مئات السوريين يعودون من تركيا إلى مناطق الشمال... في «إجازة إنسانية»

سوريون يعودون عبر معبر «باب الهوى» (الشرق الأوسط)
سوريون يعودون عبر معبر «باب الهوى» (الشرق الأوسط)
TT

مئات السوريين يعودون من تركيا إلى مناطق الشمال... في «إجازة إنسانية»

سوريون يعودون عبر معبر «باب الهوى» (الشرق الأوسط)
سوريون يعودون عبر معبر «باب الهوى» (الشرق الأوسط)

بدأ مئات اللاجئين السوريين المقيمين في الولايات الجنوبية التركية التي ضربها الزلزال المدمر، الأربعاء 15 فبراير (شباط)، بالتوافد إلى معبري «باب الهوى» شمال إدلب، ومعبر «تل أبيض» بريف الرقة بين تركيا وسوريا، لقضاء إجازة تتراوح بين 3 و6 أشهر، كانت قد سمحت بها السلطات التركية في الولايات الجنوبية المنكوبة جراء الزلزال.
«قبل 5 سنوات قررت اللجوء إلى تركيا لكي أحمي زوجتي وأولادي الخمسة، ولكن بعد ما فقدتهم بالزلزال، وأرسلت جثامينهم قبل أيام لدفنهم بسوريا، قررت أن أرجع وأسكن هنا ما بقي من حياتي وأنا قريب منهم»... بهذه الكلمات وبحزن عميق تحدث لـ«الشرق الأوسط»، الشاب أحمد الذي قرر العودة إلى سوريا بعدما سمحت السلطات التركية بإجازات للسوريين المقيمين في الولايات التركية المنكوبة لزيارة سوريا، عقب الزلزال المدمر.
ويضيف: «نزحت أنا وعائلتي من ريف حلب الجنوبي قبل نحو 5 سنوات، ولجأت إلى منطقة أنطاكيا (هاتاي)، وكنت أشتغل بمصلحة البناء بالليل وبالنهار لأتدبر أمور أسرتي، ولكن بعد أن ماتوا بالزلزال، لم يبق لي شيء في تركيا».
وقال الحاج مصطفى (62 عاماً)، وهو نازح من مدينة خان شيخون جنوب إدلب، ولجأ إلى تركيا قبل 10 أعوام، لدى وصوله إلى معبر «باب الهوى» شمال إدلب، لقضاء إجازة لم يحدد مدتها بعد، إنه «قرر الحصول على إجازة والعودة إلى سوريا وقضاء بعض الوقت، باحثاً عن مأوى عند أقاربه في أحد مخيمات النازحين بالقرب من مدينة سرمدا، بعد أن ضاقت به وبأسرته الدنيا، عقب الزلزال المدمر الذي فقد خلاله منزله (ملك خاص)، الذي كان يقيم فيه لأكثر من 10 أعوام في مدينة قراخان التركية، وذلك بعد أن كان فر من بلدته خان شيخون جنوب إدلب لاجئاً إلى تركيا من الحرب».
وتابع: «ربما أصابنا بعض الحزن على منزلنا الذي دمره الزلزال، ولكن ما أحزننا كثيراً وآلمنا هو خسارة مئات الأسر السورية اللاجئة في سوريا أرواحها تحت الأنقاض وركام عشرات المباني التي دمرها الزلزال، وليس في مدينة قراخان فقط، وإنما بعشرات المناطق التركية، وبينهم من تربطنا بهم صلات قرابة وصداقة».

وتابع: «ربما أصابنا بعض الحزن على منزلنا الذي دمره الزلزال، ولكن ما أحزننا كثيراً وآلمنا هو خسارة مئات الأسر السورية اللاجئة في سوريا أرواحها تحت الأنقاض وركام عشرات المباني التي دمرها الزلزال، وليس في مدينة قراخان فقط، وإنما بعشرات المناطق التركية، وبينهم من تربطنا بهم صلات قرابة وصداقة».
وإلى جانب المسار الذي يسلكه اللاجئون السوريون الأحياء العائدون إلى سوريا عند المعابر الحدودية مع تركيا، تواصل سيارات الإسعاف نقلها لجثامين الضحايا من السوريين الذي فقدوا حياتهم جراء الزلزال المدمر الذي ضرب أكثر من 10 ولايات ومناطق جنوب تركيا كانوا يقيمون فيها قبيل وقوع الزلزال.
ولفت إلى أن عدد السوريين اللاجئين في تركيا الوافدين إلى سوريا بعد حصولهم على الإجازة التي سمحت بها السلطات التركية، بلغ في اليوم الأول نحو 600 سوري، من مختلف المناطق التركية المتضررة جراء الزلزال.
وفي بيان لـ«الشبكة السورية لحقوق الإنسان» حول آخر إحصائية لعدد ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، الاثنين 6 فبراير (شباط)، قالت إنه «جرى تسجيل وفاة 6319 سورياً، بسبب الزلزال، منهم 2157 في المناطق خارج سيطرة النظام السوري، و321 في مناطق سيطرة النظام السوري، و3841 في تركيا».
وطالبت في البيان «بفتح تحقيق في تأخر دخول المساعدات الأممية والدولية لأيام، وتحمل المسؤولية في وفاة مزيد من السوريين».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.