كشف بحث علمي، عن أن تجارب الطفولة التي تتضمن صدمات تنغرس وتنطمر داخل أدمغتنا، وتعرضنا لخطر الإصابة بمرض نفسي، ربما يقدم لنا التعديل فوق الجيني الأمل في التخلص منها، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية. وكانت الطريقة، التي ظهر بها الاكتئاب لدى الفئران في معمل إيريك نيسلر، الطبيب النفسي واختصاصي علم الأعصاب، قابلة لإثبات العلاقة بشكل مزعج. عندما تم وضع الفئران في حيز مغلق مع فأر مجهول، جلسوا في الركن ولم يبدُ عليهم أي اهتمام، وعندما تم تقديم مشروب حلو المذاق إليهم، لم يبدُ أنهم قد لاحظوا وجوده. كذلك عندما تم وضعهم في الماء، لم يسبحوا، بل أخذوا ينجرفون مع التيار.
وكان قد تم تعريض أولئك الفئران إلى «ضغط الانهزام الاجتماعي»، بمعنى أن الفئران الأكبر سناً وحجماً كانوا يؤكدون هيمنتهم وسيطرتهم بشكل متكرر عليهم؛ وهذه الطريقة مصممة لإحداث حالة اكتئاب لدى الفئران، لكن في معمل نيسلر، أثرت على بعض الفئران بدرجة أكبر من البعض الآخر، وكانوا هؤلاء هم من لديهم تاريخ من الإصابة بصدمات في مرحلة مبكرة من العمر. ويقول نيسلر، الذي يعمل في كلية طب «ماونت سيناي» بنيويورك «ما يراه المرء بوضوح في هذه النماذج من الفئران هو أن بعضها ممن تعرضوا لضغط نفسي في مرحلة عمرية مبكرة كانوا أكثر تأثراً بالضغط العصبي النفسي لاحقاً في الحياة».
يبدو أن هذا الأمر ينطبق على البشر أيضاً، ورغم أن الأسباب لا تزال غير واضحة، تتزايد الأدلة التي تشير إلى أن جزءاً من الإجابة يكمن في علم التخلّق (ما فوق الجينات)، وهي العمليات التي تعدّل وظيفة مورثاتنا دون تغيير الشفرة الوراثية. ويعتقد الكثير من الباحثين حالياً أن الصدمات التي تحدث خلال مرحلة الطفولة تنغرس بيولوجياً في أجسامنا، وتغير كيفية عمل مورثاتنا، وتعرّض صحتنا العقلية والنفسية إلى الخطر.
وإذا كان ذلك الطرح سليماً، فسوف يفتح الباب أمام طرق علاج جديدة مختلفة تماماً. ورغم أن الطفولة الصعبة أحياناً تجعل الأشخاص أكثر مرونة وقدرة على الصمود «الصدمة التي تحدث في مرحلة عمرية مبكرة هي أكبر عامل خطر في عدد من الحالات النفسية، خاصة الاكتئاب والقلق النفسي» على حد قول نيسلر. ومن أكبر الدراسات، التي تؤكد ذلك الأمر، ورقة بحثية تم نشرها عام 2010 تضمنت بيانات خاصة بأكثر من 50 ألف شخص بالغ من 21 دولة.
وقد اكتشفت الدراسة، أن كل أنواع الصدمات تقريباً، التي تحدث أثناء مرحلة الطفولة، سواء كانت وفاة أحد الأبوين، أو إدمان أحد أفراد الأسرة مادة مخدرة، كانت مرتبطة بشكل كبير بالإصابة بمرض نفسي خلال مرحلة البلوغ.
هل تعديل المورّثات يحمل مفتاح تحسين الصحة النفسية؟
هل تعديل المورّثات يحمل مفتاح تحسين الصحة النفسية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة