كيف تكون ملابسك صديقة للبيئة؟

صناعة الأزياء مسؤولة عن نسبة عالية من الانبعاثات الضارة

كيف تكون ملابسك صديقة للبيئة؟
TT

كيف تكون ملابسك صديقة للبيئة؟

كيف تكون ملابسك صديقة للبيئة؟

هل فكرت يوماً في البصمة الكربونية لتصنيع قميصك المفضل؟ قد تكون مفاجأة لكثيرين أن القميص القطني ليس الخيار الأفضل، إذا كنت تريد أن تكون ملابسك صديقة للبيئة.
وينتج القميص القطني في المتوسط 2.1 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون، بينما ينتج قميص البوليستر أكثر من الضعف (5.5 كيلوغرام)، وفقاً لدراسة «ألياف مستدامة لصناعة الأزياء والمنسوجات»، لراجكيشور ناياك، من جامعة «RMIT» فيتنام.
هل هناك المزيد من المنسوجات المستدامة التي يجب أن ننتجها ونشتريها بدلاً من ذلك؟ تشير الدراسة التي نشرتها دار «إلزيفير»، إلى بعض «الألياف غير التقليدية» كبدائل خضراء جديدة، وتشمل هذه الألياف الناتجة من النفايات، مثل نفايات القهوة والزجاجات البلاستيكية المعاد تدويرها، والأعشاب البحرية والبرتقال واللوتس والذرة والفطر.
يقول ناياك في مقال نشره في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي بموقع «ذا كونفرسيشن»، إن «العلامات التجارية مثل (باتاغونيا) الأميركية و(مود جينز) الهولندية، و(نينتي برسينت)، من بين العلامات التجارية الرائدة في دمج الألياف المستدامة في منتجاتها، لكن من المحتمل أن تأتي نقطة التحول الحقيقية عندما يشارك مزيد من أكبر الأسماء في عالم الموضة، وقد حان الوقت للاستثمار».
مشاكل الألياف التقليدية
يشير ناياك إلى أن هناك نوعين من الألياف التقليدية، وهما الألياف الطبيعية والصناعية، وتتمتع الألياف الطبيعية، مثل القطن والكتان، بمزايا معينة على الألياف الصناعية المشتقة من النفط والغاز. وعند النظر في الاستدامة، تُفضل الألياف الطبيعية على الألياف الصناعية، بسبب قدرتها على التحلل البيولوجي وتوفرها في البيئة.
ومع ذلك، فإن بعض الألياف الطبيعية، خصوصاً القطن، تحتاج إلى كثير من المياه العذبة والمواد الكيميائية السامة للبيئة لحصادها، حيث يتطلب الأمر 10 آلاف لتر من الماء في المتوسط لزراعة كيلوغرام واحد فقط من القطن. بالمقارنة، تستهلك الألياف الصناعية كمية أقل بكثير من الماء، ولكنها تستهلك كمية أكبر بكثير من الطاقة.
والألياف البتروكيماوية المصنوعة من الوقود الأحفوري، مثل البوليستر والنايلون والأكريليك، هي العمود الفقري للموضة السريعة، وهناك مشكلة كبيرة أخرى في مثل هذه المنتجات، وهي أنها لا تتحلل بسهولة.
وعندما تتحلل ببطء، تطلق الألياف البتروكيماوية جزيئات بلاستيكية دقيقة، وهذه لا تلوث البيئة فحسب، بل تدخل أيضاً في السلسلة الغذائية وتشكل مخاطر صحية على الحيوانات والبشر. يقول ناياك: «ربما تكون صادفت أيضاً أقمشة مخلوطة، يتم إنتاجها بمزيج من نوعين أو أكثر من أنواع الألياف، لكن هذه التحديات تشكل تحديات في الفرز وإعادة التدوير، حيث إنه ليس من الممكن أو السهل دائماً استعادة الألياف المختلفة عند دمجها».
بدائل طبيعية جديدة
ووسط الاستهلاك المفرط للألياف التقليدية، بدأ عديد من ماركات الأزياء العالمية في اعتماد ألياف جديدة مشتقة من الأعشاب البحرية والذرة والفطر، وهذا يشمل «ستيلا ماكارتني» و«بالنسياغا» و«باتاغونيا» و«الجيكنيت». يقول ناياك: «الألياف الطبيعية الناشئة الأخرى، تشمل ألياف اللوتس والأناناس والموز».
وتُستخرج ألياف اللوتس من جذع النبات، وتُستخرج ألياف الموز من السيقان (السيقان التي تربط الورقة والساق)، وتُستخرج ألياف الأناناس من أوراق الأناناس، كما توجد عمليات لاستخلاص الألياف من النفايات مثل قشور البرتقال، وبقايا القهوة، وحتى من بروتين نفايات الحليب، وتم تصنيع الملابس بنجاح من هذه المواد.
كل هذه الأمثلة على الألياف غير التقليدية خالية من عديد من المشاكل، مثل استهلاك الموارد الثقيلة (خصوصاً المياه العذبة)، واستخدام المواد الكيميائية السامة، واستخدام كميات كبيرة من الطاقة (للألياف الصناعية). إضافةً إلى ذلك، فإن هذه الألياف قابلة للتحلل في نهاية عمرها الافتراضي ولا تطلق جزيئات بلاستيكية دقيقة عند غسلها.
في الوقت نفسه، كان هناك نمو هائل في استخدام الألياف الصناعية المعاد تدويرها؛ مما يقلل من استخدام المواد البكر والطاقة واستهلاك المواد الكيميائية، كما أصبحت إعادة تدوير البلاستيك مثل زجاجات المشروبات لصنع الملابس أكثر شيوعاً، ويمكن أن تساعد هذه الابتكارات في تقليل اعتمادنا على المواد الخام وتخفيف التلوث البلاستيكي.
أقمشة مستدامة
يقول ناياك: «يمكن لشركات الأزياء تقليل العبء على البيئة من خلال الاستثمار الجاد في إنتاج ألياف وأقمشة مستدامة، ولا يزال كثير منها في مرحلة البحث أو لا تتلقى تطبيقات تجارية أوسع». ويضيف: «يحتاج مصنعو الأزياء والعلامات التجارية الكبيرة للأزياء وتجار التجزئة إلى الاستثمار في البحث والتطوير، لتوسيع نطاق إنتاج هذه الألياف، ويحتاج مصنعو الآلات أيضاً إلى تطوير تقنيات لحصاد وتصنيع المواد الخام على نطاق واسع، مثل الألياف والغزول المستدامة».
في الوقت نفسه، يؤكد ناياك أن للمستهلك دوراً مهماً من خلال المطالبة بمعلومات حول المنتجات ومحاسبة العلامات التجارية التي لا تراعي البيئة.
ويعتقد محمد إسماعيل، أستاذ العلوم البيئية بجامعة عين شمس بالقاهرة، بهذه الرؤية التي يطرحها ناياك، مؤكداً أن هذه الصناعة يجب أن تعيد اختراع نفسها، كي تكون محققة للأهداف البيئية، في وقت يسعى فيه العالم لمواجهة تغيرات المناخ.
يقول إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»، إن «صناعة الأزياء مسؤولة عن 10 في المائة من انبعاثات الكربون العالمية السنوية، أي أكثر من جميع الرحلات الجوية الدولية والشحن البحري مجتمعة. وبهذه الوتيرة، سترتفع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في صناعة الأزياء، بأكثر من 50 في المائة بحلول عام 2030». ويشير إسماعيل إلى أن أرقام برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، تكشف عن أن صناعة زوج من الجينز، تتطلب 3 آلاف و781 لتراً من الماء، بدءاً من إنتاج القطن، وحتى تسليم المنتج النهائي إلى المتجر، وهذا يعادل انبعاث نحو 33.4 كيلوغرام من مكافئ الكربون.
ويضيف: «إذا استمرت الأنماط الديموغرافية ونمط الحياة كما هي الآن، فسوف يرتفع الاستهلاك العالمي للملابس من 62 مليون طن متري في عام 2019، إلى 102 مليون طن، في غضون 10 سنوات، وهو ما من شأنه أن يزيد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري». وعلى صعيد استهلاك المياه والصرف الصحي، يوضح إسماعيل أن «صناعة الأزياء تستخدم كل عام 93 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يكفي لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية لخمسة ملايين شخص، كما أن نحو 20 في المائة من مياه الصرف الصحي في جميع أنحاء العالم، يأتي من صباغة الأقمشة ومعالجتها».


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا يعد «GPT-4o mini» نموذج ذكاء اصطناعي صغيراً فعالاً من حيث تكلفة العملاء (شاترستوك)

200 مليون مستخدم نشط في «تشات جي بي تي» أسبوعياً

صرحت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)»،الناشئة للذكاء الاصطناعي، بأن روبوت الدردشة الخاص بها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» لديه الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا توفر أفضل ممارسات وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) أساساً قوياً لحماية جهازك ومعلوماتك الشخصية (شاترستوك)

إيقاف وتشغيل هاتفك مرة أسبوعياً قد يعطل الهجمات الإلكترونية

ويجعل من الصعب على المتسللين الحفاظ على السيطرة على جهازك.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تتيح ميزة «التنظيف» الجديدة إزالة العناصر المشتتة من الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي «أبل»

تعرف على ميزة «التنظيف» الجديدة في الصور من «أبل»

قامت «أبل» بإصدار النسخة التجريبية الثالثة من نظام «آي أو إس» (iOS 18.1) للمطورين، مضيفة ميزة جديدة تدعى «التنظيف» (Clean Up) لتطبيق الصور (Photos) تعتمد على…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا الوظيفة الأساسية لـ«دوِّن الملاحظات لي» هي تقديم ملخّص موجَز للنقاط الرئيسية في الاجتماع بدلاً من النسخ الحرفي (شاترستوك)

تفعيل ميزة تدوين الملاحظات عبر الذكاء الاصطناعي في «اجتماعات غوغل»

يمكن الوصول إليها من خلال أيقونة «Gemini AI» التي يمثّلها قلم رصاص لامع.

نسيم رمضان (لندن)

دراسة: قردة «بهيات الشعر» تمنح بعضها بعضاً أسماء مثل البشر

قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)
قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)
TT

دراسة: قردة «بهيات الشعر» تمنح بعضها بعضاً أسماء مثل البشر

قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)
قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)

يُعدّ منح الأسماء بين كائنات من الجنس نفسه مؤشراً إلى تطوّر كبير، وقد تمت ملاحظته في السابق لدى البشر وأنواع من الدلافين والفيلة الأفريقية فقط، لكنّ دراسة نُشرت، الخميس، في مجلة «ساينس» المرموقة، بيّنت أنّ القردة التي تُطلق عليها تسمية «بهيات الشعر» تنتمي أيضاً إلى هذه المجموعة المحدودة من الحيوانات.

وأظهرت الدراسة، التي أجراها فريق من الجامعة العبرية في القدس، أنّ هذه الرئيسيات الصغيرة تطلق صرخات عالية بنبرة حادة لمنح «ألقاب صوتية» لأنفسها.

وقال المعد الرئيسي للدراسة ديفيد عمر، في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن مهتمون جداً بالسلوك الاجتماعي لاعتقادنا بأنّه هو ما يجعلنا كبشر كائنات مميزة مقارنة بالحيوانات الأخرى».

وأضاف: «نحن لا نركض بسرعة ولا نطير ولا نتفوق في أي شيء غير قدراتنا الاجتماعية، وبأنّ كل إنجازاتنا مجتمعية».

ورأى أنّ «بهيات الشعر» مثالية لدراسة تطور السلوك الاجتماعي واللغة لدى البشر؛ لأنّها تتمتع بخصائص مماثلة للبشر. وتعيش هذه القرود ضمن مجموعات عائلية صغيرة أحادية الزوج مؤلفة من ستة إلى ثمانية قرود تتولى معاً تربية صغارها.

وسجل الباحثون محادثات بين قردين من نوع «بهي الشعر» يفصل بينهما حاجز بصري، بالإضافة إلى التفاعلات بينهما ونظام حاسوبي يبث تسجيلات. وكان تحليل صرخاتهما ممكناً بفضل التقدم المُحرَز في مجال التعلم الآلي والقوة التي تتمتع بها الحوسبة.

ووجد الباحثون أنّ هذه القردة تستخدم صرخات عالية النبرة لمخاطبة بعضها بعضاً. وكانت هذه الرئيسيات قادرة بشكل ملحوظ على معرفة ما إذا كانت الصرخات موجهة إليها، وأظهرت إمكانية أكبر في الردّ عند مناداتها باسمها.

«تطور متقارب»

والقرود العشرة التي خضعت للاختبار متحدرة من ثلاث عائلات مختلفة. وأظهر الباحثون أنّ القردة المنتمية إلى المجموعة العائلية نفسها استخدمت خصائص صوتية متشابهة لأسماء مختلفة، تشبه إلى حد كبير اللهجات أو اللكنات عند البشر.

واعتمدت قرود أخرى بالغة انضمت إلى مجموعة من دون أن تكون مرتبطة بها مباشرة، الرموز الصوتية نفسها، مما يشير إلى إمكانية أن تتعلمها من قرود أخرى. ويعزو ديفيد عمر اكتساب القرود للمؤشرات الصوتية إلى «تطور متقارب»؛ أي إنها طوّرت سمات مماثلة خلال الاستجابة لتحديات بيئية مماثلة.

ويُعدّ منح الأسماء مسألة مهمة جداً لـ«بهي الشعر»، للحفاظ على الروابط الاجتماعية وتماسك المجموعة في الغابات الاستوائية الكثيفة في أميركا الجنوبية، حيث تكون الرؤية محدودة جداً.

أما مسألة متى وكيف بدأ البشر في الكلام، فهي موضع نقاش، ولكن حتى وقت قريب رفض عدد كبير من العلماء فكرة أنّ الرئيسيات توفّر عناصر للإجابات.

ويقول ديفيد عمر: «لا يزال بإمكاننا أن نتعلم الكثير من الرئيسيات غير البشرية بشأن تطور اللغة عند البشر». في المستقبل، يمكن أن تشكّل إحدى طرق البحث المضي قدماً في استخدام الذكاء الاصطناعي، لفك تشفير محتوى محادثات «بهيات الشعر» بشكل أفضل.