو نحو ذلك، وتهدأ تماما في غضون شهرين».
ومن جانبه، يقول بول مارتن ماي، أستاذ علوم الأرض والهندسة بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست)، إن «حدوث هزات ارتدادية بعد زلزال بقوة 7.8 درجة يعد أمرا ليس غريبا، ومعتادا للغاية». ويضيف أن «الهزات الارتدادية ستستمر لعدة أسابيع وشهور أخرى، وهذا لا علاقة بالقوة، فحقيقة أن الزلزال الرئيسي كان (ضحلا) ليست ذات أهمية كبيرة في هذا السياق».



رانيا مطر لـ«الشرق الأوسط»: أستغربُ عدم التفاعل الدولي مع صور حربَي لبنان وغزة

تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)
تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)
TT

رانيا مطر لـ«الشرق الأوسط»: أستغربُ عدم التفاعل الدولي مع صور حربَي لبنان وغزة

تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)
تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)

شكَّل انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020 نقطة انطلاق لمشوار لم تخطّط له المصوِّرة اللبنانية رانيا مطر مع مهنتها. يومها، رافقت ابنها من أميركا إلى الوطن. فقد تطوّع لمساعدة المتضرّرين من هذه المأساة، منخرطاً في إحدى الجمعيات الخيرية.

«اعتقدتُ بأنني سأحمل كاميرتي وأصوّر الدمار والتشوّه الذي أصاب مدينتي بيروت. لكنني تحوّلت لا شعورياً إلى تصوير موضوع آخر. فقد لفتتني صلابة النساء اللبنانيات وعدم استسلامهن لواقع قاتم يعشنه. كنّ قويات يتمسّكن بحبّ الحياة، فيلملمن بقايا منازل ونوافذ وأبواب؛ يكنسن الطرقات، ويشاركن في تحضير وجبات طعام. مشهد ذكّرني بنفسي في سنّهنَّ. كنتُ مقاومة على طريقتي لحرب فُرضت على أرضنا. فلم أستسلم ولم أهاجر».

ثم تزوّجت وغادرت إلى أميركا، لكن علاقتها بلبنان وأرضه بقيت وطيدة. وفي كل مرّة تزور والدها في بيروت، تحمل كاميرتها وتترجم مشاعرها. وبعد رحيله، بقيت علاقتها بوطنها نابضة في قلبها؛ تقول.

صوَّرت مئات الفتيات اللواتي لفتت علاقتهن بلبنان نظرها: «تمسّكن بأرضهنّ رغم الويلات التي مرّت عليها. من خلالهن رويتُ مشاعري الحقيقية، كأنّني تمنّيتُ لو لم أغادر كما فعلن».

تركن إلى الإنسانية حتى في مشهدية مشوّهة أو معالم حزينة (رانيا مطر)

ترى رانيا مطر ما تقوم به رسالة حبّ إلى المرأة اللبنانية. وتضيف: «تعيش بلادي حرباً مدمّرة وأنا بعيدة عنها. أعدُّ الأيام والساعات لأعود فور نهاية الحرب. سأعود لأروي قصصَ بيوت وعائلات مزّقت قلبي وأنا أشاهدها تنزح وتقاوم. سأجول في كل المناطق لترجمة مشاعري».

تطبعك صورها بجمال ينبعث من الدمار والحزن. فكيف وفّقت بينهما؟ «أركن دائماً إلى الإنسانية حتى في مشهدية مشوّهة أو معالم حزينة. الأمر ليس سهلاً، لكنني أشعر بأنّ عينيّ تبحث عن الإيجابية تلقائياً». وهل للصورة الفوتوغرافية دور اليوم في الحرب؟ تردّ: «لا أدري. ربما بات الناس يغضّون أنظارهم عنها. أستغربُ عدم التفاعل الدولي مع صور تُبرز قسوة حرب يعيشها أهل بلدي. وفي الوقت عينه، أدرك أنّ بعض مواقع التواصل، منها (إنستغرام)، تُفرز صوراً معيّنة لتداولها دون سواها، فتغيب الصورة الفوتوغرافية المعبّرة عن فئة لا يُستهان بها من الناس».

بعدسة كاميرتها تبحث عن الجمال والإنسانية (صور الفنانة)

لكنها ترى، بالمقابل، أنّ الصورة الفوتوغرافية لا تزال تحافظ على وهجها الفنّي أسوةً بالإنساني: «إنها جسر التواصل والدليل الوحيد الملموس على الأحداث».

تنتمي الفنانة إلى لبنان، فأصول والدها تعود إلى بلدة حاصبيا الجنوبية، لكنها تعدّ نفسها فلسطينية أيضاً: «والداي وُلدا في يافا، لذلك أحمل عاطفة كبيرة تجاه فلسطين. ورغم إقامتي في أميركا، فإني أقف على كل شاردة وواردة في البلدين. ويُخيّل إليَّ أنّ غالبية الشعوب لا تعرف تماماً طبيعة مآسيهما».

نشاطات عدّة تشارك فيها مطر ببلد إقامتها لمساعدة النازحين في لبنان: «استطعنا جمع 100 ألف دولار خلال أسبوع. نحاول بذلك ترجمة معاني الإنسانية على أرض الواقع».

وتقول إنّ اللبنانيات بطلات يحفرن بالصخر ليؤمنّ مستلزمات حياة كريمة للنازحين: «نملك الحسّ الوطني بعضنا تجاه بعض، وهو أمر بديع أتمنّى ترجمته بكاميرتي قريباً».

وإنْ تسنّى لها تصوير لبنان، فمن أين تبدأ؟: «أعرف جيداً جميع المناطق، فقد زرتها، ومكثتُ فيها، وتعرّفت إلى أهاليها. اليوم، عندما يبلغني الدمار عبر نشرات الأخبار، أحزن. أتوجّه بالطبع إلى الجنوب وأروي قصص حبّ مع هذه الأرض».

توضح أنها ليست مصوّرة متخصّصة بالحروب. هي لبنانية المولد، أميركية، وأم. خلفيتها العرقية وتجاربها متعدّدة، مما يؤثّر عميقاً في فنّها. كرّست عملها لاكتشاف قضايا الهوية الشخصية والجماعية من خلال تصوير فترتَي المراهقة والأنوثة. صورها شملت النساء في الولايات المتحدة والشرق الأوسط. وتسعى إلى الكشف عن فردية كل امرأة تقف أمامها: «أركز على تجسيد جوهرنا، فيزيائيتنا، والقواسم المشتركة التي تجعلنا بشراً». ومن خلال عملها، تُضيء على كيفية تطوّر الذات الأنثوية بشكل موازٍ عبر خطوط الثقافات المختلفة.

صورة الطفلة لين عباس التي تصدَّرت الإعلام الغربي في حرب 2006 (رانيا مطر)

سلسلتها التصويرية التي أطلقتها بعنوان «بعد 50 عاماً لوين بروح» تحوّلت مشروعاً. يومها، وبدل توثيق الحطام والدمار إثر انفجار بيروت، ركّزت على قوة نساء لبنان: «صمدْن، وكان لهن حضورهن الطاغي على مشهدية الانفجار، مما ألهمني إطلاق مشروعي».

وعن «حرب تموز 2006»، تقول: «تشبه ما يحصل اليوم على أرض لبنان». يومها التقطتْ صورة لطفلة سمّتها «فتاة باربي». اسمها الحقيقي لين عباس؛ صوّرتها بالأبيض والأسود وتداولتها وسائل إعلام عالمية. تُعلّق: «شعرتُ كأنها طائر الفينيق الخارج من الرماد. عنت لي كثيراً هذه الصورة، فعلّقتها في منزلي. اليوم، بعد 18 عاماً على تلك الحرب، استعدتُها ونشرتها على حسابي في (إنستغرام)، للإشارة إلى حرب مشابهة يشهدها وطني. وكم كانت دهشتي كبيرة عندما تواصلت معي لين الصغيرة. فقد أصبحت في الـ19 من عمرها، مشرقة وجميلة».

تختم رانيا مطر: «إنه تاريخ طويل حكمته الصراعات في لبنان لنحو 50 عاماً. يومها، سألتُ الفتيات اللواتي صوّرتهن: (هل ستبقَيْن أو تغادرْن؟). ومنذ ذلك الوقت عنونتُ مجموعتي بهذا الاسم. ومشروعي هذا سيُكمل، ويشقّ طريقه نحو الجمال والإنسانية».