«رياح السماوات» تُطفئ 40 شمعة من زواج واسيني الأعرج وزينب الأعوج

حاورتهما بروين حبيب عن علاقة المبدعين الشائكة

واسيني الأعرج وزوجته زينب الأعوج شريكا كتابة وحياة
واسيني الأعرج وزوجته زينب الأعوج شريكا كتابة وحياة
TT

«رياح السماوات» تُطفئ 40 شمعة من زواج واسيني الأعرج وزينب الأعوج

واسيني الأعرج وزوجته زينب الأعوج شريكا كتابة وحياة
واسيني الأعرج وزوجته زينب الأعوج شريكا كتابة وحياة

شاعرتان وروائي، في «مكتبة محمد بن راشد». الأولى تدير بأناقة اللقاء بين الزوجين. الثانية هي زوجة الروائي الجزائري، واسيني الأعرج، الشاعرة زينب الأعوج. المنشغلان بالكلمة، تطرح عليهما الشاعرة البحرينية بروين حبيب، في برنامجها «بين السطور» (تلفزيون دبي) سؤالاً يثير الفضول كلما اجتمع مبدعان في منزل: «هل وجودهما أشبه بربّانين يقودان سفينة واحدة، محكومَيْن بالاختلاف إن طال السفر؟ أم هما راقصا تانغو يحتاجان إلى التكامل فتكتمل الرقصة؟».

الروائي مُعتمر القبّعة، يحضر وزوجته إلى المكتبة الضخمة. أسئلة بروين حبيب من نَفَسها الشعري، توجّهها للزوجين وتُحسن الإصغاء. على الطاولة، فرضية أنّ «الإبداع ليس بالضرورة هادمَ الزواج ومفرّقَ الأزواج»، وتعطي أمثلة، منها سارتر وسيمون دي بوفوار، مريد البرغوثي ورضوى عاشور. هم ممن سمحوا للكتابة أن تقاسمهم بيوتهم؛ فتباشر المُحاورة أسئلتها: «هل حياة الكتّاب الأزواج تقوم على التضحية أو الأنانية؟».

موضوع زواج المبدعين مثير، يتناوله الشاعر شوقي بزيع في كتاب ومقالات ينتظرها قراء «الشرق الأوسط». يستعيد الثلاثة جهده، ويُخبر واسيني أنه التقاه في بيروت ودار حديث عن «عشاق رائعين وأزواج فاشلين»، لكنه ورفيقة الحياة عاكسا الانطباع العام بعلاقة خاصة أثمرت دواوين شعر وروايات وولدين وأحفاداً وأربعة عقود من رحلة العمر.

تبارك لهما مُحاورتهما إطفاء شمعة الزواج الأربعين: «كل سنة وتجري بينكما رياح السماوات. غنِّيا وارقصا معاً». تهنّئهما بحكمة جبران. تذكر المرة الأولى التي استضافت فيها واسيني قبل سنوات. كانت ليلة عيد الميلاد، ولم يشأ تفويت جَمعة العائلة. مع ذلك، حضر، وقصائد زينب معه. بعد نضج التجارب، يخبرها واللقاء يتجدد: «الحميمية خاصة. ما ينطبق على زوجين لا يُعمم».


الروائي الجزائري واسيني الأعرج في اللقاء مع بروين حبيب

جميلةٌ الزياراتُ إلى منازل الأدباء وإسكات الفضول الحائم حول طقوسهم؛ أمزجتهم وتقلّباتها، صراع العزلة والألفة تحت السقوف. واسيني وزوجته يفتحان بابهما. لا يخفي صاحب «عازفة البيكاديللي»، أحدث رواياته، أنّ الزواج رحلة صعبة؛ فدوائر التقاطع موجودة مع الآخر، لكن دوائر الاختلاف تتربّص. يوافق مُحاوِرته على اعتبار الزواج «مؤسسة مبنية على التملك والاستحواذ»، إنما بالاجتهاد يدوم الحب و«فعل الصداقة يصبح المقياس».

يظهر من اللقاء صبر زينب وتحمّلها. ورغم انشغالها بالكتابة، فإنّ وجود زوج تحت الضوء كثيف النشاط الثقافي يجعلها تبتكر وسيلة لإنقاذ زواجهما: «لدينا عقل، لكن يجب أن نختلق لأنفسنا عقولاً أخرى لجعل الواقع جميلاً. ذلك لتحمُّل بعض المواقف، وتثمين ما يتيح هناء العيش».

وهو حين يُعدد مزاياها، يبدأ بطول بالها. ما يُبقي حرارة العلاقة أيضاً المسافة؛ يتفقان على أنها ليست وليدة أسفار فحسب، بل مسافة القراءة والكتابة. تسمّيها زينب «تهوية داخلية» وتروق التسمية لبروين حبيب. «أن نعيش الآخر، قبل العيش معه»، تُكمل. واسيني يرى حقائق البشر في المعادن: «عند المحكّ، استوعَبَت واحتوَت».

يصل الحديث إلى الشيّق المُنتظر: طقوس كتابة واسيني الأعرج. تُعدد زوجته: «يبدأ بفكرة الرواية ثم مرحلة البحث، فيختار العزلة. واسيني (بيتوتي)، تقلّ أنشطته الاجتماعية خارج الشأن الثقافي. يسافر في رحلة التوثيق، وحين يعود للكتابة، يدخل بحالة من التوتر. ينغمس في العمل كانغماسي في القصيدة. أحاول أخذ مسافة تمتصّ توتره».


 واسيني الأعرج وزينب الأعوج في مكتبة محمد بن راشد 

كنوع من التعاطف معها، تذكّرها بروين بما لا تتقبّله جميع النساء: «زوجكِ مشغول دائماً. هو أستاذ جامعي، كثير الأسفار، منهمك بالندوات والمعارض...»... تقاطعها بأنه «دائماً موجود، وهنا الفرق. يستطيع أن يعوّض غيابه». يحمل كل طرف للآخر امتناناً يجعل الحياة ممكنة. في الشدّة، يتقدّم الموقف الصلب؛ فيذكر تردّده وتهوّره يوم طغت حماسة الشباب على منطق الأمور، فإذا بها تُهدّئ وتدفع إلى الأمام.

تعلم زينب أن لا مفرّ من سؤالها عن النساء والغيرة الأدبية؛ فبعض قارئات الزوج يسقطن أنفسهنّ في بطلاته، ويُطلقن تجاهه ما سماه «العاطفة البريئة». يتشعّب سؤال محاورتها ليطول غيرة الزوجة من غريماتها، وملامسة حوار الرواية جوانب مباشرة من الواقع. أي دليل على أنّ ما تقرأه من نسج الخيال وشطحات القلم؟ يوضح واسيني أنّ اندفاع الشابات حدوده الوفاء للكاتب وكتبه، يتخذ أشكال تعبير مختلفة. وتردّ زينب بثقة الحبيبة الناضجة: «لن أغار من امرأة على ورق. أصارحه بما أجده مُفرِطاً في المباشر، فيعدّل من أجلنا معاً. أما الغيرة المَرَضية فلا تليق».

يصحّ قول المُحاورة إنّ الاستيعاب يتطلّب نبلاً والتطلع إلى الآخر بحضارة. تعود معهما إلى أسس الصداقة، يوم كانا طالبين في الجامعة؛ هو مولع بالسرد وهي تحبِكُ بنية القصيدة. لمحت سطوع نجمه منذ الشباب، «لحسّه الفني والجمالي وعشقه للموسيقى، وأيضاً كتاباته الأولى». في السنة الثانية لزواجهما، نشر روايته الأولى، بعدما دفع بإحدى قصائدها إلى الضوء، فنالت جائزة. قاعدتهما المشتركة: «إن أحببتَ أن تُسعد إنساناً، فاهتم بعمله».

القارئة الأولى لمخطوطات واسيني الأعرج يشغفها الإنسان في زوجها. والمكوّن الأنثوي المُضمَر داخله يقوده نحو أعماق المرأة، فتشعر بأنّ نصه موجّه لها. استيعابها عزلته ونوبات صمته يمدّ الودّ بطول العمر.



انطلاق «مسابقة المهارات الثقافية» لصقل المواهب السعودية

تعمل المسابقة على اكتشاف وتطوير المواهب الثقافية من الطلبة (وزارة التعليم)
تعمل المسابقة على اكتشاف وتطوير المواهب الثقافية من الطلبة (وزارة التعليم)
TT

انطلاق «مسابقة المهارات الثقافية» لصقل المواهب السعودية

تعمل المسابقة على اكتشاف وتطوير المواهب الثقافية من الطلبة (وزارة التعليم)
تعمل المسابقة على اكتشاف وتطوير المواهب الثقافية من الطلبة (وزارة التعليم)

أطلقت وزارتا «الثقافة» و«التعليم» في السعودية، الاثنين، «مسابقة المهارات الثقافية» الثالثة، التي تهدف إلى اكتشاف المواهب من الطلبة، وصقل مهاراتهم؛ لتمكينهم من استثمار شغفهم وأوقاتهم، وبناء جيلٍ قادر على إثراء القطاع الثقافي والفني بإبداعاته وتميّزه.

وتستهدف المسابقة طلاب وطالبات التعليم العام، وتشمل في نسختها الحالية 9 مسارات رئيسية، هي: «المسرح، والفن الرقمي، وصناعة الأفلام، والتصوير الفوتوغرافي، والحِرف اليدوية، والقصص القصيرة، والمانجا، والغناء، والعزف».

وتمرّ بثماني محطات رئيسية، تبدأ من فتح باب التسجيل، وتليها المسابقات الإبداعية، فمرحلة الفرز والتحكيم الأوليّ، وحفل الإدارات التعليمية الافتراضي، وتنظيم المقابلات الشخصية، قبل أن تنتقل إلى تطوير المواهب في معسكر تدريبي، ثم التحكيم النهائي، وانتهاءً بتكريم الفائزين.

وتسعى وزارة الثقافة عبر المسابقة لاكتشاف وتطوير مهارات الطلاب والطالبات من جميع أنحاء السعودية في القطاعات الثقافية، وتوجيه أعمالهم تجاه المحافظة على الإرث الثقافي السعودي، ورفع مستوى وعيهم به، وما يُمثّله من قيمة تاريخية وحضارية.

كما تواصل وزارة الثقافة من خلالها تحفيز الطلبة على توجيه شغفهم نحو ممارسة مختلف المجالات الثقافية والفنيّة، والاستثمار الأمثل لطاقاتهم، وتمكينهم من الأدوات الملائمة التي تُسهم في رفع جودة إنتاجهم الثقافي.

وتُعدُّ هذه المسابقة الأولى من نوعها في السعودية، وقد أطلقتها الوزارتان في تعاونٍ مشترك خلال عام 2022، ضمن استراتيجية تنمية القدرات الثقافية؛ لرفع مستوى ارتباط الطلبة بالثقافة والفنون، واستكشاف مهاراتهم وتنميتها، وخلق طاقاتٍ إبداعية جديدة تشارك بفاعلية في إثراء القطاع، وترفع من مستوى إنتاجه بمختلف مكوناته، وتسهم في خلق بيئة جاذبة لهم.