دانييل لي يُعبر عن حبه لكل ما هو بريطاني... بشجاعة

في أول تشكيلة يقدمها لـ«بيربري» تعمد تفكيك الموضة واستبدل البروليتاري بالرومانسي

بدأ العرض بمعطفين بياقة بالريش الأخضر غير الطبيعي (خاص)
بدأ العرض بمعطفين بياقة بالريش الأخضر غير الطبيعي (خاص)
TT

دانييل لي يُعبر عن حبه لكل ما هو بريطاني... بشجاعة

بدأ العرض بمعطفين بياقة بالريش الأخضر غير الطبيعي (خاص)
بدأ العرض بمعطفين بياقة بالريش الأخضر غير الطبيعي (خاص)

كانت مهمة دانييل لي صعبة منذ اللحظة التي أعلن فيها خبر توليه الإدارة الفنية لدار «بيربري». منذ ذلك الحين والكل يترقب ما سيقدمه لدار أسسها في عام 1856 شاب مثله، لا يتعدى عمره 21 عاماً، اسمه توماس بيربري.
من الممكن أن يُثقل هذا الإرث كاهل أي شخص. فكيف يمكن أن يحافظ عليه ويُجدده ويرتقي به في الوقت ذاته. لم يخيب دانييل لي الآمال وصفق له الحضور بحرارة؛ لا لشيء سوى أنه أعاد إليهم الروح البريطانية.

أخذت الأحذية والورود ألواناً وأشكالاً مختلفة (خاص من بيربري) - كان المصمم جريئاً  في استعمال نقشات الدار بشكل مباشر - أخذت الخطوط الكلاسيكية بعداً جديداً بغية منح الراحة (خاص)

مساء يوم الاثنين الماضي أكد أنه أهل للمهمة؛ لأنه، وكما بدا، كان أكثر تشوقاً لمعانقة الروح البريطانية من ضيوفه وزبائن «بيربري». مساء يوم الاثنين، أنهى دانييل اليوم الرابع من «أسبوع الموضة لخريف وشتاء 2023» وكتب فصلاً جديداً في تاريخ الدار. كان أول عرض يقدمه لها، وأقل ما يمكن أن يقال عن المصمم أنه كان شجاعاً في ترجمته لكل ما هو بريطاني بلغة قد تكون صادمة، لكن وراءها فكرة. عرضه كان عودة إلى الجذور، بأسلوبه الذي طبعته غريبة حيناً وشقية حيناً آخر. قال المصمم إنه أراد تشكيلته احتفالاً ببريطانيا التي تزخر بشتى أنواع الفنون والإبداع إلى حد تنفُسه في كل جانب من جوانبها. ترجمته هذه الاحتفالية لخّصها في عرض امتزج مع حماس وأمل لا تخطئهما العين... كان واضحاً على وجوه الحضور والشخصيات المهمة التي حضرت العرض؛ بمن فيهم مصمم الدار السابق كريستوفر بايلي، وستورمزي وناعومي كامبل وفانيسا ريدغريف وآخرون.
مكان العرض تزين ببطانيات بنقشات الدار المربعة، وعلى كل مقعد وُضعت قارورة الماء الساخن، التي رأى المصمم أنها جزء من الثقافة البريطانية الشعبية. كساها بقماش التارتان الصوفي ليرتقي بها من العملية إلى الكمالية، ولتكون هدية مناسبة للضيوف. كانت هذه محاولة منه لكي يضفي على المكان البروليتاري طابعاً دافئاً. فمكان العرض في شرق لندن ليس له أي علاقة بالموضة، لكن له قصة مثيرة؛ فهو في منطقة كينينغتون التي اشتهرت في عام 1969 بقضية حرّكت الرأي العام، كان أبطالها مشردين احتلوا بيوتاً فيها بعد أن سمعوا أن الحكومة تنوي هدمها لتشييد عمارات فخمة. لأكثر من 30 عاماً بقيت القضية معلقة بينهم وبين السلطات المحلية. هذه القصة كانت وراء الديكور الدافئ واستقبال الحضور بمشروب الشوكولا الساخنة، وأيضاً فسّرت الأبيات الشعرية التي رافقت بطاقات الدعوة الديجيتالية، وجاء فيها: «إذ لم يكن لك مأوى، فسأكون مأواك... إذا شعرت بالبرد؛ فسأمنحك الدفء... إلخ».
وربما هنا تكمن شجاعة دانييل: في اختياره أن يُفكك الأناقة بشكلها الرومانسي، وينطلق من هذه النقطة التي لا علاقة لها بالأناقة ليقدم تشكيلة ستصل إلى العالم وتخاطب شريحة الشباب تحديداً. نجح فيها في خض المتعارف عليه بجعل البروليتاري عملياً، والعملي شبابياً ديناميكياً. بعض التصاميم كان مستوحى من الخطوط الكلاسيكية، خصوصاً البدلات والمعاطف والسترات، لكن بعد تفكيكها أخذت طابعاً صناعياً وعملياً محضاً.

طبعت النقشات المربعة معظم القطع (خاص)

بدأ العرض بمعطفين بياقات كبيرة من الفرو غير الطبيعي؛ منفوشاً بعض الشيء حتى لا يبدو مرتباً. تلاهما شلال من التصاميم المطبوعة بالمربعات التي تعدّ ماركة مسجلة للدار. غطت هذه المربعات الفساتين الطويلة والقصيرة على حد سواء، كذلك الكنزات الصوفية والتنورات والجوارب. المعاطف تميزت بخطوط جديدة اكتسبت أحجاماً أكبر وأكماماً تنسدل من دون أكتاف واضحة. بعضها الآخر جرى تنسيقه بشكل يبدو كأنه «روب منزل»، مثل معطف من المخمل الأزرق يشده حزام. الألوان كانت صاخبة تتحدى قتامة الطقس البريطاني، والنقشات تعدت الكاروهات إلى صور البط والورد بألوان غير طبيعية. تفسير دانييل لي بعد العرض أن «البط جزء من المشهد البريطاني، لا تخلو منه أي حديقة من حدائق لندن». أما تفسيره لتلوين الورد بالأزرق فوضّحه «تي شيرت» كتب عليه: «ليس ضرورياً أن يكون الورد أحمر». «تي شيرت» آخر كتب عليه: «رياح التغيير» في إشارة إلى التغيير الذي تخوضه الدار حالياً وأيضاً بريطانيا.
هذا التنوع الهائل في التصاميم والألوان والخامات، وحتى الأفكار، لم يأت اعتباطاً. بالعكس؛ فهو محسوب ومدروس؛ لأنه أكثر ما يراهن عليه جوناثان أكيرويد، الرئيس التنفيذي الجديد. فهو يطمح إلى أن تتعدى إيرادات الدار سقف 5 مليارات جنيه إسترليني في غضون سنوات قليلة. ولأن المعطف الواقي من المطر الذي بُنيت عليه الدار منذ تأسيسها يبقى مع صاحبه زمناً طويلاً دون أن تتغير صورته أو تنخفض قيمته لما يتميز به من قوة وكلاسيكية، فإنه ليس الورقة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق هذه الغاية. كان لا بد من التنوع الذي قدمه دانييل لي سواء في الأزياء والإكسسوارات.
اللافت أن الأحذية وحقائب اليد خضعت هي الأخرى لعملية التفكيك وظهرت بأشكال قد لا يضعها الجيل السابق في خانة الأناقة. لكن هذا لا يهم. فهي تتوجه إلى شريحة الشباب في المقام الأول؛ لأن رياح التغيير تلمسهم أكثر. أشكال الأحذية مثلاً استحضرت أحذية عمال البناء تارة؛ وأحذية الفرسان تارة أخرى. الحقيبة بدورها جاءت بأشكال يبدو أن الغرض منها أن تجد طريقها إلى «إنستغرام». بهذا تضرب لمسة دانييل لي الميداسية «بيربري» كما ضربت «بوتيغا فينيتا» في عهده من 2018 إلى 2021.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)
إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)
TT

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)
إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

ووفق شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد حللت الدراسة 47 بحثاً سابقاً من 30 دولة؛ لمعرفة تأثير سن الإنجاب على خطر الإصابة بسرطان الثدي.

ووجدت الدراسة أن النساء، اللاتي أنجبن طفلهن الأول بعد سن 35 عاماً، يواجهن خطراً أعلى للإصابة بسرطان الثدي، مقارنة بأولئك اللاتي أنجبن قبل سن 25 عاماً.

وكتب الباحثون، في الدراسة التي نُشرت بمجلة «The Lancet Oncology»: «يقلل الحمل المبكر قبل سن 25 عاماً خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء بعد انقطاع الطمث بنسبة 35 في المائة، مقارنة بالحمل بعد سن 35».

وأشار الفريق إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى حقيقة أن الحمل المبكر يقلل مستويات الإستروجين لدى المرأة، وهو هرمون مرتبط ببعض أنواع سرطان الثدي.

ويمكن أن تؤدي المستويات المرتفعة من الهرمون - بسبب قلة حالات الحمل أو تأخر الإنجاب - إلى زيادة مخاطر الإصابة بهذا المرض الخبيث.

علاوة على ذلك، تقلل الرضاعة الطبيعية مستويات هرمون الإستروجين مدى الحياة، وكلما حدثت هذه الرضاعة في وقت مبكر، زادت فوادها الوقائية ضد سرطان الثدي.

وتقدِّر مؤسسة أبحاث السرطان العالمية أن كل 12 شهراً من الرضاعة الطبيعية تقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي بنحو 4 في المائة.

ويُعد سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطانات انتشاراً في العالم، إذ وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، جرى تسجيل ما يقارب 2.3 مليون حالة جديدة من سرطان الثدي في عام 2020، مع وفاة نحو 685 ألف شخص بسبب هذا المرض.

ويمثل هذا النوع من السرطان ما يقرب من 12 في المائة من جميع أنواع السرطانات التي تصيب البشر، و25 في المائة من جميع أنواع السرطانات التي تصيب النساء.