خبراء: العمل 4 أيام فقط في الأسبوع قد يساهم في حل أزمة المناخ

رجل وزوجته يعملان من المنزل في ظل وباء «كورونا» (أرشيفية - رويترز)
رجل وزوجته يعملان من المنزل في ظل وباء «كورونا» (أرشيفية - رويترز)
TT

خبراء: العمل 4 أيام فقط في الأسبوع قد يساهم في حل أزمة المناخ

رجل وزوجته يعملان من المنزل في ظل وباء «كورونا» (أرشيفية - رويترز)
رجل وزوجته يعملان من المنزل في ظل وباء «كورونا» (أرشيفية - رويترز)

منذ بدء تفشي وباء كورونا حول العالم، قامت الكثير من الحكومات والشركات بتجربة العمل لمدة 4 أيام فقط في الأسبوع، حيث أظهرت نتائج معظم هذه التجارب أن هذا الإجراء يساهم بشدة في رفع الإنتاجية وزيادة رفاهية الموظفين.
إلا أنه، وفقاً لدراسة جديدة، توجد فائدة أخرى للعمل 4 أيام أسبوعياً، لم تلتفت إليها الدراسات، وهي المساهمة في التصدي لأزمة تغير المناخ.
وبحسب شبكة «بي بي سي» البريطانية، فمن بين الشركات التي ساهمت في تجربة العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع، شركة الاستشارات البيئية تايلر غرانج ومقرها مقاطعة غلوسترشير بالمملكة المتحدة.
وبعد مرور 3 أشهر على بدء التجربة، احتفل المديرون والعمال في شركة تايلر غرانج بهذا الإنجاز، حيث أظهرت نتائجهم ارتفاع الإنتاجية اليومية بنسبة 22 في المائة.
لكن مدير الشركة سيمون أورسيل كان حريصاً أيضاً على قياس نتيجة أخرى، وهي تأثير أسبوع العمل الأقصر على البصمة الكربونية للشركة، أي معدلات انبعاث الغازات الدفيئة منها.
وقد تبين أن العمل لمدة أربعة أيام كان مفيداً بشكل مدهش في هذا الشأن، وفقاً لأورسيل.

وقال أورسيل: «في المتوسط، شهدنا انخفاضاً بنسبة 21 في المائة في استخدام موظفينا لسياراتهم أسبوعياً للذهاب للعمل. هذا بالإضافة لاستغلال العديد من الموظفين أيام إجازتهم الإضافية ليصبحوا أكثر انخراطاً في العمل التطوعي المناخي، والذي قمنا بتشجيعهم عليه».
تكتسب المحادثة حول العمل لمدة أربعة أيام زخماً في جميع أنحاء العالم. وقد نفذت بالفعل تجارب لاختبار هذا الإجراء في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وآيرلندا وأيسلندا وإسبانيا والسويد وبلجيكا واليابان ونيوزيلندا.
لكن تجربة المملكة المتحدة كانت الأكبر حتى الآن، حيث شاركت فيها أكثر من 60 شركة ومؤسسة.
وتم نشر النتائج النهائية لهذه التجربة اليوم (الثلاثاء)، حيث دعمت بعض الشركات النتائج التي توصلت إليها شركة تايلر غرانج فيما يتعلق بفائدة العمل 4 أيام في الأسبوع في التصدي لأزمة المناخ.
وقالت جولييت شور، الخبيرة الاقتصادية وعالمة الاجتماع في كلية بوسطن والباحثة الرئيسية في شركة «فور داي ويك غلوبال»، التي ساهمت في تجربة العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، إن «أسبوع العمل الأقصر هو المفتاح لتحقيق خفض انبعاثات الكربون الذي يحتاجه العالم». وأضافت: «يرتبط انخفاض ساعات العمل بنسبة 10 في المائة بانخفاض بنسبة 8.6 في المائة في البصمة الكربونية».

ولفتت شور إلى أن أحد أهم العوامل المساهمة في الفوائد المناخية لتقليص أيام العمل هو انخفاض حركة التنقل. وتابعت: «تظهر البيانات من تجربة المملكة المتحدة انخفاضاً بنسبة 10 في المائة في حركة التنقل خلال الفترة التجريبية (من 3.5 ساعة إلى 3.15 ساعة في الأسبوع) في حين أن هذا الانخفاض بلغ 27 في المائة في تجربة الولايات المتحدة (من 3.56 إلى 2.59 ساعة في الأسبوع). ورغم أن هذه الأرقام ليست قليلة من وجهة نظري، إلا أنها يمكن أن تصل إلى 15 - 20 في المائة».
ووجدت تجارب المملكة المتحدة والولايات المتحدة أيضاً أن الناس حين يعملون عددا أقل من الأيام يكون لديهم وقت فراغ أكبر يمكنهم من القيام بأنشطة صديقة للبيئة، مثل إعادة التدوير أو زراعة الحدائق أو المشي لمسافات طويلة بدلاً من ركوب وسائل النقل.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت التجارب أن خفض أيام العمل ساهم في خفض استهلاك الكهرباء، الأمر الذي كان له تأثير كبير على تقليل الانبعاثات.
ومن جهتها، قالت لورا وايت، مديرة المشاريع والأبحاث في منظمة «ووتر وايز» البريطانية للحفاظ على المياه، والتي شاركت في التجربة: «تجنب العمل المفرط يحسن الكفاءة والإنتاجية بكل تأكيد. مع العلم أن الكفاءة تتعلق أيضاً بالطاقة. فقد يؤدي حصول الموظفين على المزيد من أيام الإجازة إلى موظفين أكثر كفاءة في استخدام الطاقة»، كما تقول. «يتنبه الناس عندما يكونون في المنزل، لأنهم يدفعون الفاتورة في النهاية».
ويقول فيليب فراي، الباحث في معهد تقييم التكنولوجيا وتحليل الأنظمة بألمانيا، ومؤلف كتاب «حدود العمل البيئية» إن أحدى الدراسات أظهرت أن الأشخاص في أميركا الشمالية وأوروبا لديهم بصمة كربونية أقل في أيام عطلة نهاية الأسبوع بشكل عام.
فقد وجدت هذه الدراسات أن انبعاثات يوم الأحد في أميركا الشمالية وأوروبا كانت أقل بنسبة 40 في المائة من المتوسط، بينما كانت انبعاثات أيام العمل أعلى بنسبة 20 في المائة تقريباً من المتوسط.
ومع ذلك، ورغم هذا العدد المتزايد من التجارب والدراسات، فقد أكد العديد من خبراء البيئة أنه ما زالت هناك حاجة للمزيد من البيانات لفهم تأثير الانتقال إلى سياسة العمل لمدة أربعة أيام في الأسبوع بشكل كامل على المناخ.



«رفعت عيني للسما» يبدأ رحلته التجارية بدور العرض المصرية

الملصق الدعائي للفيلم  (حساب المخرج على فيسبوك)
الملصق الدعائي للفيلم (حساب المخرج على فيسبوك)
TT

«رفعت عيني للسما» يبدأ رحلته التجارية بدور العرض المصرية

الملصق الدعائي للفيلم  (حساب المخرج على فيسبوك)
الملصق الدعائي للفيلم (حساب المخرج على فيسبوك)

بعد تتويجه بجائزة «العين الذهبية» في مهرجان كان السينمائي، وفوزه أخيراً بجائزة «نجمة الجونة» لأفضل فيلم وثائقي «مناصفة»، وحصول مخرجيه ندى رياض وأيمن الأمير على جائزة مجلة «فارايتي» الأميركية لأفضل موهبة عربية، ومشاركته في مهرجانات دولية من بينها «شيكاغو» الأميركي، بدأ الفيلم الوثائقي المصري «رفعت عيني للسما» المعنون بالإنجليزية «The Brink Of Dreams» رحلته في دور العرض بمصر، حيث يعرض في 20 من دور العرض بالقاهرة والإسكندرية والأقصر وبنها والجونة بالبحر الأحمر، في واقعة غير مسبوقة لفيلم وثائقي، ويعد الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين مصر وفرنسا والدنمارك والسعودية وقطر.

يتتبع الفيلم رحلة مجموعة من الفتيات بقرية «برشا» في صعيد مصر لتأسيس فرقة مسرحية وعرض مسرحياتهن في شوارع القرية لطرح قضايا تؤرقهن، مثل الزواج المبكر والعنف الأسري وتعليم الفتيات، ويواجهن رفض مجتمعهن، بل ويصفهن البعض بالخروج عن الأدب، ويتعرضن لمضايقات من رواد العروض الذين يسخرون منهن.

يعرض الفيلم الذي جرى تصويره على مدى 4 سنوات لوقائع حقيقية، وتنتقل الكاميرات بين الشوارع والبيوت الفقيرة التي يعشن فيها، وأسطح المنازل اللاتي يقمن بعقد اجتماعات الفرقة بها، والتدريب على العروض التي تتسم بالجرأة وتنتقد المجتمع الصعيدي في تعامله مع المرأة، وحاز الفيلم إشادات نقدية واسعة من نقاد عرب وأجانب.

وتصدر الملصق الدعائي للفيلم صور بطلات الفرقة «ماجدة مسعود، وهايدي سامح، ومونيكا يوسف، ومارينا سمير، ومريم نصار، وليديا نصر مؤسسة الفرقة»، وهن صاحبات هذه المبادرة اللاتي بدأنها قبل 10 سنوات، ولفت نشاطهن نظر المخرجين ندى رياض وأيمن الأمير، فقررا توثيق رحلتهن بعدما لاحظا إصراراً من البنات على مواصلة عروضهن.

وحول عرض الفيلم في هذا العدد الكبير من دور العرض ومدى ما يعكسه ذلك كونه فيلماً وثائقياً يقول المخرج أيمن الأمير لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم يحكي قصة وينقل مشاعر، ويعبر عن شخصيات بغض النظر عن نوعه، وهناك جمهور أحبه وتأثر وهو يشاهده، والتقينا به في عروض حضرتها البنات بطلات الفيلم، وقد التف الجمهور يتحدث معهن ويطمئن على أخبارهن، وهذا بالنسبة لي النجاح، وأن تتصدر بنات من الصعيد بطولة فيلم ويعرض فيلمهن بجوار أفلام لنجوم معروفة؛ فهذا بالنسبة لي هو النجاح بعينه».

مخرجا الفيلم الزوجان أيمن الأمير وندى رياض (حساب المخرج على فيسبوك)

وقد تغيرت أحوال بطلاته وبدأن بشق طريقهن الفني، فقد جاءت ماجدة وهايدي إلى القاهرة؛ الأولى لدراسة التمثيل، والثانية لدراسة الرقص المعاصر، فيما طرحت مونيكا 3 أغنيات على مواقع الأغاني المعروفة، من بينها أغنيتها التي تؤديها بالفيلم «سيبوا الهوى لصحابه».

تقول ماجدة لـ«الشرق الأوسط»: «الأوضاع تغيرت تماماً، قبل ذلك كان الناس في قريتنا يرفضون ما قمنا به وكانوا يقولون (عيب أن تتكلموا في قضايا النساء)، ويتهموننا بتحريض البنات على عدم الزواج، لكن بعد الفيلم اختلفت الصورة تماماً، وأقام أخي بعد عودتنا من (كان) احتفالاً كبيراً، والقرية كلها أقامت احتفالاً لاستقبالنا عند عودتنا، وبدأت الأسر ترسل بناتها للانضمام للفرقة، لقد كان الفيلم أكبر حدث تحقق لنا، وقدمنا عروضاً بالشارع خلال مهرجان (كان)، وكانت مصحوبة بترجمة فرنسية، وفوجئنا بالفرنسيات ينضممن لنا ويصفقن معنا».

ماجدة مسعود تتمنى أن تمثل في السينما والمسرح (حساب المخرج على فيسبوك)

وتضيف ماجدة أنه «قبل الفيلم كنا نكتفي بالتمثيل في شوارع القرية وما حولها وما زلنا نواصل ذلك، لكن الآن أصبح لدينا أمل، ليس فقط في مناقشة قضايانا، بل لأن نشق طريقنا في الفن، وقد بدأت منذ عام دراسة المسرح الاجتماعي في (الجيزويت) لأنني أتمنى أن أكون ممثلة في السينما والمسرح».

لكن هايدي التي انضمت للفرقة عام 2016 وجدت تشجيعاً من والدها في الواقع مثلما ظهر بالفيلم يشجعها ويدفعها للاستمرار والتعلم والدراسة، وقد شعرت بالحزن لوفاته عقب تصوير الفيلم، كما شجعتها أيضاً والدتها دميانة نصار بطلة فيلم «ريش»، كانت هايدي تحلم بدراسة الباليه، لكن لأن عمرها 22 عاماً فقد أصبح من الصعب تعلمه، وقد جاءت للقاهرة لتعلم الرقص المعاصر وتتمنى أن تجمع بين الرقص والتمثيل، مؤكدة أن الموهبة ليست كافية ولا بد من اكتساب الخبرة.

هايدي اتجهت لدراسة الرقص المعاصر (حساب المخرج على فيسبوك)

وتلفت هايدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تكاليف الورش التي يتعلمن بها كبيرة وفوق قدراتهن، آملة الحصول على منحة للدراسة لاستكمال طريقهن».

ووفقاً للناقد خالد محمود، فإن الفيلم يعد تجربة مهمة لخصوصية قصته وما يطرحه؛ كونه يخترق منطقة في صعيد مصر ويناقش فكرة كيف يتحرر الإنسان ويدافع عن أحلامه، أياً كانت ظروف المجتمع حوله، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أتمنى أن يكون الشق التوثيقي للفيلم أفضل من ذلك وأن يحمل رؤية فنية أعمق، وأرى أن المشهد الأخير بالفيلم هو أهم مشاهده سينمائياً، حيث تتسلم البنات الصغيرات الراية من الكبار ويقلدهن ويقدمن مسرح شارع مثلهن، ما يؤكد أن فرقة (برشا) تركت تأثيراً على الجيل الجديد».

ويشير محمود إلى أنه «من المهم عرض هذه النوعية من الأفلام في دور العرض كنوع من التغيير لثقافة سينمائية سائدة»، مؤكداً أن عرضها يمكن أن يبني جسوراً مع الجمهور العادي وبالتالي تشجع صناع الأفلام على تقديمها، مثلما تشجع الموزعين على قبول عرضها دون خوف من عدم تحقيقها لإيرادات.